نشرت هذا المقال على مجلة اليمامة زاوية وجوه غائبة في 2021/07/15م

بثت قناة إم بي سي الجمعة 18/06/2021م تقريرًا خاصًا عن الأديب طاهر زمخشري -رحمه الله – من إعداد الإعلامي بدر الشريف في فقرة «مرّوا من هنا» ضمن برنامجها إم بي سي في أسبوع، شاركتُ فيه مع الاعلامي القدير د. حسين نجار بصفتي سبطه الرابع من كبرى بناته السيدة سميرة طاهر زمخشري – رحمها الله- ومهتم بتدوين سيرته الذاتية منذ سنوات وتأليفي كتابين عنه، والمشرف العام على حساباته الإلكترونية.
وهو أول تقرير يصور من داخل بيت الأديب منذ وفاته – رحمه الله – كُشف من خلاله جوانب جديدة من حياة الأديب الإنسانية والاجتماعية، وأهم إنجازاته الفنية والأدبية، مع مقتطفات غنائية من كلماته كـ «المروتين» ويا «أعذب الحب»، وتطرق النجار إلى دور الزمخشري في دخوله للإذاعة وانطلاقته ليصبح أحد المذيعين السعوديين الذين برزوا على الساحة الإعلامية.
وقد جاء هذا التقرير في وقت يشهد اهتماماً بارزاً وملحوظاً بالأديب وأعماله من المسئولين والنخب من بينهم معالي الأستاذ بدر بن محمد العساكر ‎مدير المكتب الخاص لسمو ولي العهد الذي قال في تغريدة نشرها على حسابه في تويتر مؤخرًا:

“الأديب الشاعر #طاهر_زمخشري رحمه الله
سيرته تفيض بالعطاء والتأثير
بين قوافي الشعر ودروب الصحافة..
ليكون اسمًا لا يغيب عن الذاكرة..”
وأرفقها بفيديو تعريفي عن الأديب حصد أكثر من 30 ألف مشاهدة

ومما يدلل ويؤكد ما قاله معاليه هو إقبال النشء الجديد على كل ما هو منشور لأشهر قصائد الزمخشري على شبكة المعلومات خصوصًا المغناة منها والمرتبطة بمشاهير الفن السعوديين.
والمثير للانتباه هو أن غالبية المتابعين والمهتمين بأعماله هم من فئة الشباب فقد أظهرت إحصائية الفئات العمرية المتابعة لقناته على اليوتيوب أن 73% هم من الفئة العمرية ما بين 18 إلى 44 عام و23% من 45 إلى ما فوق 65 عام.
وأكثر ما يجذبهم من قصائده المغناة «المروتين» من ديوانه «أغاريد الصحراء 1388هـ-1958م» التي لحنها وغناها الموسيقار الراحل طارق عبد الحكيم – رحمه الله – ويقول مطلعها:
أهيم بروحي على الرابيهْ
وعند «المطـاف» وفي «المروتين»
وأهفو إلى ذِكَرٍ غاليهْ
لدى «البيت» «والخيـف» والأخشبين
و “يا أعذب الحب” التي غناها الفنان محمد عبده بالحان الموسيقار عمر كدرس – رحمه الله – في حفل تكريم الأسرة الفنية للأديب بمناسبة حصوله على جائزة الدولة التقديرية للأدب 1985م»
يا أعذب الحب أمالي قد ابتسمت
في موطنٍ رقصت في جوه النعمُ
وقد بسطت بها فيئًا يظللنا
والخير ما زال فياضًا به الكرمُ
كما لوحظ إقبال على ابتهالاته الدينية كقصيدته «رباه» من ديوانه «أغاريد الصحراء 1958م» التي أعاد توزيعها وأداءها الفنان محمد عبده في رمضان 1431هـ-2010م، ومن حينها أصبحت العديد من القنوات الفضائية العربية تبثها في فتراتها الدينية يوم الجمعة طيلة العام والمواسم الدينية «رمضان والحج»، وكان الجسيس سعيد أبو خشبة -رحمه الله- أول من غناها في خمسينيات القرن الماضي على طريقة المجس الحجازي كأول فنان سعودي يتغنى بقصائد الأديب.
رباهُ كفارتي عن كل معصيةٍ
أني أتيتُ وملءُ النفس إيمانُ
أتيتُ أطرق بابًا كل مُجترمٍ
أتاه يرجع عنه وهو جذلانُ
وقامت فرقة الإنشاد الديني العالمية بغناء قصيدته «النفس المؤمنة» من ديوانه «همسات 1372هـ-1952م» بدار الأوبرا المصرية في العام 2019م، ومن قبل ذلك في العام 2015م بمسرح معهد الموسيقى العربية في القاهرة. وكان أول من اداها المنشد المصري الشيخ محمد الفيومي في أواخر خمسينيات القرن الماضي بالحان المطرب والملحن المصري الشيخ مرسي الحريري، والتي لا تزال العديد من فرق الانشاد الديني تغنيها في المحافل والمواسم الدينية.
إيه يا نفسُ إلى الله أنيبي ثم تُوبي
وإذا وسوس شيطانٌ بإثمٍ لا تُجيبي
واذكري الله ففي صوتكِ تكفيرُ ذنوبي
وثقي أن وراء الغيب علاَّم الغيوبِ
ولم يقتصر اهتمام واقبال النشء الجديد على تلك القصائد المغناة فقط، بل امتد ليشمل الاعجاب والاقبال على قصائده الشعرية، فما أن تكتب في محرك البحث Google جملة “أبكي وأضحك” إلا وتقودك نتائج البحث إلى:
أبْكِي وأضْحَكُ والحالان واحدةٌ
أطوي عَليْها فؤادًا شفّهُ الألَـمُ
فإنْ رأيتَ دمُوعِي وهي ضَاحِكَةٌ
فالدمْعُ مِن زَحْمَـة الآلام يَبْتَسِمُ
وهي أبيات من قصيدته “على الضفاف” التي نشرها في ديوانه “الشراع الرفاف” الصادر عام 1394هـ – 1974م.
فضلًا عن الانتشار الواسع لقصيدته “يا معزف الحب” التي نظمها في الفنان الراحل طلال مداح – رحمه الله – عندما تعرض لعارض صحي ونشرها في ديوانه «نافذة على القمر1390هـ-1970م»
يا مُعزف الحب إن الروض مزدهر
فطاب فيه لمن هاموا بك السمر
طلال أنت وما في الأيك شادية
إلا وساجلها في كفك الوتر
وعلى ضوء ذلك الاهتمام والإقبال على أعماله المتنوعة والمبعثرة هُنا وهناك فإنني أدعو وزارة الثقافة إلى رعاية الإرث الأدبي والفكري الذي خلفه الأديب ضمن خططها وبرامجها لرعاية الإرث الثقافي والحفاظ على التراث والتقاليد الثقافية في المملكة ضمن رؤيتها 2030م، سيما وأنها تعتبره أحد أبرز صُنّاع النهضة الثقافية في المملكة وفق تغريدتها المنشورة في حسابها على تويتر بتاريخ 03 مارس 2021م.
على أن تبدأ تلك الرعاية بجمع كافة أعماله الأدبية والفنية وإعادة إصدارها بالطرق التقليدية والإلكترونية، وإنشاء بوابة إلكترونية خاصه بها لخدمة المهتمين بأعماله، خصوصًا وأنها كنز أدبي ضخم يستلزم إحيائه جهد مضنٍ وتضافر جهود أسرة الأديب وأصدقائه مع المعنيين بوزارة الثقافة، على أن ينساق هذا العمل على أعمال ومنجزات رواد الأدب والفكر من الرعيل الأول الذين خلفوا إرث أدبيًا مماثلًا يكاد أن يندثر، فللأديب (6) دواوين صدرت في مصر جمعت في «مجموعة النيل»، و(6) دواوين في تونس جمعت في «المجموعة الخضراء»، و(5) دواوين في لبنان، و (7) في السعودية جميعها نفدت من المكتبات في ظل تزايد الطلب عليها، فضلًا عن (6) دواوين مخطوطة يدويًا توفي قبل أن ينشرها، وقصائد متناثرة لم تجمع في ديوان كقصيدته «يا أعذب الحب» التي ألقاها بين يدي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد – رحمه الله – في حفل جائزة الدولة التقديرية عام 1405م، و «من وحي المرض» التي قالها في وصف مكينة غسيل الكلى حينما اعتل بداء الكلى، بالإضافة إلى أكثر من 100 نص غنائي تم حصر 72 أغنية منها تغنى بها 29 فناناً بألحان أكثر من 25 ملحن، وسيرة ذاتية حافلة لم تكتب بعد باستثناء بعض من مذكراته الشخصية التي نشرتها في مؤلفي «الماسة السمراء بابا طاهر زمخشري القرني العشري 2005م»، و «الأديب طاهر زمخشري في سطور 2018م». فضلاً عن العشرات من الأبحاث والدراسات الأكاديمية التي كتبت عنه وحفظت على أرفف مكتبات الجامعات في السعودية ومصر والسودان.


طاهر عبد الرحمن زمخشري في سطور

  • من مواليد مكة المكرمة في 27/07/1332هـ – 22/06/1914م.
  • عرف باسم «بابا طاهر» نسبة لبرنامجه الإذاعي «ركن الأطفال».
  • صاحب أول ديوان شعري يطبع في تاريخ المملكة العربية السعودية «أحلام الربيع 1366هـ/1946م».
  • عمل في عدة وظائف حكومية منها أمانة العاصمة بمكة المكرمة أسهم خلالها في تأسيس بلدية الرياض والخرج والليث.
  • ساهم في تأسيس الإذاعة السعودية منذ نشأتها في 1368ه/1949م وعمل فيها لعدة سنوات ككاتب، ومذيع ومقدم برامج، ومراقب عام للبرامج.
  • أشرف على أول نقل لصلاة جمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي، ومناسك الحج من المشاعر المقدسة في عرفات ومنى.
  • أسس أول فرقة موسيقية للإذاعة (محمد علي بوسطجي عازف عود، سليمان شبانة (الدكتور) عازف كمان، سعيد شاولي عازف كمان، حمزة مغربي عازف قانون، الهرساني عازف ناي، عبد المجيد الهندي ضابط إيقاع)
  • إصدار أول مجلة سعودية للأطفال «مجلة الروضة» في العام 1379هـ/1959م، وترأس تحرير أول صحيفة سعودية «البلاد».
  • أول أديب سعودي يكرم خارج السعودية بحصوله على وسامين من رئيس الجمهورية التونسية الراحل الحبيب بو رقيبة 1963م و1973م، ونال جائزة الدولة التقديرية للأدب عن العام 1404هـ.
  • تُرجمت بعض قصائده إلى اللغات الإنجليزية والألمانية والفرنسية بطلب من هيئة اليونيسكو.
  • توفي في 02/10/1407هـ – 29/05/1987م بجدة ودفن بمقبرة المعلاة بمكة المكرمة.

رابط المقال على مجلة اليمامة

عدد المشاهدات 187