نشر هذا اللقاء في يوم الثلاثاء 7 ربيع الآخر 1444هـ 1 نوفمبر 2022م على صحيفة الرياض
الرياض – صلاح القرني

قدم الأستاذ محمد توفيق بلو، حفيد الشاعر الكبير طاهر زمخشري، القصة الحقيقية لـ أغنية “أهيم بروحي على الرابية”، والتي تعد رائعة من الروائع التي قدمها الشاعر خلال مسيرته الشعرية حيث قال محمد بلو: بثت إحدى القنوات الفضائية لقاء مع الإعلامي د. أحمد العرفج ضمن أحد برامجها وبالتحديد يوم الأربعاء 26 /10 / 2022م، تناول فيه قصة أغنية أهيم بروحي على الرابية «المروتين» كلمات الأديب الراحل طاهر زمخشري -رحمه الله-.

وما كنت لأعقب على تلك القصة لولا أنني مهتم بجمع وتحقيق وتدوين سيرة الأديب وأعماله منذ وفاته – رحمه الله – بحكم أني سبطه وعشت معه تحت سقف بيت واحد لعشرين عامًا، وما أورده د. العرفج تضمن مغالطات تاريخية عن برنامج «ركن الأطفال» لبابا طاهر، ومناسبة كتابة قصيدة «إلى المروتين» وظروف تلحينها وغنائها من قبل الموسيقار طارق عبد الحكيم – رحمهما الله -.

حيث ذكر د. العرفج أنه أحد خريجي مدرسة بابا طاهر لبرنامجه الإذاعي «ركن الأطفال» وأن بابا طاهر كان يقيم في تونس ويحضر لتسجيل البرنامج ثم يعود، وأنه استمع لقصة أغنية أهيم بروحي على الرابية كما هي مسجلة يرويها طاهر زمخشري، أنه في الستينات بدايتها كان بابا طاهر يقيم في القاهرة وفتح التلفزيون وشاهد الحرمين فبكى بكاء شديدًا وكتب القصيدة وعندما التقى به الموسيقار طارق عبد الحكيم سأله عن جديد ما كتبه فقال له بابا طاهر «أهيم بروحي على الرابية» فلحنها طارق عبد الحكيم على مجرور الطائف.

والحقيقة أن بابا طاهر – رحمه الله – قد التحق بالعمل الإذاعي في العام 1368هـ – 1949م كمؤسس ومعد ومقدم برامج، وأسند إليه برنامج «ركن الأطفال» الذي اشتهر منه بلقب «بابا طاهر» واستمر فيه حتى منتصف خمسينات القرن الماضي. وبدأ تردده على الجمهورية التونسية في مطلع الستينات الميلادية.

وأضاف بلو: أما فيما يتعلق بقصة قصيدة «إلى المروتين» التي نشرها في ديوانه «أغاريد الصحراء 1958م/1377هـ» فوفق رواية خالتي ابتسام زمخشري – رحمها الله – صغرى بنات الأديب أنه قال لها: “كنت في مصر تلك الأيام مشغولاً بطباعة أحد دواويني الشعرية وكنت في دعوة لتناول طعام الغداء عند المذيعة الأستاذة همت مصطفي وعند بداية الطعام قالت همت يا جماعة كل سنة وأنتم طيبين لقد أعلن في السعودية اليوم غرة شهر ذي الحجة. في تلك اللحظة شعرت بغصة وألم استأذنت وخرجت مهرولًا إلى الشارع أمشي في الطرقات ولا أدري إلى أين، أنا تعودت أن أكون دائمًا في الجبال المقدسة في مكة الكرمة، ولا أدري إلا وأنا في حديقة الحيوانات، أذرف الدمع السخين وكتبت يا ابنتي تلك القصيدة بدموع ساخنة وحرقة لأنني بعيد عن مكة، ولارتباطي مع المطبعة لم أستطع السفر”.

واستطرد قائلاً: وأما ما قيل بأنه كتب القصيدة بعد مشاهد الحرمين على التلفزيون المصري فهذا منافي للواقع حيث إن التلفزيون المصري لم يبدأ البث إلا في العام «1960م» أي بعد نشر القصيدة بعامين.

وأما قصة تلحينها وغنائها فقد ذكر الأديب – رحمه الله -، في كلمته ليلة تكريم الموسيقار طارق عبد الحكيم «ملحن ومغني الأغنية» في اثنينية خوجة 1403/7/19هـ، أنه “في خمسينات القرن العشرين، ومع تأسيس الإذاعة السعودية، جاء الموسيقار طارق عبد الحكيم من الطائف مع فرقة الجيش الموسيقية لتقديم موسيقات صامتة للإذاعة حيث لم يكن هناك سوى موسيقات غربية جاءتنا مع الاستديوهات. كان في يدي ديواني “أغاريد الصحراء” فقلت له خذ يا أبا سلطان هذا ديوان اختر منه ما تريد، “ع الواقف” فاختار أغنية أهيم بروحي على الرابية وعند المطاف وفي المروتين. فإذا كنت أن أفاخر أو أعتز بأن لي مشواراً في الفن، فأكبر اعتزازي بطارق عبد الحكيم وأهيم بروحي على الرابية، لأني في مرة ما، استمعت إليها من أكثر من 15 إذاعة في أيام الحج، وعاشت الأغنية الآن أكثر من 27 سنة”.

وكان الموسيقار طارق عبد الحكيم قد اختار من القصيدة 12 بيتًا من أصل 24 بيت ولحنها على «الدانة الحجازية» وغناها بإحساس عالٍ رقيق عكس من خلاله مشاعر شوق وحنين طاهر زمخشري لمكة وشجونه لبعده عنها في ذلك الموسم. ويرى بعض النقاد أن لحن الأغنية يعود في الأساس إلى فنان الحجاز الشريف هاشم العبدلي قبل نحو مئة عام.

ويضيف كان حريًا بـ د. العرفج، أن يتوخى الدقة في نقل المعلومة بالتحقق منها قبل الحديث عنها على الهواء مباشرة للجمهور سيما أنها مرتبطة بأحد أهم رموز الأدب في بلادنا الأديب طاهر عبد الرحمن زمخشري ورائعته الخالدة قصيدة «إلى المروتين»:

أهيم بروحي على الرابيهْ *** وعند «المطـاف» وفي «المروتين»

وأهفو إلى ذِكَرٍ غاليهْ *** لدى «البيت» «والخيـف» والأخشبين

فيهدر دمعي بآماقيهْ *** ويجـري لظاه على الوجنتين

ويصرخ شوقي بأعماقيهْ *** فأرسل مـن مقلتي دمعتين

أهيم وفي خاطري التائه *** رؤى بلد مشرق الجانبين

يطـوف خيالي بأنحائة *** ليقطع فيه ولو خطوتين

أمرغ خدي ببطحائه *** وألمس منه الثرى باليــــــدين

وألقي الرحال بأفيائه *** وأطبع في أرضه قبلتين

أهيم وللطير في غصنه *** نواح يزغرد في المسمعين

فيشدو الفــــؤاد على لحنـه *** ورجـع الصدى يملأ الخافقيـن

فتجري البوادر من مزنه *** وتبقـى على طرفه عبرتين

تعيـد النشيد إلى أُذنهِ *** حنينـاً وشوقاً إلى المروتين

رابط اللفاء على صحيفة الرياض

عدد المشاهدات 942