Share
  • موقع إلكتروني لخدمة ذوي الإعاقة البصرية

    موقع إلكتروني لخدمة ذوي الإعاقة البصرية
    Share

    صحيفة عكاظ – عبدالله الدهاس (مكة المكرمة) aldhass@

    دشن الأمين العام لجمعية إبصار سابقاً محمد توفيق بلو موقعه الإلكتروني الشخصي على شبكة الإنترنت كأول كفيف يدشن موقعاً مرخصاً للنشر الإلكتروني من وزارة الإعلام. وقال بلو إنه أطلق هذا الموقع كخطوة تطويرية في مجال نشره الإلكتروني، ومواكبة لرؤية المملكة التي تسعى إلى دعم ثقافة الحوار وتشجيع هواة الكتابة من ذوي الإعاقة البصرية لممارسة النشر الإلكتروني ونشر ثقافة الإعلام الجديد ووسائله في المجتمع، مشيراً إلى أن الموقع يهدف إلى تقديم محتوى ثقافي وفكري ومعلوماتي لخدمة ذوي الإعاقة البصرية، والمتخصصين في المجال، والمهتمين بالثقافة والأدب. وأضاف قائلاً إنه..

    أكمل القراءة

    Share
  • “بلو” أول كفيف يدشن موقع مرخص للنشر الإلكتروني

    “بلو” أول كفيف يدشن موقع مرخص للنشر الإلكتروني
    Share

    صحيفة مكة – عاطف هوساوي
    بالتزامن مع اليوم العالمي للغة برايل 4 يناير 2021 الذي تعلنه الأمم المتحدة احتفالًا بذكرى مولد الكفيف الفرنسي لويس برايل مخترع طريقة الكتابة والقراءة باللمس للمكفوفين، وسميت على اسمه، دشن الكاتب والمؤلف والأمين العام لجمعية إبصار سابقًا محمد توفيق بلو موقعه الإلكتروني الشخصي على شبكة الانترنت www.mohammedbellow.com كأول كفيف يدشن موقع مرخص للنشر الإلكتروني من وزارة الإعلام برقم 487659.

    وقال بلو: إنه أطلق هذا الموقع كخطوة تطويرية في مجال نشره الالكتروني، ومواكبة لرؤية المملكة التي تسعى إلى دعم ثقافة الحوار والتنوع، وتكريس ثقافة حقوق الإنسان المتمثلة في حرية التعبير المكفولة للجميع وفق أحكام النظام، بالإضافة الى تشجيع هواة الكتابة من ذوي الإعاقة البصرية والنشء الجديد لممارسة النشر الالكتروني باستقلالية وفق أنظمة ولوائح وزارة الإعلام بالمملكة العربية السعودية، وذلك بعد أن قضى 3 أعوام ككاتب رأي في عدد من الصحف منها (غرب الإخبارية، الوطن، عكاظ، مجلة اليمامة)، مضيفًا أنه يسعى أيضا لتحقيق ما تأمله الوزارة من الكتاب بتقديم إعلام هادف وتأصيل القيم المهنية، ونشر ثقافة الإعلام الجديد ووسائله في المجتمع، مستفيدا مما تقدمه الوزارة من تسهيلات للمواقع الالكترونية المرخصة.

    مضيفاً: بأن الموقع في إطلاقته يهدف إلى تقديم محتوى ثقافي وفكري ومعلوماتي لخدمة ذوي الإعاقة البصرية، والمتخصصين في المجال، والمهتمين بالثقافة والأدب خصوصًا فيما يتعلق بالأديب طاهر عبد الرحمن زمخشري -رحمه الله – وجيله من الرواد، ومتابعة أخبار الكتب والكتاب من خلال أقسام متضمنة لمقالات ومواد مرئية ومسموعة بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للزوار للتواصل المستمر والفعال معه، لافتا إن الموقع يتميز بالعديد من الخصائص الفنية والتقنية التي تسهل للمتصفح النفاذ إلى مختلف مكونات وأقسام الموقع بيسر وسهولة، منوها أنه أخذ في الاعتبار في تصميم الموقع تسهيل الوصول لذوي الإعاقة البصرية من مستخدمي قارئات الشاشة والأجهزة الذكية، وأنه يجري الإعداد لإطلاق نسخة باللغة الإنجليزية للموقع خلال الأشهر القادمة تخاطب المهتمين بالأدب والثقافة السعودية والعربية من متحدثي اللغة الإنجليزية.

    ومن جهته قال الكفيف التربوي الأستاذ عبد الوهاب الزهراني الذي كان من أوائل المتصفحين للموقع بأن إطلاق الموقع عمل عظيم، فهو واضح وسهل الوصول بالنسبة للمكفوفين المستخدمين للأجهزة الذكية وقارئات الشاشة فأقسامه واضحة، ومواضيعه متنوعة، كما أن ربطه بوسائل التواصل الاجتماعي الأخرى كـ (اليوتيوب وتويتر) رائعة جدًا، كذلك بالنسبة لطريقة التواصل عبر الرسائل والردود التلقائية على البريد الالكتروني المتصل بالموقع، وآلية اظهار التعليقات في أسفل المقالات وعلى الواجهة الرئيسية في الموقع يعتبر عمل رائع وعظيم، فضلًا عن تضمين وصف الصور للمكفوفين وهذا شيء جميل جدًا كنا نفتقده في الكثير من المواقع الالكترونية الأخرى، ولفت انتباهي أن مقالات الإعاقة البصرية من ضمن الأكثر مشاهدة على الموقع بالإضافة إلى مقال عميد الدراما الفنان محمد حمزة رحمه الله.

    واغتنم هذه الفرصة لأشيد بالمقال المنشور بمناسبة تدشين الموقع وطرحة بشأن تعليم المكفوفين برايل في ظل جائحة كورونا، فنحن في تعليم المرحلة الابتدائية عن بعد نفتقد التواصل مع الطلاب، وحتى تعليمهم بطريقة برايل في المرحلة المتوسطة والثانوية رغم انه حضوري، ولكن تبقى بعض الصعوبات في القراءة بطريقة برايل في ظل أوضاع الإجراءات الاحترازية كالتعقيم الذي يؤثر على حاسة اللمس للأسطح الملموسة لنقط برايل البارزة.

    الجدير بالذكر أن الكاتب والمؤلف محمد توفيق بلو كان يعمل ملاحًا جويا في الخطوط السعودية وأحيل إلى التقاعد المبكر إثر فقده بصره بسبب إصابته بالالتهاب الصباغي الوراثي ما قاده ليكون أحد النشطاء في مجال خدمات الإعاقة البصرية وإعادة التأهيل وساهم في تأسيس جمعية إبصار الخيرية وإدارتها لمدة 15 عام قبل أن يستقيل للتفرغ للكتابة والنشر وإصداره لعدد من المؤلفات وكتابة عشرات المقالات في الصحف الإلكترونية.

    الخبر على صحيفة مكة

    Share
  • حكاية أنا طاهر زمخشري المعروف …؟!

    حكاية أنا طاهر زمخشري المعروف …؟!
    Share

    انتشر مؤخراً مقطع فيديو من دقيقتين للأديب طاهر زمخشري بعدما نشرته وزارة الاعلام السعودية على حسابها الرسمي على تويتر في 04 فبراير الجاري ويظهر فيه الأديب طاهر زمخشري وهو يتسلم جائزة الدولة التقديرية من يدي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز – رحمه الله – مساء يوم 08/08/1405هـ – 28/04/1985م – ، ثم مقتطف مقولته المشهورة (أنا طاهر زمخشري كومة من الفحم سوداء تلبس ثياباً بيضاء تقول شعراً قصائده حمراء وخضراء وصفراء) على خلفية موسيقية لأغنية المروتين.

    لقد عكس انتشار هذا الفيديو مدى ما يحظى به الأديب رحمة الله من شعبية ومحبة بين عشاق الأدب والفكر من مختلف الأجيال، فارتئيت أن اثريهم بقصة تلك المقولة كما رواها رحمة الله ليلة تكريمه في اثنينية خوجة يوم 16/05/1405هـ – 06/05/1985م بمناسبة حصوله على جائزة الدولة التقديرية.

    حيث حكى على طريقته الزمخشرية قائلاً: “أعود وأقول طاهر زمخشري كومة من الفحم سوداء تلبس ثياباً بيضاء تقول شعراً قصائده، حمراء وخضراء وصفراء، هذي عبارة زاملتني في أول المشور ولها قصة أحب أن أذكرها الآن، لتعرفوا مدى استعدادي لهذه الجملة.

    جماعة المسامرات في عهد استاذنا الشيخ أحمد العربي واستاذنا الأستاذ عبد الله عبد الجبار وتحضير البعثات مدرسة ثانوية وحدة في المملكة العربية السعودية تسمى تحضير البعثات وكان الطلبة فيها لهم مسامرات يوم الخميس ولهم برامج يقدموا مسرحيات وروايات خطب وقصائد وكل أمسية يرتبوا لها برنامج، وكان سكرتير الجماعة معالي الشيخ إبراهيم العنقري ومن ضمن هذه الجماعة معالي الشيخ أحمد زكي يماني حسن مشاري عبد الله حبابي مجموعة من الوزراء بالعربي، في هذه الأيام جئت عائداً من مصر وبيدي ديواني (أحلام الربيع) أول ديوان لي وحبوا يكرموني، تكريم لشاعر أصدر أول ديوان وكتبوا على السبورة علامة استفهام وتحت علامة الاستفهام طاهر زمخشري ومغطاية كدا زي الستارة، وعندما بدأ السمر رفعت الستارة وفيها علامة الاستفهام وفيها طاهر زمخشري وإذا طاهر زمخشري عنوان محاضرة يكتبها معالي الأستاذ حسن مشاري ويقدمها معالي الأستاذ إبراهيم العنقري كانت هذه محاضرة جميلة جداً ومثيرة جداً في نفس الوقت، لأني كنت مشغول تلك الأيام في كتابة نقدات اجتماعية، فصوروني أني البس كدا وأنام تحت الفانوس وأجري بين الجراويل واسابق الغنم وما ني عارف ايه، يعني كانت محاضرة كاريكاتيرية، فأنا في هذا الموقف استعرض من مخيلتي مشواري كما يقولون الطويل، ووقفت عند أول خطوة علشان من كان نايم في أول الخطوة، ومن سموني طاهر زمخشري كومة من الفحم سوداء، وكلهم ولله الحمد من رجال الدولة ومن كبار الماسكين الحكومة ولله الحمد، أما أنا فعندي 3 أبيات أرددها دايماً في هذه الحالة

    لا يعيب السواد صفحةَ وجـــه    هي بالمـــاءِ ذلــة لا تجــــود

    لا ولا يرفع البياض ذليلاً إنما     المــــرء ما بنـــــــى أو يشيـد

    فإذا كـــان في السواد عيوبي      في صميم الفؤاد بيضاء ورود”

    وكنت قد انتجت ذلك المقطع في العام 2014م مستخدماً فيه أشهر مقولة له مع أشهر أغنية كتبها (المروتين) بصوت الموسيقار الراحل طارق عبد الحكيم رحمه الله، للترويج لقناة الأديب طاهر عبد الرحمن زمخشري التي أطلقتها على اليوتيوب في 03/05/2014م مع مجموعة حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي ضمن مبادرة لإحياء تراثه الأدبي الذي كاد أن يندثر ويندثر معه جزء هام من تاريخ الأدب والفكر والفنون في المملكة حيث أنه صاحب أوليات منها أول ديون شعر في تاريخ المملكة «أحلام الربيع»، أول برنامج للأطفال «ركن الأطفال»، أول مجلة للأطفال «الروضة»، أول أغنية حديثة مسجلة للإذاعة السعودية «البارحة عند الغروب»، وأول أديب يكرم خارج السعودية وغيرها من الأوليات.

    وأهيب بوزارتي الاعلام والثقافة بتبني مثل هذه المبادرة وتوسيع نطاقها لتشمل كافة رواد الأدب والفكر والفن في بلادنا وأن تحيي احتفالات موسمية تخليداً لذكراهم، وعوداً إلى أديبنا طاهر زمخشري اختم دردشتي بقول الشاعر المصري الكبير الأستاذ محمد مصطفى حمام:

    أكرمْ به من «طاهرٍ» مُطَهــرِ

    وعالِم موقَّــــــــرٍ «زمخشري»

    وكاتبٍ خِصْبِ البيـــــانِ مُزهرِ

    وشاعرٍ سامي الخيــالِ عبقري

    وصاحبٍ صــافي الفــــؤادِ نيَّرِ

    بياضُ نفسٍ في مُحيَّــــــا أسمرِ

    مُحبَّبٌ في مَظْهَـــــر ومَخْبـــــر

    وخَيِّــــــرٌ مُنحدرٌ من خَيَّــــــــر

    ابنُ الحجــاز العاطــرِ المعطَّر

    وسَقْيُ زمزمٍ وجــارِ المشْــــعَر

    ربُ الأغاريد، وشادي المْعشَر

    وصائغْ الشِّعر كصَوْغِ الجوهر

    أكرمْ به من طـــــــــاهرٍ مُطَهَّر

    وعالِم موقَّـــــــرٍ زمخشــــــري

    نشر هذا المقال على صحيفة غرب الإخبارية في 10-02-2020رابط المقال على صحيفة غرب

    Share
  • رواية «الحب المفقود في بلاد الحبشة»

    رواية «الحب المفقود في بلاد الحبشة»
    Share

    عمل يحيي الذاكرة بين جدة وأسمرة.

    مجلة اليمامة – حديث الكتب

    صدر حديثاً عن سطور للنشر رواية «الحب المفقود في بلاد الحبشة» لمؤلفها الرحالة أمين محمد علي غبره، وهي قصة واقعية دارت أحداثها بين جِدَّة ومصوع وأسمرة في صيف عام 1969م. رواها المؤلف مما رسخ في ذاكرته الشخصية بهدف تسليط الضوء على جانب من بلاد الحبشة في الحقبة التاريخية لحكم الإمبراطور هيلاسيلاسي كانت غير معروفة للكثير من أفراد مجتمعنا، ومدى ارتباطها بالمجتمع الجداوي، مع التطرق إلى طريقة السفر منها وإليها عبر البحر وما يترتب عليه من معاناة ومخاطر، بالإضافة إلى إبراز جانب من ملامح الحياة الاجتماعية في مدينة جِدَّة وعادات وتقاليد مجتمعها في تلك الفترة.


    جاءت الرواية في 288 صفحة وزعت على 7 فصول تضمنت قصصاً قصيرة متسلسلة. روى من خلالها المؤلف قصة رحلته مع عائلته إلى الحبشة عبر البحر لعلاج والدته وما دار فيها من أحداث مثيرة وذكريات.


    ويقول الغبره: رويت هذه القصة من أجل تخليد ذكرى والديَّ – رحمهما الله – برًّا بهما وعرفانًا بفضلهما، ومنهجهما التربوي الذي اتَّبعاه في تربيتنا، وتبيان مدى الحب والوفاء الذي ساد بينهما وأثره على ترابطنا الأسري، وتربيتنا التي لا نزال نعيش على أثرها حتى يومنا هذا، مثل سفر والدي بوالدتي واصطحابي وإخوتي معهما إلى بلاد الحبشة عن طريق البحر غير عابئ بأخطاره وأهواله ومشقة وعناء السفر، من أجل علاجها من مرضها الذي كانت تعاني منه، وكذلك لترك أثر للأجيال القادمة وإعطائهم فكرة عن ملامح حياتنا اليومية في جِدَّة في فترة ستينيات القرن الماضي، والعادات والتقاليد السَّائدة آنذاك.


    وكنت قد تشرفت بالعمل مع المؤلف بتحرير الرواية وتحقيقها وراعيت في صياغتها وحبكتها الجوانب الثقافية للمجتمع الجِدَّاوي، والحبشي، والإيطالي في تلك الفترة لتكون مُهيَّأة ومُلائمة لترجمتها إلى اللغة الإيطالية، والأمهرية، والإنجليزية، وإنتاجها وتحويلها إلى مسلسل أو فيلم سينمائي.


    وجاءت تسميتها «الحب المفقود في بلاد الحبشة» نسبة إلى بلاد الحبشة خلال الفترة التي حكمها الإمبراطور هيلاسيلاسي آخر أباطرة إثيوبيا في الفترة من 1928م إلى 1974م التي تعرف حاليًا بدولتي إثيوبيا وإريتريا. والحب المفقود هي الحسناء الإيطالية ابنة أسمرة التي خطفها الموت من حبيبها أحد أبطال الرواية، بعد أن كانا قد عزما على عقد قرانهما بمدينة نابولي بإيطاليا، فحال ذلك الحدث المأساوي بينهما.


    وتكمن أهمية الرواية من أنها تُبرز العمق التاريخي وأواصر الصلة الاجتماعية والثقافية والتجارية التي تربط مدينتي أسمرة ومصوع ببلادنا منذ القدم، فـ «مصوع» التي عرفت أيضًا باسم «باضع» كانت مهبط أول هجرة في الإسلام وموقع لأول مسجد يبنى فيه.


    وقد خلصت من الرواية بمدى العمق التاريخي والثقافي بيننا وبين مصوع وأسمرة بما في ذلك اللباس والأطعمة والكثير من العادات والتقاليد فعلى سبيل المثال نجد أن لباسهم الشعبي الذي يرتدونه في الأفراح والأعياد والجُمع هو الثوب الذي يسمى عرّاقي ويلبس عليه السديري والعمة الحلبية. وأشهر الأكلات الشعبية «أكّلَتْ» المعروفة عندنا بـ «العصيدة» و«المَاَدة/المضبي» و«المشكلة» وهي مجموعة ايدامات تضم «الزقني» و«الكمونية» و «العدس» تؤكل بخبز «الإنجيرة/الكسرة». وحتى فنونهم عرفت في بلادنا منذ العهد النبوي في المدينة المنورة فقد روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري «أنَّ أبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، دَخَلَ عَلَيْهَا، وعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ في أيَّامِ مِنًى تُغَنِّيَانِ، وتُدَفِّفَانِ، وتَضْرِبَانِ، والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُتَغَشٍّ بثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُما أبو بَكْرٍ، فَكَشَفَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن وجْهِهِ، فَقالَ: دَعْهُما يا أبَا بَكْرٍ، فإنَّهَا أيَّامُ عِيدٍ. وتِلْكَ الأيَّامُ أيَّامُ مِنًى. وَقالَتْ عَائِشَةُ: رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْتُرُنِي، وأَنَا أنْظُرُ إلى الحَبَشَةِ، وهُمْ يَلْعَبُونَ في المَسْجِدِ، فَزَجَرَهُمْ فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: دَعْهُمْ، أمْنًا بَنِي أرْفِدَةَ يَعْنِي مِنَ الأمْنِ».


    وبلاد الحبشة المذكورة هي ما يعرف اليوم بدولتي إثيوبيا وارتيريا، وعرفت بهذا الاسم نسبة إلى أحد قبائل حمير من اليمن تدعى «حبشت» هاجرت قبل القرن الخامس قبل الميلاد من اليمن إلى تلك البلاد وأقامت مملكة بها حاضرتها «اكسوم» وهي مدينة تاريخية تقع حالياً شمال إثيوبيا في إقليم التجراي.


    الجدير بالذكر أن مؤلف الرواية «أمين غبره» رحالة سعودي من مواليد مكة المكرمة، وهو عضو جمعية الرحالة السعودية وشبكة العرب المسافرون، عمل في الخطوط السعودية لنحو 40 عاماً تدرج في عدة وظائف من بينها مدير قاعدة الخدمة الجوية بنيويورك، القاهر، بانكوك، وممثلا للخطوط السعودية في المنظمة الدولية للخدمة الجوية (1987إلى 1990م) وكان آخر وظيفة شغلها هي مدير عام الخدمة الجوية للمساندة والتدريب. قام بالعديد من الرحلات الاستكشافية في أكثر من 600 دولة وإقليم ومدينة وقرية حول العالم. له العديد من المشاركات والمقالات في الصحف والمنتديات من أبرزها سلسلة مقالات مآذن حول العالم بجريدة المدينة السعودية.

    Share
  • أبكي وأضحك الابيات الأكثر انتشاراً لطاهر زمخشري في عصرنا

    أبكي وأضحك الابيات الأكثر انتشاراً لطاهر زمخشري في عصرنا
    Share

    دكتورة مريم أبوبشيت: الأديب وظف تراكيب مفرداته الشعرية ليجعل القصيدة أكثر بهاء وجمال

    نشر مقالي هذا على صحيفة غرب الإخبارية في 2020/11/03م.

    إن الباحث عبر الشبكة العنكبوتية عن قصائد وأبيات الأديب طاهر عبد الرحمن زمخشري رائد الأدب والشعر السعودي سيلاحظ أن هناك مجموعة من القصائد والأبيات هي الأكثر تداولاً وانتشاراً بين مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي بشتى فئاتهم العمرية منها «إلى المروتين، يا أعذب الحب، يا معزف الحب، رباه، النفس المؤمنة، على الضفاف» ومن خلال الرصد والمتابعة تبين أن الأبيات الأكثر تداولاً وانتشاراً على الإطلاق هي:

    أبكِي وأضحَكُ والحَالاتُ واحِدَةٌ

    أطوي عَليها فؤادًا شفّهُ الألَمُ

    فإن رأيتَ دمُوعِي وهي ضَاحِكَةٌ

    فالدمعُ مِن زَحمَة الآلام يَبتَسِمُ

    وهي من قصيدته «على الضفاف» التي نظمها من 59 بيتا ونشرها في ديوانه «الشراع الرفاف» في العام 1394هـ-1974م ومهرها بقوله “إلى الأطياف الجميلة التي ألهمتني رباعياتي «صبا نجد» وبدأها باقتباس لبيت الشاعر أبي الطيب المتنبي:

    يا أعدل الناس إلا في معاملتي … فيك الخصام وأنت الخصم والحكم

    وقد لاحظت أن الكثير يتداولون تلك الأبيات خطأ بكتبتها:

    أبكي وأضحك “والحالات” واحدة والصحيح “والحالان”

    كذلك أطوي عليها فؤاداً شقه الألم والصحيح “شفّهُ”

    ولما في هذه الأبيات من إبداع شعري جعلها تبقى حية وحاضرة في قلوب عشاق ومحبي الشعر جيلاً تلو الأخر سيما وأن أبيات منها كانت مقررة ضمن منهج الأدب والنصوص للصف الثالث ثانوي للقسم الأدبي في المملكة العربية السعودية توجهت إلى باحثة اللغة العربية والكاتبة الدكتورة مريم سعود أبوبشيت التي كانت ممن لازم الأديب في أواخر حياته حينما كانت تعد أول بحث ماجستير عن الأديب وشعره بعنوان ” شعر طاهر زمخشري ” لجامعة القاهرة في العام 1408هـ – 1988م.

    صورة الدكتورة مريم سعود أبوبشيت

    وأصدرته لاحقاً في كتاب بعنوان ” الإلهام والأصالة في شعر طاهر زمخشري” في العام 1435هـ-2013م، وبدورها قدمت هذه السطور المضيئة عن تلك القصيدة والأبيات التي وردت فيها بادئة بقولها: «إن من واجبنا أن تتظافر الجهود ونشدوا بفم القصائد التي قالها طاهر زمخشري “بابا طاهر كما كان يحب أن ينادى” فهي قوية وجميلة المعاني والتعبير، ولغتها العربية ناصعة، جميلة، سلسة، ودورنا كباحثين وكتاب أن نشيد بأفضال الناس الذين اجتهدوا وتعبوا من أجل وطنهم وأهلهم ودينهم مثل الأديب طاهر زمخشري الذي لا يختلف اثنان على رومنسيته وأعني بالرومانسية المدرسة التي انتمى إليها، من اختياره لمفرداته الدالة، الإبداعية، وصوره المتنامية، والبناء المحكم، والخروج من التقليدية، والتبعية إلى فضاء الشعراء الرومنسيين والجديين في الشعر العربي السعودي.

    تلك الأبيات الشهيرة من قصيدة «على الضفاف» تجمع بين متناقضين «أبكي وأضحك» وما فيهما من مشاعر متناقضة تجمعها إنسانية الإنسان.

    في هذه القصيدة كصورة عامة تظهر سمات شعر «الزمخشري» التي دائماً تكون من منطلق الإيمان والعودة إلى الله سبحانه وتعالى، إلى هذه القوة الدافعة للإنسان مهما أصابه من ظلم أو حزن، أو قلق وتوتر، فهو دائماً يفيئ إلى الله سبحانه وتعالى ويظهر هذا في البيت الذي يقول فيه:

    فاظلم كما شئت لا أرجوك مرحمة

    إنا إلى الله يوم الحشر نحتكم

    لئن قبضت يداً عني فكم بسطت

    يد من الله ظلاً فيئه نعم

    هذا الرضا وهذا الإيمان هو الذي يدعم الإنسان وينبئ عن سريرة طاهرة مطمئنة إلى المولى عز وجل فهذه الطاقة الخلاقة عند «بابا طاهر» متجددة وتسير في جميع دواوينه الشعرية كما لاحظت على قصائده المتنوعة في أي مجال، كما أنه في هذه القصيدة كبعض القصائد التي وردت في بعض دواوينه الشعرية في بناء صوره، رغم أن صور الزمخشري متكررة نوعاً عبر القصائد المختلفة وذلك يرجع للواقع الذي عاشه، واقع الألم والإحباط والتردد والحيرة والتشاؤم والفرح والظروف الاجتماعية …الخ، واقع الشعر الرومانسي الذي يسموا إلى عالم المثال.

    تلك الصور المتكررة دلالات رمزية لواقع مرفوض وعالم متسامي مأمون ومن هذه الصور «أبكي وأضحك» بين البكاء والضحك حالات إنسانية بونٌ شاسع وأعتقد أن هذه الصورة تكررت في أكثر من قصيدة في مجموعة الخضراء، وكما أشرت إلى أن تكرار هذه الصور لا تأتي من أجل التكرار وإنما تدخل في سياق بناء الصورة فكل صورة مختلفة عن الأخرى والصورة الشعرية أداة جمالية تقوم على إقامة علاقات لغوية متنامية داخل الصورة الشعرية أو داخل الجملة الشعرية وقد تكررت كثير مثل هذه التراكيب.

    القصيدة فيها من الحكمة إن الإنسان رغم أنه يقع في إشكالية الخصام أو الاختلاف مع الأخر ويقع في إشكالية أن الأخر يضع نفسه في موقع الخصم او موقع الخصم والحكم لكن كيف نستطيع أن نقابل ذلك؟ الشاعر الزمخشري كان يتمتع بهذه المهارة أو انطلاقاً مما يملك في داخله من السكينة والطمأنينة وأن الحكم لله سبحانه وتعالى أولاً وأخراً لذلك هو لا يضع نفسه في موقع الخصم ولا في موقع الخصم والحكم في ذات الوقت، ودائماً يعود إلى الله سبحانه وتعالى ثم إلى نفسه المستكينة المطمئنة وإلى سموه ونبله في أخلاقه، أخلاق ترقى إلى المثالية. هذا واضح في أغلب القصائد التي نظمها وقالها وتغنى وترنم بها «الشاعر الغريد» كما أسميته في ورقة عمل لي، هذا الذي يغرد دائماً بالإيجابية رغم الجرح والألم ورغم مواجهته لظروف الحياة القاسية لكنه دائماً يشدوا بالإيجابية

    حَسْبي من الحبّ أنِّي بالوفاء له … أمشي وأحملُ جَرْحاً ليس يلتئمُ

    الجرح في آلامه ونزفه مستمر ولكن يكفيه من الحب الوفاء له، والحب هذه القيمة تأتي في أولويات القيم، إن الإنسان دائماً محب للحياة محب للإنسانية محب للآخر، هذا الحب هو جوهر الإنسان وجوهر الحياة وهذا ما تغنى به «بابا طاهر» على الدوام ومن أجمل الأبيات التي وردت في هذه القصيدة:

    أبْكِي وأضْحَكُ والحالان واحدةٌ … أطوي عَليْها فؤادًا شفّهُ الألَـمُ

    هو يعيش كل الحالات ويعيشها بطبيعية وإنسانية ولكن سبحان الله كان خلف ذلك الألم وكان خلف ذلك الجراح والحياة التي عاشها، حياة مليئة بالآلام والأحزان وهذا أيضاً تحدي من نفسه بقوة إيمانه وطمأنينته وامتلاكه لفكر واع وإنسانية وقلب يحمل الحب لكل ما حوله من الحياة والناس ولا يتعلق بالتشاؤم والبؤس وإنما ينشر للعالم رسالة الحب والسلام، اعتقد أن هذا التضاد في القصيدة أيضاً ورد في بيت أخر حين قال:

    لئن قبضت يداً عني فكم بسطت … يدٌ من الله ظلاً فيئه نعَمُ

    بين القبض والبسط هذا التضاد يجعل الصورة أقوى وأكثر جمالاً، وأعتقد أن بابا طاهر وظف مفردته وتراكيب مفرداته الشعرية ليهدي إلينا صوراً جميلة صوراً معبرة صوراً مختلفة تجعل القصيدة أكثر بهاء وأكثر جمال، رحم الله الشاعر طاهر زمخشري وجعله في عليين.

    تقسو عليَّ بِلا ذنبٍ أتيتُ به … ومَا تبرّمْتُ لكنْ خانني النَّغَمُ

    أعادَه شَجناً بَاحَ الأنينُ به … فهل يلاَمُ محبٌ حاله عَدَمُ؟!

    حَسْبي من الحبّ أنِّي بالوفاء له … أمشي وأحملُ جَرْحاً ليس يلتئمُ

    وما شكوت لأني إنْ ظلمتُ فكم … قبلي من الناس في شرع الهوى ظلموا

    أبْكِي وأضْحَكُ والحالان واحدةٌ … أطوي عَليْها فؤادًا شفّهُ الألَـمُ

    فإنْ رأيتَ دمُوعِي وهي ضَاحِكَةٌ … فالدمْعُ مِن زَحْمَـة الآلام يَبْتَسِمُ

    وفي الجَوانِحِ خَفّاقٌ مَتَى عَصَفَتْ … بِه الشُجُون تَلَوّى وهو مُضْطَرِمُ

    فاظـْلُمْ كَمَا شِئتَ لا أرْجُوكَ مَرْحَمَةٌ … إنـّا إلَى الله يَومَ الحَشْرِ نَحْتَكِمُ

    لئن قبضت يداً عني فكم بسطت … يدٌ من الله ظلاً فيئه نعَمُ

    بها سأحيا برغم الحيف في كنف… من المسرة مهما آدني السقم

    يذكر أن الأديب طاهر عبد الرحمن محمد زمخشري

    • أحد الأعلام المَكِّيين السُّعوديين في العصر الحديث من مواليد مكة المكرمة (27 رجب 1332هـ الموافق 22 يونيو 1914م) الذين أثروا الأدب والفكر والإعلام في القرن العشرين، وصاحبُ أوَّل ديوان شعري يُطبع في تاريخ المملكة العربيَّة السعوديَّة «ديوان أحلام الربيع» (1946م/ 1366هـ)، وأوَّل أديب وشاعر سعودي يُكرَّم خارج السعوديَّة من رئيس الجمهورية التُّونسيَّة الرَّاحل الحبيب بو رقيبة، بالإضافة إلى حصوله على جائزة الدولة التَّقديريَّة للأدب من خادم الحرمين الشَّريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – 1405-1985م وتُرجمت بعض قصائده إلى اللُّغات الإنجليزيَّة والألمانيَّة والفرنسيَّة بطلبٍ من هيئة اليونيسكو.
    • يُعَدُّ من شُعراء الرَّعيل الأوَّل وأكثرهم غزارةً في الإنتاج، حيث أصدر نحو 30 ديوانًا شعريًّا، منها (6) في مصر، و(5) في لبنان، و(6) في تونس، و(13) في السعودية، عدا دواوين أخرى تُوفِّي قبل إصدارها.
    • تُعتبر أعماله الأدبية أحد أهمِّ المدارس الشِّعرية المكِّية في القرن العشرين، وسمَّاها المدرسة الرَّبيعية الحجازيَّة نسبةً إلى الشَّاعر عمرو بن أبي ربيعة.
    • أصبح شِعرُه موضعًا لدراساتٍ جمَّةٍ، منها الأكاديميَّة، وغير الأكاديميَّة، في الجامعات السعوديَّة، وبعض الجامعات العربيَّة، منها جامعة القاهرة، وجامعة الخرطوم، ومعاهد اليونيسكو.
    • كانت باكورة إنتاجه الأدبي «نشرة المهرجان» في عام 1366هـ/ 1946م، ونُشرت عبر مكتبة الثقافة في مكَّة، وضمَّت مجموعةً من القصائد والخُطب والمقالات بأقلام أُدباء وشُعراء المملكة العربية السعوديَّة آنذاك، جمعها بمناسبة أوَّل رحلة لجلالة الملك فيصل – رحمه الله – إلى أمريكا.
    • جمع بين الأدب والفنِّ والإعلام والإدارة؛ فقد تنقَّل في عددٍ من الوظائف الحكوميَّة على مدى 20 عامًا، منها المطبعة الحكوميَّة، وأمانة العاصمة، وديوان الجمارك، علاوة على أنه أصبح أحد الرُّوَّاد الإعلاميين منذ مُساهمته في تأسيس أوَّل إذاعة للمملكة العربيَّة السعوديَّة في مكَّة المُكرَّمة، والعمل فيها، أشرف على أوَّل نقل لصلاة جُمعة من المسجد الحرام والمسجد النَّبوي، ونقل مناسك الحجِّ من المشاعر المُقدَّسة في عرفات ومِنى.
    • أصبح أحد رُوَّاد أدب الطِّفل في العالم العربي بصفةٍ عامَّةٍ، والمملكة العربيَّة السعوديَّة بصفةٍ خاصَّةٍ، عبر برنامجه الشَّهير «ركن الأطفال» الذي اشتُهر من خلاله باسم «بابا طاهر»، وأتبعه بإصدار أوَّل مجلة سعودية وخليجية للأطفال، مجلة «الروضة» عام (1379هـ/ 1959م).
    • أثرى السَّاحة الفنيَّة بإسهاماته الموسيقيَّة وكلماته الغنائيَّة، حيث أسَّس أوَّل فرقةٍ موسيقيَّةٍ للإذاعة في تاريخ المملكة العربيَّة السعوديَّة مُكوَّنة من محمد علي بوسطجي، عازف عود، وسليمان شبانة «الدكتور»، عازف كمان، وسعيد شاولي، عازف كمان، وحمزة مغربي، عازف قانون، والهرساني، عازف ناي، وعبد المجيد الهندي، ضابط إيقاع.
    • كتب أكثر من 200 نص غنائي شدا بها أكثر من 30 فنان إلى جانب ذلك، كان له اهتمامٌ بالرِّياضة، حيث أسهم في تأسيس نادي الوحدة الرِّياضي الذي كان له ولأعضائه أثرٌ في الحركة الفكريَّة والرِّياضيَّة في بلادنا، وأوَّل مُعلِّق رياضي حينما علَّق على مُباراة كانت بين نادي الوحدة والاتحاد في ساحة إسلام بمكَّة المُكرَّمة، وألَّف ولحَّن أوَّل أُغنية للكُرة «جيب الجون على الرَّايق».
    • ربطته علاقة صداقة بعديد من الأُدباء والشُّعراء العرب من أشهرهم الأمير الشَّاعر الرَّاحل عبد الله الفيصل، وأحمد رامي، وفاروق جويدة، وأحمد اللغماني… وغيرهم كثيرون.

    وللمزيد:

    طاهر زمخشري – ويكيبيديا

    Share
  • لغة برايل في ظل جائحة كورونا

    لغة برايل في ظل جائحة كورونا
    Share

    يحتفل العالم في الرابع من يناير من كل عام باليوم العالمي للغة بريل. الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر عام 2018م. واختير هذا التاريخ لتوافقه مع يوم ميلاد الكفيف الفرنسي لويس بريل مبتكر طريقة برايل. التي يستخدمها الأشخاص المكفوفون وضعفاء البصر للكتابة والقراءة عن طريق اللمس. واستفاد منها ملايين المكفوفين حول العالم كل بلغته كالعربية، والإنجليزية، والفرنسية، والاسبانية، والصينية، وغيرها. واحتفل به للمرة الأولى في 4 يناير 2019م.

    ويواجه تعليم لغة برايل للمكفوفين تحدٍ كبير في ظل جائحة كورنا «كوفيد 19». التي أصابت حتى الآن «293,483,469» في «222» بلد وإقليم حول العالم. توفي منهم «5,468,239» شخص. وكانت أكثر الدول تضررًا أمريكا بـ «57,131,187» إصابة توفي منهم «848,885»، الهند «34,960,261» توفي منهم «482,017»، البرازيل «22,305,078» توفي «619,245»، بريطانيا «13,641,520» توفي «148,941»، روسيا «10,570,212» شخص توفي «312,187».

    ومع انتشار الموجة الجديدة للمتحور (أوميكرون). ستزداد معاناة الطلاب ذوي الإعاقة البصرية. خصوصًا في مرحلتي رياض الأطفال والابتدائية. الذين يستلزم تعليمهم القراءة والكتابة بطريقة برايل. التواصل المباشر والتماس مع المعلم أو المعلمة. ما قد يعرضهم لمخاطر الإصابة بالعدوى. أو الاضطرار لاتخاذ إجراءات وقائية قد تحرمهم من التعلم أسوة بأقرانهم المبصرين. ناهيك عن التحديات الأخرى التي واجهوها بسبب الإغلاق.

    وقالت منظمة الأمم المتحدة على موقعها الإلكتروني: «إن المعاقين بصريًا واجهوا بسبب إجراءات الإغلاق عديد من التحديات. فيما يتصل بالاستقلالية والعزلة. وبخاصة منهم الذين يعتمدون على استخدام اللمس للتعبير عن احتياجاتهم والحصول على المعلومات. وأظهر الوباء أهمية إنتاج المعلومات الضرورية بأشكال يسهل الوصول إليها. بما في ذلك لغة برايل والصيغ السمعية. وبغير ذلك، يمكن أن يواجه عديد من الأشخاص ذوي الإعاقة مخاطر أكبر من التلوث بسبب فقدانهم إرشادات واحتياطات الحماية وتقليل انتشار الوباء. وتأكد للعالم كذلك الحاجة الملحة إلى تكثيف جميع الأنشطة المتعلقة بالتيسير الرقمي لضمان الإدماج الرقمي لكافة الناس.

    وخلال جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19). نفذت منظومة الأمم المتحدة العديد من الممارسات الجيدة. لتعزيز النهج الشامل والمراعي لمنظور العوق للتصدي لفيروس كورونا (كوفيد-19) ونشر المعلومات ذات الصلة بلغة برايل.

    في ملاوي، نشر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي زهاء 4050 مادة بلغة بريل. لأغراض التوعية والوقاية من فيروس كورونا (كوفيد-19). وفي إثيوبيا، وزعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان. معلومات سمعية ومواد تثقيفية وإعلامية على العاملين في مجال الإعلام، كما أعدت نسخًا من الرسائل التثقيفية بلغة بريل. وأنتجت يونيسف مذكرات إرشادية بلغات متعددة وأشكال ميسرة «بما في ذلك لغة بريل. وصيغة “إيزي تو ريد”». ويطرح المنشور المعنون فيروس كورونا «كوفيد-19»: وضع اعتبارات للأطفال والبالغين ذوي الإعاقة. قضايا مثل الانتفاع بالمعلومات؛ والمياه والصرف الصحي والنظافة؛ والرعاية الصحية؛ والتعليم؛ وحماية الطفل؛ والصحة العقلية والدعم النفسي الاجتماعي. فضلا عن وضع اعتبارات لمكان العمل المراعي للشمول».

    يذكر أن المادة 2 من «اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة». هي وسيلة اتصال للمكفوفين ولها أهميتها في سياقات التعليم وحرية التعبير والرأي والحصول على المعلومات والاطلاع على الاتصالات المكتوبة. وفي سياق الإدماج الاجتماعي على نحو ما تبينه المادتان 21 و24 من الاتفاقية. 

    وتُعَّرف الأمم المتحدة لغة بريل بأنها عرض للرموز الأبجدية والرقمية باستخدام ست نقاط يمكن تحسسها باللمس لتمثيل كل حرف وعدد. بما في ذلك رموز الموسيقى والرياضيات والعلوم. ويستخدمها المكفوفون وضعاف البصر لقراءة نفس الكتب والنشرات الدورية المطبوعة بالخط المرئي، بما يكفل لهم الحصول على المعلومات المهمة. وهو ما يُعد مؤشرا على الكفاءة والاستقلال والمساواة.

    حلول لمشكلة تعليم برايل في جائحة كورونا:

    وبالعودة إلى مشكلة التحصيل الدراسي للأطفال المكفوفين أثناء التعليم عن بعد بسبب جائحة كورونا. أرى ضرورة تعليمهم المباشر حضوريًا مع اتباع إجراءات احترازية صارمة. تتمثل في أخذ اللقاح، غسل اليدين جيدًا. تعقيم الأسطح المكتبية وأجهزة وأدوات تعليم برايل والوسائل التعليمية الأخرى. لبس الكمامات وتقليص وقت التواجد في بيئة المكان الواحد. توزيع وسائل معلم برايل على الأسر لتمكينهم من مساعدة أبنائهم في تعلم طريقة برايل. إطلاق برامج إرشادية على المنصات التعليمية لتعليم الأسر كيفية تعليم أبنائهم القراءة والكتابة بطريقة برايل. وتقوية حاسة اللمس والمبادئ الأساسية للمهارات الحياتية اليومية.

    وتشير إحصائيات ذوي الإعاقة البصرية بأن المكفوفين حول العالم قد بلغ 49.1 مليون شخص بنهاية العام 2020م[1]، وبحسب الهيئة العام للإحصاء[2] إن عدد الذين يعانون من صعوبات في الرؤية بدرجات متفاوتة (خفيفة، شديدة، بالغة) في المملكة العربية السعودية قد بلغ 811,610 شخص بنهاية العام 2017م. ولعل جلهم قد يحتاجون تعلم قراءة الحروف بطريقة برايل لزيادة استقلاليتهم في حياتهم اليومية.

    لويس برايل

    الجدير بالذكر إن لويس برايل مبتكر طريقة برايل هو كفيف فرنسي من مواليد 4 يناير 1809 بمدينة كوبفراي شرق العاصمة الفرنسية باريس. فقد بصره في الخامسة من عمره. إثر حادث تعرض له اثناء لعبه في ورشه والده. فألحقه بمعهد باريس وهو في العاشرة من عمره. بعد أن علمه استخدام يديه بمهارة. كان حاد الذكاء وموسيقيًا بارعًا. تخرج من المعهد بتفوق وأصبح معلمًا بالمعهد الملكي للشباب المكفوفين.

    تمكّن من كتابة طريقة الشيفرة العسكرية التي كان قد اخترعها الضابط الفرنسي «بييرلسكي» ليرسل التعليمات العسكرية إلى الجيش الفرنسي وهو في حربه مع الألمان. وتتكون أساسًا من اثنتي عشرة نقطة. ويمكن أن تتكون كل الكلمات بالتبادل، إلا أن برايل استطاع تعديل واختصار الاثنتي عشرة نقطة إلى ست نقط ليسهل الموقف التعليمي على الكفيف.

    فأحدث ثورة بابتكاره القراءة بذلك النظام الذي سمي على اسمه (طريقة برايل) وقد تم تبني هذا النظام تقريبًا في كل اللغات المعروفة.

    واليوم تعتبر طريقة برايل بالنسبة للقراء المكفوفين نظام مستقل للكتابة والقراءة، وليس نظام طباعة رمزية مقابلًا للحروف الهجائية المطبوعة.

    وتقوم كتابة (برايل) في الأساس على ست نقاطٍ أساسية ثلاثة على اليمين وثلاثة على اليسار ومن هذه النقاط الست تتشكل جميع الأحرف والاختصارات والرموز وعلى هذا الأساس وُضعت في اللغة العربية. وتقرأ من اليسار إلى اليمين. ومع دخول الكمبيوتر إلى عالمنا. دخل نظام الثمان نقاط في نظام الكمبيوتر. ليعطي مجالًا لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الإشارات والرموز. ولكن هذا النظام ظل مستخدماً فقط في الكمبيوتر ولم يوسع لغيره.


    [1] Investigative Ophthalmology & Visual Science (IOVS)

    [2] مسح ذوي الإعاقة لعام 2017م – الهيئة العامة للإحصاء

    A1-MTB

    Share
  • قوقندي في اليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة 2019

    قوقندي في اليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة 2019
    Share

    يحتفل العالم باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة في الثَّالث من ديسمبر من كل عام، وهذا عام (2019) يركز على أهمية تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من أجل التنمية الشاملة المنصفة والمستدامة، وبهذه المُناسبة أستعرض عليكم قصَّة نجاح مُلهمة لأحد ذوات الإعاقة البصريَّة الذين حولوها إلى طاقة إيجابية تعزز مُشاركة المُعوَّقين في المجتمع والتنمية المستدامة، إنها تجربة الشابة سندس محمود قوقندي التي أُصيبت بإعاقة بصريَّة نتيجة داء السُّكَّري الذي أصبح من أخطر أمراض العصر، فهو المسبب السابع للوفاة، والسبب الرابع للعمى، وفق منظمة الصحَّة العالميَّة.

    السُّكَّري وإعاقتي البصريَّة

    وُلدتُّ في 12/02/1987م بالطَّائف من أبويين سعوديين، ولي أُختان و4 إخوة، والتحقت بالمدرسة الابتدائيَّة التَّاسعة، وحينما كنت في الثَّامنة من عُمري، وأنا في الصَّف الثَّالث شعرت بأعراض غير طبيعيَّة، منها عطش شديد، وجفاف في الفم، وكثرة دخول دورة المياه ليومين، ولم تُعِرْ أسرتي اهتمامًا بذلك ظنًّا منهم أن الأمر طبيعي، وفي اليوم الثَّالث، بينما كنت أقف في طابور الصباح سقطتُّ مغشيًّا عليَّ، وعلى الفور نُقلت إلى مستشفى الملك فيصل بالطائف، وتبين أنني مُصابة بداء السُّكَّري من النَّوع الأوَّل، وكانت نسبته 500، ومكثت لمُدَّة أسبوع في صراع مع المرض كدتُّ أُفارق فيها الحياة.

    غادرت المستشفى، وبدأت حياة جديدة مع المرض دون وعي أو إدراك منِّي، أو من أسرتي بمدى خطورته لعدم وجود تجربة سابقة معه في العائلة، وقلَّة التَّوعية به آنذاك.

    كان عليَّ اتِّباع نظام غذائي خاص، وأخذ حُقنة الإنسولين يوميًّا، وعانت والدتي معي كثيرًا، فقد كنت أتناول كل ما يحلو لي من الحلويات والمأكولات خُفيةً عنها حتى لا تُوبِّخني، كما كانت مُعلِّماتي وزميلاتي بالمدرسة يُحذِّرنني من الإهمال والإفراط في تناول السُّكَّريات، ولم أُبالِ، أو أُعِرْ أيَّ اهتمامٍ لنصائحهم، أو أُمارس أيَّ نشاط رياضي.

    وفي عام 1425هـ تخرَّجت في الثَّانويَّة، وكنت أطمح إلى أن أدرس التمريض، فمانع والداي ذلك، فالتحقت بقسم التَّغذية وعلوم الأطعمة بجامعة الملك عبد العزيز بجِدَّة، وسكنت في شقَّة بمفردي بجانب أخي، وتابعت علاجي بمستشفى مدينة الملك عبد العزيز الطبية، وكان الأطبَّاء يركزون على القدم السُّكَّرية، والمُحافظة على الكُلى دون تحذيري بخطورة إهمالي بالنظام الغذائي، فاستمررت في عادتي الغذائية، وعدم مُمارسة الرياضة على الرغم من مجال دراستي الذي يتضمَّن موادَّ عن التَّغذية الصِّحيَّة.

    في غضون ذلك انتقلت أسرتي للعيش في جِدَّة بحُكم عمل والدي، وفي عام 1429هـ تخرَّجت في الجامعة، وعملتُ فنيَّة تغذية في مستشفى خاص لمُدَّة 8 أشهر، ولأفضليَّة المزايا انتقلت للعمل كسكرتارية طبية بمستشفى الملك فهد، وفي هذه الأثناء بدأت مُضاعفات السُّكَّري تُداهمني، فواجهت مشكلات صحيَّة في أسناني، وعانيت من السِّمنة، وأُصبت بنزلة معويَّة حادَّة أُدخلت إثرها المستشفى للعلاج لمُدَّة 5 أيَّام، ومن حينها أصبحت أُصاب بوعكة صحيَّة بمعدل كل سنتين أدخل إثرها المستشفى بسبب سكري غير المنتظم والنزلات المعوية الحادة، فبدأت أعي وأدرك خطورة مرض السُّكَّري عليَّ، وأهمية تقيُّدي بتناول العلاج بانتظام واتِّباع حمية غذائية ومُمارسة المشي ولو لنصف ساعة يوميًّا.

    وفي نهاية عام 2012م انتقلت لعمل جديد في مستشفى آخر، وفي أحد الأيَّام أُصبت بجرثومة معدة أدَّت إلى نزلة معويَّة حادَّة جدًّا، ودخلت في غيبوبة نُقلت إثرها إلى المستشفى لمُدَّة أسبوع، وعندما أفقت من الغيبوبة أصبحت رُؤيتي ضبابيَّة، ولم أعُد أستطيع مُمارسة عملي بشكل طبيعي، فراجعت عيادة عيون لأوَّل مرَّة وأبلغني الطبيب بوجود تليُّف في شبكيَّة العين، ووصف لي علاجًا مؤقتًا، ثم خضعتُ لعمليَّة جراحيَّة في شبكيَّة العين، وكانت مرحلة ما بعد العمليَّة من أصعب المراحل في حياتي، حيث أمرني الطبيب بضرورة أن يكون اتِّجاه رأسي إلى الأسفل دائمًا لمُدَّة شهر، حتى خلال نومي إلى أن تعود الشَّبكيَّة لمكانها الطَّبيعي، وبعدها بستَّة أشهُر أجريتُ عمليَّة إزالة مياه بيضاء، وزرع عدسة داخل العين، فتحسَّنت الرُّؤية، وأصبحت أرى من الجوانب باستخدام نظَّارة طبيَّة، وبسبب حالتي البصريَّة واجهتُ صُعوبة في القيام بمهام عملي، فأُنهيت خدماتي من المستشفى، فمكثت عدَّة أشهر في المنزل أفكِّر فيها كيف أستطيع العودة إلى العمل ثانيةً؟! وكيف أُمارس حياتي طبيعيًّا؟! وكيف أكتب وأتواصل مع البشر؟! وانعزلت عن صديقاتي، ولم أعُد أتواصل معهنَّ بحجَّة أنني لا أستطيع استخدام الهاتف، وأصبحت حالتي النَّفسيَّة والاجتماعيَّة تسوء يومًا بعد يوم، وبدأت رحلتي مع الإعاقة البصريَّة.

    حياة جديدة مع «إبصار»

    كنت رافضةً واقعي الجديد، ولم أحاول الذهاب إلى أي مركز من مراكز الإعاقة البصريَّة أو أبحث عن جمعيات لرعاية المكفوفين، على أمل أن بصري سيتحسن مع مرور الأيَّام، أو أجد نظَّارة طبيَّة أفضل، وفي أحد الأيَّام قرأت والدتي خبرًا صحافي عن إقامة دورة في مهارات التوجُّه والحركة لذوي الإعاقة البصريَّة، تنظمها «جمعيَّة إبصار الخيريَّة»، فسجَّلت فيها، وسجَّلتني معها دون علمي، وأقنعتني بحضورها، وخلالها التقيت لأوَّل مرَّة أشخاصًا من ذوي الإعاقة البصريَّة بدرجات مُتفاوتة، ولاحظت استخدام بعضهم هواتف وساعات ناطقة، وسمعت عن دورات أخرى تُقيمها الجمعيَّة، مثل الحاسب الآلي، وطريقة برايل، فتحمَّست، وسجَّلت فيها، والتحقت ببرنامج تدريبي في الجمعيَّة بدأ بتحويلي لأخصائي ضعف البصر بالعيادة هاني الرحيلي([1])، ففحصني ووصف لي مُكبِّرًا ونظَّارات طبيَّة، وأعطاني إرشادات غيَّرت مجرى حياتي اليوميَّة، فاستطعت أن أرى وأقرأ بشكل أفضل بالمُكبِّر، ثم انخرطتُّ في تدريب الحاسب الآلي وطريقة برايل، وكان المُدرِّبون في قمَّة الاحتراف وحُسن التَّعامل معي.

    بدأتُ أتأقلم مع إعاقتي البصريَّة بشكل سريع، واكتسبت مهارات استخدام الحاسب الآلي، وأذكر أنه في أحد الأيَّام في أثناء مُغادرتي مقر الجمعيَّة، وسيري في الممر اصطدمت بباب الممر الزجاجي، فلم أُدرك أنه مغلق، وأُصبت بكدمة في وجهي، وكسرت نظَّارتي، وتألَّمت كثيرًا، وحينها أدركت أهمية استخدام العصا البيضاء في التنقل، وأصبحت أستخدمها في تنقلي على الرغم ممَّا كنت أتعرض له من نظرة بعض الأشخاص إليَّ واستغرابهم من مشيي بالعصا البيضاء.

    بعد شهرين أُلحقت ببرنامج الجمعيَّة لتأهيل وتوظيف ذوي الإعاقة البصريَّة الذي كانت تتعاون فيه مع إحدى الشركات بتحمل راتبي وتأميني الطبي نظير تسجيلي ضمن موظفي الشركة في «نطاقات»، وأن أمارس عملي موظفة خدمة عملاء في الجمعيَّة، ففرحت بعودتي إلى العمل مرَّة أخرى، وبعد إثبات قدرتي على العمل قامت إدارة الجمعيَّة باعتماد صرف مكافأة شهرية إضافية، ليتوافق أجري مع مؤهلي العلمي وسنوات خبرتي الوظيفية.

    في غضون ذلك، نظمت الجمعيَّة ملتقى للمتدربين وأسرهم بمستشفى سليمان فقيه بمُناسبة اليوم العالمي للبصر، خلاله قدمت دكتورة في التربية الخاصة من جامعة الملك عبد العزيز «د. شادن عليوات»([2]) محاضرة عن تجربتها مع فقدان البصر، وكيف تغلبت عليه، وواصلت دراستها الأكاديمية إلى أن حصلت على شهادة الدكتوراه، وأصبحت أستاذة جامعية في الأردن، ثم في جامعة الملك عبد العزيز، وشاركت في عديد من المحافل الدولية، وتأثرت بها كثيرًا، فكانت بمثابة الإلهام لي لأن أنطلق في حياة جديدة وطبيعية مع أسرتي وأصدقائي، وتعلمت منها كثيرًا عن كيفية التعايش مع إعاقتي البصريَّة في حياتي اليوميَّة، وكيف أتقبلها، وأوجه المجتمع من حولي بكيفية التعامل معي دون أن يشعروني بأنني عاجزة، ومنها أصبحت أشعر بالارتياح كموظفة، وأعتمد على نفسي في حياتي الوظيفية، وأساعد المُستفيدين بكل ما أعرف من معلومات، ولو كانت بسيطة، وأحببت فريق العمل الذي ساعدني على تحقيق إنجازاتي الوظيفية، وأذكر منها مُشاركتي ضمن فريق عمل تنظيم دورة العناية الإكلينيكية بضعف البصر في عام 2013م كنموذج دراسة حالة للتطبيق عليها خلال التَّدريب الإكلينيكي، وتمثيلي الجمعيَّة في ملتقى الصداقة للمكفوفين بمملكة البحرين في عام 2014م، وملتقى صلالة التاسع والملتقى العربي للمكفوفين بسلطنة عمان في عام 2015م.

    وأهم ما أتذكَّره قصَّتي مع أحد المستفيدين، الذي جاء للتسجيل بالجمعيَّة، وكان حديث عهد بإعاقته البصريَّة نتيجة داء السُّكَّري، وفي حالة نفسية سيئة وغضب شديد وتذمر من أنه لم يرَ وجه زوجته وأولاده منذ أشهر، فقلت له بتلقائية: أحمد الله أنك لم ترهم منذ أشهر، فأنا لم أرَ نفسي في المرآة منذ سنوات، فوقعت عليه تلك الجُملة كالصاعقة، فهدأ وبدأ يحمد الله ويشكره، وسألني عن حالتي، وكنت أُجيبه بكل أريحية، وماذا يجب عليه فعله، وبالفعل التحق ببرامج الجمعيَّة، وبمرور الوقت تحسَّنت حالته النَّفسيَّة، لدرجة أنه أبلغ جهة عمله عن الجمعيَّة ودورها، وكيف أثَّرت عليه، وأقنعهم بزيارتها، وعلى ضوء ذلك قدَّمت الشركة دعمًا ماليًّا للجمعيَّة، لما التمسته من أثر، ودعَّمتها سنويًّا.

    الخروج من «إبصار» والمستقبل المنظور

    في أواخر عام 2015م تغيَّرت إدارة الجمعيَّة، وحلَّت إدارة جديدة، فألغت الاتفاقيَّة التي كنت أعمل بموجبها مع الجمعيَّة، وأنهت خدماتي على الرغم من محاولاتي الاستمرار في العمل دون جدوى، وشعرت بحزن شديد وخوف من المستقبل، حيث أصبحت دون عمل مرَّة أخرى، وقد لا أجد فرصة للعمل في أي مكان آخر، ولكن وقوف والدتي بجانبي، وتشجيعها لي بالصبر والبحث عن بدائل، جعلاني أتجاوز ذلك الشعور، وفي أحد الأيَّام أبلغتني الدكتورة شادن عليوات بأن الجامعة فتحت باب التسجيل في برنامج للدبلوم العالي في مجال التربية الخاصة «مسار عوق بصري» في عام 2016م، فسجلت فيه على أمل أن أجتازه للعمل معلمة بمعهد النور للكفيفات بجِدَّة.

    استمعت بالبرنامج، وأنا أتعلَّم منه لحظة بلحظة أشياء جديدة، وقررت أن أفيد قريناتي من الكفيفات بتغيير نظرتهن عن الإعاقة البصريَّة، خاصة من أصبن بها على كبر، وبعد تخرُّجي التحقت بدورة لإعداد المُدرِّبين للتمكن من ذلك، وفي عام 2018م حصلت على الرخصة الدولية للمسؤولية الاجتماعيَّة، وسجلت في موقع وزارة التربية والتعليم كي ألتحق بمعهد النور للمكفوفين كعضو تدريس.

    أنقضت 3 أشهر وأنا أبحث عن عمل لأمارس تخصصي الجديد وما تعلمته دون جدوى، ففكرت أن أحصل على اعتماد التَّدريب المهني حتى أصبح مُدرِّبة مُعتمدة لتدريب ذوي الإعاقة البصريَّة على التكيف مع إعاقتهم وتدريبهم على الاستقلالية الذاتية في حياتهم عن طريق اكتساب مهارات الحياة اليوميَّة، وحاولت العودة للعمل في «جمعيَّة إبصار» كمُدرِّبة ظننًا منِّي أنني سأكون أفضل الخيارات لهم، وفوجئت باعتذار الإدارة عن قبولي لأنهم في طور إعادة هيكلة جديدة، وليس لديهم مكان شاغر، فكان ذلك بمثابة خيبة أمل لي لرغبتي الشديدة في إفادة ذوي الإعاقة البصريَّة بما اكتسبته من مهارات وخبرات، وبحثت عن فرصة عمل أخرى حتى حصلت على وظيفة موظفة خدمة عملاء بمركز طبي للعلاج الطبيعي بعد اقتناعهم بقُدراتي العمليَّة.

    وحلمي الآن أن أكون سفيرة للنوايا الحسنة كي أسهم إيجابيًّا في قضايا العوق البصري والمُعوَّقين بصريًّا في العالم، وشعاري دائمًا «أعيش في سلام داخلي، فشكرًا وحمدًا لله الذي سيَّرني لأكون شخصًا إيجابيًّا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى بعد إصابتي بالعمى».

    ورسالتي إلى أقراني من ذوي الإعاقة البصريَّة أن يكونوا أشخاصًا مُنجزين، ولهم دور ودافعية في المجتمع، كما أوصيهم بالاستمتاع بكل لحظة، وأخذ الأمور بكل سُهولة وبساطة، وأن يكون تفكيرهم إيجابيًّا، ولا يفكرون في الأمور السيئة التي من الممكن أن تدمر أوقاتهم الجميلة، وإلى أولياء أمور ذوي الإعاقة باحتواء أولادهم ودعمهم، لأن الأسرة من أهم أسرار إنجاز الشخص ذي الإعاقة البصريَّة. وأنصحهم بالتثقُّف والقراءة عن العوق البصري كي يكونوا من أركان توعية المجتمع به، وأرجو أن تخصص وزارة التعليم منهجًا بسيطًا أو حصصًا جزئية لإكساب الأطفال والطلاب في مرحلة المُتوسِّطة والثَّانويَّة عن كيفية التعامل مع ذوي الإعاقة البصريَّة، حتى يكبروا ويتعلموا أنه ليس هناك فرق، بل اختلافات جسدية فقط، وأن ذوي الإعاقة يُنجزون في المجتمع كغيرهم، ولكن بتقنيات مختلفة، وأن تستفيد الجهات المعنية بالتوعية من تجارب الأشخاص ذوي الإعاقة.

    كما أرجو من عيادات ومستشفيات العيون استحداث أقسام لتوجيه وإرشاد المرضى عن مرحلة ما بعد الإصابة بالإعاقة البصريَّة، وأن يُهيِّئ مسؤولو المنشآت والمؤسسات الحكومية مبانيهم بسهولة الوصول الشامل حتى يتمكن ذوو الإعاقة البصريَّة من ارتيادها والاستفادة من خدماتها، وأخيرًا أطالب المجتمع بالتخلي عن نظرة الشفقة تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة. وعلى كل مريض بداء السُّكَّري ضرورة الحذر منه وأهمية مُتابعة شبكيَّة العين والأسنان والكُلى، وعلى أولياء أمور الأطفال المُصابين بداء السُّكَّري التدرُّج في توعيتهم وتثقيفهم بأضراره، فأنا أعضُّ أصابع النَّدم على إهمالي طيلة السنوات الماضية، ولكنني أقول «رُبَّ ضارَّة نافعة».

    رابط المقال على صحيفة غرب الإخبارية:

    https://garbnews.net/news/s/144213


    [1] – هاني الرحيلي: باحث دكتوراه بجامعة ليفربول وأخصائي أوَّل بصريات وضعف بصر بمستشفى جامعة الملك عبد العزيز بجِدَّة و«جمعية إبصار الخيرية» (غير متفرغ).

    [2] – د. شادن عليوات: مُحاضرة بجامعة الملك عبد العزيز حاصلة على درجة الدكتوراه في التربية الخاصة مسار عوق بصري من ذوات الإعاقة البصرية الناشطات في التوعية.

    Share
  • طاهر زمخشري في حولية من جامعة الأزهر.

    Share

    ضمن البحث الاعتيادي الذي أجريه على شبكة المعلومات لمتابعة جديد ما نشر عن الأديب طاهر عبد الرحمن زمخشري. لفت انتباهي بحث أدبي منشور حديثًا (2021/6/1) في حولية كلية اللغة العربية – بنين بجرجا – جامعة الأزهر – العدد 25- 1442هـ – 2021م الجزء السادس. للأستاذ الدكتور عبد الحفيظ مصطفى عبد الهادي أستاذ الدراسات الأدبية، ووكيل كلية دار العلوم بجامعة أسوان. تناول موضوعًا لم الحظ أحد تناوله من قبل وهو (الإيقاعُ الداخليُّ في شعر رثاء الزوجة عند طاهر زمخشري، أنماطه ودورها في بناء المعنى).

    تناول من خلاله ظواهر الإيقاع الداخلي في شعر رثاء الزوجة عند الأديب مبينًا العلاقة العضوية بين الإيقاع والدلالة، محاولًا استجلاء التمثيل الصوتي للمعاني، ومدى إسهامها في إنتاج الدلالة. وتوقف عند مظاهر الإيقاع الداخلي في شعر رثاء الزوجة عند طاهر زمخشري – جامعًا بين التنظير والتطبيق – مثل الاستعانة بأصوات المد، وبنية التكرير، وبنية التقسيم، ورد الأعجاز على الصدور، والتجنيس؛ راصدًا دور كل مظهر من مظاهر الإيقاع الداخلي في تعميق الإيقاع النفسي، وموضحًا العلاقة الوشيجة بين الانفعالات النفسية والكلمة في النص.

    وخلص أن شعر طاهر زمخشري ليزخر- خاصة أشعاره في رثاء زوجه- بالغنائية الطاغية المؤثرة وارتفاع النغم؛ حيث رأى أن الشاعر وقف عند تجربة رثاء الزوجة وقوفًا مليًا، مفتنًا في إظهار مشاعره الذاتية؛ باكيًا زوجه بثماني قصائد شجية، فياضة بالحزن واللوعة والألم (صبرًا، لا تخافي، غلبت على أمري، يا ليالي، شاربات الدمع، بعد عام، ماتت، إليها) المنشورة في ديونه أنفاس الربيع 1955/1375هـ، ولعل مرارة الفجيعة ولوعة الفقد جعلت قصيدة واحدة لا تتسع لاستيعاب أحزانه وآلامه؛ لذا وجده يفرغ مشاعره وأحاسيسه في بكائياته الثمانية؛ وكأن بالشاعر؛ وقد ضاقت عليه الأرض بما رحبت؛ كما ضاقت عليه نفسه. واستشعر الوحشة. وتجرع الآلام، فلم تستطع بكائيةً واحدة أن تعبر عن مواجده الحرّى؛ بينما استطاعت بكائياته الثمانية رصد أفكاره. والإحاطة بها. والتعبير عن ألمه القاصم، وتصوير أساه وكمده، وتجسيد حزنه القاصم المرير، وقد تآزرت البنية الإيقاعية في هذه الأشعار مع الجانب الدلالي والمعنوي الذي راغ الشاعر التعبير عنه، والإيحاء به.

    هذا وأبان توظيف الإيقاع الداخلي في شعر رثاء الزوجة عند طاهر زمخشري عن حس رهيف مكين أغنى به شاعرنا نسيجه، وخدم به دلالاته، فضلًا عن ذلك التوازن الإيقاعيَّ الذي تطرب له الآذان، ويُرضي حاجات في نفس الشاعر؛ حيث يعد تنغيم النسيج وتشكيله من أخطر وسائل الشاعر لتوصيل تجربته‎،‏ والتعبير عن إحساسه؛ مستشهدًا برأي الناقد الدكتور علي عباس علوان رحمه الله «أن للشاعر الجيد أساليبه الذكية والخفية التي يستطيع بها أن يلون نسيجه تلوينا غاية في الجمال والحذاقة، بحيث تترك في نفوسنا – دون استئذان- ذلك الإرنان والتنغيم اللذين يفعلان فعلهما السحري في نقل مضمون القصيدة، وتوصيل تأثيراتها المطلوبة، وتتضح هذه الأساليب عادة في الأعمال الأدبية الرفيعة، وبخاصة في الشعر الغنائي، بحيث يبدو الجانب الصوتي عاملًا مهما في البنية العامة للنسيج».

    واعتمد الباحث على العديد من المراجع منها العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده لابن رشيق، أسرار البلاغة لعبد القاهر الجرجاني، معجم الأدباء والكتاب – الموسوعة الثقافية الشاملة للمملكة العربية السعودية 1990م، الموجز في تاريخ الأدب العربي السعودي عمر الطيب الساسي 1995م، الصور الاستعارية في شعر طاهر زمخشري – غادة عبد العزيز دمنهوري 1421-1422هـ، أنفاس الربيع – طاهر زمخشري.

    يذكر أن زوجه الأديب طاهر زمخشري هي بنت خاله «آمنة» تزوجا في ثلاثينيات القرن الميلادي الماضي، وتوفيت في الأربعينيات بداء السل وهي في مشارف الـ 27 من عمرها، بعدما أنجبت له (سميرة، فؤاد، كوثر، ابتسام) ولم يتزوج بعدها واكتفى برثائها والعيش على ذكراها، فذكرها في مقدمة ديوانه «عودة الغريب» بصيغة رسالة أدبية لابنته «ابتسام» نُشرت في مقالي «دردشات الصومعة: طاهر زمخشري إلى «ابتسام» قبل 6 عقود من رحيلها بكورونا» https://garbnews.net/articles/s/5067 مما جاء فيها “كانت معي شريكة حياتي، ورفيقتي في الكفاح والدتك يرحمها الله.. التي كانت أقدر مني على احتمال الكارثة متى ثار إعصارها.. لم أكن أعتز بقدرتها هذه وحدها بل كانت فوق ذلك المشجع الذي يدفعني إلى السير كلما تعثرت بي الخطى، وهصرني الألم، وعصفت بي الشجون… في تلك الظروف السيئة التي كنا نعيشها معًا شجعتني على الاغتراب وأنا خلو الوفاض، زادي الأمل، وشراعي الصبر، واعتمادي على الله الذي يكفل الرزق ويمنح السراء ويكشف الضراء.. فغادرت الوطن وتركتها وفي يدها أختاك وأخوك، وأنت في أحشائها لم تصافحي النور بعد، وغبت شهورًا بلغ فيها بي اليأس منتهاه، فكتبت إليها من مصر أشرح لها فيها ما أعانيه.. وأترك لها حرية تسمية المولود حتى وضعته وأنا لا أزال في الغربة. وفعلًا تسلمت الرسالة بعد أن وضعت المولود بأربعة أيام، وبكت من أجلي طويلًا، وحررتْ لي جوابًا تقول فيه: «ابتسم للحياة، وإننا في مقتبل العمر، وقد صافحت ابتسام الحياة فعلًا بالمولودة التي وضعتها» هذه المولودة هي أنت يا ابنتي الحبيبة!!

    ولكن لم أكد أعود إلى الوطن وفي يدي ديواني الأول أحلام الربيع حتى وجدتها تقاوم العلة، وتصارع الداء، وشاء القدر أن يقول كلمته فافترستها يد المنون؛ وقد تخطيت الحول الأول من عمرك المديد إن شاء الله بأيام معدودات، ومن يومها وأنا أردد كلما تذكرتها..

    هي في أكفانها نائمة وأنا الساهر وحدي للأنين

    لو تقاسمنا الردى من يومها كنت في قبري بين النائمين”.

    وبالعودة إلى البحث أشيد بما قدمه الباحث من مادة أدبية لامست جانب انساني هام من حياة الأديب لم يتوقف عنده الكثير. وأكد أن أشعاره لا تزال حيه وتثير إعجاب واهتمام الباحثين والدارسين للأدب في عالمنا العربي من أقصاه إلى أدناه.

    وبما أننا في مطلع موسم دراسي جديد، يفكر فيه الكثير من الطلاب والباحثين خصوصًا في الأقسام الأدبية البحث عن شعراء ومواضيع عنهم لتناولها في أبحاثهم ودراساتهم لهذا العام، فإنني أدعوهم بالأخذ في الاعتبار المدرسة الشعرية الرَّبيعية الحجازيَّة التي سماها الأديب بهذا الاسم نسبةً إلى الشَّاعر عمر بن أبي ربيعة. أو دراسة اغراضه الشعرية الأخرى التي لم تبحث من قبل كشعره السياسي، وقضية فلسطين التي خصها بديون (من الخيام)، وعمل المرأة وأثره على المجتمع وغير ذلك، فهو أحد الأعلام السُّعوديين الذين أثروا الأدب والفكر والإعلام في العصر الحديث، واختم دردشتي هذه بأبيات من قصيدته «غُلبت على أمري» التي مهرها بقوله “وكانت في ليلتها الأخيرة هادئة مستغرقة في شبه غيبوبة الحالم فتهيأ لينام ولكن”:

    غُلبتُ على أمري وأصبحت ليس لي *** سواك وحتى أنت ضمتك أكفان

    وأسأل نفسي ما دهاها فلم تعد *** تكفكف دمعي والمدامع طوفان

    وأسأل من حولي: أنامت؟ فقيل لي *** نعم إنها نامت وإنك يقظان

    فقلت: إذن سووا عليها غطاءها *** ففي صدرها من وقدة الداء نيران

    ولكنها أغفت ولم تصح بعدها *** فقالوا: عزاء، قلت: ذلك بهتان

    يقولون لي: ماتت فقلت: أنا الذي *** أموت وحسبي أن قلبي أسوان

    https://garbnews.net/articles/s/5118

    Share
  • الرياضيين ذوي الإعاقة والأفضلية على الأصحاء في “طوكيو 2020”

    الرياضيين ذوي الإعاقة والأفضلية على الأصحاء في “طوكيو 2020”
    Share

    اختتمت مؤخرًا (الأحد 05/09/2021م) دورة الألعاب البارالمبية “طوكيو 2020” بحفل أقيم في الاستاد الوطني بطوكيو برعاية ولي العهد الياباني أكيشينو تحت شعار “تناغم متناغم” وحضور عدد من الشخصيات اليابانية البارزة منهم رئيس الوزراء يوشيهيديه سوغا، ورئيس اللجنة البارالمبية الدولية أندرو بارسونز، وحاكمة طوكيو يوريكو كويكيه، ورئيسة اللجنة اليابانية المنظمة للألعاب سيكو هاشيموتو. وعمدة باريس آن هيدالغو التي ستستضيف دورة 2024م بالإضافة إلى ألف شخص والوفود المشاركة.

    وشهد الحفل فعاليات وعرض كبير للألعاب النارية وصفها المنظمون بأنها مستوحاة من الألعاب البارالمبية “حيث تتألق الاختلافات”. وقال رئيس اللجنة البارالمبية الدولية أندرو بارسونز أن الإقبال الكبير في طوكيو كان دليلا على أن “الحركة البارالمبية أقوى من أي وقت مضى”. و “ليس لدي أدنى شك أن هذه الألعاب كانت أهم نسخة من دورة الألعاب البارالمبية، أولا بسبب الوباء، وثانيا لأننا أعطينا صوتا لـ 1.2 مليار شخص من ذوي الإعاقة”.

    وكانت البطولة قد انطلقت في 24 أغسطس الماضي بعد أسبوعين من ختام دورة الألعاب الأولمبية الصيفية وأعدت من أبرز الدورات تقدمًا من حيث العناية بالبيئة واستخدام التقنيات، والمشاركين فقد شارك فيها نحو 4400 رياضي مثلوا 163 دولة، تنافسوا في 22 رياضة (ألعاب القوى، السباحة، تنس الطاولة، كرة السلة على الكرسي المتحرك، رغبي الكرسي المتحرك، مارثون النساء والرجال). بالإضافة إلى نوعان جديدان هما الريشة الطائرة “البادمنتون”، والتايكواندو.

    وقد حرصت على متابعتها وأهم نتائجها من أجل المقارنة بين إنجازات الرياضيين العرب من ذوي الإعاقة “البارالمبيين: والأصحاء “الأولمبيين”.

    وقد حازت الصين على المركز الأول بـ 207 ميدالية (96 ذهبية، 60 فضية، 51 برونزية)، بريطانيا المركز الثاني 124 ميدالية (41 ذهبية، 38 فضية، 45 برونزية). الولايات المتحدة الأمريكية المركز الثالث 104 ميدالية (37 ذهبية، 36 فضية، 31 برونزية)، فريق اللجنة البارالمبية الروسية المركز الرابع (من حيث الميداليات الذهبية) 118 ميدالية (36 ميدالية ذهبية، 33 فضية، 49 برونزية).

    وحصد العرب 57 ميدالية أعلاهم الجزائر بـ 12 ميدالية (4ذهبية، 4 فضية، 4برونزية)، تونس 11 ميدالية (4 ذهبية، 5 فضية، 2 برنزية)، المغرب 11 ميدالية (4 ذهبية، 4 فضية، 3 برونزية).

    مصر 7 ميداليات (5 فضية، 2 برونزية) الأردن 5 ميداليات (4 ذهبية و1 برونزية). العراق 3 ميداليات (1 فضية و2برونزية)، الإمارات 3 ميداليات (1ذهبية، 1 فضية، 1برونزية). الكويت ميداليتان (1 فضية 1 برونزية) وحصلت السعودية وقطر وعمان على 1 ميدالية برونزية لكل منهم.

    ويلاحظ أن الدول التي حققت المراكز المتقدمة في الألعاب البارالمبية هي ذاتها التي حققت المراكز المتقدمة في الأولمبياد مع تغير الترتيب، وقد يعود ذلك إلى تقدمها في خدمات ذوي الإعاقة ومراكز إعادة تأهيلهم، كما أنها من الدول التي عُرفت باهتمامها بالنشاط الرياضي وسبق لها تنظيم الألعاب الأولمبية والبارالمبية.

    وبالعودة إلى نتائج العرب فإنها تراجعت عما حققوه في الدورة السابقة «ريو ديجينيروا 2016م» التي حصدوا فيها (74 ميدالية)، ناهيك عن أنهم لم يحققوا حتى الآن ما استطاعوا تحقيقه في دورة أثينا 2004م التي حصدوا فيها 77 ميدالية. وأرجو أ ن لا يكون ذلك مؤشرا لتراجع مستوى الألعاب البارلمبية في عالمنا العربي.

    وبالرغم من ذلك تعتبر نتائج الرياضيين العرب من ذوي الإعاقة “البارالمبيين” أفضل بكثير من نتائج الرياضيين الأصحاء “الأولمبيين” سواء في طوكيو 2020 التي حاز فيها البارالمبيين 57 ميدالية والأولمبيين 18 ميدالية أو عامة الدورات إذ بلغت حصيلة البارالمبيين 535 ميدالية منذ بدء مشاركاتهم في عام 1976م مقابل 126 ميدالية حققها الرياضيين الأصحاء “الأولمبيين” منذ أول مشاركة لهم في العام 1912م. وعلى المستوى المحلي حقق البارالمبيين السعوديين 5 ميداليات منذ بدء مشاركتهم في العام 1996م مقابل 4 ميداليات حققها الأولمبيين الأصحاء منذ بدء مشاركاتهم في العام 1972م.

    ورغم تلك الأفضلية التي حققها الرياضيين ذوي الإعاقة “البارالمبيين” إلا أننا نجد أن الاهتمام الرسمي والإعلامي والجماهيري ينصب لصالح الرياضيين الأصحاء “الألومبيين” رغم تواضع حصيلتهم وأرى أنه من الضروري تعديل الكفة بإنصاف الرياضيين ذوي الإعاقة بإبراز نتائجهم بصورة تتناسب مع مستوى الإنجاز الذي حققوه لبلدانهم وتحفيزهم بصورة معنوية ومادية بالتساوي مع ما يحصل عليه الألومبيين الأصحاء من الاهتمام والرعاية والدعم.

    وحيث أن الدورات البارالمبية من أهم الأنشطة العالمية التي توصل صوت ذوي الإعاقة وتدمجهم في المجتمع وتبرز قدراتهم، وتعكس صورة ذهنية إيجابية عن مستوى الرعاية والاهتمام الذي توليه الدول المشاركة بذوي الإعاقة

    لذا أرى من الضروري على الجهات المعنية في عالمنا العربي وضع خطة استراتيجية مشتركة تهدف لـتعزيز المشاركات العربية في الدورات البارالمبية المستقبلية وتحقيق مراكز متقدمة فيها. من خلال تكثيف توعية المجتمع بأهمية الرياضة للأشخاص ذوي الإعاقة والمشاركة في المنافسات البارالمبية للجنسين، تشييد وتجهيز مرافق نموذجية للألعاب البارالمبية في عامة العواصم العربية ومدنها الرئيسية، تنظيم بطولات عربية للألعاب البارالمبية لاكتشاف أفضل المواهب وصقلها من مراحل مبكرة، تنمية وتطوير برامج ودروس عن الألعاب البارالمبية للمؤهلين من الأشخاص ذوي الإعاقة وإتاحتها في مراكز التعليم الخاص والرعاية النهارية، تشجيع دوائر المسئوليات الاجتماعية بالقطاع الخاص والعام على رعاية ودعم منافسات الرياضات البارالمبية ولاعبيها، تشجيع الاندية الرياضية على تهيئة مرافقها بالوصول الشامل ضمن مسئولياتهم الاجتماعية لاستيعاب الرياضيين من ذوي الإعاقة (ذكور/إناث) لممارسة أنشطتهم الرياضية فيها.

    يجدر بالذكر إن الألعاب البارالمبية أهم حدث رياضي عالمي خاص بذوي الإعاقة يقام كل 4 سنوات عقب دورة الألعاب الأولمبية الصيفية، وأول دورة أقيمت رسميا عام 1960م في روما بمشاركة 400 رياضي من 23 دولة. وتعود فكرة نشأتها إلى السير لودفيغ غوتمان الذي أشرف على وحدة إصابات العمود الفقري في مستشفى ستوك ماندفيل الذي عالج قدامى المحاربين البريطانيين حيث نظمت بريطانيا عام 1948م بطولة شارك فيها 16 رياضي ورياضية مقعدين، بعضهم من مخضرمي الحرب العالمية الثانية.

    واختم دردشتي بما قلته سابقًا من أبيات الشاعر اللبناني عمر فروخ:

    فحَي مَعي الرياضَةَ إن فيها *** فوائدَ للشَّباب الطَّامحِينا

    وتبعثُ فِيهُمُ روحًا شريفًا *** فيلقون المتاعِبَ باِسِمينا

    فكن فينا رياضيًا قويًا *** وكُن في الأرض إنسانًا مُعينًا

    هنالِكَ نبلُغُ العلياءَ زهوًا *** ونرفَعُ رأسنا في الرافعينا

    Share
  • ماذا بعد مشهد الإعاقة!؟

    ماذا بعد مشهد الإعاقة!؟
    Share

    تقدمت مؤخرًا للمرة الأولى منذ إصابتي بالإعاقة البصرية بطلب مشهد اثبات إعاقتي من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، للمشاركة في مسابقة مخصصة لذوي الإعاقة.

    وأثار إعجابي تطور آلية الحصول على المشهد الذي أصبح الكترونية بالكامل، ولكن المعضلة التي واجهتني هي اضطراري الاستعانة بصديق للولوج إلى الموقع، والمحاولة لعدة مرات على مدى يومين بسبب مشكلة فنية بظهور رسالة “عذرا، حدث خطأ فني أثناء تنفيذ العملية. يرجى المحاولة في وقت لاحق.”.

    وبعد نجاح الولوج إلى الموقع اتبعت الخطوات اللازمة لاستصدار مشهد الإعاقة الذي استلزم تحديث البيانات، وإحضار تقرير طبي حديث لتقييم الإعاقة من إحدى المستشفيات المدرجة على قائمة الوزارة حسب المنطقة التي أتبع لها، وخصصت لمحافظة جدة 7 مستشفيات منها 2 حكومي و5 خاص وهذا تيسير يشكرون عليه، ولاحظت عدم وجود مستشفى العيون بجدة ضمن القائمة.

    اخترت منها الأقرب لمنزلي وكان مستشفى خاص، وهي المرة الأولى التي أراجع فيها عيادة عيون بالمملكة منذ أكثر من عشرين عامًا، وصلت المستشفى وأول ما اصطدمت به هو صعوبة الوصول فمواقف السيارات محدودة مقارنة بعدد المراجعين مما اضطرني لإيقاف سيارتي تحت إحدى العمائر القريبة من المستشفى، والمشي برفقة سائقي تارة فوق الرصيف وتارة على الاسفلت بسبب وقوف بعض السيارات عليه، وأحواض الزرع، وأعمدة الإنارة، وكان عليّ الانحراف إلى مسار السيارات تفاديا للاصطدام بحاوية القمامة التي صادفتني في الطريق. وأخيرا وصلت إلى المستشفى الذي كان مدخله بدرج حاد، صعدته ودخلت منطقة الاستقبال وكانت بمثابة ظلام دامس بالنسبة لحالتي البصرية، وكاونتراته مغطاة بموانع زجاجية فلم أستطع الاعتماد على حاسة سمعي لتحديد مكان الموظف والتحدث إليه، الأمر الذي اضطر سائقي إلى توجيهي للفتحة للتحدث معه وبالكاد كنت اسمعه لشدة الضوضاء المحيطة، مما اضطره في معظم الأحيان التحدث مع سائقي لإرشاده فيما علي أن اقوم به من خطوات فتح ملف، دفع أجرة الكشف، الذهاب إلى عيادة العيون في الطابق الرابع، وبعد أن انتهيت من الفحص الذي استغرق عدة دقائق تنقلت بين عدة مكاتب إدارية في طوابق مختلفة لاستيفاء التواقيع اللازمة وإصدار التقرير الذي خلص إلى أن حدة الإبصار بالعين اليمنى لدي هي “عدم رؤية الضوء نتيجة لوجود ضمور تام بالشبكية والعصب البصري نتيجة الالتهاب الصبغي التلوني بشبكية العين اليمنى واليسرى، ووجود مياه بيضاء شديدة بالعينين، ونسبة فقدان النظر هي 100% بالعين اليمنى و100% بالعين اليسرى”.

    فوجئت بتلك النتيجة فقد كنت أعتقد أن لدي رؤية محدودة أرى من خلالها بصيص الضوء والظلال والكتل، فأدركت أن كل ما أراه هو عبارة عن ومضات ضوئية وصور من ذاكرتي البصرية.

    استلمت التقرير ورفعته على الموقع الإلكتروني للوزارة حسب المطلوب وواجهت نفس المشاكل التي واجهتها في البداية، وبعد أن تم رفع التقرير بنجاح حصلت على تقييم الإعاقة وبموجبه صدر المشهد وأصبحت مؤهلًا للحصول على بعض الخدمات التي توفرها الوزارة للأشخاص ذوي الإعاقة وهي الاعفاء من رسوم التأشيرات، الإعانة المالية للأجهزة الطبية المعينة، الشهادات الرقمية للتسهيلات المرورية، وتخفيض أجور الإركـاب. وعلى الفور أنهيت إصدار شهادة تخفيض أجور الإركاب التي تمنحني تخفيض 50% على وسائل النقل الحكومية إذ كانت أيسرهم، ولا زلت أحاول الحصول على الخدمات الأخرى التي تنطبق شروطها عليّ.

    والحقيقة أنني لم أفكر في إصدار بطاقة الإركاب من قبل لمنظور عاطفي، فقد كنت أحصل وأنا موظف بالخطوط السعودية على تصريح إركاب مفتوح على الدرجة السياحية، و4 تذاكر سفر مجانية سنوية لي ولأسرتي، وتخفيض أجور على جميع شركات الطيران تصل الى 90%، فكيف لي أن أطلب بطاقة تخفيض 50% على النقل الحكومي فقط. بعد أن فقدت تلك المزايا بسبب إحالتي إلى التقاعد المبكر.

    وخلال استطلاعي للخدمات المتوفرة على الموقع استوقفني غياب المعلومات والإرشادات التي تقود إلى مراكز التدريب وإعادة التأهيل وهي الأهم من بين الخدمات لذوي الإعاقة لما فيها من مردود نفعي على المعاق واستقلاليته واكتفاؤه الذاتي. فعلى سبيل المثال تجربتي مع الإعاقة البصرية والتحاقي ببرنامج الاستقلال الذاتي المتكامل بمعهد الجمعية الوطنية للمكفوفين بمينابولس بولاية منيسوتا الأمريكية في العام 1996م لمدة شهر بـ 3000 دولار سمح لي بتسديدها بعد العودة إلى المملكة متى ما توفر المبلغ معي دون أي ضمانات باستثناء مبلغ 600 دولار قيمة السكن.

    فتمكنت من تطوير مهاراتي الذاتية واستعادة قدراتي الوظيفية وتوظيف خبراتي العملية في إعداد فكرة مشروع لإعادة تأهيل وتدريب ذوي الإعاقة البصرية على الاستقلال الذاتي كي لا يضطروا إلى السفر لأمريكا أو أوروبا لتحقيق ذلك، وأُسس المشروع في العام 2003م باسم جمعية إبصار الخيرية كأول جمعية سعودية وعربية متخصصة في مجال خدمات الإعاقة البصرية وإعادة التأهيل، وعينت مديرًا لها، وهكذا تمكنت من العودة للعمل بدلًا من التقاعد. وفي نفس العام رشحت من قبل منظمة اللايت هاوس الدولية بنيويورك ضمن 25 خبير دولي لإعداد ورقة عمل للحد من المؤثرات الناجمة عن ضعف البصر في العالم، عرضت في مؤتمر البصر 2005م بلندن، وأصبحت عضوًا في الرابطة الدولية لأبحاث ضعف البصر وإعادة التأهيل. بالإضافة إلى قيامي بالعديد من الأنشطة والأعمال المرتبطة بالمجال.

    وختمت هذه التجربة في العام 2015م بالخروج بحلم لمعالجة مشكلة بطالة ذوي الإعاقة البصرية ونقص الخدمات في عالمنا العربي أسعى لتحقيقه من خلال الصحافة والتأليف في ظل الوضع العام الذي تعيشه خدمات الإعاقة البصرية وإعادة التأهيل في عالمنا، أو أقوم في نهاية المطاف بما قام به الأديب الراحل طه حسين بكتابة مؤلفه «الأيام» الذي قال في مقدمته “أنا أتمنى أن يجد الأصدقاء المكفوفين في قراءة هذا الحديث تسلية لهم عن أثقال الحياة، كما وجدت في إملائه، وأن يجدوا فيه بعد ذلك تشجيعًا لهم على أن يستقبلوا الحياة مبتسمين لها، كما تبتسم لهم ولغيرهم من الناس”. واختم دردشتي بقول الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حينما ذهب بصره

    إن يأخذ الله من عينيّ نورهما … ففي لساني وقلبي منهما نور

    قلبي ذكيّ وعقلي غير ذي دخل … وفي فمي صارم كالسّيف مأثور

    Share
عدد المشاهدات 998
Share