بعد ما قضيت نحو 3 أعوام ككاتب رأي في صحيفة غرب الإخبارية كتبت فيها نحو 150 مقالًا إلى جانب عدد من مقالات أخرى في صحيفة الوطن، عكاظ، مجلة اليمامة تناولت فيها جوانب من سيرة الأديب الراحل طاهر زمخشري -رحمه الله-، وقضايا الإعاقة والمعوقين، وتقديم بعض تجارب النجاح الملهمة، وتسليط الضوء على المناسبات الدولية وقضاياها الإنسانية والاجتماعية الملحة وطرح حلول ومقترحات لها.

وعلى ضوء الإقبال الذي التمسته من القراء قررت بمبادرة ذاتية ومساعدة فريق عمل مكون من مساعد فني ومساعد إداري خوض تجربة إطلاق مشروع ثقافي تطوعي متمثل في موقع إلكتروني شخصي على شبكة الإنترنت www.mohammedbellow.com يهدف إلى تقديم محتوى ثقافي وفكري ومعلوماتي لخدمة الإعاقة البصرية وإعادة التأهيل، والمتخصصين في المجال، والمهتمين بالثقافة والأدب خصوصًا فيما يتعلق بالأديب طاهر عبد الرحمن زمخشري -رحمه الله– وجيله من الرواد، ومتابعة أخبار الكتب والكتاب، من خلال أقسام متضمنة لمقالات ومواد مرئية ومسموعة.

ورخصته من وزارة الإعلام برقم 487659 وتاريخ 2021/12/29. مستفيدًا مما تقدمه الوزارة من تسهيلات للمواقع الإلكترونية المرخصة. سعيًا مني لتحقيق ما تأمله الوزارة من الكتاب السعوديين بتقديم إعلام هادف وتأصيل القيم المهنية، ونشر ثقافة الإعلام الجديد ووسائله في المجتمع. والقيام بخطوة تطويرية في مجال النشر الإلكتروني مواكبة لرؤية المملكة التي تسعى إلى دعم ثقافة الحوار والتنوع، وتكريس ثقافة حقوق الإنسان المتمثلة في حرية التعبير المكفولة للجميع وفق أحكام النظام، بالإضافة إلى تشجيع هواة الكتابة من ذوي الإعاقة البصرية والنشء الجديد لممارسة النشر الإلكتروني باستقلالية وفق أنظمة ولوائح وزارة الإعلام بالمملكة العربية السعودية.

وحرصت على أن يكون الموقع متميزًا بالعديد من الخصائص الفنية والتقنية التي تسهل للمتصفح النفاذ إلى مختلف مكونات وأقسام الموقع بيسر وسهولة. والأخذ في الاعتبار في تصميمه تسهيل الوصول لذوي الإعاقة البصرية من ضعاف البصر ومستخدمي قارئات الشاشة والأجهزة الذكية.

صورة لواجهة الموقع تظهر أقسامه وأحدث المواضيع المنشورة فيه

صورة لواجهة الموقع تظهر أدوات إمكانية الوصول لذوي الإعاقة البصرية من تكبير النصوص وتصغيرها والتحكم في ألوان الموقع

وذلك ما أكده الأستاذ التربوي الكفيف عبد الوهاب الزهراني في تعليقه لصحيفة مكة الإلكترونية في خبرها عن تدشين الموقع بقوله «إن إطلاق الموقع عمل عظيم، فهو واضح وسهل الوصول بالنسبة للمكفوفين المستخدمين للأجهزة الذكية وقارئات الشاشة فأقسامه واضحة، ومواضيعه متنوعة، كما أن ربطه بوسائل التواصل الاجتماعي الأخرى كـ (اليوتيوب وتويتر) رائعة جدًا، كذلك بالنسبة لطريقة التواصل عبر الرسائل والردود التلقائية على البريد الإلكتروني المتصل بالموقع، وآلية إظهار التعليقات في أسفل المقالات وعلى الواجهة الرئيسية في الموقع يعتبر عمل رائع وعظيم، فضلًا عن تضمين وصف الصور للمكفوفين وهذا شيء جميل جدًا كنا نفتقده في الكثير من المواقع الإلكترونية الأخرى، ولفت انتباهي أن مقالات الإعاقة البصرية من ضمن الأكثر مشاهدة على الموقع بالإضافة إلى مقال عميد الدراما الفنان محمد حمزة رحمه الله، واغتنم هذه الفرصة لأشيد بالمقال المنشور بمناسبة تدشين الموقع وطرحة بشأن تعليم المكفوفين برايل في ظل جائحة كورونا، فنحن في تعليم المرحلة الابتدائية عن بعد نفتقد التواصل مع الطلاب، وحتى تعليمهم بطريقة برايل في المرحلة المتوسطة والثانوية رغم أنه حضوري، ولكن تبقى بعض الصعوبات في القراءة بطريقة برايل في ظل أوضاع الإجراءات الاحترازية كالتعقيم الذي يؤثر على حاسة اللمس للأسطح الملموسة لنقط برايل البارزة».

وكنت قد بدأت في 2021/12/15م بتغذية الموقع بمقالاتي والمواد المرئية والمسموعة التي نشرت لي سلفًا في صحيفة غرب الإخبارية ووسائل الإعلام الأخرى بدءًا بمقال «57 مقالاً في ميزان عام». ودشنته رسميا في 2022/01/04م بالتزامن مع اليوم العالمي للغة برايل الذي تعلنه الأمم المتحدة احتفالًا بذكرى مولد الكفيف الفرنسي لويس برايل مخترع طريقة الكتابة والقراءة باللمس للمكفوفين. ونال في حينه على اهتمام صحيفتي عكاظ، ومكة الإلكترونية اللتان نشرتا خبرًا عنه لفتا فيه إلى أنني أول كفيف يدشن موقع مرخص للنشر الإلكتروني.

وكانت أول مادة كتبتها للموقع خبرًا صحفيًا بعنوان «كتاب أشرعة الحياة» لمؤلفه عبد الله بن أحمد العُمري نشرته في 2022/01/18م ومن حينها استمررت في كتابة مقالات وأخبار بصفة أسبوعية وإعادة نشر كل ما ينشر لي في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة.

واتبعت في كتاباتي معايير مهنية تقوم على توثيق أي معلومة أنقلها من مصدرين موثوقين أو التصاريح الرسمية أو المعاينة من عين المكان المرتبط بالموضوع، مع مراعاة المعايير الأخلاقية للأداء الصحفي في المملكة العربية السعودية، والحرص على توثيق كل موضوع بصور أو مستندات وثائقية قدر الإمكان، وأن يكون المحتوى ذا أبعاد إنسانية واجتماعية، ومواكبًا لاهتمامات القراء من مختلف أنحاء العالم. والتفاعل مع القراء بالرد على استفساراتهم، ونشر أبرز تعليقاتهم ضمن التقارير الإحصائية.

والآن وقد مضى 100 أسبوع على الموقع منذ إطلاقه، تمكنت فيها بفضل الله من نشر (404) مواد إعلامية توزعت ما بين (205 مقالًا، و23 مقالًا لكتاب آخرين، و26 خبرًا صحفيًا، و87 تقريرًا إحصائيًا، و15 لقاءًا صحفيًا، و14 لقاءًا إذاعيًا، و13 لقاءًا تلفزيونيًا، و8 مواد مصورة، و7 مواد مرئية، و6 ملخصات عن مؤلفاتي).

وكان من أكثر المواضيع التي كتبت عنها إثارة بالنسبة لي قصة محمد الضيف الذي قاد من كرسيه المتحرك المقاومة الفلسطينية في معركتهم سيف القدس ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، وحادثة سقوط الطفل المغربي «ريان» في البئر التي حفرها والده بحثًا عن الماء، وأثر الحرب الروسية الأوكرانية على الأمن الغذائي العالمي، وجريمة اغتيال مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة أثناء تغطيتها لاقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لمخيم جنين، وقصة أطفال الأمازون الذين نجو من حادثة الطائرة وبقوا على قيد الحياة في أدغال الأمازون لنحو 40 يومًا.

ولم يفتني أن أوظف مقالاتي عن المواسم والمناسبات الدينية كرمضان والحج في طرح حلول لبعض القضايا العالمية المعاصرة كمقال «سينجينتا نموذج للمسئولية الاجتماعية في الأزمات» و«الحج ومعالجة مشكلة العنصرية».

ولعل تناولي لتلك القصص والقضايا قد ساهمت في اجتذاب قراء للموقع من قارات العالم الستة حيث أظهرت إحصائية ديمغرافية زوار الموقع خلال الـ 100 أسبوع حسب analytics.google.com أن إجمالي الزوار بلغ (21,644) زائرًا منهم (‎78.9%) من المملكة العربية السعودية، (6%) الولايات المتحدة الأمريكية، (2‎%) مصر، (‎1.2‎%‎‎) إيرلندا، (1.1‎%‎) الكويت، (1‎%) السويد، (0.9%) الإمارات، (0.8‎%) المملكة المتحدة، (0.6‎%) قطر، (0.5‎%) عُمان، و(6.9%) من دول أخرى شملت قارتي أمريكا الجنوبية، وأستراليا.

أما ما كتبته من مواضيع أدبية وفنية عن الأديب طاهر عبد الرحمن زمخشري -رحمه الله- فقد اعتلى 8 منها قائمة الأعلى مواضيع مشاهدة على الموقع إذ حقق مقال «طاهر زمخشري 17عام في حياة ابتسام لطفي» المركز الأول بـ «1٬960 مشاهدة» تلاه مقال «جيب القول على الرايق تحفه فنية رياضية كتبها الزمخشري لنادي الوحدة وغنتها هيام يونس لجماهير الكرة العربية» في المركز الثاني بـ «1٬731 مشاهدة»، «يا أعذب الحب.. إكليلُ وفاء من محمد عبده والكدرس لمسيرتهم مع الزمخشري» في المركز الثالث بـ «1٬442 مشاهدة»، «مسابقة بابا طاهر لأدب الأطفال» في المركز الرابع بـ «1٬327 مشاهدة»، «أبكي وأضحك الأبيات الأكثر انتشارًا لطاهر زمخشري في عصرنا» في المركز الخامس بـ «1٬301 مشاهدة»، «مروا من هنا | طاهر زمخشري أول من أطلق اسم عروس البحر الأحمر على جدة» في المركز السادس بـ «1٬048 مشاهدة»، «قصة مجلة الروضة التي أدخلت مؤسسها مستشفى المجانين» في المركز السابع بـ «1٬011 مشاهدة»، «طاهر زمخشري وتأسيس أول بلدية للرياض» في المركز الثامن بـ «938 مشاهدة».

كما اجتذبت مقالات الضيوف اهتمامات القراء حيث حققت مقالتي الكاتبة منيرة الرشيد «الاحتواء المثالي» المركز التاسع بـ «923 مشاهدة» و«الحي المفقود» المركز العاشر بـ «862 مشاهدة».

ولا بد من التنويه بأن تسهيلات الوصول إلى الموقع عبر الهواتف الذكية ساهم في زيادة عدد القراء حيث لوحظ أن (92.6%‎‎) منهم ولجوا الموقع عبر الجوال و (6.6‎%) عبر الحاسب الآلي و(0.7‎‎‎%) عبر الأجهزة اللوحية (تابلت).

وكان من المفترض أن أطلق نسخة من الموقع باللغة الإنجليزية تخاطب المهتمين بالأدب والثقافة السعودية والعربية من متحدثي اللغة الإنجليزية. ولكن الظروف والتحديات التي واكبت المشروع حالت دون ذلك. منها عدم وجود مضلة داعمة ومساندة، أو جهة راعية للموقع، وعدم القدرة على التفرغ الكامل للموقع، وتحويله من مبادرة ذاتية إلى عمل مؤسسي.

وعلى أي حال لا بد من القول بأن تجربتي هذه مع «التطوع الثقافي» عبر النشر الإلكتروني للمساهمة في تطوير وتنمية الجانب العقلي والمعرفي في المجتمع دون مقابل كانت مثمرة واستحقت التضحية والوقت الذي خصصته من أجلها فقد جنيت منها زيادة المعرفة الذاتية وجمعت فيها كتابات مهيأة للنشر في كتب كانت باكورتها جديد مؤلفاتي «سطور مضيئة من حكايات وذكريات بابا طاهر». ولذلك أهيب بالكتاب بأن يبادروا في إثراء النشر الإلكتروني بتطوعهم الثقافي.

عدد المشاهدات 93