Share
  • لا تخذل قلبًا كتاب جديد

    لا تخذل قلبًا كتاب جديد
    Share

    نشر هذا المقال في صحيفة غرب الإخبارية بتاريخ 2021/08/24م

    صدر حديثاً عن شركة سطور للنشر كتاب «لا تخذل قلبًا» لمؤلفته منيرة الرشيد، وجاء الكتاب في 104 صفحة بمقاس 14×21سم بتصميم أنيق وعصري جذاب.
    تضمنت 90 خاطرة وجدانية تنقلت فيها المؤلفة بين أحاسيس ملموسه، وتجارب تحكي عن الخذلان والفقد، ومشاركة العواطف الانسانية من محبه واحترام، من خلال مواقف تهتم بأهم العلاقات بدوافع إيجابيه مبطنه بمشاعر الحب والتفاؤل.
    وتقول المؤلفة منيرة الرشيد عن مؤلفها في دستور لا تخذل قلبًا كلام كثير مؤجل ومشاعر صامته تربطهم علاقة شوق عميقه لنَّ تقبل بالبعد أبدًا.
    لقد كتبت هذه الخواطر الوجدانية من واقع تجارب الحياة من أجل تطوير الذات. فأنا هاوية وعاشقة ومحبة للكتابة، ذات المبدأ والفكر السَّامي وطموحي اراه بين عباراتي ومن خلال سطوري.
    ولا بد ان أسجل في هذا السياق شكري وتقديري إلى كل من ساعدني وساندني على إنجاز أولى خطوات النجاح وعلى رأسهم شريك حياتي أبو نوره.

    يجدر بالذكر إن كتاب «لا تخذل قلبًا» باكورة إنتاج المؤلفة من ضمن سلسلة كتابات ستصدرها قريبًا. وهي كاتبة ناشئة وربة منزل، وأم لإبنه (نوره) حاصلة على دورات علمية وثقافية في تطوير الذات.

    رابط المقال على صحيفة غرب الإخبارية

    Share
  • عشرة سنوات على «مقام حجاز» ورحيل صاحبها محمد صادق دياب

    عشرة سنوات على «مقام حجاز» ورحيل صاحبها محمد صادق دياب
    Share

    نشر هذا المقال على صحيفة غرب الإخبارية في 2021/06/10م

    انتهيت مؤخرًا من قراءة رواية «مقام حجاز» لمؤلفها الأديب الراحل محمد صادق دياب رحمه الله التي صدرت في مارس 2011م قبل وفاته بشهر.

    ورغم مرور 10 سنوات على صدورها ووفاته، إلا أنها لا تزال تنبض بحلاوة أدبها وتحيي سيرة مؤلفها لتبقيه في ذاكرة جيله ومن تبعهم من عشاق الفكر والأدب. ولعله من المناسب ان اغتنم هذه السطور المضيئة لتسليط الضوء عليها وعلى مؤلفها، لما فيها من معلومات تاريخية هامة سردها المؤلف بأسلوب أدبي وفكري جمع فيه بين الواقعية والفانتازيا التي حلل من خلالها واقع المجتمع في زمنه وكأن به يحاكي صور لواقع مجتمعنا اليوم، كيف لا وهو أديب جمع بين تخصص علم النفس التربوي «ارشاد نفسي»، وعلم الاجتماع وحصيلة خبرة عملية متراكمة في مجال التعليم والتوجيه قادته ليحلق في عالم الصحافة والأدب بإبداعاته التي ختمها بـ «مقام حجاز».

    غلاف رواية مقام حجاز

    صدرت الرواية عن دار جداول للنشر والتوزيع في بيروت في عدة طبعات بعد ما اندرجت ضمن قائمة أعلى الكتب مبيعًا في معرض الكتاب الدولي بالرياض في العام 2011م، وتضمنت 4 فصول اتسمت بسرد أدبي شائق وبسيط بحيث يستطيع عامة القراء استيعاب مضامينها بيسر وسهولة، تنقل من خلالها المؤلف بين أهم الحقب التاريخية لمدينة جدة التي صنعت جزء هام من تاريخها، واستوحى شخصيات رسمت بعض ملامح المجتمع الجداوي في تلك الأزمنة دمج فيها بين الواقع والخيال بدء من العام 1513م في العصر المملوكي الذي انتهى ببناء سور جدة، وحادثة مقتل المظلوم في العام 1725م التي نسبت إليها “حارة المظلوم”، ومذبحة الدبلوماسيين في جدة في العام 1858م، والعام 1916م الذي أخرج أهالي جدة الأتراك وجنودهم منها ليستقلوا بذاتهم، معتمدًا في ذلك على مصادر تاريخية موثوقة كمخطوطة «الجواهر المعدة في فضائل جدة» للمؤرخ أحمد محمد الحضراوي، «تاريخ مدينة جدة» لأحمد السباعي، «موسوعة تاريخ مدينة جدة» لعبد القدوس الأنصاري.

    وختم روايته بالعام 2011م الذي حلق فيه بخياله لصور اجتماعية لمدينة جدة من خلال تجسديه لأوضاع احفاد بطل روايته «ابن دحمان» بعد 500 عام من رحيله. تاركًا لنا صورة لملامح المجتمع الجداوي، وتحليل نقدي له بأسلوب ماتع قليلًا من الكتاب سطروا مثله. ورسائل احتجاج عليه من أبطال روايته الذين دارت حولهم الأحداث.

    أبطال الرواية..

    القائد المملوكي حسين الكردي الذي انتدبه السلطان المملوكي قنصوه الغوري في العام 1513م للدفاع عن مدينة جدة من الغزو البرتغالي. واستطاع في أقل من عام بناء سور للدفاع عنها. وقيل عنه أنه كان ظلومًا غشومًا يسفك الدماء، ولا يرحم. حتى بلغ من قسوته أن أحد البنّائين تأخر عن موعده أثناء مرحلة بناء السور فأمر ببناء السور عليه وهو حي أمام أعين الحاضرين.

    وكان قد فرض على عامة الأهالي والتجار حمل الطين والحجر حتى أتمّ بناء السور منذ أن خطب فيهم قائلًا: «يا أهل جدة، يا أهل العزيمة والشدة، تعلمون أنكم على ثغر من ثغور الإسلام.. أمرني السلطان المظفر قنصوه الغوري أن أبني سورًا حول مدينتكم، يكون قادرًا على الصمود في وجه الأعداء، ودفع البلاء. فهذه جيوش البرتغاليين عبرت إلى بحر الإسلام، يعتزمون مهاجمة جدة، وتدمير البيت الحرام، ونبش قبر الرسول الكريم ونقل رفاته الطاهرة.. عليكم جميعًا واجب العمل في بناء السور، كبيركم وصغيركم، غنيكم وفقيركم، وقد أعذر من أنذر، ونبّه وحذّر، وسيكون العمل ابتداء من صباح الغد دون تأخير أو مماطلة أو تقصير، والسلام على من سمع وأطاع». ومن شدة جبروته وظلمة للأهالي وقسوته عليهم أصبح له أعداء انتقموا منه شر انتقام بعد عزله من قبل السلطان العثماني سليم الأول عام 1517م إذ أخذوه موصدًا بالأغلال على مركب صيد إلى منطقة أم القروش بالقرب من جزيرة سعد وألقوا به في البحر مغرقًا بدمائه لتتناتشه أسماك القرش المفترسة.

    و«مرجانة» التي انتهى بها المطاف في «قوز الهملة» الذي كان خارج نطاق المدينة، ومرتعًا للمطلوبين الفارين من العدالة أو جور العبودية، وله قانونه الخاص فسكانه يحكمون أنفسهم بأنفسهم فلا سلطة للحاكم عليهم ولا يعتبر نفسه مسؤولاً عما يحدث لهم. وكان قدومها قد أربك الرجال الفارين من المدينة إلى القوز وأثار جمالها غيرة النساء هناك، فما كان منهن إلى أن تسللن إلى مرقدها ليلًا فحلقن شعر رأسها، فلم تجد من يواسيها في ذلك سوى مطرب جدة «دحمان» الذي صدّق روايتها باختطافها من قريتها الصغيرة على الضفاف الأخرى من البحر حينما كانت صبيّة لتجد نفسها سبية تباع في سوق النخاسة فهربت منه إلى قوز الهملة. لينتهي بها المطاف في أحضان دحمان، فعاشا سوياً إلى أن وجدت نفسها تستظل تحت ظلال شجرة السدرة التي نمت مكان موته بعدما كان أول ضحايا القائد حسين الكردي.

    وكان دحمان مطرب جدة لا يحلو له الغناء إلا بعد أن يعبّ من ابنة الكرم حتى يرتوي، فهو مسكون بالعفاريت، تتلبسه في لحظات مجونه، وتكسب صوته طراوة إذا سمعها الحمام. ولا ينسى الناس لدحمان دوره في الإعلام عن المراكب التي يتأخر وصولها إلى جدة، حينما يزفه البعض بالطبول والزمور من داخل البلدة إلى مقبرة أمنا حواء، وهناك يسقط مغشيًا عليه، ويسألونه عن خبر المراكب المتأخرة، فينتفض، ويسيل الزبد من شفتيه، وهو يحدّد مواقعها في البحار، لتتعمق حيرة الناس حوله، كيف يمكن لرجل عربيد وسكير كدحمان أن تكون له كرامات الأولياء…

    اما «الأغا ميمون» أتى من الحبشة ليكون أحد آغوات المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، وعمل فيه لسبع سنوات ارتدى فيها العباءة الاستانبولية والثوب الواسع المطرز المشدود بالحزام، ينام في المسجد ويسرج الشموع في أرجائه وينظفه بعد انصراف المصلين. وترقى إلى ان أصبح برتبه نصف خبزي. وتنعم بمزايا الآغاوات والمال الوفير الذي مكنه من شراء جاريته بشرى لتخدمه. خلالها أكتشف في أحد الأيام أنه ليس كالآغاوات وانه رجل مكتمل الرجولة، وانتهى الأمر برفع خطاب من مشيخة ومديرية المسجد النبوي إلى نظارة الأوقاف في إستانبول، يشير إلى أنه بناء على ظهور علامات الرجولة على ميمون آغا، فلم تعد لديه الصلاحية للعمل في المسجد، وبناء عليه تمّ شطب قيده. وجرد من مزايا الآغوات واوقافهم ونقل إلى غرفة صغيرة مع زوجته بشرى في مبرة السادة منحه إياها السيد عبد الكريم البرزنجي، الذي استصدر السلطان العثماني لاحقاً أمرًا بقتله هو وابنه ورفاقه بعد اتهامهم بأنهم وراء الفتنه التي وقعت بين آغوات المدينة المنورة والحامية العسكرية. فهربوا سويًا بمساعدة ميمون آغا لينتهي بهم المطاف في بيت مرجانه بقوز الهملة بعيد عن أعين الجنود حتى افتضح أمر السيد عبد الكريم البرزنجي في أحد الأيام حينما ذهب إلى المسجد الحرام متخفيًا فطاف بالبيت وصلى ركعتين فتعرف عليه الجنود والقوا القبض عليه وسلموه لوالي جدة «باكير باشا» الذي نفذ فيه حكم الإعدام بأمر السلطان، أمام أعين الأهالي بجدة الذين حزنوا عليه واطلقوا على مكان إعدامه بمحلة المظلوم، وهرب ابنه حسن وصديقه محمد الدلال برفقه «ميمون آغا» إلى مصر حيث مكثوا فيها إلى ان ماتوا بعد عدة سنوات بداء الطاعون.

    أما «داهشة» اختارت أن تعيش أنثى وهي رجل، ربطتها علاقة خاصة بساحر جدة ثمودا، فكانت سمساره الذي يجلب له الزبائن، ووسيلة دعايته التي تروج لأعماله منذ أن جاءا معًا من المجهول ليستوطنا جدة، ويمارس شعوذته على أهلها بمساعدتها، إلى أن غدر بها في أحد الأيام بعد أن تلقى من رئيس حرس الوالي «مرادي عبد الحميد» عدد من الجنيهات الذهبية نظير أن يجلب له «سلمى الجبالي» أجمل فتيات جدة التي افتتن بها، فأخذ الجنيهات واختفى ووجدت «داهشة» في بيته مفصولة الرأس برائحه نتنة نتيجة تخثّر دماؤها. ولكن ما صدم المجتمع هو حينما جاءت «أمون القبورجية» لتغسيلها وتكفينها، اكتشفت أنها رجلًا فصرخت والتم الناس من حولها ليشاهدوا بأعينهم ذلك. فطلق «مرزوق الداشر» زوجته التي كانت تنام كل ليلة مع «داهشة» على السطح، ومن شدة غضبه اقترح أن يحرق جثمان «داهشة» بدلاً من دفنه، لكن الجنود الأتراك حملوا الجثمان إلى جهة غير معلومة، وبقي أمر «داهشة» حديث المجتمع.

    مذبحة جدة..

    استعرضت الرواية حدث دك البارجة البريطانية لجدة انتقاماً لما عرف بمذبحة جدة عام 1858م إثر إشاعة انتشرت في المدينة بأن شركة أجنبية للسفن البخارية تسعى مع بعض أثريا جدة لاحتكار شؤون الملاحة. فغضب الأهالي وتوعدوا من يقترب من بحرهم وقطع لقمة عيشهم.

    واتسعت دوائر الغضب بعد ذلك لتمتد إلى شرائح العلماء وأئمة المساجد، وجعل الأئمة الشائعة موضوع خطبتهم في صلاة الجمعة، فقال الشيخ حسان عطية إمام المسجد العتيق: «قطع الأعناق، ولا قطع الأرزاق، وما دون الحلق إلا الذراع، فإن صحّ ما يتبادله الناس فإن الصامت آثم». أما شيخ خليل نعمة اللّه إمام مسجد المغربي فدعا الناس إلى الجهاد إن صحّت الشائعة، وأن يعدوا من الآن ما استطاعوا من متطلبات الجهاد. ولجأ الأوربيون الدبلوماسيون والتجار منازلهم، ولم يظهروا في الأسواق إلا للضرورة. وتحولت المدينة إلى خزان بارود ينتظر من يشعل فتيله.

    في مقهى باب البنط كان دحمان الصغير شيخ البحّارة وبعض أبناء عمومته من آل الجبالي والجُدي ينفردون بمركازهم في المقهى، يناقشون تزايد نفوذ القنصل الإنجليزي، وتدخلاته في شؤون مدينتهم، وكيف غدا بعض التجار يتباهون بأنهم من رعايا الإنجليز للحماية والنفوذ.

    واستثارتهم غطرسة القنصل الإنجليزي ورجاله. فثار السكان وهاجموا القنصلية الإنجليزية، وقتلوا القنصل الإنجليزي وبعض رجاله. كما اقتحموا قنصلية فرنسا وقتلوا القنصل الفرنسي وزوجته، كما قام آخرون بقتل الخواجة صاوه وعدد من رجاله، وبلغ عدد القتلى من الأوربيين في ذلك اليوم 21 قتيلًا، وهرب الناجون سباحة إلى حيث تقف البارجة العسكرية الإنجليزية «سيكلوب».

    ارتعد والي جدة التركي «نامق باشا» مما آلت إليه الأمور ولإظهار براءته مما حدث ملأ السجون بالأبرياء والمذنبين، وانتزع اعترافاتهم. شاع الخوف والحزن بين الناس وفتحت البارجة الإنجليزية نيران مدافعها على المدينة، فاشتعلت البيوت بالحرائق، وتعالت ألسنة الدخان.

    وحكم بالإعدام على 12 رجلًا من بينهم عبداللَّه سمكري، سليمان قهوجي، مبارك قارورة، عبد الخير باخريبة، محمد نوّار، بلال عتيق باناجه، وآخرون. كما أعدم بعد شهرًا من الأحداث شيخ الحضارم سعيد العمودي، ومحتسب المدينة عبد اللَّه فران.

    روح «ابن دحمان» ورسائل الاحتجاج..

    إبدع المؤلف بخياله الخصب باستحضار روح «ابن دحمان» الجد التي عادت لتحلق بمدينة جدة بعد نحو 500 عام من وفاته، ليستطلع أوضاع وأحوال أحفاده وأقاربه ليجد كل شيء تغير، وأول من التقى به منهم عباس المجنون الذي كان يجلس على أحد مقاهي حي الهنداوية وحكى لها قصته التي آلت به إلى الجنون، ثم توجهت روحه إلى دار العجزة حيث كان حفيده «درويش الدحماني» يقيم بها منذ ثلاث سنوات ولا يفارق غرفته، وخلف جدار متهدم بحي قويزة عثرت روح «ابن دحمان» على حفيد ثالث وهو «حمدان أبو بصير» الذي كان عليل البصر متوقد البصيرة وأحد أطرف ظرفاء مدينة جدة، فكان بمثابة بائع حكمة متجول يسكب الموعظة في الطرقات على رأس من أرادها، وله في كل مسألة رأي أو وجهة نظر. ومنذ أن جرف السيل بيته في حي قويزة استسلم لحالة اكتئاب حاد، ولم يعد يغادر أطلال داره إلا نادرًا. فغادرته روح «ابن دحمان» إلى حفيد آخر وهو «الكابتن مصطفى»، لاعب كرة سابق في نادي «الهلال البحري»، سجل في النادي مقابل «دراجة نارية»، وأعجب به رئيس نادي شهير فضمّه مقابل «سيارة أوبل» أصيب في الغضروف فاعتزل كرة القدم ومن يومها وهو يعمل سائق حافلة على خط جدة مكة. فقررت روح «ابن دحمان» الرحيل عائدة من حيث أتت عندما وجدت أنها لا تستطيع المكوث أكثر من ذلك لكن الكابتن مصطفى أصر عليها بالبقاء لتستمع إلى قصص أحفاده الـ (12) التي من خلالها أبدع المؤلف في تشخيص وتحليل أحوال مجتمع جدة في زمنه بحبكة أدبية رائعة.

    وبلغت ذروة إبداعه بتلك الرسائل الاحتجاجية التي خطها على لسان ابطال روايته ومما جاء فيها على لسان حسين الكردي.. لقد اجهدت نفسك في تصويري كطاغية مستبد، دون ان تقف طويلًا عند المسؤولية التي ألقيت على عاتقي، فلقد كنت في سباق مع الزمن بأن أفرغ من بناء سور جدة لحماية الأماكن المقدسة قبل وصول جيش البرتغاليين الذين وصلت مراكبهم إلى جزيرة «كمران» في البحر الأحمر، وهي مسؤولية تتطلب حزمًا وعزمًا، ولا ينفع معها اللين والتراخي، ولو لم أسلك هذا المسلك لما تمكنت من الانتهاء من بناء السور في أقل من عام، ولعل الأيام قد أثبتت لكم بعد موتي كيف لعب السور وقلاعة الدور الحاسم في صدّ هجوم البرتغاليين الذي جاء متأخرًا.

    وقالت مرجانة.. لقد قسوتم كثيرًا على دحمان بتطبيق معاييركم الأخلاقية عليه، فركزتم على النصف الفارغ من كأس حياته دون اعتبار منكم لشمائله وخصاله وسماته الرائعة. فمن عرف دحمان عن قرب يعلم جيدًا رجاحة كفة الخير في شخصيته، أما مسألة مجونه فهي نتاج سياقات حياتية عاشها لا بدّ أن تترك بعض ندوبها على سلوكياته. فضلوع ذلك الرجل تنطوي على إنسان عذب يختلف بل يتناقض مع نتاج سلوكه الظاهر.

    الأغا ميمون.. فرغت لتّوي من قراءة دوري في الرواية، وشعرت بالحرج إلى حد كبير لمرورك على هويتي الجنسية المضطربة، وكذلك علاقتي بزوجتي بشرى، فلم أكن أتصور أن حرية عصركم تتسع لمثل هذا المستوى من البوح، وقد يكون هذا البوح ضروريًّا لهذا النوع من العمل الأدبي الذي لم يكن منتشرًا في عصرنا، ولكنه يظل بالنسبة لي خارج دائرة المألوف في سياق الزمن الذي عشته.

    داهشة.. أشعر أن من حقي أن أسألك: من منحك الحق في نبش قبري، وبعثرت سيرتي بعد مضي ما يقرب من مئتي عام لتجعل منّي لعنة متجددة في دواخل الناس، وأنا الذي عانيت طويلًا من تلك اللعنات.. ومن حقي أيضًا أن أسألك: ماذا سيستفيد قارئ روايتك من سيرة رجل ارتدى شخصية امرأة ليهرب من عالم الذكورة بجفافه وتجهمه وخشونته إلى عالم الأنوثة برقته وعذوبته وجمالياته. فأنا لا زلت أصرّ أنني امرأة بهويتي الروحية والنفسية لا هويتي الجسدية، وليذهب مرزوق الداشر الذي طلق زوجته بعد افتضاح أمري إلى الجحيم، فليس بيني وبين زوجته ما يبرّر فعله، فلقد كانت المسكينة كغيرها من النساء تجهل سري الذي أخفيته عن الجميع حتى عن الساحر ثمودا.

    الحقيقة إنني استمتعت كثيراً بهذه الرواية التي غاصت بي في أعماق تاريخ جدة ومجتمعها وأضافت إليَّ بعد عن فن الرواية المحلية، فوجدت نفسي منساقًا للكتابة عنها كلمسة وفاء لصاحبها، فقد كان ممن لهم الفضل بعد الله على مسيرتي الإعلامية والأدبية حيث جمعتني الصدفة به في مكتبه بمجلة سيدتي بجدة عام 1996م حينما كنت أقوم بحملة إعلامية للتعريف بقضيتي مع فقدان البصر والعمل، فتحدثنا سويُا لفترة مطولة تعارفنا فيها وتعاطف معي وقدم لي التوجيه والإرشاد فيما يجب عمله للتوعية بقضيتي، وفاجئني لاحقاً بزيارتي في المنزل مع فريق برنامجه الذي كان يعده لقناة ART ((من السعودية مع التحية)) من إعداد الأستاذ محمد صادق دياب وسجلوا لي حوار مع الإعلامي المخضرم عدنان صعيدي، حاورني فيه عن تجربتي مع إعادة التأهيل في الولايات المتحدة الامريكية والتعريج على عملي في الخطوط السعودية وابتكاري لوجبة الراكب الكفيف قبل احالتي للتقاعد المبكر وبدئي لمشروع تأليف كتاب عن «الأديب طاهر زمخشري» لتعريف النشء الجديد به. وعلى إثر الحوار الذي دار بيننا قبل التسجيل فوجئت أنهما قدماني في الحلقة على أساس أنني كاتب ومؤلف وحينها لم أكن قد كتبت حتى سطرًا واحدًا، وكانت تلك أول إطلالة تلفزيونية لي عقدت العزم بعدها بأن أصبح مؤلفًا حتى لا يكون ذلك بمثابة “بكش إعلامي”. وتوالت لقاءاتي به بين الفينة والأخرى خلال زياراتي لمكاتب الشركة السعودية للأبحاث والتسويق (المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق). ورتب لي حوارات مع مجلة سيدتي بعد انطلاق مشروع مركز إبصار بمستشفيات مغربي.

    فرحم الله الأديب وأسكنه فسيح جناته ونفع بأدبه البلاد والعباد.

    رابط المقال على صحيفة غرب الإخبارية

    Share
  • كي لا يكون التجار الرابح الأكبر

    كي لا يكون التجار الرابح الأكبر
    Share

    نشر هذا المقال على صحيفة غرب الإخبارية 2021/05/12

    مع نهاية الشهر الكريم أسدل الستار على سلسلة “كلام رمضان” لهذا العام. بالدعاء بأن يتقبل الله من الجميع الصيام والقيام. وأن يعيده علينا وعلى الأمة الإسلامية بالخير واليمن والبركات. وأبارك للجميع قدوم عيد الفطر المبارك. الذي يأتي هذا العام بحمد الله في ظروف أفضل من العام الماضي. الذي ساده الإغلاق العام بسبب جائحة كورونا التي لا تزال تفتك ببعض مجتمعات دول العالم. إذ أصابت حتى الآن 160,240,807 شخص في 220 بلد وإقليم حول العالم. أعلاهم أمريكا بـ 33,543,979 توفي منهم 596,874. الهند 23,340,456 توفي 254,225. البرازيل 15,282,705 توفي 425,540. فرنسا 5,800,170 توفي 106,935. تركيا 5,059,433 توفي 43,589. روسيا 4,896,842 توفي 113,976. واحتلت المملكة العربية السعودية المرتبة 43 بتسجيل 428,369 حالة توفي منهم 7,098 شخص. وابتهل إلى الله بالدعاء في هذه الليلة المباركة بأن يشفي جميع المصابين من هذا الداء ويجيرهم من شر الأسقام.

    وما يدعو للتفاؤل والأمل بالتخلص من هذه الجائحة هو توسع إعطاء اللقاحات على مستوى العالم. والتوصل إلى عقاقير علاجية ضد الفيروس وفق ما نشرته بعض وسائل الإعلام العالمية عن إنتاج شركة فايزر عقار علاجي جديد. وتوصل علماء بريطانيين لعقار قادر على قتل الفيروس في الجسم والقضاء عليه كليا. وهما يخضعان حالياً للتجارب السريرية ويتوقع أن يبدأ استخدامها نهاية العام بعد الحصول على موافقة هيئات الغذاء والدواء.


    ومما لا شك فيه. أن الجائحة تسببت في الكثير من الآثار الصحية والاجتماعية والاقتصادية. والتي منها ارتفاع نسبة الفقر والبطالة في المجتمعات. فقد توقع البنك الدولي في تقريره (الآفاق الاقتصادية العالمية يونيو/حزيران 2020م). أن ملايين من الناس سيقعون في براثن الفقر المدقع. بسبب انخفاض متوسط نصيب الفرد من الدخل بنسبة 3.6%، جراء الجائحة. على أساس خط الفقر الدولي (1.90 دولار) للفرد في اليوم.

    وفي مقال لاحق. نشر في (01/05/2021م) على موقع البنك بعنوان “تعاف ضعيف وأضرار يتعين إزالتها”. توقع الخبراء “أنه على صعيد البلدان ذات الدخل المنخفض أن يسجل النمو الاقتصادي نمواً بنسبة 3.3% في عام 2021. في أعقاب انكماش للنشاط بنسبة 0.9% في العام الماضي. وعلى الرغم من تجدد النمو، فسيكون أدنى كثيراً من وتيرة ما قبل الجائحة. وفضلاً عن ذلك، من المتوقع أن يكون نصيب الفرد من الدخل أقل في أكثر تلك البلدان. وهو ما يعد مؤشراً على مدى الانتكاسة التي ضربت جهود الحد من الفقر من جراء الجائحة. كما أن العوائق اللوجستية أمام توزيع اللقاحات التي قد تؤخر عملية التحصين لمدة تصل إلى عام. مقارنة بالاقتصادات المتقدمة، من المرجح أن تشكل عائقاً كبيراً أمام النشاط”.

    والعالم العربي والإسلامي ليس بعيداً عن تلك التوقعات. والأوضاع التي تتزامن مع الشهر الكريم الذي من أهم مظاهره وشعائره البر والإحسان، والصدقات، وزكاة الفطر. فضلاً عن أن أعداد من المسلمين يفضلون إخراج زكاة أموالهم فيه. ولعلها فرصة مواتية لمكافحة الجوع والفقر ومساعد وإغاثة المتضررين من جائحة كورونا. بالاستفادة من تلك الشعائر خصوصاً زكاة الفطر. التي شرعت من أجل إغناء الفقير عن السؤال يوم العيد وطعمة له، وطهرةٌ للصائم من اللغو والرفث. وهي واجبة على كل مسلم ومن يعوله.
    وأرى أن يخرجها الناس مال بدلاً من القوت (قمح، شعير، رز، تمر). في ظل ظروف الجائحة أخذاً بالآراء الفقهية التي تجيز إخراجها نقداً من باب فقه المقاصد. وهكذا نكون قد استفدنا منها للحد من الجوع والفقر وتسريع التعافي الاقتصادي من الجائحة.
    وكذلك لكيلا يكون تجار التجزئة هم الرابح الأكبر من زكاة الفطر. خصوصاً لو علمنا أن قيمتها على مستوى العالم الإسلامي قد تصل إلى نحو 10 مليار و800 مليون دولار. على افتراض أن القيمة التقديرية لها 6 دولار للفرد، وعدد المسلمين في العالم مليار و800 مليون نسمة.

    فمن الملاحظ في العديد من المجتمعات قيام الناس بشراء القوت (قمح، شعير، رز، تمر) وإعطائه للمساكين المنتشرين في الطرقات. ولحاجتهم للنقد يقومون ببيعه على أصحاب المحلات بسعر أقل. فيعاود التجار بيع الزكاة مرة أخرى على الآخرين بسعرها الأساسي وبالتالي يكونون هم الرابح الأكبر.

    ولابد من التذكير، بأن الإنفاق في سبيل الله لا يقتصر على رمضان فقط، بل طيلة العام. وأولاه القرآن الكريم أهمية عالية. فقد ورد في 54 آية وهو عدد يفوق كل الآيات التي جاء فيها ذكر الصلاة والزكاة والصوم والحج. فالمعوزين ومستحقي الزكاة موجودين طوال العام. وقد يتضاعفون في أوقات الكوارث والأزمات كجائحة كورونا.

    وفي هذا السياق أعيد ما أوردته في مقالي «الأضاحي فرصة للتعافي الاقتصادي من جائحة كورنا». نقلاً عن العالم الأزهري الشيخ حسين شعبان وهدان. الذي توفي بسبب إصابته بفيروس كورونا العام الماضي “ومن الناس من دَقَّ الفقر عُنَقَهُ وافترسه بأنيابه وفوَّتَ عليه جمال الحياة. فهو يحتاج إلى من يُغيثُهُ بمطعمٍ أو ملبسٍ أو نفقةٍ تُعِينُهُ على مَسْغَبَتِهِ. ومن الفقراء أقوام جَلَّلَهم الدَّيْنُ بقَتَارِ الهَمِّ والانكسار والذل. فهم أحوج الناس إلى صنع المعروف من أصحاب الديون أو ممن يَرِقُّونَ لبلواهم ويغيثونهم من الأغنياء وأهل النشب”.

    رابط المقال على صحيفة غرب الإخبارية

    Share
  • وفاة فنان رمضان «حسن دردير» في رمضان

    وفاة فنان رمضان «حسن دردير» في رمضان
    Share

    نشر هذا المقال على صحيفة غرب الإخبارية في 2021/05/01م

    كان من المفترض أن أتناول في هذا الأسبوع الحديث عن ذكرى غزوة بدر الكبرى وغياب دور الفنانين والإبداع الفني عنها ضمن أعمالهم الرمضانية استكمالاً لما تطرقت إليه في رمضان الماضي عن هذا الموضوع في مقالي «كلام رمضان: الأحداث التاريخية وبرامج التلفزيون الرمضانية» خصوصاً وأنه أصبح من المعتاد ملئ الشاشات في رمضان بكم هائل من البرامج والمسلسلات التلفزيونية المليئة بالتُرهات والإسقاطات الفنية المثيرة للجدل والمعززة للتباعد الأسري لاختلاف الأذواق التلفزيونية بين أفراد الأسرة، والبعيدة عن الأهداف التربوية والتوجيهية التي انطلقت بها هياكل تلفزيوناتنا العربية.


    ولكن فاجعة الأسرة الفنية بوفاة أحد أبرز رموزها الفنان القدير حسن دردير المعروف بـ «مشقاص» الذي وافته المنية صباح يوم الخميس 17 رمضان 1442هـ – 29 ابريل 2021م بجدة بعد معاناة مع المرض، جعلتني أغير الموضوع للحديث عنه في زاويتي «كلام رمضان» سيما وأنه يستحق أن يلقب بـ «فنان رمضان» فهو من أوائل الفنانين الذين اختصوا منذ مرحلة مبكرة بتقديم «فوازير رمضان» وإثراء الإذاعة والتلفزيون بأعمال فنية رمضانية هادفة وبناءة للصغار والكبار كان أولها «فوازير رمضان السمسمية» التي أعدها الأديب الراحل طاهر زمخشري وقدمها مع فنان العرب محمد عبده في العام 1385هـ/1965م وأتبعها بالكثير من الأعمال الرمضانية على مدى السنين مع رفيق دربه الفني لطفي زيني رحمه الله المعروف بـ «تحفة».

    ولعلي من المحظوظين الذين شاءت الظروف أن يرتبط جانب من ذاكرة طفولتي به بحكم ارتباطه بعلاقة فنية وأبوية مع جدي الأديب طاهر زمخشري قال عنها «دردير» رحمه الله “علاقتنا اسرية وبيقول لأمي يا ماما وانا أقوله يا بابا!…، يا سلام ياما اجتمعنا بلبنان أحلى الأيام وفي السعودية كمان. في عكاظ (الجريدة) عشنا معا ً أصدق وامتع الأيام واللحظات. لي معاه ذكريات حلوة كثيرة على راي العم جميل محمود وأهل الصبر! أول الذكريات فاكرها عن الثلاثي عباس غزاوي وبابا طاهر وأنا (محسوبكم حسن دردير) التقينا في بداية برنامج ( دنيا) أيام ما كانت الدنيا دنيا، أيام ما كانت الإذاعة مديرية وقبل ما تصير وزارة عام 79هـ على ما اظن لوما خانتني الذاكرة. كان برنامج (دنيا) اجتماعي تمثيلي بيحل المشاكل”.

    وكنت قد عرضت لذكريات لقاءاتي به ضمن الجزء الثاني من مؤلفي «رحلتي عبر السنين» “أتاح لي بابا طاهر فرصة مصاحبته إلى سوق البلد بين الفينة والأخرى، والالتقاء بأصدقائه من الفنانين، فكنا نتوقف في معرض «الوردة الحمراء» للملبوسات لصاحبه الفنان عمر الطيب، فيجلس معه ويتبادل الحديث حول الفنون وأعماله الفنية، ثم نذهب إلى «استريو النغم الحائر» المجاور لـ«استريو عش البلبل» لصاحبه الفنان الراحل لطفي زيني، حيث كان يتجمع عدد من الفنانين في حلقة حول بابا طاهر أمام الاستريو بحضور الفنان لطفي زيني وعازف الناي ثواب عبيد، والفنان مشقاص، وبعض الأحيان الفنان طلال مداح، وكنت أستمع إليهم وهم يتبادلون الحديث والنقاش حول أعمالهم الفنية والأدبية بصفة خاصة، والفنون بصفة عامة، فكانت تلك الأحاديث سببًا لحبي أولئك الفنانين، وميلي نحو أعمالهم الفنية…، كما شكل وجودنا في مدينة سوسة بتونس فرصة للالتقاء بعدد من الفنانين الذين عرفتهم من التلفزيون، وذلك حينما دعانا صديق بابا طاهر الفنان الكوميدي التونسي محمد علي الشهير بـ«سي الحطاب» لحفل عشاء في منزله حضره الفنان السعودي لطفي زيني الشهير بـ«تحفة»، وزميله حسن دردير الشهير بـ«مشقاص»، والفنانة التونسية زهيرة سالم، وبعض لاعبي كرة القدم بفريق النجم الساحلي. كان لقاؤنا المباشر بهؤلاء المشاهير عن قرب أنا وأخي نجاتي شيئًا كبيرًا وتجربة مثيرة استمتعنا بها طوال الوقت ونحن نستمع إلى أحاديثهم الاجتماعية والفنية. وشد انتباهي كثيرًا نقاشهم واستذكارهم المواقف الطريفة خلال عملهم في مسلسل «في فندق المفاجآت» الذي كان أول مسلسل تلفزيوني سعودي – تونسي مشترك سلط الضوء على الفوارق بين العادات والتقاليد في تونس والسعودية بصورة كوميدية. كذلك خطوة نقل الفنان لطفي زيني استديوهات «زيني فيلم» إلى سوسة. تناولنا طعام العشاء، وغادرنا منزل الفنان «سي الحطاب» بعد أن قضينا أمسية اجتماعية وفنية رائعة”.

    الفنان حسن دردير والفان محمد حمزة رحمهما الله
    حفل جمعية إبصار الختامي لحملة دعم تأهيل 15000معاق بصرياً وبرنامج بناء الأمل الصيفي للأطفال «27/08/1431 – 08/08/2010م»

    وفي العام 1985م التقيت به بفندق الماريوت بالرياض حينما جاء مهنئاً لبابا طاهر على نيله جائزة الدولة التقديرية للأدب وكان كعادته ملفتًا بأناقته التي اشتهر بها عند الجميع بلبسه للثوب، والسديري والعمامة الحجازية ومسبحته. وإبان عملي في جمعية إبصار دعوته لحضور الحفل الختامي لحملة دعم تأهيل 15000معاق بصرياً وبرنامج بناء الأمل الصيفي للأطفال «27/08/1431 – 08/08/2010م» لعلمي بمدى تعلقه بالأطفال، ولبى الدعوة وشارك الأطفال حفلهم رغم ظروفه الصحية آنذاك، وحال مرضه دون استمراريته في حضور فعاليات الجمعية التي نظمناها للأطفال، فغفر الله له وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

    الفنان حسن دردير رحمه الله وعلى يساره معالي الدكتور أحمد محمد علي رئيس مجلس إدارة جمعية إبصار سابقاً – حفل جمعية إبصار الختامي لحملة دعم تأهيل 15000معاق بصرياً وبرنامج بناء الأمل الصيفي للأطفال «27/08/1431 – 08/08/2010م»
    الفنان حسن دردير رحمه الله في حوار مع الأطفال – حفل جمعية إبصار الختامي لحملة دعم تأهيل 15000معاق بصرياً وبرنامج بناء الأمل الصيفي للأطفال «27/08/1431 – 08/08/2010م»

    الجدير بالذكر أن الفنان الراحل حسن دردير «مشقاص» من مواليد المدينة المنورة في 15 نوفمبر 1938م، بد ممارسة هوايته الفنية في العام 1947م على المسرح المدرسي، انتقل إلى جدة لاستكمال تعليمه في الثانوية الصناعية وبعد انتهائه من الدراسة عمل بوظيفة في الجمارك، دخل الإذاعة بدعوة من الفنان خالد زارع رحمه الله عام 1960م الذي لاحظ موهبته الفنية وقدم أول عمل له على مسرح الإذاعة منلوج (العازب). ثم «إسكتش عزومة لرحيمي» عام 1962م، وفي العام 1963م قدم تمثيلية خاصة بالأطفال بعنوان «مدينة الأقزام» تأليف الأديب الراحل عزيز ضياء. وفي العام 1965م قدم فوازير رمضان السمسمية مع محمد عبده، ومثل العام 1967م نقطة تحول بانطلاقته بشخصية «مشقاص» في مسلسل «مشقاص خدمات عامة» مع رفيق دربه لطفي زيني. ومن أبرز أعماله التي اشتهرت عربياً «تحفة ومشقاص في كفر البلاص بالاشتراك مع الفنان محمود المليجي والفنانة عفاف شعيب، الأصيل، في فندق المفاجئات مع الفنان التونسي محمد علي الشهير بـ«سي الحطاب»، عمارة العجائب في تونس، أغاني في بحر الأماني مع الفنان محمد عبده، العيادة، وفلم تأنيب الضمير». كما شارك مع رفيقه لطفي زيني والموسيقار عمر كدرس وجميل محمود الفنانة هيام يونس في أغنيتها “جيب الجول على الرايق” كلمات وألحان طاهر زمخشري.

    رابط المقال على صحيفة غرب الإخبارية

    Share
  • العاشر من رمضان في ذاكرتي

    العاشر من رمضان في ذاكرتي
    Share

    نشر هذا المقال على صحيفة غرب الإخبارية في 2021/04/23م

    يمثل العاشر من رمضان ذكرى هامة في ذاكرة الأمة الإسلامية والعربية ففيه خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة على رأس جيش المسلمين لفتح مكة في السنة العاشرة للهجرة، وفيه انتصر الجيش الأيوبي على الفرنجة في معركة المنصورة عام 648هـ -1250م، وفي عصرنا الحديث انتصر الجيش المصري على الجيش الإسرائيلي في حرب العاشر من رمضان 1393 – أكتوبر 1973م.

    وعلى النطاق الاجتماعي والإنساني فإنه يمثل ذكرى هامة لخدمات المكفوفين في عالمنا العربي فكنت قد لفت الانتباه في مقالي السابق (كلام رمضان: كلو واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) https://garbnews.net/articles/s/4980 إلى التعامل مع المكفوفين من حيث إعطائهم الأولوية في الرعاية والاهتمام وإعلاء شأنهم ومكانتهم في المجتمع.

    ففي 10 رمضان 1413هـ – 02 مارس 1993م نشرت صحيفة عكاظ في عددها 9714 نقلاً عن وكالة الأنباء السعودية «واس»: «الخطوط السعودية تحصل على جائزة عالمية في مؤتمر الأفكا» إذ حقَّقت الخطوط الجوية العربية السعودية آنذاك إنجازًا عالميًّا جديدًا في مجال التموين بحصولها على جائزة الشرف العالمية الكبرى «ميركوري» في مؤتمر الاتحاد الدولي لتموين الطائرات «إفكاIFCA » في أمستردام بهولندا (17-19 فبراير 1993م). حيث تقدَّمت بوجبة المكفوفين من المُسافرين التي قامت السعودية بإعدادها وتوفيرها على شبكة رحلاتها منذ نهاية عام 1992م بعد أن قامت جهازها المركزي للطعام والتجهيز بتنسيق خطوات تنفيذ هذه الخدمة مع المنظمات المحلية والعالمية بالمملكة في مجال رعاية فئات من المُسافرين بما يتناسب ودرجة الإعاقة لكل منهم. وكان رئيس هيئة التحكيم السير جونز هنسل قد قال: “فوز السعودية بجائزة «ميركوري» فوز التفوق والابتكار الفريد في نوعه، فهو لا يخدم فئات المكفوفين من المُسافرين فحسب، بل المُسافرين من هذه الفئات عالميًّا، حيث يُوجد أكثر من 60 مليون مُسافر من المكفوفين في العالم يحتاجون لهذه الخدمة، وإن إبداع السعودية في ابتكار هذه الخدمة لا ينقل مهام «إفكاIFCA» من مجرد تقديم وجبات طعام على رحلات شركات الطَّيران فقط، بل يُضاعف نطاق المسؤولية الاجتماعية للمنظمة تجاه هذه الفئات من المُسافرين”.

    وأوضح مساعد المدير العام للتموين والمنسق التنفيذي لتموين السعودية آنذاك الأستاذ علي محرق أن خدمة الكفيف ورعايته يحثُّنا عليها ديننا الحنيف، ثم تراثنا الإسلامي وعاداتنا وتقاليدنا العربية الأصلية.

    وفي 10 رمضان 1424هـ – 04 نوفمبر 2003م أعلن عن تأسيس أول جمعية عربية سعودية لخدمات الإعاقة البصرية وإعادة التأهيل «جمعية إبصار الخيرية» برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز رحمه الله «رئيس برنامج الخليج العربي للتنمية – أجفند» آنذاك، ومن حينها باشرت تقديم خدمات رائدة ومبتكرة محليًا وإقليميًا لذوي الإعاقة البصرية من المكفوفين وضعاف البصر بجميع فئاتهم العمرية والمتخصصين في المجال من أطباء العيون وأخصائيي البصريات والتربية الخاصة وإعادة والتأهيل.

    حتى أن مجموعة البنك الإسلامي للتنمية التي ساهمت في دعم الجمعية قالت بعثتها للتقييم اللاحق للمشروع في تقريرها الصادر في ذو الحجة 1428هـ – ديسمبر 2007م «أن مركز إبصار نجح في أن يرقى الى مستوى مركز إحالة لمعظم مستشفيات وعيادات العيون التخصصية في جدة، والجهات الإقليمية الأخرى في مجال ضعف البصر وإعادة التأهيل». واختارتها الوكالة الدولية لمكافحة العمى المنبثقة من منظمة الصحة العالمية في عامي 2008، 2011م انموذج يقتدى به في خدمات ضعف البصر وإعادة التأهيل في منطقة شرق الأبيض المتوسط.
    والواقع إن كلتا المناسبتين عزيزة على نفسي وقد ربطتني بهما تجربتي الشخصية مع فقدان البصر فالأولى عندما ألهمت بتوظيف خبرتي العملية في مجال خدمة عرض الطعام وإصابتي بإعاقة بصرية بأن أقدم فكرة مشروع كحل متكامل لسفر ذوي الإعاقة البصرية من وإلى المطار مروراً بالطائرات سميت «وجبة الراكب الكفيف» وحالت ظروف إحالتي إلى التقاعد المبكر من عملي بالخطوط السعودية في 15/10/1992م دون تنميتها وتطويرها.

    والمناسبة الثانية هي تقديم فكرة «جمعية إبصار للتأهيل وخدمة الإعاقة البصري» وإدارتها لمدة 13عام حتى استقالتي منها في 1437/02/24هـ لرغبتي في الاستمرار في خدمة الجمعية عبر المشاركة في مجلس إدارتها، واتاحة الفرصة لإدارة جديدة تستكمل مسيرة الجمعية للعقدين القادمين لضمان استمرارية تناميها وتطورها. ومن حينها لم يحالف الحظ أي منا لتحقيق ذلك فقد أتى العاشر من رمضان هذا العام وخدمات ذوي الإعاقة البصرية تشهد تراجعاً اقيسه من واقع تجربة شخصية مررت بها مؤخراً.

    فقد انكسرت عصاتي البيضاء التي تعتبر بمثابة النظارة الطبية لضعيف النظر فبها استشعر طريقي واستكشف معالمه للوقاية من الاصطدام في أي عوائق خلال تنقلاتي اليومية.. فسارعت لإيجاد عصا بديلة بأسرع وأيسر وسيلة بالتواصل مع جمعية إبصار على حسابهم في توتير، فأجابوا بلطف بعدم توفرها لظروف الجمعية الراهنة وأنهم بحثوا لي عنها في محالات الأجهزة التعويضية ولم يجدوها، وفي ذات الوقت لم أجد أي تفاعل من أي من الجهات المعنية بخدمات الإعاقة البصرية المتابعة لحسابي على تويتر.

    فبحثت في أحد فروع المتاجر الإلكترونية العالمية في السعودية ووجدتها بمبلغ 306 ريال ولعلمي بسعرها الفعلي توجهت إلى موقعهم العالمي فوجدتها بسعر 167ريال شاملة الشحن السريع، فاشتريتها ووصلتني خلال 8 أيام مغلفه بتغليف جيد مضاد لأي من المؤثرات كالأتربة، والغبار والمياه والرطوبة.. الخ، واستأنفت استخدامها في تنقلاتي اليومية.

    والحقيقة إن توفير المنتجات اللازمة لذوي الإعاقة البصرية مشكلة أدركتها إبان إدارتي لجمعية إبصار وقدمت حلاً لها بإنشاء فكرة شركة تجارية «شركة نور للخدمات البصرية الطبية» منبثقة من الجمعية لم يكتب لها الاستمرارية لمجموعة من العوائق الإدارية والفنية آنذاك واستمرت مشكلة عدم توفر المنتجات البصرية ومستلزمات الحياة اليومية لذوي الإعاقة البصرية بصورة ميسرة وأسعار تنافسية حتى يومنا هذا لمجموعة من الأسباب لست بصدد الخوض فيها الآن. ولكن كل ما أوده قوله هو أن أذكر المعنيين والمهتمين بخدمات الإعاقة البصرية والمسئوليات الاجتماعية في قطاع الأعمال بأن الإعاقة البصرية قد اندرجت ضمن أولويات ديننا الحنيف فسورة عبس قد نزلت في السنوات الأولى من البعثة قبل الكثير من آيات العبادات الأخرى بما فيها صيام رمضان وأن تشجيع المكفوفين على التعلم والتدرب على استخدام حواسهم التعويضية والتحفيز المعنوي توجيه نبوي لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه في صحيح مسلم قالَ: “أَتَى النبيَّ ﷺ رَجُلٌ أَعْمَى، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّه ليسَ لي قَائِدٌ يَقُودُنِي إلى المَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ له، فيُصَلِّيَ في بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ له، فَلَمَّا وَلَّى، دَعَاهُ، فَقالَ: هلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بالصَّلَاةِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فأجِبْ”.
    وحديث أَنسٍ مالك رضي الله عنه في صحيح البخاري قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ يقولُ: إنَّ اللَّه قَالَ: «إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبدِي بحبيبتَيْهِ فَصبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجنَّةَ» يُريدُ عينيْه”.

    رابط القال على صحيفة غرب الإخبارية

    Share
  • كلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم

    كلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم
    Share

    نشر هذا المقال على صحيفة غرب الإخبارية في 2021/04/20

    كما جرت العادة بأن أطل على قرائنا الأعزاء في مثل هذا الوقت من كل عام بمواضيع مرتبطة بشهر رمضان المبارك تاريخياً أو اجتماعياً عبر هذه النافذة «كلام رمضان» فابدأ هذا العام بالتهنئة بالشهر الكريم والدعاء بأن يتقبل الله من الجميع صالح الأعمال، وأن يعيده علينا وعلى الأمة الإسلامية بالخير واليُمن والبركات.
    وحيث أن أولى متطلبات إحياء هذا الشهر الكريم هو الصيام الذي يبدأ بالإمساك عن الأكل والشرب فقد ورد في الحديث الشريف عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنَّ بلَالًا يُؤَذِّنُ بلَيْلٍ، فَكُلُوا واشْرَبُوا حتَّى يُنَادِيَ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، ثُمَّ قالَ: وكانَ رَجُلًا أعْمَى، لا يُنَادِي حتَّى يُقالَ له: أصْبَحْتَ أصْبَحْتَ». رواه البخاري.
    فمن هو هذا الرجل الأعمى الذي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الناس بالإمساك لأذانه؟ وما الحكمة من تفضيله بأذان الفجر على بلال بن رباح المبصر؟
    إنه الصحابي الجليل عبد الله أو عمرو بن أم مكتوم القرشي العامري وابن خال أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. وأمه عاتكة بنت عبد الله المخزومية.
    عرف بأنه ضرير (أعمى)، ولم يعقه ذلك من أن يكون أحد السابقين للإسلام ومن أول المهاجرين إلى المدينة بعد مصعب بن عمير ومن علماء الصحابة وحفاظ القرآن الكريم ومعلميه، كما عرف بكرم خُلقه ورأيه السديد وعذوبة وجمال صوته مّا دفع النبي صلى الله عليه وسلم بجعله مؤذنًا للصلاة مع بلال بن رباح، فإذا أذن بلال اقام الصلاة ابن ام مكتوم والعكس. واستخلفه الرسول صلى الله عليه وسلم على المدينة المنورة عدة مرات في غزواته وفي حجة الوداع، ولقب بشهيد القادسية فقد قال «أقيموني بين الصفين وحملوني اللواء أحمله لكم وأحفظه، فأنا أعمى لا أستطيع الفرار» وبالفعل حملوه الراية في تلك المعركة التي كانت بين جيش المسلمين بقيادة سعد بن أبي وقاص وجيش الفرس في 13 شعبان 15هـ واستشهد فيها.
    وعلاوة على ذلك تكريمه بإنزال ووحي فيه 3 مرات أولها حينما عاتب الله نبيه الكريم بشأنه في قوله تعالى «عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ (1) أَن جَاءَهُ الْأَعْمَىٰ (2) حتى قوله تعالى (كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11)» فقد روي بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان منشغلاً بدعوة صناديد قريش (عُتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب) لدخول الإسلام أو كف أذاهم عن أصحابه فتتبعهم قريش في ذلك، فأقبل إليه عبد الله بن أم مكتوم وأخذ يقول له علمني مما علَّمك الله، فلما أكثر عبد الله عليه انصرف عنه النبي صلى الله عليه وسلم عابسًا فنزلت آيات سورة عبس، وعلى اثر ذلك العتاب حرص النبي على إكرام ابن أم مكتوم وكان صلى الله عليه وسلم يفرش له ردائه ويقول له “مرحبًا بمن عاتبني فيه ربي”.
    والثانية حينما رُخص له القعود عن القتال مع الرسول صلى الله عليه وسلم ونيل أجر المجاهدين فقد روي عن ثابت بن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: نزلت (لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ)، فقال عبد الله بن أم مكتوم: أي ربي أنزل عذري، أنزل عذري، فأنزل الله: (غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ)، فجعلت بينهما.
    وفي رواية أخرى عن زيد بن ثابت قال: كنت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فغشيته السكينة فوقعت فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي فما وجدت ثقل شيء أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سري عنه: فقال: اكتب، فكتبت في كتف: «لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ) إلى آخر الآية، فقال ابن أم مكتوم – وكان رجلا أعمى – لما سمع فضل المجاهدين: يا رسول الله فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين فلما قضى كلامه غشيت رسول الله صلى الله عليه وسلم السكينة فوقعت فخذه على فخذي فوجدت ثقلها في المرة الثانية كما وجدت في المرة الأولى ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ يا زيد، فقرأت: {لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اكتب {غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ} الآية، قال زيد: أنزلها الله وحدها فألحقتها، والذي نفسي بيده لكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع في كتف.
    والثالثة حينما شكا ابن أم مكتوم للنبي صلى الله عليه فقده للبصر قائلاً: يا رسول الله تعلم أنني اعمى وقد رضيت بذلك في الدنيا فهل سأكون أعمى يوم القيامة ولا أرى ربي؟ وأخذ في البكاء الشديد حتى رق له رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل الوحي بقوله تعالى «أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ» الحج (46) وبشره صلى الله عليه وسلم بقوله: ستكون أول الناظرين الى الله يوم القيامة. وقال قتادة، وابن جبير: نزلت هذه الآية في ابن أم مكتوم الأعمى. قال ابن عباس، ومقاتل: لما نزل ومن كان في هذه أعمى قال ابن أم مكتوم: يا رسول الله، فأنا في الدنيا أعمى أفاكون في الآخرة أعمى؟ فنزلت فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
    تلك لمحة سريعة عن سيرة ذلك الصحابي الكفيف الذي خصه الرسول صلى الله عليه وسلم بالإيذان للناس بالإمساك للصوم عن غيره لمكانته وعلو شأنه وبصيرته، ونستخلص منها الكثير من الدروس والعبر التي حري بنا أن نستفيد منها ونطبقها في حياتنا اليومية خصوصاً فيما يتعلق بالتعامل مع المكفوفين من حيث إعطائهم الأولوية في الرعاية والاهتمام وإعلاء شأنهم ومكانتهم في المجتمع، وإتاحة الفرصة لهم للقيام بما يستطيعون القيام به وليس بما يفرضه المجتمع عليهم. وحثهم على السعي لطلب العلم، ووضع التشريعات التي تضمن حقوقهم ومساواتهم في المجتمع فقد عاتب الله رسوله الكريم في العبوس في وجه ابن مكتوم الأعمى فما بالك اليوم بمن يظلم كفيف أو يهضم حقوقه أو يسيء معاملته أو يتكبر عليه أو ينظر له بانتقاص.
    وبالعودة إلى كلامي عن رمضان فأنه يستحب أن يكون هناك أذانين للفجر أولهما لإيقاظ النائمين للسحور أو صلاة الوتر، والثاني للإمساك ودخول وقت صلاة الفجر، والتمييز بين الآذانين بصوت مؤذنين مختلفين، وإعطاء الأولوية للأذان للمكفوفين من أهل العلم والأصوات العذبة.
    وتوجيه الأئمة والدعاة لتبيان الرخص التي منحها الله للمكفوفين وعامة المعاقين وأنهم مأجورين دون أن يتكبدوا المشقة والتعب كما جاء في قوله تعالى (لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) النساء:95 والحديث الذي روي في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه – قال: «أتى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رجل أعمى فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن يُرخِّص له فيُصلِّي في بيته، فرخَّص له، فلمَّا ولَّى دعاه، فقال له: هل تسمع النِّداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب».

    رابط المقال على صحيفة غرب الإخبارية

    Share
  • بطل رياضي علينا أن نعرفه وندعمه

    بطل رياضي علينا أن نعرفه وندعمه
    Share

    على هامش ملتقى الاتحاد الدولي للمنجزين العرب والأفارقة الذي نظم في مصر بالقاهرة من 5-09 ديسمبر 2019 التقيت مصادفة بالطالب «أسامة مسرحي» ووالده خلال تكريمه بجائزة أوسكار الإبداع العربي لعام 2019م من الاتحاد الدولي للمنجزين العرب والأفارقة، فهنأته على ذلك وفوجئت بأنه عداء سعودي وبطل عالمي في الألعاب البارالمبية لمسافة 100 و200 و400 متر، والرابع على مستوى آسيا، تصنيف T13 «إعاقة بصرية».

    فاستوقفني ذلك، وتساءلت كيف لم أعرفه من قبل رغم نشاطي في مجال خدمات الإعاقة البصرية وإعادة التأهيل لأكثر من 15 عام، ووجودي في الساحة الإعلامية لأكثر من عام!؟، وهل هذا قصور مني أم من الإعلام الرياضي والمؤسسات المعنية بذوي الإعاقة البصرية!؟

    وعلى أي حال رأيت أنه من واجبي الآن أن أعرفه به عامة المجتمع حيث أنه بطل رياضي حقق إنجازات وطنية تستحق منا الإشادة والتقدير.

    إنه المبدع أسامة خالد محمد مسرحي من مواليد مدينة الرياض في 14/03/1424هـ، الرابع بين اخوته الستة، من سكان مدينة جدة حالياً، يدرس في الصف الثاني ثانوي بمدارس الشبل الأهلية، مصاب بضعف بصر شديد نتيجة القرنية المخروطية، يتابع لدى مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون، ومن المحتمل أن تجرى له عملية جراحية لتصحيح النظر بعد بلوغه سن العشرين.

    بدء مسيرته الرياضية كلاعب تايكواندو وحصل على عدد من الأحزمة والميداليات ووصل إلى تمثيل المنتخب، ولكن بنصيحه من الأطباء للخوف عليه من تضخم الإصابة في العين تم تحويل ميوله إلى لعبه السباحة، وكانت باكورة إنجازاته حصوله على الميدالية الذهبية في السباحة والجري والوثب الطويل في بطوله الخليج للمراكز الخاصة بـ عُمان في العام 2017م، وعلى مدى الأربع سنوات حقق بطولة المملكة في ألعاب القوى لذوي الإعاقة في مسافة ١٠٠و٢٠٠ و٤٠٠ متر عدو، والرابع أسيوياً من بين ٨٥٠ لاعب في بطوله آسيا بدبي عام 2017م،

    والثاني على مستوى العالم في سباق ١٠٠ و٢٠٠ متر عدو في بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الإعاقة بسويسرا في عام ٢٠١٩م، والميدالية الذهبية في السباحة لمسافة 25 و50متر، بالإضافة إلى تحقيق الميدالية الذهبية مع نادي جده لذوي الاحتياجات الخاصة في بطولة المملكة لكرة الهدف عام 2018م.

    ويطمح إلى إكمال دراسته وصولاً إلى شهادات جامعية عليا في التربية الرياضية وإنشاء نادي رياضي خاص بذوي الإعاقة.

    وبرأي والده أن التحديات والصعوبات التي تواجه طموحاته وأحلامه هي ضعف الوعي الاجتماعي المحيط به على سبيل المثال مضايقة بعض زملائه له أثناء اللعب بأخذ نظارته، وانعدام خدمات الإعاقة البصرية التي تمكنه من تجاوز الصعوبات التي يواجها خلال المذاكرة والتركيز لأكثر من عشر دقائق، وعدم توفر المواصلات للنقل للتدريبات، والدعم المادي والمعنوي.

    وقد وقفت شخصياً أمام بعض تلك التحديات والصعوبات ومنها اضطرار والده قطع مسافة من منزله في الحمدانية إلى ملعب جامعة الملك عبد العزيز ليمارس التمارين بمجهوده الذاتي، وتحمل أعباء وتكاليف مستلزماته واحتياجاته الرياضية من مدرب وملابس ورعاية طبية …إلخ. في ظل غياب أي مسئوليات اجتماعية توفر ذلك، مما قد يهدر هذه الموهبة الرياضية التي استطاعت رفع راية الوطن في العديد من المحافل الدولية بقليل من المجهود الذاتي وتوجيه وإرشاد من قبل كوادر مخلصة وهبت نفسها لذوي الإعاقة كـأمثال الكابتن سعيد الشمراني (مدرب ألعاب قوى لذوي الإعاقة)، د. نعيم المهدي (أمين عام نادي جدة لذوي الاحتياجات الخاصة، رئيس لجنة السباحة باللجنة البارالمبية السعودية)، الكابتن على الحارثي (مدرب نادي جدة لذوي الاحتياجات الخاصة)، الكابتن ناصر القحطاني (نائب رئيس اتحاد ألعاب القوى باللجنة البارالمبية السعودية)، فمكنوه من تحقيق تلك الإنجازات التي جلعت الاتحاد الدولي للمنجزين العرب والأفارقة يختاره من ضمن المنجزين العرب للعام 2019م.

    فأهيب بالمعنيين بدعم الأشخاص ذوي الإعاقة أن يدعموا مسيرة هذا البطل في تحقيق أحلامه وطموحاته وان يكون لأنديتنا الرياضية والجمعيات المعنية بذوي الإعاقة البصرية دور فاعل في ذلك خصوصاً جمعية إبصار بحكم تواجدها في مدينة جدة التي يسكن فيها أسامة،

    فدعم وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة واجب ديني ومسؤولية وطنية على الجميع واختم دردشتي هذه بـقول الشاعر السوري الكفيف نصر علي سعيد

    كمْ من ضَريرٍ مُبصرٍ مُتوهِّجٍ             يُعطِي ويُعطي، والمَدَى وهَّابُ

    وترى ألوف المبصرين بلا هدىً          لكأنـما فوق العيون حجابُ

    Share
  • الورد والأزاهير في شعر العصر العباسي كتاب جديد يكشف جماليات طال الصمت عنها

    الورد والأزاهير في شعر العصر العباسي كتاب جديد يكشف جماليات طال الصمت عنها
    Share

    نشر هذا المقال في صحيفة غرب الإخبارية بتاريخ 2021/03/31م

    صدر عن شركة سطور للنشر بجدة كتاب “الورد والأزاهير في شعر العصر العباسي: المعجم والدلالة مختارات السَري الرفاء في المحب والمحبوب والمشموم والمشروب أنموذجاً.

    لمؤلفته منى بنت صالح الحضيف، أستاذة الأدب والنقد بجامعة المعرفة بالرياض. وجاء الكتاب بتصميم أنيق وعصري جذاب، في 143صفحة من القطع المتوسطة. وهو يستهدف أهل النقد الأدبي، ومحبي الأزهار ومن يريد التعامل معها بثقافة وحضارة. فقد تناول الشعراء الذين اشتهروا بالقول في الأزاهير، وأنواع الأزاهير.

    بالإضافة إلى فصلين، تضمن الأول مبحثين تناولت معجم الصفات، الشكل، اللون، الرائحة. والسياقات الثقافية في الحب، المنادمة، الافراح والأعياد، الإهداء، الايمان والصراعات الفكرية.
    والثاني تضمن ثلاثة مباحث تناولت الدلالات النفسية، الاجتماعية، الحضارية.

    ويعد هذا الكتاب بمثابة دراسة أدبية ذو قيمة ثقافية وعمق رؤية حضارية لإثراء المكتبة العربية بجماليات طال الصمت عنها.

    وعن أهمية موضوع هذه الدراسة تقول الحضيف مؤلفة الكتاب: “أنه يستمد أهميته من أن الزهر هو أحد مظاهر الطبيعة التي لونت الأرض، وطبعت تأثيرها على نفسية الشعراء، الأمر الذي جعل ذكرها سائراً في شعرهم. فنجدهم يوظفونها في تشبيهاتهم، وتأملاتهم، ووصفهم

    فيقول أبو تمام:
    يا صاحِبيَّ تقصَّيا نظريكما تَريا وجوهَ الأرض كيف تَصَوَّرُ
    تريا نهاراً مُشمساً قد شابَهُ زهرُ الرّبا فكأنما هو مُقمِرُ

    إلا أن الدراسات التي تناولت هذا اللون من القول الشعري في الطبيعة لم تكن موازية لذلك القول الشعري الغزير. وإن دراسة الأزاهير في الشعر العباسي، تكشف وجوها متعددة من الأنساق الدلالية التي تولدها التقاليد الشعرية والعادات الظرفية مقارنة بالجوانب الفكرية والنفسية التي كانت تحيط بالشعراء، ولا تتبين للقارئ دون الوقوف على مدلولات العلامات اللغوية

    فهذا البحتري «المداح المجيد والوصاف المبدع.. جعل أكثر مدائحه مرتبطة بالطبيعة الغضة الباسمة» الذي قال:
    شقائقُ يَحملنَ النَّدى فكأنَّه دُمُوعُ التَّصابي في خُدود الخرائدِ
    ومن لُؤُلُؤٍ في الأُقحوان مُنَظَّمٍ على نُكَتٍ مُصفَرَّةٍ كالفرائدِ

    وتضيف الحضيف” إن هذه الدراسة لا تعزل الوقوف على الصور والأساليب عن البحث في التأويل والدلالات، فالدراسة تبحث عن الدلالات ورمزيتها وتأويلها، بأبعاد ثقافية وتاريخية متعددة؛ إذ تحاول الدراسة الوصول إلى الإيحاءات التي تحملها كل زهرة في الثقافة العربية بصفة عامة، من خلال الرؤية الفردية للشعراء.
    إن هذه الدراسة تنوي الخوض في عمق العلامات اللغوية للبحث عن مدلولاتها، في محاولة للوصول إلى عمق الجمالية المتوارية في النص، إبرازها، ومحاولة فهم جمالية النص الظاهرة من خلالها؛ إذ تنوي الكشف عن ارتباط نصوص الأزاهير بالواقع الاجتماعي والفكري، وارتباط دلالاتها بالرقي الحضاري والترف الذوقي؛ إذ إن لوفرة نصوص الأزهار طرافة تلف الموضوع في نصوصه ونتائجه المتوقعة”.
    فهذا ابن الرومي يفاضل بين النرجس وبقية الأزهار منتصراً للنرجس بقوله:
    يا مجلسًا يضحكُ عن كّلِ جليسِ أزهر
    كأنَّما المُضعَفُ من نرجسه المبكر
    جبالُ وردٍ فُصِّلَت بأبيضٍ وأصفر

    وتتوقع الحضيف أن يلاقي مؤلفها استحسان محبي الجمال خصوصاً في ظل هذا الوقت الذي أُطلقت فيه مبادرة السعودية الخضراء.

    ويجدر بالذكر أن الحضيف أستاذة جامعية وباحثة دكتوراه في الأدب والنقد بجامعة الملك سعود بالرياض. ومهتمة في كتابة وتطوير المحتوى العربي والتدقيق اللغوي للنصوص عبر الصحافة ووسائل الإعلام، ومبحرة في عالم الجمال الإبداع، عضوة في عدد من الأندية والجمعيات.

    رابط المقال على صحيفة غرب الإخبارية

    Share
  • متى تأسست بلدية الرياض؟!!

    متى تأسست بلدية الرياض؟!!
    Share

    نشر هذا المقال على مجلة اليمامة العدد 2646 – 2021/02/11م نقل فيه الكاتب والمؤرخ محمد عبد الرزاق القشعمي معلومات عن تأسيس بلدية الرياض من مؤلفي الأديب طاهر زمخشري في سطور.

    ذاكرة حية – محمد عبد الرزاق القشعمي

    أهداني الصديق محمد المنقري بعض مطبوعات دارته بجدة (سطور عربية للنشر والتوزيع) ومنها كتابه عن (تهامة.. رغيف ثقافي نادر)، وأضاف معها كتاب (الأديب طاهر زمخشري في سطور) لسبطه محمد توفيق بِلُّو ابن بنت طاهر زمخشري سميرة. وهو يعلم أنني أبحث عن الكتاب لتوثيق بعض المعلومات، وخصوصاً بداية معرفة الرياض بالبلدية، إذ سمعت أن الشاعر طاهر زمخشري قد عمل بها مع بداية إنشائها. وقال سبطه في مقدمة الكتاب: أن هذا إضافة لمعلومات جديدة مهمة لم يذكرها في كتابه السابق عنه (الماسة السمراء.. بابا طاهر زمخشري القرن العشرين)، «.. ولم تنشر من قبل، ليكون هذا المؤلف مرجعاً موثقاً للباحثين والدارسين وعامة المهتمين بسيرته، حيث يهدف إلى:
    •توثيق المعلومات المنشورة عنه، وتصحيح المعلومات التاريخية الخاطئة.
    •تعريف النّشء الجديد به، وبأهم منجزاته وأعماله..» ولكونه عاش معه في بيت واحد لأكثر من عشرين عاماً، وسافر معه لتونس، ولوس أنجلوس.. وغيرها.
    قال وهو يستعرض مسيرة حياته أنه عمل ببلدية الرياض والخرج في عام 1361هـ/1942م.
    وقال عن حياته الوظيفية أنه انتقل من مطبعة الحكومة إلى أمانة العاصمة بمكة المكرمة مع الشيخ عباس قطان، الذي رشحه للشيخ محمود صالح قطان للعمل كسكرتير لبلدية الرياض في العام 1361هـ/1942م. فكان ضمن مؤسسي بلدية الرياض، ثم بلدية الخرج والليث. وأكد ذلك بصورة للخبر المنشور في صحيفة (أم القرى) الجمعة 16 شعبان 1361هـ الموافق 27 أغسطس 1942م. ونص الخبر ما يأتي: « تأسيس بلدية في الرياض.. لقد صدر الأمر السامي بالموافقة عليهم وهم كالآتي:
    الرئيس: محمود صالح قطان
    الأعضاء: السيد مصطفى أصغر
    = : الشيخ شفيق حريري
    السكرتير: طاهر زمخشري
    المحاسب وأمين الصندوق: خليل كتبخانة
    كاتب الإدارة: بكر زمخشري
    المهندس: صالح جاوا
    المفتشان: حسن قباني، زياد عرفاء
    ومراقبون.
    وسيغادرون العاصمة إلى الطائف للسلام على صاحب السمو الملكي النائب المعظم ثم يواصلون السير في طريقهم إلى الرياض لاستلام زمام عملهم.. متمنين لهم التوفيق والنجاح ».
    عدت بالذاكرة إلى مناسبة تكريمه في (الإثنينية) للأستاذ عبدالمقصود خوجة مع بداية عملها بتاريخ 25/3/1403هـ، قال الأستاذ طاهر وهو يروي ذكرياته قائلاً: «… وإذا أحببنا أن نرد الفضل لأهله، فإن محمد سعيد عبدالمقصود، وعباس قطان، ومحمد سرور الصبان، هؤلاء الثلاثة كان لهم أياد بيضاء كثيرة فلهم الشكر بعد الله، وعلى ذكر الأستاذ عباس قطان فقد كنت أعمل بمكتبه بوظيفة سكرتيره الخاص وكان هو رجل مكة الأول. فلم يكن هناك غير يوسف ياسين للشؤون الخارجية، وعبدالله السليمان للشؤون المالية، وكل ما عدا ذلك في الشؤون الاجتماعية كان مرتبطاً بعباس قطان، وأثناء عملي سكرتيراً لأمانة العاصمة، اختارني بل انتدبني بالأصح للعمل سكرتيراً لبلدية الرياض فترة من الزمن، وعندما رجوته أن يعفيني من هذه المهمة أفادني بأنه اختارني لأتولى معه الإشراف بصفة خبير، وذهبت وساهمت في تأسيس بلدية الرياض وبلدية الخرج وبلدية الليث أيضاً…».
    وهذه المعلومات جديدة عليّ وعلى كثير من المهتمين. فلم يكن لديهم من المعلومات عن نشأة البلدية سوى ما نشره الشيخ حمد الجاسر في كتابه (مدينة الرياض.. عبر أطوار التاريخ) قال عن الرياض الحديثة.. أنه لم ينشأ خارج سور الرياض سوى حلة (العبيد) ثم حلة (القصمان) وكان البناء بالطين وشوارع ضيقة «.. رغم تأسيس إدارة للبلدية تعنى بنظافة المدينة وتنظيمها وذلك في سنة 1352هـ.. وفي عام 1373هـ أنشئت (أمانة مدينة الرياض) واسندت رئاستها إلى رجل حازم من الأسرة السعودية الكريمة هو الأمير فهد الفيصل فقامت في المدينة حركة عمرانية عظيمة، شملت جميع المرافق العامة، وخططت مدينة الرياض تخطيطاً جديداً بشق الشوارع الواسعة، وإقامة الميادين الفسيحة، وتجميل المدينة بالحدائق وتشجير شوارعها وميادينها، وجر المياه العذبة وإدخالها في بيوتها..».
    ولعل القارئ يتساءل عن الفترة التي لم يتطرق إليها الشيخ الجاسر من عام 1352هـ إلى 1373هـ وهي التي ذكرها الشاعر طاهر زمخشري فلعل المسؤولين أو المتابعين لمراحل تطور المدينة أن يساهموا بما لديهم من معلومات صحيحة. وسبق لي قبل عشرين سنة أن قابلت أحد موظفي البلدية القدامى حمد القاضي (رحمه الله) وقال: إن كل الوثائق والأوراق القديمة توجد في صناديق حديد مرمية في سطح الأمانة وفيها المعلومات المطلوبة. وقد عرضت على المسؤولين في مكتبة الملك فهد الوطنية أن يطلبوا تسليمهم الأوراق. فقيل لي أنه صدر قبل أيام قرار بتأسيس هيئة تعنى بجمع الوثائق والأوراق القديمة تابعة للديوان الملكي.
    فآمل مرة أخرى أن يساهم من لديه معلومات تفيد أن يدلي بدلوه. وبالله التوفيق.

    رابط المقال على مجلة اليمامة

    Share
  • حتى ومعانيها إضافة جديدة للمكتبة العربية

    حتى ومعانيها إضافة جديدة للمكتبة العربية
    Share

    نشر هذا المقال في صحيفة غرب الإخبارية في 2021/02/08م

    صدر حديثاً عن شركة سطور للنشر كتاب «حتَّى» معانيها واستعمالاتها في اللغة العربية لمؤلفته الباحثة د. أنجب بنت غلام نبي غلام، وجاء الكتاب من القطع المتوسط 17×24سم بتصميم أنيق وعصري جذاب.

    وهو عبارة عن دراسة نحوية للحرف «حتَّى» واستعمالاتها في اللغة العربية وحصر معانيها عند النحاة والتعرف على آرائهم ومدى اتفاقهم واختلافهم في تفسير معناها، ودراسة للشواهد الواردة فيها من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والشعر العربي، ومدى توافق معانيها في الاستعمال الحديث بما ذكره علماء اللغة العربية. وزعت على فصلين تناولت الفصل الأول «حتى» التي ورد بعدها أفعال والفصل الثاني «حتى» التي ورد بعدها اسم.

    وتأتي أهمية هذا الكتاب أنه يقدم بحثًا مستقلاً عن حرف «حتَّى» التي يكثر ورودها في الكلام العربي واللهجات العربية حيث لم يفرد لها أحد من القدماء أو المحدثين بحثًا مستقلًا.

    وتقول الباحثة في مقدمة كتابها أنها آثرت أن تخص الحرف «حتَّى» بدراسة مستقلة نظرًا لأهمية هذا الحرف في النحو، وما يعتريها من تغير لمعناها بتغير موقعها في السياق، وما يقع فيها من آراء مختلفة في المعنى أو العمل أو الاختصاص، ووظيفتها الدلالية في الكلام، وأنها استعانت في ذلك بكتب حروف المعاني، وكتب النحو واللغة، وكذلك كتب المفسرين والمعربين للقرآن الكريم، وبعض شروح الأحاديث النبوية الشريفة، راجية أن يكون هذا الكتاب بمثابة إنجاز لجانب من الجوانب المضيئة في لغتنا العربية، لغة القرآن الكريم.

    الجدير بالذكر أن الدكتورة أنجب هي باحثة أكاديمية ومتخصصة في اللغة العربية حصلت على درجة الدكتوراة في تخصص النحو والصرف واللغة من كلية التربية للبنات بمكة المكرمة – عام 1410هـ/1990م، عملت لأكثر من 35عام في حقل التعليم المدرسي والجامعي تقلدت خلالها العديد من المناصب الإدارية وعضويات اللجان المختلفة، وكانت أخر وظيفة شغلتها عميدة كلية التربية للبنات بمكة المكرمة «الأقسام الأدبية»، شاركت في عضوية العدد من الجمعيات الأهلية منها جمعية أم القرى الخيرية النسائية بمكة المكرمة، والفرع النسائي لهيئة الإغاثة الإسلامية، والفرع النسائي للندوة العالمية للشباب الإسلامي، وهيئة الإعجاز العلمي، وقدمت ونشرت العديد من الأبحاث والدراسات والمقالات المتخصصة في مختلف المجلات العلمية.

    رابط المقال على صحيفة غرب الإخبارية

    Share
عدد المشاهدات 1٬005
Share