Share

في ظل متغيرات العالم الجديدة بسبب جائحة كورونا التي أصابت حتى كتابة مقالي هذا 8,196,036 شخص في 213 بلداً واقليماً حول العالم، أعلاهم أمريكا بـ 2,195,378 مصاب توفي منهم 118,741، البرازيل 904,734 توفي منهم 44,657، روسيا 545,458 توفي 7,284، الهند 352,815 توفي 11,882، بريطانيا 298,136 توفي 41,969، اسبانيا 291,189 توفي 27,136، فقد أثرت تلك الجائحة على مختلف نواحي حياة الاشخاص بصفة عامة، والأشخاص ذوي الإعاقة بصفة خاصة الذين يقدر عددهم بمليار شخص، بسبب مجموعة من العوامل منها العوائق الاجتماعية والبيئية، بعض التعاملات التمييزية، وظروف البنية التحتية.

وبحسب تدوينة منشورة على مدونة البنك الدولي بتاريخ 04 يونيو 2020 بعنوان “تلبية الاحتياجات الصحية للأشخاص ذوي الإعاقة خلال COVID-19 أنه “غالبًا ما يكون للأشخاص ذوي الإعاقة احتياجات صحية أساسية ستزداد شدة الحاجة لها إذا أصيبوا بـ COVID-19، وأنهم أكثر عرضة للإصابة بالفايروس بسبب نقص المعلومات حول انتشار المرض وأعراضه، بالصيغ التي يعتمدون عليها في الحصول على المعلومات مثل برايل، الطباعة بالأحرف الكبيرة، لغة الإشارة، التسميات التوضيحية، الصوتيات، الرسومات، كما أن التباعد الاجتماعي قد يعرض تقديم الرعاية المنزلية الأساسية لهم للخطر. وفي نفس الوقت هم أكثر عرضة لخطر الإصابة بالعدوى في أماكن الرعاية المنزلية من مقدمي الخدمة أو المقيمين معهم. و COVID-19 ما هو إلا مثال آخر على التفاوتات الصحية الطويلة الأمد التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة. على الرغم من أننا لا نعرف التأثير الكامل حتى الآن، لكن لدينا فهم جيد لأين كنا قبل الوباء”.

ومن المؤكد أن الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم سيواجهون تحد كبير خلال هذه الفترة والفترة القادمة بسبب التباعد الاجتماعي والتحديات الاقتصادية التي ستواجه المجتمعات.

وعلى ضوء تلك الحقائق بدأت تحركات دولية وإقليمية ومحلية لموجهة آثار جائحة كورنا على الأشخاص ذوي الإعاقة حيث ستنظم لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا) وقطاع الشؤون الاجتماعية – إدارة التنمية والسياسات الاجتماعية بجامعة الدول العربية في 24 يونيو 2020 اجتماعاً عبر الانترنت مع كبار المسؤولين في الدول العربية المعنيين بملف مواجهة آثار جائحة كوفيد – 19 على الأشخاص ذوي الإعاقة في الدول العربية، بالتنسيق مع السيدة ماريا سوليداد سيسترناس رييس، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بالإعاقة وإمكانية الوصول، بالتعاون مع المنظمة العربية للأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك بهدف استعراض الجهود المبذولة من كافة الجهات المعنية لمساندة ودعم الأشخاص ذوي الاعاقة في هذه المحنة الصعبة، من خلال تبادل الخبرات والممارسات الجيدة، في سياق جائحة كوفيد -19، بشأن استئناف أو مواصلة تقديم الخدمات الصحية والتأهيلية والتعليمية، وتحديد التحديات والحلول والأدوار لمختلف أصحاب المصلحة، أي الحكومات ومنظمات الأشخاص ذوي الإعاقة وكيانات المجتمع المدني الأخرى وكيانات القطاع الخاص وغيرها، لتلبية احتياجات وتوقعات الأشخاص ذوي الإعاقة في سياق كوفيد – 19، وعرض نتائج المسح الذي أجرته الإسكوا للتدابير التي اتخذتها الحكومات العربية والمواد التوعوية التي تم إصدارها بصيغة ميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة، والمنشورة على المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، ودور جامعة الدول العربية لتعزيز الجهود الرامية لضمان شمولية السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتخذة لاحتياجاتهم أثناء الجائحة وبعدها.

وعلى النطاق المحلي كانت جمعية إرادة بالجبيل قد نظمت بالتعاون مع هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة “الملتقى السعودي لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة في مواجهة جائحة فيروس كورونا COVID-19” لمدة 3 أيام (16 – 18 رمضان) شارك فيه عدد من ممثلي الجهات الحكومية المعنية وخبراء من مؤسسات أكاديمية وبحثية وطنية ناقشوا سبل دعم الأشخاص ذوي الإعاقة في ظل جائحة كورونا، ووفق ما تناقلته وسائل الإعلام عن نتائج الملتقى فإن المشاركين أكدوا بأن أغلب المعلومات عن آلية دعم ذوي الإعاقة أو حتى القطاع الثالث غير متوفرة، والأرقام غير متوفرة، وطالبوا بضرورة أن يكون هناك أبحاث وتوزيع للأدوار ومبادرات وعمل جماعي متكامل وتشريع وتنسيق من خلال سياسات إدارة الأزمة عبر مجلس الشورى على أن تتولى جهة معينة تدريب قادة العمل الموجهة لهم.

ومن واقع تجربتي العملية السابقة في مجال الإعاقة فإنني اتفق معهم فيما خلصوا إليه وأضيف إلى ذلك إن الإعاقة في مجتمعنا تشكل تحد كبير حيث أنها تمثل 7.1% من إجمالي السكان السعوديين منهم 67% في سن التعليم والعمل، والبنية التحتية لغالبية الجمعيات والمؤسسات العاملة في مجال الإعاقة غير مهيئة للعمل في مثل هذه الأزمة، وليس لديها خطط معدة مسبقاً لضمان استمرارية تقديم خدماتها في مثل هذا الظرف.

ولدعم ذوي الإعاقة في الوضع الحالي بصورة فاعلة وعملية لابد أن تبدأ المراكز والجهات العاملة في مجال خدمات الإعاقة بإجراء دراسات عاجلة لتحديد الآثار المترتبة من الجائحة على مستفيديها وتحديد احتياجاتهم، والعمل مع المسئوليات الاجتماعية في القطاعين الحكومي والخاص لإطلاق برامج دعم عاجلة معنوية ومادية لمعالجة تلك الآثار وتلبية احتياجاتهم اللازمة، إطلاق حملة توعوية وإرشادية مكثفة عن المرض وأعراضه وطرق الوقاية منه بالصيغ التي يعتمد عليها ذوي الإعاقة في الوصول إلى المعلومات مثل (برايل، الطباعة بالأحرف الكبيرة، لغة الإشارة، التسميات التوضيحية، الصوتيات، الرسومات)، تنمية وتطوير آليات فاعلة لضمان استمرارية تقديم خدمة التدريب وإعادة التأهيل عن بعد مراعاة للتباعد الجسدي.

تنفيذ المقترحات التي قدمت من ذوي الإعاقة لهيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة في الملتقى الذي عقدته معهم في 17 أبريل 2019م بجدة ونُشرت في مقالي «هيئة رعاية الاشخاص ذوي الإعاقة والأمل المنشود» بتاريخ 28/04/2019م. https://garbnews.net/articles/s/3915

وفي هذا السياق أذكر بإن الاهتمام بالأشخاص ذوي الإعاقة ورعايتهم وأجب ديني ووطني يعود بالنفع على المجتمع والأشخاص ذوي الإعاقة الذي أولاهم الإسلام اهتماماً خاصاً تجلت صورته في قصة الصحابي الجليل الكفيف عبد الله بن ام مكتوم الذي شرفه الله بنزول الوحي فيه في أكثر من موضع وكان رسول الله صلى الله يبسط له رداءه ويقول: ” مرحبا بمن عاتبني فيه ربي “. ويقول: ” هل من حاجة “؟ واستخلفه على المدينة مرتين، وأختم دردشتي هذه بقول الشاعر الفلسطيني فاروق إبراهيم مواسي:

اللهُ يَـجْـزي عَبـدَهُ *** بِـبَـصيـرةٍ بَـدَلَ البَصَرْ

هـذا المَـعـرّي شاعِرٌ *** كَـنْـزُ الأديـب الـمُدَّخَرْ

تَـهدي لُـزومِـيّـاتُـهُ *** نـورَ المَـواعِـظِ والعِبر

بَـشّـارُ يَـهْدي مُبْصرًا *** فـي شِـعـرِهِ هـذا ذَكَرْ

طــه عَـظيمٌ شـأنُهُ *** فـي شَـكّـهِ أبْـقـى أثَرْ

إنَّ الـذَكـاءَ لــغالِـبٌ *** عِـنْـدَ الّذي فَقَدَ الـبَصَرْ

الرابط المختصر لهذا المقال:

عدد المشاهدات 31
Share