حصلت مؤخرًا (الأحد 2022/10/16هـ – 1444/03/20م) على شهادة مهنية كمحرر صحفي صادرة عن الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع. وهي عبارة عن بطاقة مهنية للتعريف بجميع المرتبطين بالقطاع الإعلامي بمختلف أنواعه من مهنيين ومختصين وفنيين. وتوفر لهم عدد من الامتيازات منها تمكينهم من إظهار بيانات التواصل والمهنة ضمن قائمة المسجلين على المنصة الإلكترونية للهيئة. بحيث تكون متاحة لأصحاب الأعمال والباحثين عن مختصين في مجال الإعلام.
وإعطائهم الأولوية في حضور المحافل والفعاليات التي تنظمها الوزارة والهيئات التابعة لها وفقًا للضوابط المنظمة في هذا الشأن. إضافة إلى تمكينهم من الاستفادة من المزايا والعروض المقدمة من قِبل الجهات الحكومية والقطاع الخاص.
ويشترط للحصول على هذه الشهادة المهنية العمل في المجال الإعلامي أو المهن المكملة والمساندة. واستثناءً من ذلك تقديم ما يثبت الخبرة في المجال، وألا يقل عمر المتقدم عن 18 عامًا، وحسن السيرة والسلوك.
وبحصولي على هذه الشهادة تمكنت بحمد الله من تحقيق حلمي الذي سعيت إليه منذ العام 1995م بأن أصبح كاتبًا صحافيًّا مُحترفًا في يوم ما.

ولعله من المناسب أن أستحضر في هذا السياق بداية سعيي لتحقيق ذلك الحلم. بمحاولة دونت قصتها تحت عنوان «مقالات بالمجان» في كتابي «حصاد الظلام» الذي أصدرت طبعته الأولى في العام 2002م. ومما جاء فيها:

“ارتبطتُ بكتابة مقالات عن المُعَوَّقين بصريًّا في صفحة متخصصة بجميع حالات العجز والإعاقة. وتبدأ القصَّة أن صحافي من الشباب المُكافحين ذا إعاقة جسدية مُصاب بشلل في ساقيه.

ومع هذا واصل دراسته الجامعية وتخرَّج في كلية الإعلام قسم علاقات عامة. كان يُعدُّ صفحة أسبوعية بعنوان “تحدِّي” في صحيفة “المدينة”. تتناول وتُغطِّي مواضيع وأخبارًا وقضايا عن المُعَوَّقين عمومًا في المملكة.

إنه عبد الرحمن المغربي الذي تجاوز الآثار السلبية المُنعكسة عن إعاقته.. واندمج في المُجتمع عبر العمل الصحافي. ومُمارسة عمل العلاقات العامة بأحد المستشفيات. فالتقينا وتعارفنا وتبادلنا الحديث مطوَّلًا عن قصَّتي ونشاطاتي خاصة وعموم الخدمات المتوفرة للمُعَوَّقين بصريًّا في بلادنا. فطلب منِّي قبول حوار صحافي حول قصَّتي لينشرها في صفحته الأسبوعية. فوافقتُ على ذلك، وكنتُ سعيدًا أنني وجدتُ منبرًا أسبوعيًّا للتحدُّث من خلاله عن العمى والعُميان.

ومن هنا كانت انطلاقتي لتنفيذ الفكرة التي اقترحتُها في السابق على صحيفة أخرى. فتحمَّستُ كثيرًا لأنني شعرتُ بأمل كبير في الوصول إلى أهدافي وتحقيق خدمة صحافية للمُعَوَّقين بصريًّا.

ولقد أُعجب السيد المغربي بآرائي وأطروحاتي في كيفية التَّعامُل مع مشكلتي والسبل الكفيلة بتطوير وتلبية احتياجات المُعَوَّقين بصريًّا في بلادنا.

وأطلعته على الاقتراحات والمواضيع التي أعددتُها مُسبقًا حينما حاولتُ تقديم صفحة أسبوعية للعمى والعُميان.

ورأى السيد المغربي أنه بمقدوري تغطية مساحة من صفحته الأسبوعية. وعرض عليَّ المُشاركة في إعداد مواد أسبوعية للصفحة.

فسألتُه على استحياء: هل من المُمكن أن أحصل على أجر مقابل المواد الصحافية التي سأقدِّمها؟ فأجابني قائلًا بصراحة: إنني أتقاضى مكافأة رمزية مقابل الصفحة، وهو مبلغ 80 ريالًا. وبإمكاني دفعها إليك عندما أتقاضاها لو شئت ذلك.

فكرتُ لوهلة وقلتُ في نفسي إن هذا المبلغ لن يساوي شيئًا أمام جهدي وتعبي. ومع هذا عزمتُ على المُضي قدُمًا لإعداد مواد للنشر. على أمل أنني سأصبح كاتبًا صحافيًّا مُحترفًا في يوم ما. وأتمكن من الحصول على نقود لكتابة مقالات صحافية عن العمى. مع صُحُف أكثر شُهرة وأوسع انتشارًا وأكثر أجرًا وكرمًا في المكافآت المالية. فلن أحتاج للتوسُّلات لاستعادة وظيفتي في الخطوط السعودية، والأهم من ذلك القُدرة على شراء أجهزة القراءة والكتابة”.

أثناء مراجعتي لما كنت أكتبه باستخدام المكبر اليدوي

“بدأتُ الإعداد بحمل ما أكتب من “خرابيش” بخط يدي إلى دكاكين الخدمات الإدارية. لطباعة ما كتبتُ مقابل 8 ريالات للصفحة الواحدة. وكان المقال الواحد يستنفد منِّي أكثر من 30 إلى 40 صفحة. لأنني أطبع بالخط الكبير كي أستطيع مراجعة ما طُبِع في المنزل مُستخدمًا المُكبِّر وضوء النهار.

ولم تكن هذه الطريقة عملية على الإطلاق. ناهيك بكثرة الأخطاء الإملائية لصعوبة قراءة “خرابيش” خط يدي من قِبَل الطَّابع. أضف إلى ذلك أن جُلَّ أصحاب هذه الدكاكين همُّهم تجاري بحتٌ. فكل ما يهمهم هو إنجاز الطباعة وتحصيل الأجر دون فهم ما يُطبع.

وقد تسبَّب هذا الوضع في كثير من الأخطاء في المقالات التي قدَّمتُها للنشر. وضعف وركاكة بعض الجُمل. ومع هذه الصعاب استطعتُ تقديم ثلاث مقالات مُتوالية خلال شهر واحد. واضطررتُ إلى التَّوقُّف لاحقًا لعدم إمكانية الاستمرارية في تحمُّل تكاليف طباعة كتاباتي. ناهيك بعدم تفرُّغ أيِّ أحد من الصحيفة أو الأصدقاء والزملاء لكتابة أفكاري. التي بدأتُها بحوار صحافي بقلم عبد الرحمن المغربي لصفحة «تحدِّي». في 29 يناير 1995م بعنوان «بصيص ضوء في نهاية نفق مُظلم»”.

أول مقال ينشر لي في حاتي تحت اسمي من كتابي حصاد الظلام

وكان حواري ذلك. في سياق الحملة الإعلامية التي قمت بها آنذاك لمعالجة قضية إحالتي إلى التَّقاعُد المبكر. والترويج للأفكار الجديدة التي عُدتُ بها معي من أمريكا لتطوير خدمات الإعاقة البصرية وإعادة التأهيل.

أعقب ذلك الحوار. أول مقال ينشر لي في حاتي تحت اسمي في ذات الصفحة. (تحدِّي- صحيفة المدينة – العدد 11670 – الأحد 19 مارس 1995م – 18 شوال 1415هـ). بعنوان «المُشاركة بالرياضة، حياة جديدة للمُعَوَّقين». بهدف تقديم فكرة ورؤية جديدة عن الرياضة للمُعَوَّقين بصريًّا.

فرحت بذلك وتحمست كثيرًا فأعقبته بمقال آخر بعنوان «العناية الجوية للمُعَوَّقين بصريًّا»، (العدد 11684 – الأحد 3 أبريل 1995م – 3 ذو القعدة 1415هـ)، كتبته كرسالة اجتماعية لشركات الطَّيران عمومًا، والخطوط السعودية خصوصًا.

وأنهيتُ تلك المحاولة لأنها كانت مكلفة بالنسبة لمستوى دخلي. فقد كان عليَّ الاختيار بين الصرف على كتاباتي أو متطلبات حياتي اليومية.

وعلى أي حال كانت تجربة اعتبرتها ناجحة أثبتُ بها قدرتي على تعلُّم ومُمارسة العمل الصحفي رغم إعاقتي البصرية.

واستأنفت محاولتي للكتابة الصحفية بإطلاق حملة إعلامية جديدة بعد عودتي الثانية من أمريكا. بإجراء حوارات ولقاءات مع عدد من الصحف والمحطات الإذاعية والتلفزيونية كللت بإنجاز مشروعي «جمعية إبصار الخيرية».

خلالها طورت نشاطي الإعلامي حتى أصبحت المتحدث الرسمي باسم الجمعية إلى جانب منصبي كأمين عام لها. فكنت أحرر الأخبار وأرسلها إلى الصحافة بالتنسيق مع مستشار الجمعية الإعلامي حتى استقالتي منها بنهاية العام 2015م.

ومن حينها تفرغت للتأليف والكتابة الصحفية لعدد من الصحف المحلية ككاتب رأي غير متفرغ. بدء بمقالي في صحيفة غرب الإخبارية بعنوان (الأديب طاهر زمخشري والرفق بالحيوان) الذي نشر في 2019/01/19م. واستمريت في ذلك حتى نهاية العام 2021م. والذي قررت فيه إطلاق موقع إلكتروني خاص بي للنشر رخصته من وزارة الإعلام برقم (487659) وتاريخ 1443/05/25م. وانضممت إلى جمعية إعلاميون. وتقدمت بطلبي لهيئة الإعلام المرئي والمسموع للحصول على بطاقة مهنية كمحرر صحفي. وحصلت على الموافقة والترخيص برقم (524681) وتاريخ 2022/10/16م وبه حققت حلمي بأن أكون «كاتبًا صحفيًا».

عدد المشاهدات 214