-
العرب والطريق من أولمبياد طوكيو 2020 إلى باريس 2024
أسدل الستار يوم الأحد 09/08/2021م على أهم حدث رياضي عالمي تابعه مئات الملايين حول العالم بعد تأجيل دام لعام كامل بسبب جائحة كورونا، وهو «أولمبياد طوكيو 2020». وبحكم عشقي للأولمبياد التي فتحت عيني عليها منذ اولمبياد «ميونخ 1972م»، ومتابعة تطورها وتوسعها من دورة إلى أخرى، حرصت على متابعة أولمبياد طوكيو وأهم نتائجها وجديد ما قُدم فيها.
ولا شك في أن كل من تابعها يتفق معي بإنها كانت الاضخم منذ بدء المنافسات الأولمبية فقد أجمع المراقبون بانها شهدت قفزة نوعية في النواحي الرياضية والاجتماعية والإنسانية والاقتصادية، حيث بلغت تكلفتها 15.4 مليار دولار امريكي بزيادة بنسبة 22% بسبب تأجيلها اضطراريًا لمدة عام نتيجة جائحة كورنا، وتضمنت 339 منافسة في 33 رياضة من بينها 34 منافسة جديدة و 5 العاب جديدة هي التزلج بالألواح والكاراتيه والبيسبول/السوفتبول والتزلج على الأمواج لاجتذاب جماهير من فئات عمرية أصغر، وشارك فيها 11656 رياضي منهم 48.8% إناث، مثلوا 205 دولة وفريق اللجنة الأولمبية للاجئين.
وكان أكثر ما أثار إعجابي اللفتة الإنسانية باختيار شخص من ذوي الإعاقة وثمانية أطفال وأربعة من أبرز الرياضيين اليابانيين لحمل العلم الياباني خلال حفل الافتتاح بمشاركة مهنيين في مجال الرعاية الصحية تقديرًا لخدماتهم خلال الجائحة.
كذلك التقنيات التي استخدمت لأول مرة وجعلت البطولة من أكثر المسابقات الرياضية تقدمًا من الناحية التكنولوجية فعلى سبيل المثال نظام الاستشعار الذي طورته شركة أوميغا للساعات السويسرية لقياس سرعة الرياضيين أو نقاط التسارع من خلال توصيل أجهزة استشعار صغيرة بقمصانهم تجمع وتحلل ما يقرب من 2000 مجموعة من البيانات في الثانية الواحدة.
والكاميرات التي تعتمد الذكاء الاصطناعي لقياس الأداء الكامل للاعب ومشاركته مع الرياضيين والمدربين في الوقت الفعلي لكرة الطائرة الشاطئية، وسباقات طرق الدراجات والسباحة والجمباز.
واستخدام تقنية الرادار للعبة البيسبول لتحليل كل ضربة يقوم بها اللاعب وعرضها مع التحليل في الوقت الفعلي.
ونظام التتبع الرياضي الثلاثي الأبعاد الذي ابتكرته شركة انتل بالشراكة مع شركة علي بابا الصينية للحصول على رؤية ثلاثية الأبعاد للمنافس من أجل أن يقوم المدربون بتقييمه، ويتمكن المذيعون من المساعدة في إعلام المشاهدين بما يجري أثناء المنافسات في الوقت الفعلي. والتكنولوجيا القابلة للارتداء لتتبع الرياضيين عند إغلاق ملاعب التدريب بسبب الوباء.
فضلًا عن الربوتات متعددة الاستخدامات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي والمزودة بكاميرات وأجهزة لتحية وتوجيه الرياضيين والمتفرجين وإحضار الوجبات الخفيفة، واسترداد العناصر المستخدمة في الألعاب كالرماح والجلل والكور…الخ. بالإضافة إلى الطائرات المسيرة التي أبهرت المتابعين في حفل الافتتاح حينما شكلت 1800 منها شكل الكرة الأرضية ثلاثي الأبعاد بقاراتها الخمسة وشعار الأولمبياد.
وما أثار الأعجاب ايضًا الاهتمام بالبيئة والمحافظة عليها باستخدام المواد المدورة والطاقات المتجددة في الدورة حيث صُنعت ميداليات اللاعبين من هواتف نقالة أعيد تدويرها، وصناعة الشعلة الأولمبية من نفايات الألمنيوم، واستخدام الطاقة المتجددة لتوليد التيار الكهربائي المستخدم في الألعاب.
والأمر الوحيد الذي عكر صفو فعاليات البطولة هو حرمان بعض الأبطال من المشاركة في المنافسات بسبب إصابتهم بفيروس كورونا، ومنع الجماهير من الحضور للملاعب والاستمتاع بتجهيزاتها وخدماتها بسبب الإجراءات الوقائية الصارمة التي اتبعتها اللجنة المنظمة للوقاية من الفيروس.
والواقع إن الألعاب الأولمبية لم تعد مجرد تجمع للمنافسات الرياضية والترفيه، بل أصبحت بمثابة مصدر هام لزيادة الناتج المحلي للدول التي تفوز بتنظيمها، وإن كانت اليابان لم تحقق المكاسب المالية المرجوة بحكم الجائحة، وعنصر هام لكسب القوة الناعمة ونشر الثقافة المحلية للمجتمعات الأخرى. لذلك يلاحظ أن الدول التي حققت المراكز العليا هي الأقوى اقتصاديًا وسبق لها أن نظمت الأولمبياد فقد حققت الولايات المتحدة الأمريكية المركز الأول بـ 113 ميدالية، الصين 88 ميدالية، اليابان 58 ميدالية، بريطانيا 65 ميدالية.
وغابت الـ 22 دولة العربية التي شاركت في البطولة عن المراكز المتقدمة رغم إنها حققت أفضل إنجاز لها في تاريخ مشاركاتها الأولمبية بحصولها على 18 ميدالية، إذ حققت قطر أعلى مركز بين الدول العربية في المركز (41) بـ 3 ميداليات 2 ذهبية و1 برونزية، مصر (54) بـ 1 ذهبية و1 فضية و4 برونزية، تونس (58) 1 ذهبية و1 فضية، المغرب (63) بـ 1 ذهبية، الأردن (74) بـ 1 فضية، و1 برونزية، السعودية والبحرين (77) بـ 1ميدالية فضية لكل منهما، الكويت وسوريا (86) بـ 1 برونزية لكل منهما.
وبرأيي إن تلك الإنجازات العربية تعتبر متواضعة مقارنة بعدد اللاعبين العرب الذين شاركوا في البطولة وعددهم 457 رياضي، مقارنة بـ «ـجامايكا» التي شارك منها 50 رياضيًا حققوا المركز 21 بمجموع 9 ميداليات 4 ذهبية، 1 فضية، 4 برونزية. فضلًا عن تحقيق بعضهم لأرقام قياسية.
ليس ذلك فحسب، بل أن بعض الأبطال الأفراد فاقت انجازاتهم الدول العربية كالسباح الأمريكي كايلب دريسيل الذي حقق 5 ميداليات ذهبية. والسباحتين الأستراليتين إيما ماكيون 4 ذهبية و3 برونزية وكايلي ماكيون 3 ذهبية و1 برونزية، فساهموا في وضع مراكز دولهم ضمن قائمة العشرة الأوائل. الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في منظومة الرياضة العربية واستعداداتها لأولمبياد باريس 2024 لكي يكون لنا مراكز متقدمة فيها.
ولتحقيق ذلك علينا وضع خطة استراتيجية تبدأ بالاهتمام بالرياضة المدرسية وتطويرها، ووضع مواد دراسية نظرية وعملية للألعاب الرياضية ضمن المناهج الدراسية في كافة المراحل، واستئناف الدورات الرياضية العربية المدرسية التي توقفت بعد آخر بطولة نظمت في الكويت عام 2012م. التركيز على الألعاب الفردية بجميع أنواعها وتنميتها. فأكثر الألعاب التي حققنا فيها ميداليات ألعاب القوى ورفع الاثقال والمصارعة والملاكمة والرماية والجودو والمبارزة والفروسية والكاراتيه والتايكواندو والخماسي الحديث وكرة الطائرة الشاطئية وهي لا تجد الدعم الكافي ككرة القدم.
إلزام الأندية العربية بتفعيل كافة الألعاب الرياضية المدرجة ضمن الألعاب الأولمبية ومشاركتها في البطولات المحلية والإقليمية، زيادة المشاركات النسائية في البطولات العالمية خصوصا الألعاب القريبة من عاداتنا وتقاليدنا كالرماية والفروسية بأنواعها والرياضات المائية التي تحصد عدد من الميداليات ترفع من مستوى الترتيب العام في البطولة. توعية المجتمعات العربية بأهمية المنافسات الأولمبية والمشاركة فيها. واختم دردشتي بما قاله الشاعر اللبناني عمر فروخ:
فحَي مَعي الرياضَةَ إن فيها *** فوائدَ للشَّباب الطَّامحِينا
وتبعثُ فِيهُمُ روحًا شريفًا *** فيلقون المتاعِبَ باِسِمينا
فكن فينا رياضيًا قويًا *** وكُن في الأرض إنسانًا مُعينًا
هنالِكَ نبلُغُ العلياءَ زهوًا *** ونرفَعُ رأسنا في الرافعينا
-
حال العام الهجري الجديد 1443هـ وقهوة اللوز
نشر هذا المقال على صحيفة غرب الإخبارية في 1442/12/29هـ – 2021/08/08م
يحل العام الهجري الجديد «1443هـ» والعالم يواجه خطر حقيقي بسبب فيروس كورونا بحسب تصريح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس على موقع المنظمة الإلكتروني إذ أصاب الفيروس حتى كتابة مقالي 203,268,184 شخص في 220 بلد وإقليم حول العالم توفي منهم 4,305,213 شخص اعلاها أمريكا بـ 36,519,801 توفي 632,995، الهند 31,944,077 توفي 428,072، البرازيل 20,151,779 توفي 563,082، روسيا 6,447,750 توفي 164,881، فرنسا 6,284,708 توفي 112,190، بريطانيا 6,069,362 توفي 130,320 وسجلت المملكة العربية السعودية 533,516 إصابة توفي منهم 8,334 شخص.
في الأثناء أسدل الستار على دورة الألعاب الأولمبية طوكيو 2020م، بدون حضور جماهيري بسبب تزايد عدد حالات الإصابة بالعدوى ولم تحقق الدورة الانتعاش الاقتصادي لليابان كما كان متوقعًا، وفي غضون ذلك تشهد عدد من المناطق في العالم توترات واضطرابات سياسية جعلتها وكأنها على فوهة بركان. في الوقت الذي تعاني فيه مناطق اخرى من التغيرات المناخية، والمسلمون كما قال الشاعر طاهر زمخشري رحمه الله:
المسلمون تمادوا في تنافرهم *** فمزقتهم شرور كلها حمم
وطوقتهم بهول لا حدود له *** لأنهم قد تناسوا أمر ربهم
ولعله من المناسب أن أغتنم فرصة حلول العام الهجري الجديد بالدعاء والتضرع إلى الله بأن يجعله عام خير وبركة علينا وعلى الأمة الإسلامية، وأن يكشف الغمة عن الأمة ويكفيها شر الأسقام، ويسود السلم والسلام أرجاء المعمورة، والمودة والألفة بين الناس.
وفي هذا السياق استحضر شيئا من الذكريات لعادات وتقاليد موروثة سادت بين أهالي مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة دأبوا على مارستها مع حلول أول يوم عام هجري جديد اذ اعتادوا في ذلك اليوم إضفاء صبغة اللون الأبيض والأخضر على كافة مناحي حياتهم من باب التفاؤل بأن تكون السنة الجديدة كلها بيضاء وخضراء ويسودها الحب والوئام. وذلك بتحضير «قهوة اللوز» التي تعرف أيضُا بـ «القهوة البيضاء، القهوة الحلوة، القهوة الملوزة، قهوة ستنا خديجة» وتصنع بغلي كمية من الحليب مع السكر، يضاف إليه دقيق أرز مخلوط مع حليب بارد ويمزجا سويًا ويقلبا فوق النار ويضاف إليهما اللوز والهيل مع الاستمرار في التقليب حتى ينضج ويقدم ساخنُا وتختلف أذواق الناس ما بين من يفضل اللوز مجروشًا أو مطحونًا أو غير مقشر، ويتناولون طعام الغداء بوجبة الملوخية الخضراء مع الأرز الأبيض. وكانوا يفرشون البرسيم الأخضر في الطرقات والسير عليه مرتدين ملابس بيضاء، ويتبادلون الزيارات فيما بينهم للتهنئة بالعام الجديد، وتميز أهالي المدينة المنورة بشراء الورد المديني والنعناع والفل وتوزيعه على الأرحام والجيران. إضافة إلى حرص العائلات على أن يتم صرف المال في اليوم الأول من السنة بشكل اقتصادي بدون أي مبالغات حتى يستمر العام على نفس هذه الوتيرة.
وللأسف تلاشت تلك العادات الجميلة التي كانت تضفي البهجة على النفوس والتفاؤل وتكرس الحب والوئام بين أفراد المجتمع وتقوي علاقاتهم، باستثناء قلة لا تزال تمارس بعض تلك العادات خصوصًا صناعة «قهوة اللوز».
وفي ظل ما تشهده بلادنا من عمل دؤوب وحثيث لاستنهاض كل ما هو جميل من عاداتنا وتقاليدنا الجميلة فإنني أقترح على وزارة الثقافة بأن توثق تلك العادات ضمن التراث غير المادي للمملكة وتنظيمها في شكل مسابقات واحتفالات جماعية تبث روح البهجة في نفوس الناس وواجهة حضارية تشجع السياحة الداخلية.
وكان أول من أرَّخَّ بالهجرة في الإسلام هو الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فقد أخرج الحاكم عن الشعبي أن أبا موسى كتب إليه: إنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ، فجمع عمر الناس، فقال بعضهم: أرخ بالمبعث، وبعضهم أرخ بالهجرة، فقال عمر: الهجرة فرقت بين الحق والباطل، فأرخوا بها، وذلك سنة سبع عشرة، فلما اتفقوا قال بعضهم: ابدأوا برمضان. فقال عمر: بل المحرم، فإنه منصرف الناس من حجهم فاتفقوا عليه. ومن حينها اعتمد المسلمون التقويم الهجري وكان يوم 1 محرم من عام 17هـ هو بداية أول سنة هجرية.
وأنا بدوري أختم دردشتي بقصيدة «ذكرى الهجرة» للأديب الراحل طاهر عبد الرحمن زمخشري – رحمه الله – من ديوانه «همسات – 1952م/ 1372هـ» التي نظمها من 30 بيتًا مقسمة على أربعة مقاطع المقطع الأول خمسة أبيات المقطع الثاني ثمانية أبيات، المقطع الثالث أحد عشر بيتاً، المقطع الرابع ستة أبيات، مجد من خلالها هجرة المختار المصطفى عليه الصلاة والسلام ودعا فيها إلى ترك الأحقاد والضغينة لأنها سلاح المخفق. وفيما يلي أبيات القصيدة:
ناحتِ الشمسُ على عامِ مضَى *** ثم ذابت حمرةً في الأفق
وأفاضَتْ مِن شجاها زفرَةً *** صبغت أنوارها بالشَّفق
ووراء الأفق بحرٌ صاخبٌ *** يتلظّى بالبِلي المصطفق
تسبح الأجيال في تَيَّاره *** فلكه مُضْطَربٌ في نزق
فإذا ما لعبَ الْبَحرُ به *** ترجفُ الدُّنيَا له من فرق
*****
فهنا عام وقد ملَّ السُّرى *** فانزوى خلف سجافِ الغَسَّق
لاهثاً أكدى وللدهر يَدٌ *** بِعصور سلفت لم تُشفق
يا لِغَرْقَى ذهب الماضي بِهم *** وذكاءٌ في ذهول المطرق
كل عامِ تُرْسل الدَّمْع على *** راحلِ أحرزَ قصبَ السَّبَق
فإذا العام توارى غَرقَتْ *** لِتُحَييِّ فجرَ عامِ مُشرِق
هكذا المقدور يجري حكمه *** يا ليالي للبِلى فاَنْطَلقي
واتركي خلفكِ ذِكرى ربمَّا *** كانت النور على المْفُتْرَق
واقرئي من صُوَر الماضي لنا *** عِبَراً تَجلْو الصُّوى في الطرقِ
*****
فهُنا عامٌ وهذا فجره *** هلَّ موفورَ السَّنا والفَلقِ
تلعبُ الآمالُ في أعطافِه *** مُشْرقاتٍ في إهابٍ يَفَق
مُشرئبَّاتِ وفي مَطلعها *** غرةُ الصُبح المنير المونق
والشَّذا الفَوَّاح في موْكبها *** عاطرَ الأنفاس زاكي العَبَق
والسَّنا الضَّاحك في أفيائها *** يغمر الدنيا بسحرِ الرَّوْنقِ
طلعةٌ والصبح من إشراقها *** لِسوى عذبِ المنى لم تُخْلَق
ذكَّرتني، رُب ذكرى رقصت *** بِحنايا ذائبٍ مُحْتَرق
ذكَّرتني، موكب النور سرى *** وَضَحاً يغزو الدُّجىٰ كالفَيْلَقِ
ذكَّرتني الغار في جوف الدُّجىٰ *** وبه النصر الذي لم يُخْفِق
ذكَّرتني المُصْطَفَىٰ مُختبئاً *** يرقب الصُّبح وَلمَّا يَبْثُق
ذكَّرتني صرخةَ الحقِّ وقد *** كُبِتَتْ لكنها لم تُخْنَق
*****
هاجرَ المْختار من موطنهِ***مرهفَ العزمِ، قويَّ المنطق
فانتضى من عزمة الحق الظُّباَ *** جاهدتْ صفاً فلم يفَتَرق
جمعت شمل الأولَىٰ شادوا لَنَا *** صرْحَ مجدٍ، وسلامٍ مُشرقِ
ضله الأهواء لا تجني سِوىٰ *** خرقٍ، يا بئسَهُ من خرق
فاتركوا الأحقاد واحْتَثُّوا الخطَىٰ *** إنَّما الَضِّغْنُ سِلاَحُ المُخْفق
هجرة المختارِ ذكرى فيْضُهَا *** بات يَهْمي بالسّنَا الْمُنْبَثق
رابط المقال على صحيفة غرب الإخبارية
-
إبصار والعودة إلى خدمات العناية بضعف البصر وإعادة التأهيل
اطلعت على ما نشرته جمعية إبصار الخيرية في حسابها على تويتر في 28/07/2021م بشأن تشغيل عيادة ضعف البصر التي تتزامن مع خطة المجلس لعودة العمل الطبي تدريجيا بالجمعية عقب توقفه بسبب تداعيات جائحة كورونا.
وصرح في ذات التغريدة رئيس مجلس الإدارة المستشار أحمد الحمدان الذي شهد الحدث بأن العيادة القلب النابض للجمعية للبدء بها قبل تشغيل الأنشطة الأخرى مثمنًا جهود العاملين فيها
وقد تفاعلت مع ذلك بتهنئة الجمعية على هذه الخطوة وإبداء رغبتي في التوعية والتعريف بها بين المهتمين من متابعي حساباتي وسألت عن أوقات عمل العيادة؟ واسم الدكتور أو الأخصائي الذي يديرها؟ والخدمات التي تقدمها؟ ومن هم المستهدفين منها؟ وأهم أنظمة وإجراءات الحصول على الخدمة؟ ولا زلت انتظر الرد.
وكانت إبصار قد انتخبت وشكلت مجلس إدارتها الجديد برئاسة المستشار أحمد بن عبد العزيز الحمدان، والدكتور أسامة بن عبد القادر نصير نائباً له، وعضوية كل من المهندس عبد الرحمن بن عبد الله الخريجي، واستشاري طب العيون الدكتور حسين بن علي السقاف، الدكتور محمد بن سليمان الفواز، الأستاذ عبد الله بن عوض بن لادن. والإعلامية الأستاذة لولوه العبد الله.
وبدورهم قاموا بحضور ورشتي عمل عقدها مجلس الجمعيات الأهلية بمنطقة مكة المكرمة يومي 26 يوليو و2 أغسطس 2021م بعنوان «التوجهات الإستراتيجية لجمعية إبصار الخيرية بجدة» أدارها أمين عام مجلس الجمعيات الأهلية بمنطقة مكة المكرمة د. عبد القادر تنكل، بحضور عدد من المختصين والخبراء، وعدد من ذوي الاعاقة البصرية، وتحدث نائب رئيس مجلس الجمعيات الأهلية بمنطقة مكة المكرمة الدكتور عبد الله الغامدي في بداية الورشة، مشيرًا إلى أن انعقادها يمثل أحد المحاور الاستراتيجية الرئيسة للمجلس، وهو محور التمكين، والذي يهدف إلى مساعدة الجمعيات وتقديم الاستشارات لتحديد توجهاتها المستقبلية.
فيما أشار مدير إدارة تنمية المجتمع بفرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بمنطقة مكة المكرمة الأستاذ أحمد الصفحي إلى أهمية الدور الذي تقوم به جمعية إبصار في خدمة فئة المعاقين بصريًا، وتقديم الدعم والمساعدة لبرامجهم وتنمية مهاراتهم وقدراتهم، فيما شكر مجلس الجمعيات الأهلية بمنطقة مكة المكرمة على مبادرته في تنظيم وإدارة الورشة.
وأكد رئيس مجلس إدارة جمعية إبصار المستشار أحمد الحمدان، أن الهدف من هذه الورشة وضع خطة استراتيجية جديدة قابلة للتنفيذ، وتصب في مصلحة الفئة المستهدفة، مشددًا على الدور الذي يقوم به مجلس الجمعيات الأهلية بمنطقة مكة المكرمة في تمكين الجمعيات والنهوض بها وفق رؤية استراتيجية علمية.
جاء ذلك في سلسلة تغريدات نشرها مجلس الجمعيات الأهلية بمنطقة مكة المكرمة على حسابه في تويتر في 26 يوليو وأضاف إن المشاركين تفاعلوا في الورشة على مدى خمس ساعات بأفكارهم ونقاشاتهم لتحديد التوجهات الاستراتيجية الجديدة التي تخدم الفئات التي تستهدفها الجمعية وتحقق أهدافها وقد جرى خلال الورشة استعراض الوضع الراهن للجمعية، والمستقبل المنشود، وتحديد المعنيين واصحاب المصلحة كما تم صياغة القيم والرسالة والرؤية بالإضافة إلى تحليل “سوات” لتحديد نقاط القوة والضعف، والفرص والتحديات التي تواجهها الجمعية.
وكانت جمعية إبصار الخيرية قد تأسست في 10 رمضان 1424هـ الموافق 4 نوفمبر 2003م بمحافظة جدة كأول جمعية سعودية وعربية متخصصة في مجال خدمات الإعاقة البصرية وإعادة التأهيل وأهدافها:
- تأهيل المعوقين بصرياً والمختصين والعاملين في المجال.
- تقديم اختبارات تقويم البصر لضعاف البصر.
- توفير التكنولوجيا لضعاف البصر مع الدعم والمساندة التدريبية.
- توعية المجتمع عن أسباب الإعاقة البصرية وطرق الوقاية منها.
- تجميع وتصنيع الأدوات البصرية.
- إنشاء مراكز البحث العلمي والمعاهد المتخصصة في خدمة العوق البصري.
- دعم الأبحاث والدراسات المتعلقة بالإعاقة البصرية.
- تطوير الأبحاث والخدمات المتعلقة بالعوق البصري.
ولتحقيق تلك الأهداف اتبعت الجمعية استراتيجيات قامت على تنفيذ برامج لتدريب المختصين على العناية الإكلينيكية بضعف البصر، وتجهيز مركز نموذجي لتقديم خدمات العناية بضعف البصر وإعادة التأهيل، وإطلاق أنشطة وحملات توعوية للعامة والمختصين من أجل التوعية بالإعاقة البصرية وطرق الوقاية منها مع تنفيذ برنامج للحد من حالات الإعاقة البصرية الممكن تفاديها عبر العلاج الخيري لأمراض العيون المسببة للعمى، مع تسهيل الوصول للأجهزة التعويضية والتقنيات المساندة والمعينات البصرية لضعفاء البصر.
وفي السنوات الأخيرة واجهت صعوبات وتحديات في استمرارية تقديم خدماتها أثرت على خدمات التعليم المستمر للعناية الإكلينيكية بضعف البصر في إقليم شرق الأبيض المتوسط، وخدمات ضعف البصر وإعادة التأهيل لذوي الإعاقة البصرية في المنطقة.
وبالعودة إلى استئناف تشغيل عيادة إبصار لابد من الإشادة بهذه الخطوة بإعطاء الأولوية لخدمات العناية بضعف البصر وإعادة التأهيل فهي تمس حاجة أكثر من 800 ألف شخص من ضعفاء البصر السعوديين الذين يعانون من صعوبات في الرؤية بدرجات متفاوتة وفق نتائج مسح ذوي الإعاقة الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء في عام 2017م.
فخدمات ضعف البصر وإعادة التأهيل من أكبر التحديات التي يواجها العالم، وقد ذلك أكد الدكتور ألاركوس تشيزا مدير أنشطة منظمة الصحة العالمية في مجال الوقاية من العمى وضعف البصر في تقرير المنظمة عن البصر (08 أكتوبر 2019م) بقوله “إن ملايين الناس يعانون من ضعف شديد في الرؤية وعاجزون عن الانخراط والاندماج في المجتمع على أكمل وجه لأن ليس لديهم أي وسيلة للحصول على خدمات إعادة التأهيل، ويجب على العالم القائم على مدى قدرة الفرد على الرؤية، أن يُقدم خدمات العناية بالعين بما فيها خدمات إعادة التأهيل في أماكن قريبة، من أجل استفادة المجتمع المحلي منها بأقصى حد ممكن”.
كما أكد التقرير على أهمية توفير خدمة إعادة التأهيل حيث إن المصابين بالعمى وضعف البصر ممّن يتعذّر علاجهم بإمكانهم ممارسة حياتهم باستقلالية متى ما توفرت لهم خدمات إعادة التأهيل، ولديهم خيارات باستخدام المكبرات البصرية، طريقة برايل المساعدة على القراءة، الهواتف الذكية التي تعينهم على إيجاد طريقهم وتوجيههم، عصا الاستشعار في الحركة والتنقل.
ولعل إبصار في مستقبلها القريب تكون من ضمن الجمعيات التي تسهم في تنفيذ قرار مجلس الشورى (14 أكتوبر 2019م – 15 صفر 1441هـ)، الذي أكد فيه المجلس على قراره السابق الوارد في البند (أولاً) ذي الرقم (46/22) وتاريخ 26/06/1434هـ، القاضي بـ “التنسيق مع وزارة الصحة لإنشاء مراكز طبية متخصصة في تأهيل ضعاف البصر، والقابلين للتأهيل من المكفوفين في مختلف مناطق المملكة، والاستفادة من مراكز التدريب والتأهيل التابعة لجمعيات المكفوفين”.
واختم دردشتي بما قاله شاعر البصريات الاختصاصي خلف العسكري:
عشرٌ مضت «إبصار» ما قـد أبصرت *** إلا النجاح وخيل خير تصهل
«إبصار» في لغة الشجي صبابـة *** تـربـو سنابلهـا وبـرك منجـل
شكرا «لإبصار» فما وفيتها *** شعرا ولا بالشعر يوفى الأمثل
«إبصار» إن ذكر الأوائل في الندى *** فطلال بن عـبدالـعزيز الأول
-
المروتين بين المعلومة المغلوطة والصواب
تلقيت خلال موسم حج هذا العام 2021م/1442هـ رسالة من عشرات الأشخاص على حساباتي الالكترونية، تناولت قصة مناسبة كتابة قصيدة «إلى المروتين» للأديب طاهر زمخشري التي لحنها وغناها الموسيقار طارق عبد الحكيم – رحمهما الله –.
وقد تضمنت القصة معلومة مغلوطة مفادها أن الشاعر طاهر زمخشري تعوّد أن يقضي كل الأعياد في مكة المكرمة بجانب البيت والخيف والأخشبين، ولكنه في ذلك العيد كان بالقاهرة فحين شاهد الكعبة في التلفاز فاضت عيناه دموعًا، شوقًا وخشوعًا، وفاض وجدانه بهذه الأبيات الجميلة ارتجالًا: أهيم بروحي على الرابية وعند المطـاف وفــي المروتين.. الى آخر القصيدة.
وما كنت لأهتم بتلك القصة لولا أنني لاحظت مدى انتشارها على شبكات التواصل الاجتماعي، وكادت أن ترتقي لتكون بمثابة معلومة موثوقة رغم عدم وجود مصدر لها، فما كان مني إلا أن رددت على كل من أرسل لي تلك القصة أو نشرها بمقالي الذي نشرته في صحيفة غرب بعنوان « المروتين.. الأغنية الأشهر كيف كتبها الزمخشري ولحنها الموسيقار طارق عبد الحكيم» من أجل تصحيح تلك المعلومات وتوثيق مناسبة الأغنية.
وكان الإعلامي القدير الأستاذ عدنان صعيدي قد نشر على صفحته في الفيسبوك ضمن سلسلته أحاديث حظرٍ معقّمة في جزئيها (82-83) (21/22 شعبان 1442هـ – 3/4 أبريل2021م) موضوعا تناول قصة كتابة القصيدة مما جاء فيه:
«اليوم ومن قبل وبتكرار لا حصر له تصلني عبر واتساب رسائل تحمل معلومة مغلوطة أو غير دقيقة عن قصة كتابة الأستاذ طاهر زمخشري لقصيدة المروتين، وآخر هذه الروايات مقالة للأستاذ الكاتب عبد الله الجعيثن نشرت في جريدة الرياض وتناقلها الناس.
ولأني أختزن معلومة لست متأكدًا من تفاصيلها سمعتها من بابا طاهر في لقاء إذاعي أجراه معه الأستاذ علي داؤود ــ قبل التحاقي بالعمل الإذاعي ــ اتصلت بالأستاذ محمد بلو للتأكد من صحة ما كتبه الأستاذ الجعيثن وما أختزنه من معلومة فذكر لي معلومات أدق وأصح مما كتبه الأستاذ الجعيثن وما يتناقله الناس كلما جاء موسم الحج أو سمعوا أغنية المروتين…، …وطبعها في الديوان الذي كان يقوم بطباعته حينذاك في القاهرة، وعندما عاد إلى جدة لممارسة عمله في الإذاعة زاره الفنان طارق عبد الحكيم لترتيب بعض التسجيلات فلاحظ الديوان على مكتب الأستاذ الزمخشري وأخذ يقلب في صفحاته فوقعت عيناه على قصيدة المروتين فطلب من بابا طاهر أن يسمح له بتلحينها وغنائها فوافق بابا طاهر.
بالطبع هناك تفاصيل أخرى ورتوش للقصة سمعتها في اللقاء الإذاعي الذي أجراه الأستاذ علي داؤود مع بابا طاهر، وأخرى كتبها وسمعتها من الأستاذ محمد بلو ليست هامة حتى أوردها هنا، فالأهم هو أن تاريخ كتابة القصيدة غير متوافق مع بداية البث التلفزيوني في المملكة الذي بدأ في عام 1965م، ولا بداية التلفزيون المصري التي كانت عام 1960م، وبالتالي فان رواية الأستاذ الجعيثن وغيره غير دقيقة.
بالمناسبة (الرابية) هي غرفة أو سكن لبابا طاهر في مكة المكرمة كان يخلو فيها بنفسه وقد أطلق عليها اسم الرابية لأنها تطل من موقعها في جبل هندي بمكة المكرمة على المسجد الحرام لذلك حنت نفسه للرابية التي منها يرى المطاف والمروتين فكان مطلع القصيدة (أهيم بروحي على الرابية)».
وكنت قد نشرت قصة مناسبة القصيدة وأغنيتها لأول مرة في لقاء مع صحيفة الوطن نشر بتاريخ 03/10/2016م بعنون «87 أغنية إرث زمخشري تكشف علاقة الأدباء بالفن» على أثر الانتشار الواسع لمقطع فيديو مدته دقيقة و20 ثانية اخرجته ونشرته بعنوان «بابا طاهر يقدم المروتين» بمناسبة إطلاق قناتي على اليوتيوب في 02/02/2014م وبدايتي مع جمع إرثه الأدبي والفني، تضمن الفيديو مقتطف لكلمته المرتجلة في حفل تكريمه بجائزة الدولة التقديرية للأدب عام 1985م، ممزوجة بخلفية موسيقية لأغنية “المروتين”. فلقي الفيديو رواجًا واسعًا على شبكات التواصل الاجتماعي بالتزامن مع حلول موسم حج ذلك العام.
وعندما شاهدت خالتي ابتسام -رحمها الله – (صغرى بنات الأديب) الفيديو أعجبت به كثيرًا وروت لي قصة قصيدة «إلى المروتين» قائلة «في هذه الأيام الفضيلة وعند سماعي إلي أهيم بروحي على الرابية تذكرته وتذكرت ذكرياته الجميلة ودروسه الحلوة لي في الحياة، كان المربي والمعلم وانا أعتز بما استفدت منه، مدرستي في الحياة، وهنا اذكر القصة كيف نزل عليه الهام قصيدة أهيم بروحي على الرابية حيث روى لي “كنت في مصر تلك الايام مشغول بطباعة أحد دواويني الشعرية وكنت في دعوة لتناول طعام الغذاء عند المذيعة الاستاذة همت مصطفي وعند بداية الطعام قالت همت يا جماعة كل سنة وانتم طيبين لقد أعلن في السعودية اليوم غرة شهر ذي الحجة. في تلك اللحظة شعرت بغصة وألم استأذنت وخرجت مهرول إلى الشارع أمشي في الطرقات ولا أدري الي أين، أنا تعودت أن أكون دايم في الجبال المقدسة في مكة الكرمة، ولا أدري إلا وأنا في حديقة الحيوانات، أذرف الدمع السخين وكتبت يا ابنتي تلك القصيدة بدموع ساخنة وحرقة لأنني بعيد عن مكة، ولارتباطي مع المطبعة لم أستطيع السفر».
الآن وقد انقضت على تلك الأغنية منذ تسجيلها وإذاعتها عبر الإذاعات العربية خلال مواسم الحج أكثر من ستين عامًا، لا تزال حتى يومنا هذا تمثل أحد أهم وأجمل الأغاني التي تعبر عن الشوق والحنين للوطن بصفة عامة ومكة المكرمة بصفة خاصة، وتلقى رواجًا بين النشء الجديد خصوصا في موسم الحج، ويتغنى بها الكثير من مؤدي الفنون الشعبية في المناسبات الاجتماعية والجلسات الطربية الخاصة، وكان الفنان الراحل طلال مداح قد تغنى بها في تسجيل خاص على العود ومن بعده الجسيس محمد أمان – رحمهما الله.
ويجدر بالذكر أن الحج احتل حيزًا من أغراض الأديب الشعرية– رحمه الله- إذ خصه بالعديد من القصائد الوجدانية منها موكب الحجيج، لبيك، نشيـد الغفـران، أغـاريـد الحـج، استغفـار، روابـي الهـدى، أغـاريد العيـد. وقد تغنى عدد من الفنانين العرب ببعض منها كلبيك رب العالمين التي أداها الموسيقار الراحل طارق عبد الحكيم والفنانة السورية مها الجابري – رحمهما الله – وابتهال «رب لبيك» رياض باعشن – رحمه الله-، و«فضل الله» الموسيقار غازي علي، فضلاً عن إصداره لديوان شعر باسم «لبَّيك» في العام 1968م/1388هـ.
وبالعودة الى قصة كتابة قصيدة «إلى المروتين»، أهيب بمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي خصوصًا النخب منهم بتوخي الدقة عند تداول أي معلومة ذات بعد تاريخي وذلك بالرجوع إلى مصدرين مختلفين على الأقل للتحقق من أي معلومة قبل نشرها. واختم دردشتي هذه بأبيات من قصيدة «إلى المروتين» من ديوان «أغاريد الصحراء 1958م/1377هـ»
أهيم بروحي على الرابيهْ
وعند «المطـاف» وفي «المروتين»
وأهفو إلى ذِكَرٍ غاليهْ
لدى «البيت» «والخيـف» والأخشبين
فيهدر دمعي بآماقيهْ
ويجـري لظاه على الوجنتين
ويصرخ شوقي بأعماقيهْ
فأرسل مـن مقلتي دمعتين
-
الحج ومعالجة مشكلة العنصرية
انشغلت وسائل الإعلام العالمية مؤخرا بقضية الإساءات العنصرية التي تعرض لها لاعبي منتخب إنجلترا السود (جادون سانشو، ماركوس راشفورد، بوكايو ساكا) على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب إهدارهم ضربات الجزاء وخسارة المنتخب الإنجليزي لبطولة اليورو 2020م أمام منتخب إيطاليا. وأدان رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، والاتحاد الإنجليزي لكرة القدم تلك الإساءات العنصرية، واعتقلت الشرطة الإنجليزية عشرات من المسيئين والتحقيق معهم وإحالتهم للمحاكمة، وقامت منصات التواصل الاجتماعي بحذف مئات الرسائل المسيئة وحظر حسابات أصحابها.
والحقيقة إن العنصرية ظاهرة اجتماعية سلبية عانت منها البشرية منذ الأزل فهي تقوم على الإقصاء والتهميش والتمييز بين البشر على أساس اللون أو الانتماء القومي أو العرقي، ويترتب عليها إثارة النعرات وانتشار الكراهية وسفك الكثير من الدماء وتدهور اقتصاديات المجتمعات المتفشية فيها.
وقد عالج الإسلام هذا الظاهرة منذ فجره عندما أوجب العدل والمساواة فيما بين البشر وشرع فريضة الحج لتوحيد البشرية والمساواة فيما بينهم وتوجيههم لعبادة رب العباد كأمة واحدة فقال تعالى (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) الحج: 27
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مخاطبًا الحجيج (يا أيها الناس ألا إنَّ ربكم واحد، وإنَّ أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلاّ بالتقوى، أبلغت؟ قالوا: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه أحمد
وفي هذا السياق استحضر قصة الداعية الأمريكي الأفريقي مالكوم اكس الذي كان للحج دورا بارزا في تصحيح عقيدته ونشر دعوته في محاربة العنصرية بين السود والبيض في أمريكا
حيث اعتنق الإسلام في العشرينيات من عمره على يد دعاة من حركة أمة الإسلام حينما كان يقضي حكمًا بالسجن بمدينة نيويورك بتهمة السطو والسرقة، وهي جماعة إسلامية منحرفة تؤمن بتفوق العرق الأسود على الأبيض وأن الشيطان أبيض والملائكة سود وغير ذلك من انحرافات كثيرة.
وخلال سجنه قرأ آلاف الكتب وبدأ طريق الاستقامة حتى أطلق سراحه في عام 1952م فانضم إلى الجماعة ليصبح أحد أهم منظريها وأئمتها وعلى إثر خلافات فكرية انفصل عنها في عام 1963م وكون جماعة من مؤيديه وبدأ مرحلة جديدة من حياته بقراءة كتاب مترجم عن الإسلام وفريضة الحج فقام برحلة لأدائها في العام 1964م، مرورا بالقاهرة التي مكث فيها بعض من الوقت والتقى بعدد من علمائها، وعندما غادر من القاهرة إلى جدة رأى في الطائرة أعراق مختلفة من الحجيج، فأدرك أن الإسلام لكل البشرية وليس للسود فقط
ومكث في مكة 12 يوم رأى فيها الإسلام الصحيح عن كثب وتعرف على حقيقته، وتعلم الصلاة الصحيحة التي كان يجهلها تمامًا، وتأثر تأثراً شديداً بمشهد الكعبة وأصوات التلبية وكيف أن المسلمين من مختلف الاعراق بيض وسود وشديدي البياض زرق العيون جميعهم متساوون أمام الله بعيداً عن سرطان العنصرية، فأدرك ضلال المذهب العنصري الذي كان يعتنقه ويدعو إليه حينها قال «في حياتي لم أشهد أصدق من هذا الإخاء بين أناس من جميع الألوان والأجناس، إن أمريكا في حاجة إلى فهم الإسلام لأنه الدين الوحيد الذي يملك حل مشكلة العنصرية فيها»
وبعد انتهائه من فريضة الحج وعودته إلى أمريكا تخلى عن معتقداته القديمة بأن البيض شياطين، وأسس منظمة أسماها مؤسسة المسجد الإسلامي ونذر نفسه للدعوة إلى الإسلام الحقيقي وحاول تصحيح مفاهيم جماعة أمة الإسلام الضالة، فقوبل بالعداء والكراهية منهم وبدئوا بمضايقته وتهديده وطردوه من منزله على اساس أنه ملك للمنظمة.
ولكنه لم يبالِ بهم واستمر في دعوته إلى الإسلام اللاعنصري – كما أسماه – ونادى بأخوة بني الإنسان بغض النظر عن اللون ودعا إلى التعايش بين البيض والسود وحجبت كافة وسائل الإعلام الأمريكية دعوته وآراءه متهمة إياه بتحريض السود على العصيان فرد قائلاً: «عندما تكون عوامل الانفجار الاجتماعي موجودة لا تحتاج الجماهير لمن يحرضها، وإن عبادة الإله الواحد ستقرب الناس من السلام الذي يتكلم الناس عنه ولا يفعلون شيئاً لتحقيقه»
وتنامت الخلافات بينه وبين منظمة أمة الإسلام فدعت إلى قتله فتعرض إلى محاولة اغتيال فاشلة في 14 فبراير 1965م أعقبها محاولة أخرى في 21 من نفس الشهر بقاعة مؤتمرات مدينة نيويورك عندما كان يلقي محاضرة عن الإسلام ونبذ العنصرية فباغته 3 رجال من منظمة أمة الإسلام أثناء خطبته فأردوه قتيلاً بست عشرة رصاصة استقرت في صدره، وألقي القبض عليهم وحكم عليهم بالسجن.
وعلى إثر اغتياله انتشرت دعوته والتحق بها العديد من اتباع منظمة أمة الإسلام وغيرهم من غير المسلمين في أمريكا، وتغيرت أفكار الجماعة خصوصا بعد وفاة رئيسها إليجا محمد وتولي ابنه “والاس محمد” الذي غير اسمها إلى البلاليين نسبة إلى الصحابي بلال بن رباح، وجعل ابتاعها أقرب ما يكونوا إلى تيار الإسلام الوسطي.
وبعد شهر واحد من اغتيال مالكوم إكس أقر الرئيس الأمريكي جونسون مرسوماً قانونياً ينص على حقوق التصويت للسود وأنهى الاستخدام الرسمي لكلمة نجرو التي كانت تطلق على السود في أمريكا من باب الازدراء والإهانة.
وتخليدا لذكراه أنتج فليم سينائي عالمي في العام 1992م صورت مشاهده في الولايات المتحدة الأمريكية ومصر وجنوب أفريقيا والمملكة العربية السعودية من إخراج المخرج العالمي سبايك لي وبطولة النجم الأمريكي دينزل واشطن الذي لعب دور مالكوم اكس، ورشح الفيل في عام 1993م لجائزة الأوسكار عن فئة أفضل ممثل في دور رئيسي وعن فئة تصميم الأزياء (روث كارتر)، كما رشيح لجوائز الجولدن جلوب عن فئة أفضل ممثل في فيلم درامي.
ويجدر بالذكر أن أشهر من اعتنق الاسلام على يده هو البطل المسلم الراحل محمد علي كلاي في العام 1964م، واستفاد من قصته اسطورة كرة السلة الأمريكية كريم عبد الجبار.
وأخيرًا أدعو إلى توظيف مشاهد الحج للتوعية بمفاهيم العدل والمساواة بين البشر مهما اختلفت أجناسهم وأعراقهم وحماية مجتمعاتنا من ظاهرة العنصرية، وأختم دردشتي هذه بأبيات للأديب الراحل طاهر زمخشري على لسان اللاعب الإنجليزي بوكايو ساكا
لا يعيب السواد صفحةَ وجـــه
هي بالمـــاءِ ذلــة لا تجــــود
لا ولا يرفع البياض ذليلاً
إنما المــــرء ما بنـــــــى أو يشيـد
فإذا كـــان في السواد عيوبي
في صميم الفؤاد بيضاء ورود
-
طاهر زمخشري إلى «ابتسام» قبل 6 عقود من رحيلها بكورونا
نشرت هذا المقال على صحيفة غرب الإخبارية في 2021/07/09هـ
انتقلت إلى رحمة الله يوم أمس الجمعة 09 يوليو 2021م – 29 ذو القعدة 1442هـ خالتي السيدة «ابتسام» صغرى بنات الأديب طاهر زمخشري – رحمهما الله – متأثرة بمضاعفات فايروس كورونا الذي لا يزال يحصد مزيد من ضحاياه حول العالم إذا أصاب حتى الآن 187,047,508 شخص في 220 بلد وإقليم حول العالم توفي منهم 4,038,329 أعلاهم أمريكا 34,711,770 توفي 622,715، الهند 30,824,353 توفي 407,537، البرازيل 19,020,499 توفي 531,777، فرنسا 5,803,687 توفي 111,302، روسيا 5,758,300 توفي 142,253، تركيا 5,470,764 توفي 50,155، واحتلت المملكة المرتبة 44 بـ 500,083 توفي منهم 7,963.
وقد وريت الفقيدة الثرى بمقبرة ذهبان شمال محافظة جدة عن عمر ناهز 75 عامًا تاركة وراءها 4 من الأبناء وابنة من الرضاع، و11 حفيد ذكور وإناث، وارتبطت الفقيدة بعلاقة أدبية متميزة بوالدها ولعبت دورًا هاما في حياته ولازمته طيلة طفولتها منذ وفاة والدتها حتى زواجها، واستمرت بعد ذلك كأحد مستشاريه الأدبيين الذين يرجع لهم في قصائده والأخذ بآرائهم وخاطبها في عدد من قصائده المنشورة في دواوينه، واعتاد أن يعقد جلساته الأدبية مع أصدقاءه من الأدباء والمثقفين في منزلها الذي هيأت له فيه صالونًا أدبيًا، وتجلت مدى علاقته وارتباطه بها في رسالته إليها التي نشرها كمقدمة لديوانه «عودة الغريب» في ذات تاريخ اليوم قبل 58 عام من وفاتها 9 يوليو 1963م – 18 صفر 1383هـ قائل فيها:
«ابنتي ابتسام….
لقد تعود الناس أن يقدموا لإنتاجهم بما يرتبط وهذا الانتاج، وأما أنا فقد آثرت أن أتوجه إليك بكلمة مقتضبة أهمس بها في أذنك، كلمة أبين فيها الدور الذي لعبته في حياتي الطويلة الحفيلة بالكفاح.
ولقد أديته بإتقان ولكن فصول الرواية لم تنته بعد ما دام في العمر بقية، ودورك لا يزال مكانه، وستؤدينه بنفس القوة والنجاح.
والرواية هذه هي قصة كفاح أبيك، فقد كان شابًا يحمل نفسًا طموحًا تريد أن تثبت وجودها في الحياة.. كعضو عامل في المجتمع.
ولكنه كان يعيش بين كوارث تلاقت أطرافها حول هذه النفس الطموح؛ فبدلًا من أن تثبط عزمها، وتحد من نشاطها جعلتها أقدر على مجالدة الحياة.. ومصابرة ما تأتي به الليالي؛ والليالي من الزمان حبالى كما قال الشاعر..
فقد جاءتني بالمصائب تترى لتقوض عودي.. فزادتني صلابة.. حتى كان مساء يوم تدجى بياضه في نظري بما يحيط بي من كوارث أبسطها فقدان والديَّ في أيام متقاربة، وإصابة بصري بمرض كاد يعشيني، في أيام كنت فيها أردد دائمًا:
حنانيك يا دهر فحسبي مكائد وحسبي من شباب من مآسيك راكد
وحسبي أني ما قضيت لبانتي من العمل حتى ضاع العمر واحد
متى راح منه الحول خلَّف حسرة فلا هو مرتد ولا هو عائد
ولم أكن وحدي آنذاك في مفترق الطرق أعاني ما أعاني.. بل كانت معي شريكة حياتي، ورفيقتي في الكفاح والدتك يرحمها الله.. التي كانت أقدر مني على احتمال الكارثة متى ثار إعصارها.. لم أكن أعتز بقدرتها هذه وحدها بل كانت فوق ذلك المشجع الذي يدفعني إلى السير كلما تعثرت بي الخطى، وهصرني الألم، وعصفت بي الشجون… في تلك الظروف السيئة التي كنا نعيشها معًا شجعتني على الاغتراب وأنا خلو الوفاض، زادي الأمل، وشراعي الصبر، واعتمادي على الله الذي يكفل الرزق ويمنح السراء ويكشف الضراء..
فغادرت الوطن وتركتها وفي يدها أختاك وأخوك، وأنت في أحشائها لم تصافحي النور بعد، وغبت شهورًا بلغ فيها بي اليأس منتهاه، فكتبت إليها من مصر أشرح لها فيها ما أعانيه.. وأترك لها حرية تسمية المولود حتى وضعته وأنا لا أزال في الغربة.
وفعلًا تسلمت الرسالة بعد أن وضعت المولود بأربعة أيام، وبكت من أجلي طويلًا، وحررتْ لي جوابًا تقول فيه: «ابتسم للحياة، وإننا في مقتبل العمر، وقد صافحت ابتسام الحياة فعلًا بالمولودة التي وضعتها» هذه المولودة هي أنت يا ابنتي الحبيبة!!
ولكن لم أكد أعود إلى الوطن وفي يدي ديواني الأول أحلام الربيع حتى وجدتها تقاوم العلة، وتصارع الداء، وشاء القدر أن يقول كلمته فافترستها يد المنون؛ وقد تخطيت الحول الأول من عمرك المديد إن شاء الله بأيام معدودات، ومن يومها وأنا أردد كلما تذكرتها..
هي في أكفانها نائمة وأنا الساهر وحدي للأنين
لو تقاسمنا الردى من يومها كنت في قبري بين النائمين
ولا يكاد يقع بصري عليك، وأنا في مفترق الطريق.. حتى أسمع صدى صوتها الناعم النغوم، وهو يدغدغ إحساسي ومشاعري ووجداني بعبارتها “ابتسم للحياة”
ولقد تفًّتحت كالوردة في أحضان حياة مريرة قوضت كيان الأسرة، وبعد أن ابتسم فيك الربيع – قذفت بي وإياك في أتون من المآسي.. فكان عزائي ابتسامتك الرقيقة البريئة، هذه الابتسامة التي أعيشها في ظلال معناها وكانت رفيقي في غربتي، الرفيق الذي ضمد جراحي وحمل عني الكثير من العبء وصبر وصابر، وهيأ لي الجو السعيد الذي كتبت فيه هذه الصفحات..
فإليه أهديها.. تحية من أب، ودعاءً صادقًا صادرًا من الأعماق أن تظلله السعادة الوارفة، ويشمله رضاء الله، ويكتب له التوفيق».
فرحم الله الفقيدة وأنعم على أهلها وذويها بالصبر والسلوان وأعظم لهم الأجر فقد أخذت من الأديب بعضًا من ميوله الأدبية ونشرت بعض الخواطر والأشعار والرسائل الأدبية في الصحف، وكنت وإياها بصدد جمع ما نشرته والإضافة إليه ونشره في كتاب أدبي لكن ظروفها الصحية حالت دون إنجاز ذلك المشروع، كما عملت معها في توثيق مجموعة من القصص والحكايات عن سيرة الأديب «بابا طاهر» وأنشطته وأعماله ضمن مشروعي في كتابة سيرته الذاتية خصوصا أثناء إقامتها معه في مصر ومن ذلك قصة كتابة قصيدة «إلى المروتين»، ونقلت إلىَّ وصيته بالحفاظ على اسمه بين جمهوره ومحبيه. وأختم دردشتي هذه بأبيات من قصيدته «يا ليالي» من ديوانه «أنفاس الربيع»
هكذا الموت لا يبالي إذا ألقى شباكاً – بأرملٍ أو وليد
ورمى بالشباك منه حوالينا وأخفاكِ مثل فرحة عيد
لو يعيد البكاء ميتًا لأغرقت جفوني بدمعتي كي تعودي
أو يرد الفناء نفسًا لساومت وقدمت في القبيل وجودي
رابط المقال على صحيفة غرب الإخبارية
-
نعمة طيور الحمام وأهمية استثمارها
اطلعت منذ أسابيع على مقطعي فيديو وصلاني عبر الواتساب، أحدهما لخطيب جمعة كان يتحدث عن ظاهرة انتشار طيور الحمام في الأحياء السكنية وأرجع السبب في ذلك لمحبي الخير من الذين يلقون بفضلات اطعمتهم في الشوارع لإطعام الطيور دون وعي وإدراك بما يسببونه من أذى للآخرين، أو انهم قد يعرضون الحمام للقتل أو الإبادة بسبب كثرته.
والفيديو الآخر لخبير بيئي انتقد الظاهرة وأشار إلى ما قد تحدثه من أضرار بيئية وصحية بانتقال بعض الأمراض عن طريقها أو من فضلاتها. وطالب بوضع الخطط واتخاذ إجراءات للحد من انتشارها.
فأثار كلامهما اهتمامي وفضولي حيث إن نظرتي تجاه الحمام بأنها من مخلوقات الطيور التي بعثها الله لخير قد لا نعلمه. لذلك لم اتذمر من انتشاره في محيطي السكني، أو انزعج من أصوات هدلهم وحركتهم فوق أجهزة التكييف وتساقط مخلفاتهم على السطح. فلطالما تعودت على رؤيته في محطينا، واثناء زياراتي لمكة والمدينة التي يكثر فيها «حمام الحمى» المعروف ايضًا بـ «حمام رب البيت». فضلًا عن رؤيته في الحدائق والميادين العامة في مدن أمريكا وأوروبا التي زرتها، يطيرون ويأكلون مما على الأرض من حبوب دون أن يؤذوا أو يؤاذوا، ويضفون على المارة والمتنزهين جو من الود والوئام.
فقمت بالبحث والاطلاع على ما نشر أو كتب عنه في الشبكة المعلوماتية من مقاطع فيديوهات ومقالات للوقوف على حقيقة منافعه من اضراره وأهميته للبشرية، خصوصًا وأن ظاهرة انتشاره في الأحياء السكنية أصبحت ملحوظة في أرجاء مدننا منذ سنوات. ولاحظت وجود انتقادات للظاهرة وممارسات المجتمع في طريقة الإطعام العشوائي للطيور، وتربية الحمام في الأماكن السكنية. واتفق مع بعض تلك الانتقادات خصوصًا تلك الممارسات من قبل الذين يلقون بفضلات أطعمتهم على الطرقات والأماكن العامة لإطعام الطيور.
ولكن ما أثار انتباهي واستوقفني خلال البحث الذي قمت به كتاب بعنوان «الحمام وطيور الزينة» للأستاذ الدكتور حسين عبد الحي قاعود. أستاذ صحة الحيوان والدواجن والأسماك والبيئة بكلية الطب البيطري بجامعة القاهرة والذي خلص في مقدمة كتابة إلى أن “الحمام من الطيور الجميلة التي عرفها الإنسان منذ قديم الأزل وتُوارثت تربيته، وهو رمز للحب والسلام. الحمام يتميز بسهولة تربيته، ولا يحتاج إلى عناية فائقة، كما أنه لا يحتاج إلى مساكن تتكلف كثيرًا، وإنما تتكلف نفقات قليلة. وتربيته ليست للهواية فقط، وقد تستخدم كمشروع تجاري مربح لا يحتاج إلى رأس مال كبير، ولا إلى مساحات كبيرة. وهو يتضاعف في فترات قصيرة”.
فحفزني ذلك على قراءة المزيد عن تاريخ الحمام، أنواعه، طبائعه وعاداته، تربيته والغرض منها، المشاركة به في المسابقات، مقارنة بين تربيته وتربية الدجاج، الفرق بين الحمام واليمام. والأهم من ذلك كله نشر الوعي بأهمية طيور الحمام. وخلصت من إجمالي ما قرأت إلى نتيجة مفادها بان ظاهرة انتشار الحمام في عالمنا نعمة قد نكون غافلون عنها، وعلينا ان نستثمرها قبل أن نفقدها.
فالحمام تعايش معه الإنسان وانتفع به في أغراض مختلفة منها الغذاء، والبريد والحروب والمسابقات الرياضية، وغير ذلك. وتغنى به الشعراء كما قال الناقد الأدبي الدكتور عبد الرحيم حمدان حمدان أنه “من أكثر الأطيار وروداً على ألسنة الشعراء؛ لما يتمتع به من جمال فاتن، وتنوع في الأشكال والألوان، وما يصدر عنه من غناء شجي، وتغريد عذب، يثير في النفس أشجانها، ويهيج في القلب أحزانه”.
وأن في تربيته فرص استثمارية وترفيهية ورياضية، فضلا عن الفوائد الغذائية الجمة فوفقًا لما لموقع “Dr. health benefits” يحتوي لحم الحمام على كمية عالية من البروتين والمعادن التي تساعد في نمو جسم الأطفال والبالغين، وزيادة كفاءة جهاز المناعة ووظيفة الغدة الدرقية، تحسين وظائف الكلى والكبد، تقوية الذاكرة والذكاء، خفض ضغط وسكر الدم، صحة الشعر والأظافر، تقليل الشعور بالإنهاك، الخصوبة، الوقاية من العديد من الأمراض مثل مرض جذور الحرة، التهاب المفاصل الروماتويدي، آلام العضلات، أمراض القلب والسرطان، والعديد من الفوائد الصحية الأخرى. كما أن روثه يعتبر من أفضل أنواع الأسمدة لتغذية التربة، فهو سماد عضوي يتفرد بأنه مناسب لجميع النباتات حيث انه يحتوي على 20% بوتاسيوم و5% نيتروجين. عدا الفوسفور، والكبريت، والمغنيسيوم وعناصر قيمة أخرى ضرورية لنمو وتطور النبات.
ولابد من التنبيه بأن تربية الحمام قد تتسبب في الإصابة ببعض الأمراض البكتيرية والطفيلية والفيروسية وأمراض أخرى جميعها مرتبطة ببيئته ولها علاجات وطرق وقاية لابد من اتباعها مثل تطهير المسكن والأدوات المستخدمة مثل العلافات والمساقى والتحصين بالمصل الواقي.
وبالعودة إلى موضوعنا الأساسي لاحظت مؤخرًا غياب الحمام عن الأماكن التي تعودت على رؤيته فيها، ولخوفي أن يكون قد أصابه ما حذر منه الخطيب بتعرضه للإبادة والقتل بسبب كثرته. ورجائي ألا يكون ذلك قد حدث فعلًا، وأن يتم استبدال فكرة التخلص منه إلى تربيته واستثماره. وإيجاد بيئة صحية ملائمة لاجتذابه بتنمية وتطوير الحدائق العامة المنشرة في الأحياء السكنية، وتوعية المجتمع وتثقيفه في كيفية العناية بالبيئة وإطعامه بصورة حضارية وصحية، مع وضع غرامات جزائية صارمة على من يلقون فضلات أطعمتهم في الشوارع والأماكن العامة. واستثماره أيضًا في التطوير السياحي باستحداث بطولة عالمية لسباقات الحمام واستعراضاتها الفنية والجمالية. والاستفادة من أسمدتها في مبادرة “السعودية الخضراء”، و”الشرق الأوسط الأخضر”.
واختم دردشتي هذه بأبيات من قصيدة (عروس الروض) لشاعر المهجر إلياس فرحات:
يا عروس الروض يا ذات الجناح.. يا حمامة
سافري مصحوبة عند الصباح.. بالسلامة
واحملي شكوى فؤاد ذي جراح.. وهيامه
أسرعي قبل يشتد الهجير.. بالنزوحِ
واسبحي ما بين أمواج الأثير.. مثل روحي
وإذا لاح لك الروض النضير.. فاستريحي
رفرفي في روضة الأفق الجميل.. واستكني
وانظري محبوبتي عند الأصيل.. ثم غني
فهي إن تسألك عن صب عليل.. فهو عني
-
حصاد الظلام اشراقة من أدب العميان
يعتبر أدب العميان أو أُولِي الضَّرَرِ كما سماهم القرآن الكريم من أنواع الأدب الذي أهتم به العديد من الكتاب والأدباء على مر العصور وهو كل ما كُتب من نصوص نثرية أو شعرية أو قصص عن العمى أو تراجم لمشاهير العميان.
وقد أهتم به العرب منذ فجر الإسلام للمكانة التي حظي بها العميان بنزول سورة «عبس» وما تبعها من آيات أحكام وقصص، فألفت مئات الكتب والأشعار عن العمى وفضل العميان من العلماء والأدباء وتراجمهم وأدبهم وأشعارهم، ومن روائع ما قيل شعراً قول حبر الأمة الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حينما أصيب بالعمى:
إنْ يأخُذِ اللَّهُ من عينيَّ نُورَهُما ففِي لِسانِي وقلبي مِنْهُما نورُ
قلبي ذَكيٌّ وعَقلي غَيْرُ ذي دَخلٍ وفي فمِي صارمٌ كالسَّيفِ مأثورُ
وفي عصرنا الحديث شهدت أعداد العميان تزايداً لأسباب مختلفة واستدعت الحاجة إلى توسع مجال أدب العميان ليشمل السير الذاتية لمشاهير العميان من الأدباء والمفكرين ليستفيد منها أقرانهم من المكفوفين وعامة المجتمع في الوقت الذي تراجع فيه اهتمام الكتاب والأدباء العرب بهذا المجال، وبروز عديد من الكتاب والأدباء والفلاسفة الغربيون من المكفوفين وإثرائهم للساحة الأدبية بكتابة سيرهم الذاتية وتجاربهم مع فقدان البصر بزوايا مختلفة ساهمت في تنمية وتطوير خدمات المكفوفين في الغرب مثل «هيلين كيلر» الكفيفة الصماء الملقبة بـ «معجزة الإنسانية» بمؤلفاتها «العالم الذي أعيش فيه»، «الخروج من الظلام»، «هيلن كيلر في اسكتلندا»، «أضواء في ظلامي»، «قصة حياتي» وغيرها، والأديب العالمي «خورخي لويس بورخيس» الذي فقد بصره في منتصف العمر وألف العديد من الكتب منها «سيرته الذاتيّة»، «المرايا والمتاهات»، «الصانع»، والمؤلّف الفرنسي «جاك لوسيران» الذي فقد بصره في سن السابعة حين أصيبت عيناه خلال الحرب العالمية الثانية، وأمضى سنة في معسكرات الاعتقال لينجو من التجربة ويؤلّف عدّة كتب منها «ومن ثمة هناك ضوء» عن تجاربه منذ طفولته المبكّرة إلى حين تحرره من معسكر الاعتقال، والمؤلف «توم سوليفان» الذي سرد سيرة حياته ومنجزاته في كتابه «لو كان بإمكانك رؤية ما أسمع». المؤلّف «ستيفن كوسيستو» الذي ألف كتاب «كوكب العميان» ومذكراته «التنصّت: حياة بالأذن». والمحاضر الجامعي «جون هول» الذي ألف كتاب عن تجربته مع العمى «لمس الصخور: تجربة في العمى»، وغيرهم كثير.
وفي المقابل طبع كتاب «نَكْتُ الهِمْيان في نُكَتِ العُمْيان» لـ صلاح الدين بن آيبك الصفدي «764هـ» بأمر من خديوي مصر في العام (1329هـ -1911م) للمشاركة به في “المؤتمر الدولي الرابع بفرنسا لتحسين حالة العميان”، للتعريف بدور الإسلام والمسلمين الأوائل في أدب العميان والتعامل مع العمى ورعاية المكفوفين، وقام عميد الأدب الكفيف «طه حسين» بتأليف كتابه «الأيام» الذي أصدره في العام «1929م» وقال عنه «أنا أتمنى أن يجد الأصدقاء المكفوفين في قراءة هذا الحديث تسلية لهم عن أثقال الحياة، كما وجدت في إملاءه، وأن يجدوا فيه بعد ذلك تشجيعاً لهم على أن يستقبلوا الحياة مبتسمين لها، كما تبتسم لهم ولغيرهم من الناس»، عدا ذلك لم يرد ذكر مؤلفات أو كتب عربية حديثة مرتبطة بسير ذاتية للمكفوفين المعاصرين حظيت بمكانة محلية أو عالمية.
وبإصابتي بالإعاقة البصرية في العام 1992م وما واكبها من آثار سلبية، وقراءتي لكتاب «نَكْتُ الهِمْيان في نُكَتِ العُمْيان» أدركت أهمية أدب العميان لما له من توجيه ديني وتربوي وتحفيز معنوي للتكيف مع الحالة، ولاحظت شح المكتبة العربية من الكتب والمؤلفات التي تؤدي ذلك الغرض، فكتاب «الأيام» لطه حسين على قدر ما له من قيمة أدبية عالية يحتاج إلى قدر معين من الثقافة لاستيعابه كما أنه حاكى ظروف ومشاكل المكفوفين في مصر في مطلع القرن العشرين، ومن حينه والمكتبة العربية شاغرة من كتب السير الذاتية التي تقدم تجارب واقعية وملهمة لذوي الإعاقة البصرية بما يتناسب مع احتياجاتهم في عصرنا الحديث.
فبادرت بكتابة تجربتي مع فقدان البصر أثناء عملي كمضيف جوي، وأثر ذلك على حياتي الأسرية والمهنية، وسرد تفاصيل برنامج إعادة التأهيل الذي حصلت عليه في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1996م واثره على إنجازاتي وحياتي اليومية، وقصص المكفوفين الذين قابلتهم خلال البرنامج وذلك في كتاب اصدرته في العام 1423هـ – 2002م بعنوان «حصاد الظلام» كأول تجربة لي مع التأليف بهدف استحداث مجال جديد في أدب العميان يمزج ما بين السيرة الذاتية وأدب الرحلات والطرق والأساليب الحديثة للتعامل مع الإعاقة البصرية، ونقل التجارب الملهمة للمكفوفين، حيث تناولت فيه قصة التحاقي بالخطوط السعودية والصراع والمعاناة مع الظَّلام مع بدء فقداني للبصر والآثار المترتبة عليه ومُحاولاتي المتعددة للهروب من ذلك الواقع المرير والمثير، وما واكبه من إبداع في العمل أدى إلى نيلي لقب أفضل مدرب خدمة جوية وتقديم فكرة «وجبة الراكب الكفيف» إلى أن شاء القدر واسدل الستار على عملي مع الخطوط السعودية بإحالتي إلى التقاعُد المبكر، وما تسببه لي ذلك القرار من صدمة نفسية كادت تقضي على طموحاتي، وبإعلان فوز فكرة وجبة الراكب الكفيف بعدة جوائز عالمية أشتعل حماسي للانطلاق من جديد لمُقاومة اليأس والإحباط، فتابعتُ سيري في الظَّلام الذي كان يتفاقم يومًا بعد يوم حتى أصبح أشبه بليل لا يدرك صُبحه، ومع ذلك تمسَّكتُ بخيط الأمل برحلات إلى الولايات المتحدة الأمريكية والالتحاق ببرامج تدريب وإعادة تأهيل غيَّرت مجرى حياتي وأصبحت أُمارس حياتي اليوميَّة بصورة طبيعيَّة وتوصلت إلى رؤية وفلسفة للنهوض بمُستوى خدمات الإعاقة البصرية وتطوير البرامج التَّأهيلية للمختصين.
والآن وبعد مضي نحو 17 عام على تأليف الكتاب لا تزال مشكلة شح الإنتاج الأدبي والفكري الذي يلبي احتياجات ذوي الإعاقة البصرية ويقدم قصص وتجارب ملهمة تحفزهم للتكيف مع حالتهم البصرية والاندماج في المجتمع بصورة طبيعية، قمت مؤخراً بإعادة إصدار كتابي «حصاد الظلام» في طبعة حديثة عن دار سيبويه للنشر مع تحديث الإحصائيات والأرقام وبعض المعطيات وفق الوضع الراهن كإشراقة فكرية وأدبية لذوي الإعاقة البصرية وأسرهم والمختصين في المجال ومحبي السير الذاتية وأدب الرحلات، وأهيب بالكتاب والنقاد والأدباء أن يولوا هذا النوع من الأدب اهتمام وعناية خاصة بإحيائه ونشره لاستعادة المكانة الأدبية التي أوجدها العرب والمسلمون في هذا المجال، وأحث أقراني من ذوي الإعاقة البصرية أن يثروا الساحة الأدبية بكتابة ونشر قصص تجاربهم الملهمة لإضاءة شموع في طريق الظلام لما لها من أثر فعال على نفوس ذوي الإعاقة البصرية الذين يتوقع أن عددهم قد يتضاعف بحلول العام 2050م. -
طاهر زمخشري في «مروا من هنا»
أحيت قناة MBC جانب من سيرة حياة الأديب طاهر عبد الرحمن زمخشري (رحمه الله) بتقرير مصور من إعداد وتعليق الإعلامي بدر الشريف ضمن برنامجها MBC في أسبوع في فقرته “مروا من هنا” شاركت فيه بمعية الإعلامي القدير د. حسين نجار. الذي عرج على جانب من ذكرياته مع الأديب بقوله: “أول لقاء لي معه في مبنى الإذاعة في جدة وجدته في الواقع احتضنني ورحب بي واخذ بيدي ودخل بي الى الأستاذ عباس غزاوي ليقول له: ” ارجو أن يجد له مكان بين زملائه المذيعين”. من هذه اللحظة أدركت ان مثل هذا الانسان لا يمكن ان يكون بسيطًا، ولكن تأثيره الإيجابي الذي يسموا على كل تصرفاته..”
وكان الشريف قد استهل تقريره بعبق من الماضي بنبض وروح الأديب من مسكنه الذي غادر منه إلى مثواه الأخير في العام 1987م، بصور ارشيفية لمكة المكرمة مسقط رأس الأديب معلقا “ولد قبل أكثر من 100 عام في حارة الشامية بمكة المكرمة. رجل اسمر، اضاء بشعره صفحات الأدب والشعر والفن، كأحد الاعمدة الأساسية للحركة الإعلامية والنهضة الأدبية والشعرية في السعودية، الأديب الراحل طاهر زمخشري، الذي اشتهر ببابا طاهر..، كان سفيرًا أدبيا للدول العربية وخاصة لمصر وتونس التي قضى بها عمرًا من حياته قبل ان يدب المرض في جسمه النحيل ليغادر إلى مصر أواخر خمسينيات القرن الماضي.. وبعد عودته من رحلته العلاجية انتقل إلى جدة”.
وقد وفق الشريف بتجسيد أحاسيس تلك اللحظات الحزينة للمشاهدين بالوقوف أمام باب المبنى الذي خرجت منه جنازة الأديب قبل أكثر من 30 عام بقوله “هذا المنزل خلفي كان آخر محطة من رحلة حياته الطويلة المليئة بالفن والأدب والشعر..، ساهم بابا طاهر في صناعة الفن السعودي وامتدت قصائده للفن العربي.. توج بابا طاهر بمحافل تكريميه دولية عدة كان على راسها تكريم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز له.. وفي العام 87 م من القرن الماضي توقف عطاء الأديب طاهر زمخشري بوفاته، وعاش اسمه مقرونًا بالأدب والشعر والفن حتى يومنا هذا”.
وتمثلت مشاركتي في التقرير بتقديم ملخص عن حياته من واقع ما سمعته منه خلال حياتي معه قلت فيها بأنه “ولد في مكة المكرمة بوقف الكاظلي عام 1332هـ الموافق 1914م وبعد حوالي 4 سنوات انتقل مع أسرته إلى بيتهم فوق سطح المحكمة الشرعية وبحسب رواياته وحكاياته أن هذه المرحلة مثلت مرحلة هامة من حياته لمجموعة من الأسباب من أهمها أنه كان طالب في مدرسة الفلاح بمكة المكرمة، وحياته في المحكمة جعلته يحتك وهو طفل بكبار شيوخ وفقهاء وقضاة مكة المكرمة.. توظف بابا طاهر بالمطبعة الاميرية وبعد ذلك التحق بوظيفة سكرتير أمين العاصمة وحظي بشرف الانتداب من قبل أمانة العاصمة ليكون أحد مؤسسي أول بلدية للرياض ومنها تأسيس بلدية الخرج ثم الليث.. رشح من قبل الشيخ عبد الله السليمان ومحمد سرور صبان ليكون من ضمن الهيئة التأسيسية لأول إذاعة سعودية في المملكة. وكانت هذه بدايته مع الإذاعة في نهاية عام 1368هـ – 1949م مع بداية تأسيس الإذاعة. وقضى فيها حوالي 10 أو 11 سنه كانت بمثابة ذروته الإعلامية والأدبية… تعاونه مع الموسيقار طارق عبد الحكيم مع فرقة الجيش عندما غنا له «المروتين»، لكن قبل هذه الفترة أثناء وجود بابا طاهر في مصر تعاون مع المنشد الشيخ محمد الفيومي وعدد من الفنانين مثل الفنان عباس البليدي والفنانة مها الجابري الملقبة بـ “أم كلثوم سوريا” ومجموعة من الموسيقيين. ولكن على النطاق المحلي تعاون مع طارق عبد الحكيم في 1958م تقريبًا في اغنيه «المروتين» وبعدها في أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات مع تطور الموسيقى والعمل الإذاعي وظهور مواهب جديدة كالموسيقار غازي علي إضافة إلى الفنان طلال مداح الذي أصبح نجمًا وذاع صيته آنذاك، والفنان لطفي زيني. وظهور الفنان محمد عبده كموهبة جديدة في الستينيات تقريبًا في برنامج الأطفال”.
واضفى فاصل أغنية «المروتين» الذي تخلل التقرير جوًا من الشوق والحنين للماضي، واضافت خاتمة بأغنية «يا أعذب الحب» للفنان محمد عبده إحياء لذكرى ابداعات الثلاثي الزمخشري وعبده وعمر كدرس الذي لحن الأغنية التي كانت أخر عمل فني جمعهم.
وبرأيي أنها كانت لفته جميلة من MBC بتخصيص فقرتها الأسبوعية «مروا من هنا» لتسليط الضوء على الأديب، وهذا من شانه الاسهام في إحياء سيرته وتعريف النشء الجديد به، رغم قصر مدة التقرير الذي لم يتجاوز الخمس دقائق.
وأرجو أن تحذوا قنواتنا الفضائية الأخرى حذوها بإحياء سيرته الأدبية فالأديب طاهر زمخشري قضى سنوات طويلة من حياته مليئة بالعطاء والإنجازات التي تستحق وقت وحيز أطول على عموم الفضائيات. فقد أبحر في عالم الشعر منذ ريعان شبابه وأصدر نحو 24 ديوانًا شعريًا تضمنت مئات القصائد متعددة الأغراض (دينية، وطنية، حماسية، عاطفية، وغير ذلك)، أشاد بها أساطين أدباء العرب كالشاعر د. إبراهيم ناجي، د. محمد حسين هيكل باشا، والعقاد، وطه حسين، وأحمد رامي وغيرهم، بالإضافة إلى إسهاماته الإعلامية المحلية والخارجية مع الإذاعة والصحافة، وإنجازاته في مجال أدب الطفل ببرنامجه «ركن الأطفال» الذي عرف منه باسم «بابا طاهر»، وأعقبه بإصدار أول مجلة للأطفال «الروضة». فجعلت تلك الإنجازات والعطاءات منه شخصية خالدة لا تنسى من ذاكرة الأجيال، وهذا ما أكده معالي الأستاذ بدر بن محمد العساكر مدير المكتب الخاص لسمو ولي العهد. في تغريدته المنشورة على حسابه في تويتر بتاريخ 12 يونيو 2021م:
“الأديب الشاعر #طاهر_زمخشري رحمه الله
سيرته تفيض بالعطاء والتأثير
بين قوافي الشعر ودروب الصحافة.. ليكون اسمًا لا يغيب عن الذاكرة..”
واختم دردشتي هذه بأبيات من قصيدة «أكرم بمن قاد المعاني» للشاعر إبراهيم خفاجي رحمه الله التي القاها في حفل الأسرة الفنية بمناسبة حصول الأديب رحمه الله على جائزة الدولة التقديرية عام 1405-1985م
أكرم بمن ملك النشيد وعلَّم الحرفَ الرنين
أكرم بمن قاد المعاني ملهما عبر السنين
أكرم بطاهرنا الحبيب ومبدع النظم الثمين
فإلى المزيد من العطاء يرعـــــــاك رب العالمين
https://garbnews.net/articles/s/5053
-
جائزة الأميرة صيتة بنت عبد العزيز للتميز في مجال العمل الاجتماعي 2015
الرئيسية
عدد المشاهدات 1٬001