-
اختصاصي البصريات ودوره مع المسنين في دور الرعاية الاجتماعية
أولت حكومتنا الرشيدة اهتماماً كبيراً برعاية كبار السن، حيث تم إطلاق العديد من المبادرات لتحسين جودة الحياة ورفع مستوى الخدمات المقدمة لهم في المجتمع، وفي دور الرعاية التي تشرف عليها وزارة الموارد البشرية.
يمارس كبار السن نشاطات عدة في المجتمع عن طريق العمل التطوعي، ونقل الخبرات والمعرفة للأجيال الأخرى التي اكتسبوها في الحياة.
وتقدم وزارة الموارد البشرية للمسنين الرعاية الشاملة (الصحية والاجتماعية والنفسية) عبر دور الرعاية الاجتماعية المنتشرة بمناطق المملكة، بالإضافة إلى تقديم المساعدات المالية والعينية للمحتاجين من المسنين وأسرهم عبر وكالة الضمان الاجتماعي، والأجهزة التعويضية من كراسي متحركة، وأسِرَّة، طبية، وسماعات وغيرها.
كما تقدم برنامج الرعاية المنزلية للمسنين داخل إطار الأسرة من خلال برنامج زيارات متابعة لهم .
وتعمل الوزارة ضمن برنامج التحول الوطني على:
- تأسيس واحات نموذجية للمسنين متوافقة مع احتياجاتهم تشمل الخدمات الصحية والعلاج الطبيعي ونادٍ ترويحي.
- تمكين القطاع الأهلي من تأسيس جمعيات أهلية متخصصة للمسنين تغطي خدماتها كامل مناطق المملكة.
يمكن لكبار السن التقديم على الرعاية طويلة الأمد من خلال خدمة طلب التسجيل بدور الرعاية لكبار السن حيث تهدف هذه الدور إلى إيواء ورعاية كل مواطن ذكر أو أنثى بلغ الستين فأكثر وعجز عن القيام بشؤونه الخاصة ولا يتوفر لأسرته وأقاربه الإمكانات لذلك.
إضافة إلى رعاية المرضى والمسنين الذين لا عائل لهم ويحالون من المستشفيات بشرط خلوهم من الأمراض المعدية والعقلية.
وتقدم من خلال هذه الدور الرعاية الإيوائية والتي تتضمن الرعاية الاجتماعية والطبية والنفسية وتتنوع فعاليات أنشطتها كالنشاط الثقافي، والمهني، والترفيهي، والرياضي.
ويشرف على هذه البرامج والفعاليات جهاز وظيفي يضم كافة التخصصات للقيام بالخدمات المنوطة به لخدمة المقيمين في الدار.
ومن شروط قبول المسن في الدار:
- أن يكون سعودي الجنسية.
- أن يكون قد بلغ سن الستين فأكثر، وأعجزته الشيخوخة عن العمل أو القيام بشؤون نفسه، ويجوز قبول من هو دون سن الستين إذا أثبت البحث الاجتماعي الحاجة إلى شموله بخدمات الدار.
- أن يثبت الفحص الطبي خلوه من الأمراض السارية، أو المعدية، أو النفسية، أو العقلية، التي تشكل تهديداً لسلامته، أو خطراً على باقي النزلاء.
- عدم وجود الأسرة، أو عدم قدرتها على توفير ما يحتاجه من خدمات.
ولعله من المهم تسليط الضوء على الحالة البصرية للمسنين إجمالاً ونزلاء دور الرعاية الاجتماعية على وجه الخصوص نظراً للارتباط الوثيق بين التقدم بالسن وأمراض الجهاز البصري. تتعدد مشاكل الإبصار الشائعة بين الأشخاص الذين يتقدمون بالسن، ومن هذه المشاكل ما يأتي:
(كليفلاند كلينك أبو ظبي، التابعة لمبادلة للرعاية الصحية 2017 م).
مَدّ البصر الشيخوخي: وهو فقدان القدرة على رؤية الأجسام القريبة أو حروف الطباعة الصغيرة بوضوح.
الأجسام العائمة: هي عبارة عن بقع أو نقاط صغيرة تطفو في مجال الرؤية تُلاحظ في الغرف ذات الإنارة الجيّدة أو في الأيام المشمسة.
جفاف العَين: وهي الحالة التي لا تحصل فيها العين على الترطيب الكافي لخلل في كمية أو جودة الدموع.
إعتام العدسة (الماء الأبيض): هي ضبابية تُصيب عدسة العين بشكل تدريجي وتؤثر على وظائف العين البصرية.
الماء الأزرق (الجلاكوما): وهي حالة يتضرر فيها العصب البصري نتيجة لارتفاع ضغط العين ويتسبب ذلك في تدهور أو فقدان النظر بشكل لا يمكن تصحيحه.
اعتلالات الشبكية: وهي التهابات تصيب شبكية العين ويتسبب ذلك في تدهور أو فقدان النظر بشكل لا يمكن تصحيحه.
انفصال الشبكية: وهي حالة يصاحبها سحب وانفصال جزئي أو كلي لشبكية العين ويصاحبها ظهور مفاجئ للأجسام العائمة وتدهور في الرؤية.
مشاكل الجفنين: ويصاحب ذلك أعراضًا مختلفة مثل الألم والحكّة والتدميع والحساسية من الضوء، وارتخاء الجفنين وتشنجات الطَرف اللاإرادية أو التهاب حواف الجفن الخارجية الواقعة بجانب الرمشين.
وجميع ما ورد من أمراض يخضع لتشخيص أطباء العيون وتحديد طرق العلاج المناسبة. فالمصابون يتمايزون من حيث خفة وشدة العجز البصري الناجم عن أمراض العيون.
إن معظم مرضى العيون في هذه المرحلة العمرية، يستفيدون فعلياً من بقايا البصر لديهم، ما يجعلهم ينقسمون إلى:
- فئة الذين يستفيدون من بقاياهم البصرية في التنقل والحركة، حيث تصل قدرتهم البصرية إلى 25%، لكنهم لا يستطيعون القراءة والكتابة بالخط العادي، ويطلق عليهم المكفوفون وظيفياً (Functionally Blind).
- فئة الذين يستفيدون من بقاياهم البصرية في التنقل والحركة والقراءة والكتابة بالخط العادي باستخدام المعينات البصرية مع صعوبات يواجهونها في إتمام مهامهم اليومية ويطلق عليهم ضعاف البصر (Low Vision).
ورغم أن أصحاب الفئتين يمتلكون بقايا بصرية، إلا أنهم يكونون بحاجة إلى المساعدة لتعظيم الفائدة من البقايا البصرية وتقليل تبعات ضعف البصر على الشخص. إذ أظهرت الدراسات أن ضعاف البصر يكونون عرضة إلى: العزلة الاجتماعية، والاكتئاب، وصعوبة المشي، والسقوط والإصابة بالكسور. كل ذلك يعود إلى حالة الخوف أثناء الحركة والتنقل بين الأماكن وممارسة الحياة باستقلالية.
ومن هنا تبرز الحاجة إلى تدخل اختصاصي البصريات والذي يقدم برامج التأهيل البصري والذي يعمل على إيجاد حلول بصرية وغير بصرية تمكن ضعيف البصر من الاستفادة القصوى من بقايا البصر والتغلب على التحديات اليومية التي يواجهها. يتم ذلك عن طريق:
- فحص الوظائف لبصرية (حدة الإبصار، التباين، المجال البصري) بشكل معياري.
- تقدير واختيار وتقييم المعينات البصرية المناسبة لكل حالة.
- تدريب ضعيف البصر على تحريك العينين/الرأس بشكل مثالي من خلال التمرن على استراتيجيات مختلفة مثل الرؤية اللامركزية، العين الثابتة، المسح البصري، التتبع البصري، حركة العين السريعة. تساعد هذه الاستراتيجيات ضعيف البصر على أداء المهام اليومية مثل القراءة، التنقل، مشاهدة التلفاز، قطع الشارع.
ولعل من المناسب الإشادة بالدور الكبير الذي يقوم به قسم البصريات بكلية العلوم الطبية التطبيقية بجامعة الملك سعود في هذا الشأن والإشارة إلى مدى إمكانية أن تستعين وزارة الموارد البشرية بمنسوبي القسم من استشاريين واختصايين من خلال برنامج وطني يعمل على مسح الحالة البصرية للمسنين في دور الرعاية الاجتماعية وتقديم الفحوصات والحلول اللازمة بحسب الحاجة. وبذلك تكون الوزارة قد استعانت بأهل الخبرة في هذا المجال.
المراجع:
كليفلاند كلينك أبو ظبي، التابعة لمبادلة للرعاية الصحية 2017 م.
0 -
مجلة اليمامة حديث الكتب: رحلتي عبر السنين
صالح الشحري
سبق أن عرضنا في اليمامة لكتاب “حصاد الظلام” لمؤلفه محمد توفيق بلو، وكان عن رحلته مع فقدان البصر، منذ بدأ حتى انتهى إلى ان يؤهل نفسه لتجاوز العمى إلى الإنتاج المجتمعي في جمعية إبصار لرعاية المكفوفين، والنشر والتأليف. الملاحظ أن من يفقد إحدى حواسه الخارجية تزداد حدة باقي الحواس، الحواس الخارجية والداخلية، في هذه الكتب تتجلى حدة الذاكرة وثراؤها، والوعي المجتمعى، والكاتب هنا يكتب سيرة حياته على أجزاء، ظهر منها جزءان أولهما عن طفولته حتى نهاية المرحلة الابتدائية من دراسته والثاني عن مرحلة الدراسة المتوسطة التي تنتهي عند اجتياز سن الخمس عشرة.
للكاتب محمود عبد الشكور من مصر كتابان في السيرة الذاتية، “كنت صبيا في السبعينيات” و”كنت شابا في الثمانينيات” يقصد سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وهو لا يورد سيرة حياته فقط بل يعرض لكل ما اهتم له المجتمع المصري من أحداث، سياسية أو اقتصادية أو رياضية، وكذلك يعرض للصحافة وبرامج الإذاعة وبرامج التليفزيون، والمسرح والسينما، والغناء والموسيقى، يعرض كل ذلك في دقة واختصار، والمتعة هنا تأتي من تداخل سيرة القارئ مع سيرة الكاتب في شريط أحداث العمر، وإنك لتجد هنا في سيرة توفيق بلو كثيرا من ذلك، إطلالته على المجتمع وهو صغير تأتي أحيانا من حياته في بيت واحد مع جده الشاعر العلم طاهر زمخشري، حيث جلس في مجالسه الفنية والأدبية، وتعرف على كثير من وجوه المجتمع وأحواله. وهذا ما جعل للكتاب نكهته المميزة. إضافة لما نراه من تغير أحوال المجتمع، وخاصة عند انتقاله إلى حالة السعة بعد ضيق، فبعد حرب أكتوبر ارتفعت أسعار النفط؛ ولذا فإن ميزانية الدولة تضاعفت أربع مرات بين عامي ١٩٧٢ و ١٩٧٤، انعكس ذلك إيجابا على حياة الناس، وقد لاحظنا مثلا أن شقتهم الواسعة كانت ذات شرفات ثلاث، تلك الشرفات الرحبة التي شهدت أحداث حياتهم، وقد أُدخلت شرفاتها في الغرف، وذلك بعد أن أصبح الناس يعتمدون على أجهزة التكييف، وأصبح كل الأبناء ينامون على الأسرة بعد أن كانوا ينامون على فراش ملقى على الأرض، وأصبح تسوق الناس يحدث أسبوعيا لا يوميا، لأن الأكل يخزن في الثلاجات، ورأينا التسارع في البناء، وكيف تحولت الأحواش التي تحيط بكل مبنى إلى أرض لعمائر جديدة، كانت الأحواش مكانا للعب، وكانت تضم أشجارا ظليلة ونباتات مزهرة عديدة، لها روائح جميلة، ودعها الكاتب بكل أسف، عمارة جيرانهم “آل كنّو” كانت محاطة بثلاثة أحواش، كانت مرتعا للأبناء، يمارسون فيها كافة الألعاب الرياضية وغيرها، يقضون فيها فترة العصر، ومع الوقت أصبح لجيرانهم استراحة مبنية بالخشب على شاطئ أبحر، وأتيح لأبناء الحارة قضاء يوم أسبوعي فيها عندما أصبحت الإجازة يومين في الأسبوع، كذلك نرى اختفاء الباعة الجائلين، و”الحجات” الإفريقيات من بائعات الثمار الأفريقية مثل الفول السوداني و”الحبحبوه” و”الدوم” و”القورو” والتمر الهندي، وكان البائعون والبائعات يتكاثرون حول أبواب المدارس والمساجد، مع الوقت أيضا تحول “الآيس كريم” المصنوع منزليا والمعبأ في أكياس النايلون، إلى أن يُباع في محلات راقية وبأصناف متعددة. وبينما كانت إجازات الصيف تُقضى داخل البلد وفي زيارات للأقارب في مكة والمدينة أصبح الناس يقضون إجازاتهم في الخارج، فزار الطفل تونس ومصر، ذكرياته في تونس تشكل دليلا إرشاديا مشوقا.
والد الكاتب كان من العاملين بالخطوط السعودية، وقد ابتُعث مرتين للتدريب في أمريكا، ولذا فقد قضى الطفل سنوات طفولته في مدينة سانت لويس، هنا نطل على حياة هذه المدينة ومعالمها الشهيرة، لم تكن العنصرية شائعة في تلك المدينة رغم أن العنصرية آنذاك كانت قاسية في أمريكا، جيرانهم مارغريت وزوجها كانوا على صلات اجتماعية وثيقة بأسرتهم، يتشاركون في التنزه والشراء، ويساعدونهم عند الحاجة، مثلما حدث عندما دخل الطفل إلى المستشفى بعد حرق حصل له. كما شاركوا في البحث عن الجدة التي تاهت في بلد لا تحسن لغتها.
موت الوالد فجأة في شرخ شبابه أثر كثيرا في حياة الأسرة، فقد انخفض الدخل إلى النصف، ولم تعد لهم تذاكر الطائرات المجانية التي كانت سببا لتعلق الأطفال بالسفر، وعندما وعى الطفل ذلك أرسل رسالة إلى الأمير سلطان وزير الدفاع يطلب إعادة التذاكر المجانية للأسرة، وكانت هذه الرسالة سببا لأن تُمنح والدته تذاكر سفر مجانية طيلة الحياة. وفاة الوالد كانت سببا في أن ينتقل الجد بابا طاهر ليسكن معهم، حياة اليتم حرمتهم من بعض الترفيه مثل رحلة البحر كل يوم جمعة، لكن الأسرة المتماسكة عوضتهم، فهذا القريب عادة ما يزورهم وجيوبه ملأى بما لذ وطاب من الحلوى، والعم هاشم يقضى وقته وهو يلعب معهم، وزوج العمة يأتي بسيارته وأولاده ليصحب الأطفال إلى أماكن اللعب و النزهة، وتجتهد الأسرة الممتدة والتي تجمع عددا من العوائل في إحياء مناسبات الأعياد ورمضان، وكذلك مناسبات نجاح الأبناء في المراحل الدراسية، يشترك الجميع في تحضير الطعام والشراب، وخلق جو المرح والزينة، يذكر أنهم كانوا يستأجرون جهاز العرض السينمائي، يأتي به التقني إلى البيت ليعرض ضمن أجواء احتفالية، يكلفهم ذلك خمسة وسبعين ريالا، لاحقا يذكر الكاتب أنه قد أصبحت هناك دور للسينما، بعضها يقع في أحواش لا تعمل إلا ليلا وتعرض ثلاثة أفلام في الليلة الواحدة، كما كان هناك دار سينما مجهزة، طابقها الأرضي يجلس فيه الشباب وطابقها العلوي تجلس فيه العائلات. والذي يتاح له أن يقرأ مذكرات بعض الطلبة السعوديين الأوائل في القاهرة، مثل كتاب الدكتور عبدالعزيز الخويطر “وسم على أديم الزمن” سيدرك كم كان ولع أبناء السعودية بالسينما، وربما سهل هذا إقامة مراكز لعرض أفلام السينما في جدة دون إذن رسمي. أفراحهم كانت ممتدة وكأنها إجازات في رحاب الفن، عندما تزوجت إحدى أخواته، جاءت الفنانة ابتسام لطفي والفنانة عتاب مجاملة لـ بابا طاهر، أحيتا في منزلهم ثلاث ليال غنائية، وفتح جيرانهم شقتهم ليتسع المكان لزوارهم من خارج جدة. وكان بعض أقاربهم يجمع العائلات أياما متوالية على البحر في خيام نُصبت لهذه الغاية، تمتلئ تلك الأيام بالحبور والنشاط وفنون الطهي.
أما رحلتهم لحضور زواج لقريبين يقيمان في محلة الطندباوي في مكة فحدث عما فيها من الأفراح والليالي الملاح. تقيم العوائل الوافدة في قلوب وبيوت الأقارب، تمتد ليالي الأفراح، أولها ليلة الدبش، التي يقوم فيها أهل العروس بإيصال الكسوة إلى بيت الزوجية، ثم ليلة الحناء، فليلة الغمرة، تليها ليلة الدخلة، ثم ليلة الصبحة ثم تتلوها ليال أخرى حتى السابع بعد يوم الدخلة، فينفض السامر، كل الليالي يحييها الناس بالطبل والرقص والمزمار والغناء، والطعام والشراب، يشارك كل الناس، ومن الواضح أن سكان الحي قد استعادوا ما اختزنته ذاكرتهم من جذورهم الإفريقية التي رأينا أنهم قد غزوا بموسيقاهم الغرب.
حى الطندباوي – كما يذكر الكاتب – رحل إليه السكان من جبل هندي عام ١٨٧٢، انتشر أيامها وباء في مكة، وشاع بين الناس أن الأفارقة هم من جاء بالوباء، وهنا أمر الوالي العثماني بترحيل كافة الأفارقة إلى خارج مكة، فجُمعوا في الطندباوي، كأنما هم في محجر صحيٍ، تمهيدا لإعادتهم الى أفريقيا، قضوا أياما وليال يبكون ويتضرعون ألا يخرجوا من أرض الحرم، استجاب الله لهم، ألغى الوالي الجديد أمر الترحيل، ولكن الأهالي فضلوا البقاء في مكانهم على العودة إلى جبل هندي وجبل الكعبة، زار المكان الرحالة الفرنسي جول كورتيلمون، وذكر في كتابه “رحلتي إلى مكة” أنه صادف قرية كبيرة زنجية، قرية مضحكة مبنية بطريقة لا يمكن تصديقها! إذ أنها مبنية بصفائح البترول القصديرية، ولا بد أن سكان مكة لديهم استهلاك كبير جدا لهذه المادة القابلة للاشتعال حتى استطاعوا بناء مدينة كاملة تقريبا من مخلفات الأوعية.
أما حكاياته عن المدرسة فتسرك أحيانا وتغيظك أحيانا، تسرك بما فيها من أنشطة رياضية ومسرحية وحفلات ومسابقات، ويغيظك فيها ما أشار له الطفل، فقد كان بنيان المدرسة حديثا، ولكن دورة المياه مجمع لأصناف القذارات والحشرات والفئران، وغالبا ما تكون المياه مقطوعة فيها، ويغيظك أكثر العقاب القاسي، مدرس الحساب كان يقف بجوار الطالب، وبشكل مفاجئ يصفعه على وجهه، حدث هذا مع الطفل فسال دمه، وكره الحساب، ورسب آخر السنة، وقد تعرض لعقوبة الفلقة على يد المدير، بينما كان واقفا يشتري من أحد الباعة الجائلين، عابث بعض الطلبة البائع فسقط على الأرض ما كان أعده للبيع، اشتكى البائع للمدير في اليوم التالي فأخذه المدير ليتعرف على العابثين، أشار البائع إليه مع غيره، فناله العقاب ظلما، وفي المدرسة المتوسطة، كان رئيس فريق الكرة، هُزم فريق فصلهم، فجاء مدرس الرياضة معاتبا وانتهى الأمر إلى صفعة على وجهه كرهته الرياضة زمنا. المشكلة أن هذا النوع من العقوبة بقسوته وإيقاعه ظلما بلا مناسبة يفسد أحيانا شعور الصغار بقيمة العدالة والتربية، والصغار نفوسهم حساسة للقيم، يذكر الطفل، أنه وفريق الحارة، كانوا يشجعون فريق زائير في مباريات كأس العالم، وقد هزم الفريق ودخل مرماه أهدافٌ كثيرة، بكى فريق الحارة على منتخبهم الذي لم يتح له ما أتيح لغيره من الفرق لفقر بلده وقلة حظه من العدالة، سمى فريق الحارة نفسه فريق زائير تضامنا مع الضعيف والمظلوم.
و في الكتاب ذكريات أخرى تشد القارئ، مثل صور أسئلة الامتحانات في ذلك العهد وصور الشهادات، وحكايات عن الولادة العسيرة لقصيدتين أنشأها بابا طاهر محزونا في رثاء الملك فيصل، ورثاء أم كلثوم.
هناك بعض التكرار في الكتابين وخاصة لأسماء الأصدقاء، وحظيت بعض الأبواب بمقدمات منفصلة لا أعتقد أنها كانت ضرورية، وهناك بعض الهنات الإعرابية لكنها لم تعكر طلاوة السرد.+4 -
التقرير الأسبوعي 108 لأعلى 10 مشاهدة
أصدقائي القراء يسرني مشاركتكم التقرير الأسبوعي 108 لأعلى عشرة مواضيع مشاهدة على موقعي الإلكتروني والذي سأخصصه لتقديم ملخص إحصائي عن حركة الموقع لشهر يناير لعام 2024م بمناسبة انتهائه وأعلى 10 مواضيع مشاهدة فيه.
حيث تم نشر (12) مادة خلال الشهر بما فيها موضوع «مها عواودة.. معاناة صحفية في لهيب غزة» https://mohammedbellow.com/hpvx والذي علقت عليه بعد أيام من نشره من غزة برسالة عبر الواتساب قالت فيها “الأستاذ القدير محمد توفيق بلو أسعد الله أوقاتك بكل خير وصحة وعافية، لقد أسعدني اهتمامك بما كتبته في تقرير خاص لوكالة الأنباء السعودية يصف القليل من حال أهل غزة في ظل العدوان الإسرائيلي، متمنية لك دوام الصحة والعافية ولبلدك العظيم دوام الأمن والأمان والازدهار. حفظك الله ورعاك مع وافر الشكر والتقدير”.
وبلغ إجمالي زوار الموقع خلال الشهر (1,517) زائر منهم (76.14%) من المملكة العربية السعودية، و(5.01%) مصر، (4.68%) والولايات المتحدة الأمريكية، (1.98%) تونس، (0.98%) المغرب، (0.98%) الإمارات، و(10.35%) من دول أخرى.
وتصفح الموقع (91.6%) من الزوار عبر الجوال، و (6.8%) عبر الحاسب الآلي و(1.6%) عبر الأجهزة اللوحية (تابلت).
وفيما يلي ترتيب الأعلى 10 مواضيع مشاهدة:
1- حفل إفطار رمضان في منزل الصديق منصور الحسيني 1443
عدد المشاهدات: 776 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/65oe
2- لقائي مع إذاعة نداء الإسلام بمناسبة اليوم العالمي لبرايل 2024
عدد المشاهدات: 130 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/6xdo
3- خفايا وأسرار “أهيم بروحي” للزمخشري
عدد المشاهدات: 110 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/fwdb
4- في اليوم العالمي لبرايل.. أين وصلنا في توظيف ذوي الإعاقة البصرية
عدد المشاهدات: 108 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/042g
5- 15 عامًا في إبصار – ح(3)
عدد المشاهدات: 96 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/am10
6- مها عواودة.. معاناة صحفية في لهيب غزة
عدد المشاهدات: 77 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/hpvx
7- التقرير الأسبوعي 104 لأعلى 10 مشاهدة
عدد المشاهدات: 73 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/21ib
8- مركز طارق عبد الحكيم فرصة للتعريف بمسيرة الزمخشري وعبد الحكيم الأدبية والفنية
عدد المشاهدات: 65 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/yemw
9- التقرير الأسبوعي 105 لأعلى 10 مشاهدة
عدد المشاهدات: 61 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/el39
10- صحيفة الرياض: كتاب: «سطور مضيئة من حكايات وذكريات بابا طاهر»
عدد المشاهدات: 59 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/rnlb
ويسرني تلقي اقتراحاتكم وتعليقاتكم في خانة التعليقات أو على حساباتي الالكترونية.
https://twitter.com/MTBellow
https://www.facebook.com/MTBellow+2 -
الرياض سيدة المدن
معرض شامل تفصيلي.. إكسبو 2030 هو حدث عالمي سيُعقد في سيدة المدن، العاصمة السعودية الرياض في المملكة العربية السعودية. يعتبر هذا المعرض محطة تاريخية تعكس رؤية المملكة الطموحة للمستقبل وتعزز تطورها المستدام وابتكارها في مختلف المجالات.
يتزامن إكسبو 2030 مع الاحتفال بمرور 100 عام على تأسيس المملكة العربية السعودية، مما يجعله حدثًا استثنائيًا وفرصة نادرة لعرض التقدم الذي تحقق في المملكة على مدى القرن الماضي. سيستقطب المعرض آلاف الزوار من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الشخصيات المهمة والمتخصصين في مجالات متعددة.
تحمل مفهوم إكسبو 2030 الشاملة والتفصيلية من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف الرئيسية. أولاً وقبل كل شيء، يهدف إلى عرض الاقتصاد القوي والازدهار الذي تشهده المملكة ودورها الريادي في التنمية الاجتماعية والاقتصادية. كما سيسلط الضوء على رؤية المملكة الطموحة للمستقبل وخططها للتنمية المستدامة في مختلف القطاعات، مثل الطاقة والصناعة والسياحة، والتعليم، والثقافة، والتكنولوجيا.
سيكون المعرض مساحة لعرض المشاريع والابتكارات السعودية والعالمية، وتبادل الخبرات والمعارف في مختلف المجالات. ستوفر الفعاليات والمنصات المختلفة في المعرض فرصًا للعارضين لعرض إنجازاتهم ومشاريعهم والتواصل مع الجمهور على نطاق واسع.
إلى جانب التركيز على التنمية الاقتصادية والابتكار، ستكون المساهمة الاجتماعية والثقافية مكونًا رئيسيًا في إكسبو 2030. سيُعقد العديد من الفعاليات والندوات والورش العمل لمناقشة قضايا رئيسية مثل التعليم، والتنوع الثقافي، والمساواة بين الجنسين، والتنمية المستدامة.
إكسبو 2030 سيعزز القدرة الجماعية للبشرية لمواجهة التحديات والفرص في القرن الحادي والعشرين. ستكون المملكة العربية السعودية المضيفة لهذا الحدث الفريد وسط الابتكار والتنمية والتعاون الدولي.
باختصار، إكسبو 2030 سيكون تجربة مميزة لاستكشاف الابتكارات والتقنيات والثقافات المختلفة، وعرض خريطة الطريق للمستقبل المستدام للمملكة العربية السعودية.
+4 -
مها عواودة.. معاناة صحفية في لهيب غزة
مها عواودة.. معاناة صحفية في لهيب غزة
تلقيت رسالة عبر الواتساب من الإعلامية الأستاذة مها عواودة/السليمان (مراسلة وكالة الأنباء السعودية بالأراضي الفلسطينية المحتلة) مرفقة برابط لتقرير نشرته لها الوكالة في (06 رجب 1445 هـ الموافق 18 يناير 2024) وثقت فيه بالكلمة والصورة قصة نزوحها وأسرتها من منزلها ببيت حانون إلى مخيّمات النزوح.
فحاولت التواصل معها ومراسلتها للاطمئنان على ما آل إليه وضعها بعد رسالتها، ولكن حتى تاريخه حالت ظروف الحرب الوصول إلى أي معلومة عنها.
ورأيت أن من واجبي أن أشارك قرائي الأعزاء قصتها من أجل الدعاء لها ولأهالي غزة بأن ينجيهم الله من الكرب العظيم وينصرهم على أعدائهم من الظالمين.
حيث روت أن رحلة معاناتها بدأت مع نزوحها وأسرتها من منزلها بيت حانون – شمال غزّة في أعقاب السابع من أكتوبر التي انهالت فيها قذائف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ومعها بدأت رحلتها بالألم والمعاناة التي تجرعتها كما تجرّعها فلسطينيو القطاع.
وقالت إن القصف كان شديداً، فلم تستطع لملمة أوراقها وجهازها المحمول، وحتى احتياجاتها من الملابس والمقتنيات، واضطرت أنْ تتركهم ورائها. فكان كل همها هو الخروج مع أسرتها بأقصى سرعة من المنزل. ولم تمضِ سويعات حتى أغارت المقاتلات الإسرائيلية على مدينتهم مُدمِّرةً منزلها الذي كان بمثابة مملكتها الجميلة، فأصبح وما أحاطه من منازل أخرى تحت الركام.
وعلى وقع لهيب النيران من قذائف وصواريخ تتساقط هنا وهناك، استطاعت وأسرتها الوصول بلطف الله إلى مخيّم البريج وسط القطاع. فقد كان همها الوحيد هو الوصول مع عائلتها إلى مكان آمن، تحصل فيه على الكهرباء، والإنترنت لمواصلة إرسال تقاريرها إلى وكالة الأنباء السعودية عن تطوّرات العدوان الإسرائيلي.
وبوصف مرعب وأليم قالت: “مكثنا 6 أيام في مخيّم البريج، منتظرين وصول “شبح الموت” الذي كان يلاحقنا ويحسب علينا أنفاسنا، إلى أنْ كانت اللحظة الفاصلة، واستهدف طيران العدو المنزل المجاور لموقعنا، بصلية من الصواريخ، حولته إلى ركام تتصاعد منه ألسنة اللهب، والدخان الأسود، الذي كاد أنْ يفتك بنا جميعاً لولا لطف الله. ورغم أنّنا تحت جنح الظلام، انتقلنا من منزل لآخر على مدار ليل طويل جداً، ظننتُ لوهلة أنّ صبحه لن ينبلج أبداً.. بسبب القصف المدفعي الذي أمطرنا، وأصواته المرعبة التي حبست أنفاسنا كباراً وصغاراً، رافعةً من إيقاع دقات القلوب.. متسائلون: هل سيبزغ الفجر؟!، أم إنّها ليلتنا الأخيرة..”.
لقد ذكرني وصفها ذلك بقول الشاعر:
أسير بليل ليس يدرك صبحة ** وأشباحُ أوهامي حوليَّ حُوما
(طاهر زمخشري – قصيدة وراء الأمل)
لم تنته معاناتها هُنا، بل بزغ الفجر عليها بمعاناة أشد قسوة، حيث كشف طلوع النهار حجم الموت والخراب، وكان عليها التحرّك بسرعة من مخيّم البريج، لكن السؤال إلى أين؟! فلم يكن أمامها وأسرتها إلا التوجّه غرباً نحو مخيّم النصيرات وسط قطاع غزّة، حيث استقر القرار على اللجوء إلى مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) كمركز إيواء في المخيم.
وعن ذلك قالت “في مركز الإيواء، كانت المخاطرة لشحن هاتفي النقّال والحصول على الإنترنت من أجل مواصلة عملي الصحفي “مهمة شبه مستحيلة”، في ظل استمرار القصف الإسرائيلي الذي دمّر معظم شبكات الاتصال في المخيم”.
ولمن لا يعرف ما معنى أن يكون الإنسان صحفيًا وصاحب رسالة، فالصحفي لا يستطيع أن يتخلى عن رسالته ومسؤولياته الإنسانية حتى في أحلك الظروف. وذلك يتجلى لنا فيما تابعت روايته العواودة.. “بعد جُهد محفوف بالمخاطر، وسعي حثيث لامس الموت أحياناً، تمكنتُ من التقاط شبكة إنترنت في مكان بعيد عن مركز الإيواء. برغم تلك الظروف الحالكة والخلل في شبكات الاتصالات والإنترنت، استطعت أخيرًا أن أرسل لوكالة «واس» حصيلة الشهداء والجرحى وما خلفه العدوان من تدمير”.
وبعد ذلك بدأت رحلة المعاناة مع التشرّد والقهر والألم.. قالت عنها لا طعام ولا مياه صالحة للشرب، ولا فراش يركنون إليه في مركز الإيواء، تذوّقوا مرارة النكبة والتشرّد التي عاشها أجدادهم عام 1948.. وبحسب ما ذكرته في وصفها.. “ضجيج الأطفال وصراخ النساء يتعالى في كل مكان.. الجميع يحاول الدخول إلى المدرسة للنجاة من القصف وشظايا الصواريخ.. والصراع من أجل البقاء سيد الموقف، إلى أنْ أُدخلت وأسرتي إلى أحد الصفوف الذي كان للدراسة، وأصبح شاهداً على “رحلة تشرّد” استمرّت لـ 77 يوماً. كانت أياماً ثقيلة، في غرفة تضم أكثر من 50 طفلاً وامرأةً، حيث من المستحيل الحصول على قسط من الراحة وسط دوي القذائف والصواريخ الإسرائيلية وأنين الأطفال، الذين كانوا بالكاد يحصلون على وجبة طعام، إذ كان الحصول على الطعام والشراب “مهمة مستحيلة”، وإنّ حصّلناها فبأسعار خيالية لم نشهدها من قبل أبداً”.
وبلغت المعاناة ذروتها في ذات يوم قالت عنه “تساقطت الصواريخ على بُعد نحو 100 متر فقط من موقع تواجدي، وارتفعت معها سُحُب اللهب الحمراء، والأتربة التي غطت وجوه المارّة، فانعدمت الرؤية، ولم يعد الواحد منّا قادراً على تمييز الشوارع للهروب.. نسمع أصوات الصراخ وتناثر شظايا الصواريخ، فتفقّدتُ نفسي هل نجوت من القصف.. لأيمّم وجهي مُسرعة شطر أحد أزقة المخيّم المؤدية إلى مركز الإيواء.
وكانت مأساة جديدة.. مركز الإيواء، الذي أقيم وأسرتي فيه، تعرض محيطه للقصف، وسيارات الإسعاف في المكان، شهداء على باب المركز.. أطفال يضمدون جراحهم بأيديهم بعدما أصابتهم الشظايا في الرؤوس، فيما ساحة المركز غطّتها مخلفات القصف…
كان همّي الوحيد معرفة مصير عائلتي، فتوجّهتُ إلى “الغرفة الصفية”.. والحمد لله الجميع بخير، ثم تفقدتُ سيارتنا المركونة بالقرب من باب مركز الإيواء، فلم تتضرر كثيراً، اللهم إلا تحطم الزجاج وبعض الأضرار الخفيفة”.
لم ينته المشهد هنا فالقادم اشد ضراوة وقساوة إذ قالت “بعدما اشتد القصف في محيط مركز الإيواء، أصبح من المستحيل البقاء في مخيّم النصيرات، لا سيما في ظل توافد الدبابات الإسرائيلية، واقترابها من المخيّم، كان لا بُدَّ من الرحيل، لا سيما مع اشتداد القصف الإسرائيلي، بعد 77 يوماً من المعاناة والجوع والعطش. توجّهنا جنوباً إلى مدينة رفح، التي تقع في أقصى جنوب قطاع غزّة، في ظل رحلة محفوفة بالمخاطر وبالموت بكل ما للكلمة من معنى، لأن العبور سيكون عبر “شارع الرشيد” على طول الشاطئ الغربي للقطاع، بما يعنيه ذلك من انكشافنا أمام قذائف البوارج الحربية الإسرائيلية الرابضة قبالتنا التي لا تتوقف عن القصف.. ولا يقتصر الأمر على بوارج الاحتلال، بل يُضاف إليها خطر وجود الدبابات الإسرائيلية في وسط مدينة خان يونس، لكن رغم كل ذلك كان لا بد من المخاطرة والخروج من المخيّم، حيث شقّت آليتنا طريقها بما تبقى فيها من وقود، لم يكن متوفّراً أصلاً في قطاع غزّة بسبب استمرار إغلاق المعابر.. أخيراً، وبعد رحلة شاقة قطعنا خلالها نحو 25 كيلومتراً من مخيّم النصيرات حتى مدينة رفح، بدأت رحلة البحث عن خيمة تأوينا في ظل الطقس العاصف والممطر، وبرودة الأجواء التي تنخر العظام.
لكن فشلت كل جهودنا في الحصول على خيمة، فجهزّنا بيتاً من البلاستيك وبعض الأقمشة، بعد جهود ومعاناة كبيرة لتأمين الخشب، لكن حصّلنا البلاستيك وبعض الأقمشة، خاصة أنّ المدينة تؤوي نحو 1.4 مليون نازح، وجميعهم منهمكون في الحصول على مأوى لأطفالهم..
هنا بدأت رحلتنا مع المصير المجهول.. لجوء، معاناة، أمل ضائع، لا ماء ولا كهرباء، نعيش استعادة لنكبة كل الفلسطينيين، بل فصول نكبة جديدة أكثر ألماً، عمّا عاشه الأجداد يوم نكبة 1948.. حلم العودة إلى الوطن أصبح حلماً بخيمة على أنقاض أرض مسلوبة… ومعها تبقى فصول المعاناة تحت سطوة الاحتلال الإسرائيلي مستمرّة”.
ولا أخفيكم قولًا كمْ تأثرت كثيرًا بتلك التفاصيل المريعة التي لا يتخيلها إلا من مر بها، أو ينقلها إليك إنسان تعرفه. فقد عرفت الأستاذة مها عواودة منذ عام عندما أجرت معي لقاءا لصحيفة البلاد السعودية حينما كانت تعمل معهم قبل عودتها لغزة بعنوان «المكفوفون.. تجارب ثرية دعمتها لغة برايل» نشر في (11/06/1444هـ – 03/01/2023م) بمناسبة اليوم العالمي للغة برايل، وبعدها أصبحنا نتبادل المقالات والمنشورات الصحفية.
فأدعو الله لزميلتنا الإعلامية مها وأسرتها النجاة والسلامة ولسائر أهالي القطاع خصوصًا الإعلاميين الذين يواجهون الاستهداف مباشرة أثناء تغطياتهم الميدانية
فالمتابع لأحداث غزة سيلحظ كم الإعلاميين والصحفيين الذين كانوا ضحية هذه الحرب، فوفق إعلان المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إن عدد القتلى من الصحفيين ارتفع إلى أكثر من 106 منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع.
وقالت لجنة حماية الصحفيين الدولية، ومقرها الولايات المتحدة، إن الأسابيع العشرة الأولى من الحرب الإسرائيلية على غزة كانت الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة للصحفيين، إذ سُجل مقتل أكبر عدد من الصحفيين خلال عام واحد وفي مكان واحد. وعبرت اللجنة عن قلقها البالغ إزاء وجود نمط واضح للقصف الإسرائيلي يستهدف الصحفيين وأسرهم.
وقد تابعت شخصيًا تغطية قناة الجزيرة لحادثة استهداف عائلة الإعلامي وائل الدحدوح الذي استشهد معظم أفراد عائلته، ولاحقًا نجاته عندما استهدف مع المصور والمنتج الإخباري لقناة الجزيرة «سامر أبو دقة» الذي استشهد في القصف، وكذلك اغتيال ابنه «حمزة وائل الدحدوح» الذي كان يعمل أيضا مراسلًا لقناة الجزيرة.
وأختم دردشتي هذه بأبيات من قصيدة «من الخيام» للأديب طاهر زمخشري -رحمه الله- الذي وصف فيها حال الفلسطينيين في أعقاب النكبة والنكسة.
الجوعُ يصرُخ فــي البطـونْ والجَرح ينــزف في العيــونْ
واليتــم حاضَنــــــه البنـــــونْ والبؤس يقتحم الحصــــونْ
والناس تُشـــوى فــي أتونْ وبكـــــــل أرض لاجئــــــونْ
فالطفل يصرُخ أين أمي..؟! والأم تهتــــــــــــف يا لَهَميِّ
***
فوق الدروبِ ، وفي الصحارى ، في مغاراتِ السفوحْ
ثَكلــــــــى يمزِّقهــــــا المخــــاض ، ولا تَئِنُّ ولا تبـــــــوحْ
وبكفهـا طفــــلٌ رضيــــــــعٌ ، والثُّديُّ بهـــــــا قُـــــــروح
يبغــي الغِــــذاء ولا غـذاءَ ســـــوى نَفَـــــايات الجـــروح
وأمامهــــا الصبيـــــــــانُ ضَمَتْ من هياكلهم ضُـروح
أغوارُه شُعــــــــل اللهيب ونَفْـثُ هاجــــرهٍ تنــــــــوح
***
لــــم يبـق من زادٍ يُقـــــــات به الأرامــــــل والعــــــيال
وهــمُ عُــــراةٌ يزحفـــــــون من التوجُّــــــع والكَـــــــلال
أجسادهم قِطَـــعٌ لأشــــــلاء تفيــــض بهـــا الرمــال
وعلى شفاههُم اصفــرارُ المـــوت خلَّفــــه السُّــلال
ويتمتمون بِبَحَّةِ المخنــــوق يأمــــل فـــــــي النــــــوال
***
حتـــى المـــروجُ الخضر أجدبَ عُشبُها الزاهي النظيرْ
وتواثبتْ فيهــــا الأفاعـــــي الزاحفــــاتُ مع الهجيـــر
والأُفعوان الفحـــل فـــي شَدِقَيْه زَمْجَـــرةُ السعيــر
فتراكض الرعيــــانُ عن مرعَـــى المواشي ، والغــدير
وتسابقـــــوا والغانيـــــــاتُ لحيثُ يلقـــون المصـــــير
حيث الخيـــــــــامُ الباليــــــــــاتُ وللبــــــــــلاء بها هــدير
***
وَرصـــــاصُ أفَّاكين يهطـــل فوق أدمغةِ العـــذارَى
قــد أطلقــــــوا بالغــــــــدر وَابِلَـــــه، وظنُّـــــوه انتصارا
لم ينسفـــــــــوا بأتونــــــــه إلا الحرَائِـــــر والصغـــــــــارا
والكهـــــــلَ تحملــــه عصـــاه وقد تقوَّس حين سارا
والمرضعـــــاتِ الآمنـــــاتِ مــــع العشيِّ لَـــزِمْنَ دارا
+7 -
التقرير الأسبوعي 107 لأعلى 10 مشاهدة
أصدقائي القراء يسرني مشاركتكم التقرير الأسبوعي 107 لأعلى عشرة مواضيع مشاهدة على موقعي الإلكتروني والذي أظهر أن جديد مقالاتي «15 عامًا في إبصار – ح(3)» قد حقق أعلى مشاهدة. وعلقت عليه القارئة نجاة المرزوقي بقولها “حلم عظيم وجهود مشكورة.. بارك الله فيكم وفي كل يد خيرة تعمل للنفع والتحسين”.
تلاه مقال «خفايا وأسرار “أهيم بروحي” للزمخشري» في المركز الثاني للأسبوع الثاني على التوالي. ثم مقال «يا أعذب الحب.. إكليلُ وفاء من محمد عبده والكدرس لمسيرتهم مع الزمخشري» في المركز الثالث.
وفيما يلي ترتيب الأعلى 10 مواضيع مشاهدة:
1- 15 عامًا في إبصار – ح(3)
عدد المشاهدات: 89 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/am102- خفايا وأسرار “أهيم بروحي” للزمخشري
عدد المشاهدات: 31 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/fwdb3- يا أعذب الحب.. إكليلُ وفاء من محمد عبده والكدرس لمسيرتهم مع الزمخشري
عدد المشاهدات: 24 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/sd3i4- أبكي وأضحك الابيات الأكثر انتشاراً لطاهر زمخشري في عصرنا
عدد المشاهدات: 12 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/7o9b5- الاحتواء المثالي
عدد المشاهدات: 12 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/da5r6- التقرير الأسبوعي 105 لأعلى 10 مشاهدة
عدد المشاهدات: 10 مشاهدات
https://mohammedbellow.com/el397- جيب القول على الرايق تحفه فنية رياضية كتبها الزمخشري لنادي الوحدة وغنتها هيام يونس لجماهير الكرة العربية
عدد المشاهدات: 10 مشاهدات
https://mohammedbellow.com/3us88- المروتين بين المعلومة المغلوطة والصواب
عدد المشاهدات: 8 مشاهدات
https://mohammedbellow.com/d19k9- فارس يستحق أن يعيش و«أنا لستُ في الجنة»..
عدد المشاهدات: 8 مشاهدات
https://mohammedbellow.com/3fpm10- مجلة اليمامة: بالتزامن مع مسابقة «بابا طاهر» لأدب الأطفال.. بلو يحيي سيرة جده «طاهر زمخشري» بإصدار كتاب جديد
عدد المشاهدات: 8 مشاهدات
https://mohammedbellow.com/j62wويسرني تلقي اقتراحاتكم وتعليقاتكم في خانة التعليقات أو على حساباتي الالكترونية.
https://twitter.com/MTBellow
https://www.facebook.com/MTBellow+3 -
برنامج إعادة التأهيل بالجمعية الوطنية للمكفوفين بأمريكا
فيلم توثيقي عن برنامج إعادة التأهيل الذي التحقت به في الجمعية الوطنية للمكفوفين بمدينة مينيابلس بولاية مينيسوتا الأمريكية في العام 1996م
رابط الفيلم على يوتيوب
0 -
15 عامًا في إبصار – ح(3) النشاط الإعلامي.. والمكالمة الصادمة..
وكما ذكرت سلفًا عن ليلة التأسيس وتحقيق الحلم (مركز خدمة للمعاقين بصريًا) الذي أُعلن كجمعية خيرية باسم إبصار للتأهيل وخدمة الإعاقة البصرية. فقد سبق تلك الليلة مرحلة كانت مليئة بالأحداث والعمل والإنجازات قال عنها معالي د. أحمد محمد علي في كلمته التي ألقاها في ليلة التأسيس مما جاء فيها: “ولم تكن فترة تأسيس الجمعية فترة ساكنة، كما هي الحالة عادة، بل كانت فترة حافلة بالنشاط بفضل التوجيهات السديدة لصاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز والعناية الخاصة التي أولاها للجمعية صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن أحمد بن عبد العزيز، والجهود المخلصة التي بذلها الأخ الدكتور عاكف المغربي، وما قدمه من دعم سخي طوال هذه الفترة، وكذلك مساهمات جميع الإخوة أعضاء الهيئة التأسيسية.
ولقد مكن تضافر كل هذه العوامل من تحقيق إنجازات هامة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
- بدء العمل في جمع معلومات إحصائية عن عدد المعوقين بصريًا وأنواع الإعاقات البصرية والتوزيع الجغرافي والوضع الاقتصادي والاجتماعي للمعوقين بصريًا ومراكز تأهيل المعوقين بصريًا في المملكة وطاقتها الاستيعابية ومقدرتها الفنية وتوزيعها الجغرافي، وكذلك جمع معلومات عن الأجهزة والمعدات الطبية المساعدة للمعاقين بصريًا وآخر ما توصلت إليه التكنولوجيا والطب الحديث في هذا المجال.
- إجراء دراسة بحثية شملت أكثر من 500 شخص من المعوقين والمختصين وأقرباء المعوقين.
- إقامة مركز مؤقت لإبصار لتدريب فاقدي الإبصار على استخدام الكمبيوتر بواسطة الآلة القارئة بمشروع تجريبي لمدة ثلاثة أشهر.
- تأسيس معمل مزود بسبعة أجهزة كمبيوتر مزودة بنظام الآلة القارئة وجهاز CCTV بتكلفة تقدر بأكثر من 110,000 ريال لتدريب المعوقين بصرياً على الكمبيوتر ومنذ تأسيس المعمل حتى تاريخه تم تدريب أكثر من 100 معوق بصرياً من الإناث والذكور على استخدام الحاسوب مجاناً، بالإضافة إلى إجراء إعادة فحوصات، قياسات نفسية للمتدربين من خلال مستشفيات ومراكز مغربي تبرع.
- تركيب معمل (نظام إبصار) للكفيفات بجامعة الملك عبد العزيز للبنات بتمويل من الأخت ناجية عبد اللطيف جميل.
- تنظيم عدة أنشطة ثقافية واجتماعية تمثلت في (ملتقى اليوم العالمي للعصا البيضاء ، ندوة المختصين في خط برايل، وورشة عمل نظام إبصار 2، ندوة التوجه الإيجابي نحو الإعاقة البصرية)، تم من خلالها التعريف بمركز إبصار وأهدافه وأهمية التكنولوجيا للمعوقين بصريًا وتبادل الخبرات بين المعوقين بصريًا وأسرهم والمختصين العاملين في المجال بالإضافة إلى تشجيع المعوقين بصريًا على استخدام التكنولوجيا بصفة عامة كإحدى الوسائل المشاركة والاندماج في المجتمع، بالإضافة إلى تقديم العديد من المقالات الصحفية والبرامج الإذاعية والتلفزيونية لنشر التوعية في المجتمع عن التعامل مع العوق البصري.
- المشاركة في عدد من المؤتمرات والندوات منها المؤتمر العربي الأول لتطوير وتوحيد خط برايل (الرياض في 8 أكتوبر 2002) والدورة الأولى لتنمية مهارات التعامل مع المكفوفين وضعاف البصر التي نظمها مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون (الرياض 13-17 سبتمبر 2003).”
لم أكن أحلم أو أتوقع أن الله سيسخر لي تلك العوامل التي أوجزها معالي الدكتور أحمد محمد علي في التوجيهات السديدة والعناية والجهد مع الخبرة التخصصية في المجال والمساهمة المالية من الأعضاء، ولكن التوكل على الله والأخذ بالأسباب جعل حلمي يصبح حقيقة واقعة في مشروع جمعية ناشئة أنجزت قبل أن تولد.
فقد كانت البداية من عودتي إلى جدة في أواخر سبتمبر 1996م متسلحًا بالهدف الذي وضعته لنفسي، وفلسفة بـ “أن الإنسان متى وُجدت عنده العزيمة والإرادة يستطيع تحقيق المستحيل مهما فقد من حواسه، وأن فقدان البصر لا يعني فقدان القدرة على العمل”، بالإضافة إلى صور فتوغرافية وفيديو يوثقان يومًا من أيامي في «مينيابولس Minneapolis» منذ استيقاظي صباحًا وحتى ذهابي للمعهد وعودتي إلى شقتي، مرورًا ببرنامجي التدريبي، من أجل استخدامهم في نشر الوعي بأهمية إعادة التأهيل وإيصال المفاهيم الجديدة التي عشتها في مدينة «مينيابوليس» وأثرها عليَّ، والتأكيد على ضرورة نقل تلك المفاهيم إلى بلادنا وسائر بلدان عالمنا العربي والإسلامي.
وفي غضون ذلك كان عليَّ وزوجتي متابعة حالة ابننا سندس الذي ولد قبل 4 سنوات بمشاكل صحية في القلب وأجرى عمليتين جراحيتين تكللت الثانية بالنجاح. وبدأت نشاطي بالعزم على الانتفاع بما هو متوفر من خدمات لاكتساب المزيد من المهارات، والسعي في الحصول على فرصة عمل أو مصدر مالي لتسديد قيمة برنامج التدريب في أمريكا المتبقية (2400 دولار) حيث غادرت البرنامج على أن أسدد القيمة بعد العودة، وأحصل على تمويل لاستكمال باقي البرنامج التدريبي الذي يمتد إلى 9 أشهر. سيما وأنني فقدت الأمل في العودة إلى عملي السابق في الخطوط السعودية، فتواصلت مع مركز التأهيل الشامل، وتبين أن الخدمة المتوفرة هي الالتحاق بدورة مأمور سنترال لمدة عامين وأن أول فرصة متاحة بعد 10 أشهر. فاستبعدت ذلك الخيار.
وفي الأثناء بدأت بنشاط إعلامي بالتواصل مع الصحف التي كانت قد نشرت قصتي مع فقدان البصر وإحالتي إلى التقاعد المبكر من الخطوط السعودية في 15 أكتوبر 1992م، لعرض تجربتي مع إعادة التأهيل والمناداة بفتح مركز لتدريب وإعادة تأهيل ذوي الإعاقة البصرية في بلادنا. وتجاوبت معي صحيفة «عرب نيوز ARAB NEWS» بنشر لقاء صحفي على ثلاث حلقات في صفحة كاملة لكل حلقة بتاريخ 11 و18 و25 أكتوبر 1996م، تناولت فيها فلسفة إعادة التأهيل وأثرها وأهميتها لمجتمعنا، والحاجة إلى تطوير الخدمات القائمة لذوي الإعاقة البصرية، والفرق بين التربية الخاصة وإعادة التأهيل. وصرفوا لي مكافأة رمزية بمبلغ «250ريال».
ونشرت «مجلة الشرق الأوسط» تقريرًا صحفيًا في ثلاث صفحات بتاريخ (1996/11/26م) بعنوان «محمد بِلُّو يدعو إلى برنامج خاص لقهر الظَّلام». تناول قصة رحلتي إلى «مينيابوليس» وقضائي 30 يومًا غيرت مسيرة حياتي من خلال برنامج الاستقلال الذاتي للمكفوفين ودعوتي لضرورة نقل ذلك البرنامج إلى بلادنا.
تقرير مجلة الشرق الأوسط 1996/11/26م أما صحيفة «عكاظ» فأفردت لي صفحة كاملة لحوار صحفي بعنوان «قهر الإعاقة بمشروع ابن أُمِّ مكتوم – كفيف طبخ الكبسة للأمريكيين». سردت فيه تفاصيل إضافية عن برنامج إعادة التأهيل الذي التحقت به والإنجازات التي حققتها خلال فترة التدريب، وطرح فكرة إنشاء مركز بجدة باسم «ابن أُمِّ مكتوم» مشابه لمعهد الجمعية الوطنية الأمريكية للمكفوفين الذي تدربت فيه.
وقد لعبت تلك الصور التي أحضرتها معي من أمريكا دورًا فاعلًا في جلب اهتمام الصحف بتناول الموضوع والاهتمام به. كما تعاطف معي الأديب محمد صادق دياب -رحمه الله- الذي كان يشغل مدير مكتب مجلة سيدتي بجدة آنذاك. حيث جمعتني به الصدفة في مكتبه حينما كنت أجري لقائي مع مجلة الشرق الأوسط، فتعارفنا وتحدثنا سويًا لفترة مطولة عن قضيتي وفلسفة إعادة التأهيل الجديدة. فاهتم بها وقدم لي التوجيه والإرشاد فيما يجب عمله للتوعية بقضيتي، وفاجئني لاحقًا بزيارتي في المنزل مع فريق برنامجه «من السعودية مع التحية» الذي كان يعده لقناة ART وسجلوا معي لقاءًا تلفزيونيًا مع الإعلامي المخضرم عدنان صعيدي، حاورني فيه عن حالتي البصرية، وتجربتي مع إعادة التأهيل في الولايات المتحدة الأمريكية، والتعريج على عملي في الخطوط السعودية، وابتكاري لوجبة الراكب الكفيف قبل إحالتي للتقاعد المبكر، وبدئي لمشروع تأليف كتاب عن الأديب طاهر زمخشري بعنوان «حكايات وذكريات» لتعريف النشء الجديد به. وعلى إثر الحوار الذي دار بيننا قبل التسجيل فوجئت أنه قدمني في الحلقة على أساس أنني كاتب ومؤلف، ويومها لم أكن قد ألفت حتى سطر واحد. كانت تلك أول إطلالة تلفزيونية لي عقدت العزم بعدها بأن أصبح مؤلف كما قُدمت في الحلقة، وتوالت لقاءاتي بعدها بالأديب محمد صادق دياب بين الفينة والأخرى ورتب لي حوار صحفي مع مجلة سيدتي.
لقطة من حواري مع أ. عدنان صعيدي في برنامج من السعودية مع التحية على قناة ART في العام 1996م وقد أسفر ذلك اللقاء التلفزيوني واللقاءات الصحفية الأخرى عن ردود فعل إعلامية وتفاعل اجتماعي واسع، خصوصًا المهتمين بشؤون المكفوفين، حيث اتصل بي من المنطقة الشرقية رجل الأعمال الكفيف د. عبد الرزاق بن علي التركي الذي كان يشغل منصب العضو المنتدب لشركة نما لخدمات الشحن المحدودة آنذاك، وأثنى على تلك اللقاءات الصحفية، وأكد على أهمية ما تناولته سيما وأن له تجربة مع فقدان البصر وله نشاط في التوعية بحقوق ذوي الإعاقة البصرية، وعلى دراية واطلاع عالمي بالخدمات خصوصًا وأنه قد أقام في الولايات المتحدة الأمريكية وأصبح أول كفيف سعودي يعمل في الحقل الدبلوماسي حينما كان يشغل وظيفة محلل سياسي في سفارة المملكة العربية السعودية في واشنطن بين عامي 1990م إلى 1992م، فعرض عليَّ وظيفة في أحد الفنادق التي كان يمتلكها، فشكرته واعتذرت له لعدم ارتباط ذلك بما أنادي به.
كما اغتنمت فرصة تواجدي في الرياض أثناء إحدى المراجعات الطبية لأبني سندس في مستشفى الملك فيصل التخصصي، فقمت بزيارة الشيخ الكفيف عبد الله بن محمد الغانم -رحمه الله- بمكتبة في حي السفارات بالرياض بعد ترتيب مسبق معه، حيث كان يشغل آنذاك منصب رئيس الاتحاد العالمي لشؤون المكفوفين، ورئيس المكتب الإقليمي للجنة الشرق الأوسط لشؤون المكفوفين، وكان على اطلاع على ما نشرته مجلة الشرق الأوسط، وصحيفة عكاظ، فتحدثنا عما تناولته في لقاءاتي الصحفية، وأثنى على ما طرحته، وقدم لي مجموعة من الكتب التعريفية عن المكتب الإقليمي ونشاطاته، ووعدني خيرًا وتوالت الأيام وردود الفعل كانت لا تزال مستمرة من الأصدقاء وزملاء العمل الذين شاهدوا واطلعوا على تلك المقالات.
وكان من أهم ردود الفعل المكالمة الهاتفية التي جمعتني بأحد زملاء العمل بالخطوط السعودية، ولعبت دورًا هامًا في تغيير مسار طريقة طرحي لفكرة مشروع المركز، حيث أتصل بي ذلك الزميل وأخبرني بأن صديقًا مقربًا له لديه ابن كفيف ويريد أن يستفيد ويتعرف مني على ما هو جديد للمكفوفين في أمريكا، ورحبت بذلك. فاتصل بي ذلك الأب الذي كان موظفًا في شركة ارامكوا السعودية. وبدأنا حديثنا بالتعارف وشرحت له عن حالتي البصرية وأسباب فقداني للبصر التدريجي، وأبلغني أن ابنه كفيف منذ الصغر ويدرس في الصف الرابع الابتدائي بالمدرسة النموذجية السادسة بجدة. واستطردنا في الحديث عن ابنه، فحدثته عن إعادة التأهيل وأهميته وكيف تدرَّبتُ في معهد الجمعية الوطنية للمكفوفين في مدينة «مينيابوليس» على الحركة والتَّنقُّل وأنا معصوب العينين، حتى أصبحتُ أمشي وأتحرك بثقة دون خوف أو تردُّد، كذلك تعلَّمتُ المشي والحركة وسط الزحام، وكيف أتفادى المارة دون أن أصطدم بأحدهم. بالإضافة إلى عبوري الشوارع والطرقات أثناء حركة السيارات دون أن أتعرَّض لحادث أو أتسبَّب في تعطيل وعرقلة الآخرين، وأصعد وأنزل من الدرج واستقل الحافلات بكل ثقة دون خوف أو تردُّد، مُستخدمًا عصاي البيضاء التي أستشعر وأستكشف بها الطريق، فلو كان هناك شيء ما أمامي فإن العصا ستلامسه، وبناءً على ارتداد الصوت أحكم على ما هو أمامي، فأتفاداه.
نزولي من الدرج بالعصا البيضاء اثناء مغادرتي السكن بمفردي للتدريب – (مينيابوليس )سبتمبر 1996م واقترحت عليه بأن يبدأ ابنه بالتدرب على التوجه والحركة واستخدام العصا البيضاء للاستقلال الذاتي، ففاجئني بردة فعل لم أكن أتوقعها من أب متعلم ويعمل موظف بشركة مرموقة إذ قال: “أعوذ بالله يا رجل.. أنا أجيب له واحد هندي ولا أخليه يستعمل هذه العصاية!”، وبإجابته تلك انتهت مكالمتنا.
فأدركت وأيقنت بأنني أمام مهمة صعبة وليست بالأمر اليسير، وعليَّ أن أجتهد وأتعامل مع واقع مجتمع لديه حساسية ومشكلة مع العصا البيضاء، على العكس تمامًا من المجتمع الذي كنت فيه في «مينيابوليس» فقد كنت أرى عشرات المكفوفين يذهبون إلى أيِّ مكان بمفردهم مستخدمين عصيهم البيضاء، دون أن يمسك أي أحد بأذرعهم.
وعلى هذا الأساس اتخذت قرارًا بتغيير المسار الذي كنت قد انتهجه لتحقيق حلمي، فكان له ما بعده …يتبع.
+8 -
التقرير الأسبوعي 106 لأعلى 10 مشاهدة
أصدقائي القراء يسرني مشاركتكم التقرير الأسبوعي 106 لأعلى عشرة مواضيع مشاهدة على موقعي الإلكتروني والذي أظهر أن «التقرير الأسبوعي 105 لأعلى 10 مشاهدة» قد حققت أعلى مشاهدة. تلاه مقال «خفايا وأسرار “أهيم بروحي” للزمخشري» في المركز الثاني. ومقال «طاهر زمخشري 17عام في حياة ابتسام لطفي» في المركز الثالث.
وفيما يلي ترتيب الأعلى 10 مواضيع مشاهدة:1- التقرير الأسبوعي 105 لأعلى 10 مشاهدة
عدد المشاهدات: 55 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/el392- خفايا وأسرار “أهيم بروحي” للزمخشري
عدد المشاهدات: 47 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/fwdb3- طاهر زمخشري 17عام في حياة ابتسام لطفي
عدد المشاهدات: 18 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/j62w4- حفل إفطار رمضان في منزل الصديق منصور الحسيني 1443
عدد المشاهدات: 17 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/65oe5- أبكي وأضحك الابيات الأكثر انتشاراً لطاهر زمخشري في عصرنا
عدد المشاهدات: 15 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/7o9b6- يا أعذب الحب.. إكليلُ وفاء من محمد عبده والكدرس لمسيرتهم مع الزمخشري
عدد المشاهدات: 14 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/sd3i7- فارس يستحق أن يعيش و«أنا لستُ في الجنة»..
عدد المشاهدات: 13 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/3fpm8- جيب القول على الرايق تحفه فنية رياضية كتبها الزمخشري لنادي الوحدة وغنتها هيام يونس لجماهير الكرة العربية
عدد المشاهدات: 11 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/3us89- التقرير الأسبوعي 104 لأعلى 10 مشاهدة
عدد المشاهدات: 11 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/21ib10- المروتين بين المعلومة المغلوطة والصواب
عدد المشاهدات: 11 مشاهدة
https://mohammedbellow.com/d19kويسرني تلقي اقتراحاتكم وتعليقاتكم في خانة التعليقات أو على حساباتي الالكترونية.
https://twitter.com/MTBellow
https://www.facebook.com/MTBellow0 -
الأديب طاهر زمخشري والرفق بالحيوان
بعث لي الأخ م. عدنان هوساوي الذي يشاركني العمل في كتابي القادم « أغاني بابا طاهر – مناسبات وحكايات» بمقطع الفيديو أدناه للقاء خاص مع فنان العرب محمد عبده تعقيباً على تأسيس أول جمعية سعودية للرفق بالحيوان مؤخراً، كشف من خلاله أن الأديب طاهر زمخشري هو من أوائل السعوديين في الرفق بالحيوان وكيف كان يتنقل مع سائقه بسيارته الشفر وقد ملئ شنطة السيارة ببقايا خضار وفواكه كان يشتريها من الحلقة ويوزعها على الحيوانات في الشوارع كذلك معالجة الحيوانات المصابة التي كان يصادفها في الطريق، وكيف كان يسخر منه البعض على ذلك الفعل متهمينه بالجنون.
فربطت ذلك بما لاحظته من اهتمامه بالحيوان خلال تأليفي لكتابي الأخير «الأديب طاهر زمخشري في سطور» ويتجلى ذلك في قصيدته «بيجو» التي نظمها من 17 بيتاً ونشرها في ديوانه «أنفاس الرَّبيع 1955م/ 1375هـ». ومهرها بقوله «إنه كلب كان يُساهرني في الليل بحديقة المنزل الذي كُنَّا نقطنه بمنشية البكري بمصر، وربحتُ صداقته، والكلب رمزُ الوفاء ولذلك رأيتُ أن أبعث إليه بهذه التَّحيَّة». وقال في مطلعها:
سلامًا أيا بيجو وشوقًا أبثُّه
إليك أيا هذا الصديق المُؤدَّبُ
ألفتُ نباحًا منك والليل مُطبقٌ
وذقتُ حنانًا منك والكون غيهبُ
نباحًا أرى الأوتار تخرس دونه
ومن رنَّة الألحان أشهى وأعذبُ
فإن كان للسُّمَّار لحنٌ مُحبَّبٌ
فصوتك يا بيجو نديٌ ويطربُوختمها بقوله
ودعته أسوان يبكي لفرقتي
وجاء لتوديعي ضُحى وهو مُغضبُ
فحيَّيتُه بالعين ردَّ بمثلها
يسألني: أين اللقاء المُحبَّبُ؟
صديق وفي عجماء أفصح منطق
يُعبِّر عن صدق الوفاء ويطنبُ
وفاء ولا داع سوى أن خافقي
يفيض عليه بالحنان ويسكبُ.
كما خصص في مجلته الروضة «أول مجلة للطفل العربي السعودي» باب عن عالم الحيوان جعله لتوجيه وتعليم الأطفال عن الرفق بالحيوان.وخلاصة القول إن اهتمامه بالحيوان في حياته وشعره وأدبه ليس بغريب عليه فقد سار في منهجه الأدبي على خطى من سبقه من الأدباء والشعراء منذ فجر الإسلام الذين اهتموا بالحيوان إلى جانب اهتماماتهم الأدبية الأخرى كالجاحظ صاحب كتاب «الحيوان» الذي يعد أول موسوعة معرفية عن عالم الحيوان، في سياق أدبي بديع جمع بين اللغة والشعر والبحث في طبائع الحيوان وغرائزه وأحواله وعاداته.
وختاماً لابد من الإشادة بتأسيس جمعية للرفق بالحيوان في بلادنا وأدعو الأدباء والشعراء أن يدعموا بإبداعاتهم الرفق بالحيوان أسوة بما قام به فنان العرب «محمد عبده» في حديثة في الفيديو المرفق عن أهمية الرفق بالحيوان فذلك من صميم تعاليم ديننا الحنيف.
رابط المقال على صحيفة غرب الإخبارية
0
الرئيسية
عدد المشاهدات 1٬127