بُعيدِ يومٍ ماطرٍ وعاصفٍ بالأحزانِ أُسدلَ الستار مساء يوم الجمعة (26/04/1445هـ- 10/11/2023م) على مراسم عزاء زوج عمتي الداعية الشيخ محمد محمد تكر مدني الذي اعتدنا مناداته بـ (العم محمد مدني)، والذي وافته المنية مساء يوم الأربعاء (24/04/1445هـ – 08/11/2023م) بجدة ووري الثرى بمقبرة المعلاة بمكة المكرمة في يوم الخميس 25/04/1445هـ – 09/11/2023م.

سائلًا المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته ويسكنه فسيح جناته.

ومن باب اذكروا محاسن موتاكم سأسطر في مقالي هذا شيئًا من مناقبه ولطيف من ذكرياتي معه وتسليط الضوء على جانب من علاقته بجدي لأمي الأديب طاهر عبد الرحمن زمخشري «بابا طاهر» –رحمهما الله- وفاء له وبرًا به، وتخليدًا لذكراه.

فلقد أجمع الذين عرفوه بأنه كان حسن الخلق، وطيب المعشر، لطيف النفس خفيف الظل، وحريصًا على إدخال البشاشة والسرور على القلوب. لين الجانب ومتواضــع مع الجميع، ومحبًا لعمل الخير وقضاء حوائج الناس، وعرف بورعه وزهده فقد روى لنا أحد المعزيين من زملائه في العمل سابقًا أنه في إحدى السنوات اُنُتدب للعمل في موسم الحج وخلالها أدى المناسك وبعد عودته صرف له بدل انتداب مبلغ 10 آلاف ريال فرد المبلغ ورفض استلامه قائلًا “إنني أديت فريضة الحج ولا ينبغي أن أتقاضى أجر على ذلك”. كذلك عند انتهاء خدمته بإحالته للتقاعد المبكر أعاد للإدارة حقيبة العمل مليئة بكل ما كان بحوزته من قرطاسية خاصة بالعمل من أوراق وأقلام…الخ.

وقد عرف ايضًا باجتهاده في العبادة فعلى مدى أكثر من 60 عامًا لم يفته أي فرضًا في الصف الأول من المسجد إلا في الضرورة القصوى، واعتاد قضاء شهر رمضان معتكفًا في المسجد الحرام إلى ليلة العيد، أما مواسم الحج التي لا يحج فيها فيقضيها معتكفًا في المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة. وكان كثير الصيام خصوصًا الأيام البيض، والاثنين، والخميس، وعاشوراء.

كما كان الموجه والواعظ الديني للأسرة، ومصلحًا وحلالاً للمشـاكل والأزمات بين الأهل والجيران والأصـدقاء، برجاحة عقله وحكمته التي قال له عنها خال زوجته وأبيها بالرضاع «الأديب طاهر زمخشري»: (انت حكيم الأسرة).

وخصه برسالة من صعيد عرفات جعلها مُهرًا لقصيدته «لبيك» التي نضمها من 60 بيتا قال فيها “ابني محمد محمد مدني!! لقد مضى عام وكان حافلاً بالمفاجآت، وكنت بجانبي استمد من شبابك القوة؛ التي أتوكأ عليها، وأنا أتعثر في الطريق؛ من هول الصدمات التي مّرت بي؛ فلك؛ وللغراس حولي، أتوجه إلى الله بهذا الدعاء في رحاب البيت، وفي صعيد عرفات؛ سائلاً لك النجاح المضطرد، وللجميع العون والتوفيق الدائم”

نسخة ضوئية من رسالة إهداء بابا طاهر قصيدته (لبيك) للعم محمد مدني

ومما جاء في القصيدة:

قد سكبنا نفوسنا مذ بلغنا *** غاية الشوط وارتشفنا منانا

وانتشينا من السراب وكل *** يبسط الكف داعيًا ندمانا

وينادى لبيك وعدك صدق *** ولهذا الصعيد طاب سرانا

وبنور أشاع أشرف دينٍ *** سوف نحيا على المدى إخوانا

وفي المقابل كان العم محمد مدني يكن لبابا طاهر مكانة ومعزة خاصة عبر عنها في رسالته المؤرخة في 04/02/1418هـ، التي خصها لكتابي «الماسة السمراء.. بابا طاهر زمخشري القرن العشرين»: “عرفتْ بابا طاهرْ منذُ أكثرَ منْ ربعِ قرنٍ، والمعروفَ عندَ الخاصةِ والعامةِ إنهُ كانَ شاعرٌ ملهمٌ ومذيعٌ مفوهٌ وأديبْ بارعٍ شخصيةً ظريفةً يملأُ مجلسهُ طرافةً وظرافةً ويتحف جلساءهُ حبورا وأنسا (رحمهُ اللهُ)، أعتقدُ أنَ عندي بالذاتِ معلوماتٍ خاصةً عنهُ ليستْ عندَ غيري فهوَ (رحمهُ اللهُ) كانَ أشبهَ ما يكونُ بالكتابِ المفتوحِ. على أيِ حالٍ كانَ – يرحمهُ اللهُ – حمالاً للأسية لا يقابلُ السيئةَ بمثلها، بلْ بالصفحِ والعفوِ وكانَ ينفثُ عما يجدهُ في نفسهِ منْ الآلامِ بقصيدةٍ عصماءَ أوْ بدمعةِ حريٍ أوْ بنكتةٍ بيضاءٍ وكمَ وكمِ صبرٍ على ما كانَ ينالهُ منْ أذى منْ قبلِ بعضِ أقربائهِ وأصدقائهِ ومعاشريهِ. كانَ – يرحمهُ اللهُ – نزيها عفَ اليدَ واللسانَ وكانَ سخيا كريما لا يدخرُ لنفسهِ شيئا منْ عرضِ الدنيا وكانَ (رحمهُ اللهُ) خدوما يبذلُ الكثيرُ والكثيرُ منْ جهدهِ ووقتهِ وجاهه في سبيلِ قضاءِ حوائجِ الناسِ وتحقيقِ مصالحهمْ ولا أزكي أحدًا على الأرضِ فأنني أحسبهُ كذلكَ واللهُ حسيبهِ. كمٌ أودُ أنْ أراهُ في رؤيا مناميةٍ تبشرني بأنهُ منعمْ في جنةِ الخلدِ ، نسألُ اللهُ – سبحانهُ وتعالى – أنْ يجعلنا جميعا منْ أهلها، وفي رأيي أنْ يتولى الكتابةَ عنْ بابا طاهرْ كاتبِ أديبٍ متخصصٍ في كتابةِ التراجمِ الشخصيةِ، وأعتقدُ أنهُ كانَ منْ الأولى منْ زملائهِ في الوظائفِ المتعددةِ، والإذاعةُ والصحافةُ وتلاميذهُ خاصةً أطفالهُ في الإذاعةِ والذينَ أصبحوا قادةً في مجالِ الأدبِ والفكرِ أنْ يقوموا بهذهِ المهمةِ… فلقدْ كانَ خدوما قدْ يسافرُ منْ مكةَ المكرمةِ أوْ جدةَ إلى الرياضِ لقضاءِ حاجةٍ منْ حوائجِ الناسِ وكمِ بذلِ منْ جهدهِ ووقتهِ وجاهه في سبيلِ ذلكَ. وكانَ وفيًا لا يكادُ ينسى أبوهُ الروحيُ الشيخُ عباسْ قطانِ وغيرهِ وكذلكَ زوجتهُ التي ماتتْ ولمْ يتزوجْ بعدها”.

كما كان العم محمد مدني محبًا لكرة القدم ومشجعًا لنادي الإتحاد والتحق به كحارس مرمى لفئة الشباب قبل أن يتركه بحكم ظروفه الدراسية والعملية. ومن طريف ذكريات حبه وتشجيعه لنادي الاتحاد أن «بابا طاهر» كان يمازحه أحيانًا قائلًا له: «تتذكر يوم رابطت مع عدد من الجماهير عند معسكر الاتحاد ليلة إحدى المباريات لحراسة اللاعبين من مشعوذي الدنبوشي؟»، فيضحكان، ويجيب العم محمد مدني: «كانت أيام، والحمد لله أنه هدانا».

وقد ربطتهُ علاقة أُخوَّة وصداقة حميمة بقاعدة عريضة من ذوي القُربى والأرحام وزملاء العمل ونُخبة من الشَّخصيات العامَّة والمشايخ من مُختلف الفئات العُمرية، امتدَّت لسنوات، وكان لها الأثر الكبير في حياته، منهم على سبيل المثال لا الحصر العم أبو بكر نوح وشقيقه محمد، والأخوة آل بلو، ومعالي د. أحمد محمد علي الرئيس الأسبق للبنك الإسلامي للتنمية، والشيخ محمد أحمد ثاني إمام المسجد النبوي الأسبق، والأخوة أحمد ومحمود وإبراهيم كاظم، والفريق أول أسعد عبد الكريم، والشيخ إبراهيم كردي مؤسس ورئيس مجلس إدارة شــركة الســنبلة، والكابتن أحمد مطر مدير عام الخطوط السعودية الأسبق، وعبد القادر جي، وسعد نصر الله، ومحمد فتة، ومحمود مرداد، والفنان فوزي محسون الذي زامله في ترنك الاتصالات، والشاعر الغنائي أحمد صادق، والأستاذ محمد الأمين رفيق دربه في الدعوة وغيرهم رحم الله الأموات منهم والأحياء.

صورة تذكارية للعم محمد مدني مع صديقه العم محمد جي في سبعينيات القرن الماضي

من ذكرياتي وحكاياتي معه

لقد ربطتني به علاقة أبوية وإنسانية متميزة إذ عرفته منذ أن وعيت على الدنيا ولا زلت احتفظ بالكثير من ذكرياتي معه وجميل مواقفه الإنسانية، منذ وفاة والدي -رحمه الله- وأنا على مشارف السادسة من عمري، حيث كان لي ولأخوتي بمثابة الموجه والمربي فلقد كان له دور هام في مساندتنا وتجاوزنا آثار وانعكاسات حياة اليتم والحرمان الأبوي بمتابعته لنا ولاحتياجاتنا اليومية وتوفيرها.

فعلى ما أذكر أنه في صبيحة أحد أيام عزاء والدي رحمه الله اصطحبني معه في السيارة لشراء الفطور للبيت، وخلالها حدثني عن والدي وأين يكون الآن، ومن حينها أدركت أن والدي قد فارقنا ولن أراه في دنياي بعد الآن. وعندما لاحظ حُبِّي للطائرات، اشترى لي ولإخوتي لعبة طائرة تعمل بالبطاريات، تمشي على الأرض، وتصدر أصواتًا، وتضيء بأنوار حمراء وخضراء، فأصبحت لعبتي المفضلة.

أضف إلى ذلك أخذنا بين الفينة والأخرى للنزهة عند شبك مطار جدة القديم بالشرفية، فنستمتع بمشاهدة الطائرات وهي تقلع وتهبط وتسير على ساحة المطار، بالإضافة إلى متابعة حركة نقل الركاب من وإلى صالة المطار. فزادت تلك النزهات من حبي للطائرات.

ولا زلت أتذكر أيضًا أول صلاة عيد أحضرها معه بثوب العيد الجديد في المشهد الذي كان يقع في كيلو 3 بطريق مكة بجانب قصر خزام بجدة.

كما تولى مسؤولية متابعتنا الدراسية وتوفير مستلزماتها، حتى أنه عندما أخفقت في الصف الرابع الابتدائي بالمدرسة العزيزية، قام بنقلي وأخوتي منها الى المدرسة النموذجية الابتدائية في السبع قصور، التي كانت تعتبر آنذاك من أفضل مدارس جدة الابتدائية، وأخذ على عاتقه إيصالنا من وإلى المدرسة يوميًا بسياراته لبعدها عن المنزل.

فضلًا عن تخصيص جزء من وقته يوميًا لنا بعد صلاة العصر في منزله للمذاكرة ومراجعة واجباتنا المدرسية، وإلى جانب ذلك اعطائنا دروس دينية في شكل حلقات منتظمة بحضور أفراد عائلته، درسنا فيها كتاب «رياض الصالحين» للإمام النووي، و«الطب النبوي» لأبن قيم الجوزية، وتحفيظنا الأدعية والاذكار اليومية وبعض الآيات القرآنية مثل آية الكرسي وآيات التحصين. فكان لذلك دورًا هامًا في بنائي الفكري وتوسيع مداركي وتقوية قدراتي التعليمية وتنمية مواهبي الفنية ونجاحي وأخوتي في المرحلة الابتدائية.

كما كان عطوفًا وحنونًا علينا، فمن طريف ما أتذكر أنه شفع لي ولأخي نجاتي عند بابا طاهر في تلك الليلة التي قضيناها في سينما نادي الاتحاد إلى وقت متأخر من الليل دون أذن مسبق، إذ جاء بابا طاهر إلى البيت، فعلم أننا لا نزال في النادي، فغضب كثيرًا واستدعى العم محمد مدني، لمرافقته إلى النادي لإحضارنا. وعندما علمنا بقدومهما من ابن عمتي نزار الذي استبقهما خفية بدراجته إلى النادي ليحذرنا من غضب بابا طاهر وأنه في الطريق إلينا خرجنا مسرعين من السينما عائدين الى البيت، فالتقانا في الطريق ونهرنا وأخذ بطاقة عضويتي في النادي وهم بتمزيقها، وما أن وصلنا إلى البيت حتى هدء العم محمد مدني من روع بابا طاهر وطلب منه مسامحتنا.

وعلى مر السنين استمرت علاقتي المتميزة به فكان الناصح والموجه لي في شتى المجالات فعندما بلغت سن الشباب في منتصف ثمانينيات القرن الماضي أصبحت من محبي مزج الموسيقى الغربية، وأسست مع أصدقائي استديو لإنتاج أشرطة للموسيقى الغربية باسم صوت العالم «SOW» وأصبحت أشرطتنا رائجة ويتلقفها اليافعون من محبي الموسيقى الغربية والـهيب هوب.

وفي أحد الأيام دعاني العم محمد مدني إلى منزله وجلسنا سويًا وقال لي ” لن أقول لك إن الموسيقى حلال أو حرام، ولكن أريدك أن تفكر فيما هي الفائدة التي ستجنيها أو ستضيفها للعباد والبلاد من هذه الأشرطة”.

وبعدها بفترة بدأت الاحظ كيف أن بعض الشباب اليافعين يرقصون في الكورنيش على وقع أشرطتنا في الوقت الذي كان هذا الامر مستهجنًا وغير مقبول في مجتمعنا، فكرهت أن أكون سببًا في ذلك، فتركت تدريجيًا إنتاج الأشرطة الموسيقية.

وعندما ألفت كتابي «الماسة السمراء.. بابا طاهر زمخشري القرن العشرين». اخترته لمراجعة الكتاب بحكم معرفتي بعمق علاقته ومعرفته بابا طاهر وقوة لغته العربية، فكان نعم المحقق والمراجع للكتاب.

صفحة من كتاب الماسة السمراء بابا طاهر زمخشري القرن العشرين تظهر مراجعة وتحقيق العم محمد مدني للكتاب

حياته ووفاته

يجدر بالذكر أن العم محمد مدني من مواليد عام 1354هـ بحارة الأغوات في المدينة المنورة. والده الشيخ محمد أحمد تكر فلاتي -رحمه الله- أحد علماء المدينة، ووالدته الشيخة رقية -رحمها الله- ابنه عالم المدينة المنورة الشيخ خليل فلاتة -رحمه الله-، وقد نشأ وترعرع يتيم الأب والأم إذ توفيت والدته في العام 1356هـ وهو في الثانية من عمره، فاحتضنته جدته لأمه الســيدة حبيبة وخالته الشيخة فاطمة بنت خليل -رحمهما الله-، وعندما توفي والده في العام 1367هـ وهو في الثانية عشر من عمره كفله زوج أخته الكبرى الشيخ بكر بن آدم فلاتة -رحمة الله-.

تلقى تعليمه الأولي في كتَّاب خالته الشيخة فاطمة خليل، ثم التحق بمدارس دار الأيتام وأنهى مرحلته الابتدائية في العام 1367هـ. والمتوسطة في العام 1370هـ. ثم انتقل إلى مدينة جدة لمواصلة دراسته فالتحق ببرنامج دبلوم المدارس الصناعية نظام الخمس سنوات بالسبع قصور. وتخصص في الكهرباء وتخرج عام 1376هـ، ومنها التحق بالمعهد الفني العالي وحصل على شهادة فني معتمد للهاتف اللاسلكي بمصلحة البرق والبريد والهاتف عام 1377هـ.  ثم التحق بثانوية الشاطئ بجدة -القسم العلمي التي تخرج منها في العام 1380هـ. ثم التحق بكلية التجارة – قســم الاقتصاد والعلوم الســياســية بجامعة الملك سعود (جامعة الرياض سابقًا) وحصل منها على شهادة البكالوريوس عام 1385هـ.

وكان قد بدء حياته العملية التي امتدت لأكثر من ثلاثين عامًا أثناء دراسته الثانوية والجامعية بالعمل كفني اتصالات لاسلكية في مصلحة البرق والبريد والهاتف بوزارة المواصلات في 1378/01/01هــ، ومنها تدرج في الوظائف والمناصب الإدارية حتى أصبح مديرًا للإدارة الهندسية اللاسلكية والمبرقات. وعندما أنشئت وزارة البرق والبريد والهاتف في عام 1395هـــ عين فيها مديرًا للإدارة الســــــــــلكية واللاســــــــــلكية، وتدرج فيها إلى أن أصــــــــــبح مدير منطقة جدة للاتصالات. واستمر فيها حتى 1408/07/01هـ الذي أحيل فيه إلى التقاعد المبكر بناء على طلبه.

ومن حينها تفرغ تمامًا للدعوة والإرشاد ونشر الإسلام بين غير المسلمين داخل وخارج المملكة. إلى آخر حياته وفق منهج ديني معتدل، إذ بدء نشاطه في سبعينيات القرن الماضي مع مجموعة من زملائه في العمل من المقيمين من الباكستانيين والهنود، وكانوا يتجولون في الأحياء والشوارع في فترة العصر، يدعون الناس للعبادة والدعوة إلى الله.

وخلال نشاطه الدعوي التحق بالعديد من الدورات العلمية الدينية المتخصصة في العقيدة، والفقه، والتفسير والقرآن الكريم. وتتلمذ على يد عدد من المشايخ من أبرزهم الشيخ علي الطنطاوي والشيخ يوسف العمري، والشيخ سعيد الدعجاني مدير مكتب الدعوة والإرشاد بجدة -رحمهم الله- وأجازه في نشر الدعوة مفتي عام المملكة العربية السعودية الأسبق الشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله-.

الشيخ علي الطنطاوي أثناء إلقائه أحد الدروس العلمية ويظهر العم محمد مدني يسار الصورة

كما كان يخرج للدعوة إلى الله شهريًا في مدن وقرى وبوادي المملكة، ولمدة تتراوح ما بين 3 إلى 4 أشهر سنويًا خارج المملكة، ومن أبرز الدول التي خرج إليها للدعوة والإرشاد استراليا، أمريكا، باكستان، البرازيل، بريطانيا، السنغال، فرنسا، كندا، مالي، النيجر، نيجيريا، نيوزلندا، الهند، وغيرها من البلدان.

وإلى جانب نشاطه الدعوي كان مهتمًا بالقراءة والكتابة، والبحوث العلمية، وشغوفًا باللغة العربية ما جعله متمكنًا في علومها ويقوم بتدريسها لغير الناطقين بها. وساعد الكثير في كتابة ومراجعة البحوث والكتب. وله عدة بحوث منشورة، وألف كتابًا بعنوان «براءة مريم رضي الله عنها في القرآن الكريم» حققه الشيخ د. عبد الله بصفر، وصدر عن المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بجدة في العام 2019م.

صورة غلاف كتاب براءة مريم رضي الله عنها في القرآن الكريم

تزوج من السيدة فاطمة بنت محمد بلو – رحمها الله – المعروفة بفتو بلو (المتوفية في العام 1444هـ). له من الأبناء (6)، اثنين ذكور (نزار وغازي) و(4) إناث (نجوى، وفدوى، وهدى، وفردوس). وأحفاد (9) ذكور و(10) إناث.

ومنذ بضع سنوات عانى من المرض الذي تفاقم وتطور معه تدريجيًا خصوصًا في فترة الحجر الصحي أثناء جائحة كورونا، وعلى إثر ذلك أدخل إلى مستشفى الملك عبد العزيز الجامعي عدة مرات، كان أخرها في يوم الأحد (21/04/1445هـ – 05/11/2023م).

وقد حظيت بزيارته بمعية الأسرة مساء يوم الأربعاء (24/04/1445هـ – 08/11/2023م) وغادرناه دون أن ندرك أنها كانت ساعاته الأخيرة. إذ أنه بعدها بنحو ساعتين تدهورت حالته الصحية وانتقل إلى رحمة الله بسبب هبوط حاد في الدورة الدموية وتوقف القلب عن عمر ناهز الـ 91 عامًا. وفي الساعة 10:30 من صبيحة اليوم التالي نقل إلى مغسلة الأموات الخيرية بجامع فلسطين بحي الرحاب بجدة، حيث تم غسله وتجهيزه ونقله إلى المسجد الحرام والصلاة عليه عقب صلاة العصر، وشيع إلى مثواه الأخير بمقبرة المعلاة بمكة المكرمة بحضور مئات من أقاربه واصدقاءه.

فأسأل الله أن يغفر له ويرحمه ويجعل قبره روضة من رياض الجنة وينزله مع الشهداء والصديقين في جنات النعيم.

عدد المشاهدات 657