تحدثت فيما سبق عن ليلة التأسيس التي رأيت فيها تحقيق حلمي بتأسيس مركز لخدمات المعاقين بصريًا الذي أُعلن عن تأسيسه كجمعية خيرية باسم إبصار للتأهيل وخدمة الإعاقة البصرية.

وكان من المفترض أن أواصل الحديث بسرد تفاصيل المرحلة التي سبقت تلك الليلة، فقد كانت مليئة بالأحداث والعمل والإنجازات التي تستحق التوقف عندها.

بيد أن رسالة وصلتني عبر حسابي على منصة X في 2023/11/22م قفزت بذاكرتي إلى السنة الرابعة من تأسيس الجمعية إذ جاء فيها: “معك محمد النودل، طالب في جامعة كارديف بالمملكة المتحدة. وأقوم بدراسة الماجستير في البصريات الإكلينيكية.

لقد اطلعت على القناة الخاصة بك على اليوتيوب، وكانت جدًا مفيدة وثرية. وشاهدت محاضرتك بعنوان Low Vision Service Delivery Management – Saudi Ophthalmology 2020 Virtual Meeting (Optometry) (تدبير تقديم خدمة ضعف البصر – اجتماع طب العيون السعودي 2020 الافتراضي (بصريات).

وأشكركم على تلك المعلومات المثرية والاهتمام في نشر الوعي فيما يخص ضعف البصر ورعاية ضعاف البصر، ولدي رغبة في التوسع في معرفة الخدمات المقدمة في هذا الجانب في المملكة العربية السعودية… فهل من الممكن الحصول على نموذج التحويل المدرج في الفيديو إذا كان متوفرًا لديك؟ فهذا سيفيدني في التوسع في البحث”.

ولهذا النموذج الذي طلبه النودل في رسالته قصة، فعندما بدأنا تشغيل العيادة ضمن مجموعة خدمات نموذجية في إبريل 2005م واجهنا صعوبات وتحديات من أهمها نقص المرضى المحولين من المستشفيات. ونقص الوعي بضعف البصر وخدماته.

حتى استوحيت فكرة للتعامل مع تلك المشكلة من مركز اللايت هاوس لخدمات ضعف البصر بنيويورك (lighthouse guild) الذي كانت تربطنا به شراكة عمل للاستشارة والتدريب. حيث أشار المركز في تقريره السنوي (2002م) أنهم صمموا مطبوعة خاصة بعنوان (نحو حياة أفضل) وزعت على كافة استراحات الأطباء في مستشفيات ومراكز العيون بنيويورك، تضمنت معلومات توعوية لضعف البصر وأهمية تحويل مرضى ضعف البصر لعيادات ضعف البصر باللايت هاوس، فأسفرت تلك الخطوة عن زيادة المرضى المحولين بنسبة 34% بواقع (600) حاله عن العام الذي سبق المطبوعة.

فعملت مع فريق عمل من الجمعية مكون من:

  1. مدير خدمات ضعف البصر وإعادة التأهيل د. محمد سرفراز خان
  2. استشاري تنمية تقنيات التسويق والبرامج الدولية محمد فريد اليوسفي
  3. مراقب التصاميم والبوابة الالكترونية محمد حسن المصابي

فتوصلنا إلى تصميم نموذج خاص لاستخدام عيادات ومستشفيات العيون على شكل مطوية متباينة الألوان وفق معايير إعداد المطبوعات الموجهة لضعاف البصر تضمنت معلومات للتوعية والتعريف بمؤشرات ضعف البصر ومشاكله وإحصائياته حول العالم، ونسبة المستفيدين من الخدمة، وأسباب تراجع عددهم، بالإضافة إلى معلومات عن خدمات الجمعية، وتخصيص جزء من النموذج كاستمارة خاصة لاستخدام الطبيب لتعبئة بيانات مختصرة عن المريض (بيانات المريض، سبب ضعف البصر، بينات الجهة المحولة ووسائل الاتصال) وإحالة المريض بها إلى الجمعية بعد تعبئتها.

بهدف زيادة الوعي بقضايا ضعف البصر بين أطباء العيون، وفريق العمل بالجمعية، وإيجاد وسيلة عملية وميسرة لتمكين المستشفيات من تحويل المرضى إلى الجمعية، ورفع الوعي لدى مستشفيات العيون والطاقم الطبي لضمان تدفق مستمر من المرضى المحتاجين للعناية بضعف البصر وإعادة التأهيل.

وبدأنا استخدام النموذج في 14 صفر 1428هـ – 4 مارس 2007م بتوزيعه لدى مستشفيات ومراكز العيون بجدة ومن حينه لوحظ ارتفاع عدد المرضى المحولين من مستشفيات العيون إلى عيادة ضعف البصر بالجمعية وزيادة الوعي بين فريق العمل إذ أشار تقرير مجلس إدارة جمعية إبصار الخيرية عن أنشطة ومنجزات العام 1428هـ إلى زيادة نسبة المرضى المحولين من مستشفيات العيون إلى عيادة ضعف البصر بالجمعية في العام 1428هـ بنسبة (40%) عن العام 1427هـ بواقع (63) حاله. وتمكين طاقم العمل من حصر الأمراض المسببة لضعف البصر لدى المرضى المحولين والتي أظهرت آنذاك بأن غالبيتهم من أصحاب الحالات الوراثية نتيجة اعتلالات في الشبكية وأن معظمهم في سن الشباب.

مما أكد جدوى فكرة توزيع نموذج التحويل في مستشفيات وعيادات العيون الذي لعب دورًا هامًا في اختيار الوكالة الدولية لمكافحة العمى للجمعية كنموذج إقليمي يقتدى به لمنطقة شرق الأبيض المتوسط في مجال العناية بضعف البصر وإعادة التأهيل في العامين 2007م و2008م.

وأجدها فرصة مناسبة بعد طول هذه السنين أن أهيب بمقدمي خدمات ضعف البصر في عموم مناطق بلادنا وعلى رأسهم جمعية إبصار أن يطوروا نموذجًا مشابهًا لنموذج التحويل سواء ورقيًا أو إلكترونيًا وفق متطلبات زمننا الحالي. فمن خلال متابعتي للخدمات المقدمة في مختلف عيادات ومراكز ضعف البصر لاحظت مدى الحاجة إلى مثل هذا النموذج من أجل وصول ضعفاء بصر أكثر للخدمة وزيادة الوعي بها.

عدد المشاهدات 143