احتفل العالم يوم السبت 5 سبتمبر 2020م باليوم الدولي للعمل الخيري الذي تعلنه الأمم المتحدة سنوياً بهدف توعية وتحفيز الناس والمنظمات غير الحكومية وأصحاب المصلحة المشتركة في جميع أنحاء العالم لمساعدة الآخرين من خلال التطوع والأنشطة الخيرية.
وأتى احتفال هذا العام والعالم في أمس الحاجة إلى العمل الخيري أكثر من أي وقت مضى بسبب جائحة كورونا التي اصابت حتى الآن 27,430,424 شخص حول العالم اعلاهم أمريكا بـ 6,475,505 حالة توفي منهم 193,399، الهند 4,276,777 توفي 72,809، البرازيل 4,139,257 توفي 126,736، روسيا بـ 1,030,690 توفي 17,871، بيرو 689,977 توفي 29,838، كولومبيا 666,521 توفي 21,412، واحتلت المملكة العربية السعودية المركز 16 بـ 321,456 حاله توفي منهم 4,107 شخص.
فوق تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية الصادر عن البنك الدولي (يوليو 2020) يتوقع أن تؤدي جائحة كورونا إلى سقوط 71 مليون شخص في براثن الفقر المدقع على أساس خط الفقر الدولي (1.90 دولار) للفرد في اليوم في ظل السيناريو الأساسي، وأما في ظل سيناريو تدهور الأوضاع فسيرتفع هذا العدد إلى 100 مليون شخص، وأن اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية ستشهد انكماشا نسبته 2.5% هذا العام، وهو أول انكماش لها كمجموعة منذ 60 عاما على الأقل. ومن المتوقع أن ينخفض متوسط نصيب الفرد من الدخل بنسبة 3.6%، متسببا في سقوط ملايين من الناس في براثن الفقر المدقع هذا العام.
وعلى ضوء ذلك نلتمس مدى الحاجة الماسة للعمل الخيري بجميع أشكاله وأنواعه. وأدعو قطاعات العمل الخيري في بلادنا بتكثيف برامجها الخيرية وتنوعيها خصوصاً المرتبطة بدعم التعليم في ظل التعليم عن بُعد ضمن الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كوفيد 19 الذي ترتب عليه أعباء مالية إضافية على أولياء الأمور تستلزم إطلاق برامج خيرية لتوفير مستلزمات التعلم عن بُعد مثل الحواسيب والأجهزة اللوحية وملحقاتها.
ومن جانب أخر يحتفل العالم يوم الثلاثاء 08 سبتمبر باليوم الدولي لمحو الأمية تحت شعار “محو الأمية في أثناء كوفيد – 19 وما بعدها” فبحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونيسكو» غابت برامج محو أمية الكبار في العديد من البلدان عن الخطط التعليمية الأولية للتصدي للجائحة، فتوقفت معظم هذه البرامج واقتصرت على استمرار بعض الدورات بطريقة افتراضية، إما عبر الإذاعة والتلفزيون أو عبر إقامتها في الهواء الطلق.
لذللك سيركز اليوم الدولي لمحو الأمية هذا العام على تعليم القرائية وتعلّمها في ظلّ تفشي جائحة “كوفيد-19” وما بعدها، مع التركيز على دور المربّين وأصول التربية. وسيسلط موضوع احتفال هذا العام الضوء على تعلّم القرائية من منظور التعلّم مدى الحياة، ولذلك سيركز بصورة رئيسية على الشباب والكبار. كما سيقدم فرصة للتفكير في كيفية استخدام أصول التربية وأساليب التعليم المبتكرة والفعالة في برامج محو أمية الشباب والكبار بغية التصدي للجائحة وما بعدها، ومناقشة كيفية استخدامها. وسيفسح هذا اليوم المجال أمام تحليل الدور الذي يضطلع به المربون، وتحليل السياسات والنظم والحوكمة والتدابير الفعالة التي من شأنها دعم المربين وعملية التعلّم. وستستهل اليونسكو من خلال إقامة مؤتمر افتراضي نقاشاً جماعياً عالمياً من أجل وضع تصور جديد لتعليم القرائية وتعلّمها للشباب والكبار في مرحلة ما بعد جائحة “كوفيد-19″، بغية تحقيق الهدف 4 من أهداف التنمية المستدامة.
وقد بدأ الاحتفال باليوم الدولي لمحو الأمية في الثامن من سبتمبر من كل عام منذ العام 1967م بغرض تذكير المجتمع الدولي بأهمية محو الأمية كمسألة تتعلق بالكرامة الإنسانية واحترام حقوق الإنسان، ولتأكيد الحاجة إلى تكثيف الجهود المبذولة نحو الوصول إلى مجتمعات أكثر إلماماً بمهارات القراءة والكتابة.
وبالعودة إلى اليوم الدولي للعمل الخيري الذي تحتفل به الأمم المتحدة في الخامس من سبتمبر من كل عام بموجب قراراها رقم 67/١٠٥ في ١٧ ديسمبر ٢٠١٢م إحياء لذكرى وفاة الأم تيريزا التي حصلت على جائزة نوبل للسلام في عام 1979م تكريما للعمل الخيري الذي اضطلعت به من أجل التغلب على الفقر، والذي يشكل تهديدا للسلام العالمي.
أغتنم هذه الفرصة أيضاً للتذكير برموز العمل الخيري في تاريخنا اللذين يستحقون تذكير نشأنا بهم في مثل هذه المناسبات للاقتداء بهم مثل ثالث الخلفاء الراشدين الصحابي عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي كان من أكثر الصحابة في الإنفاق والعمل الخيري حتى أن أوقافه الخيرية لا تزال ينتفع بها حتى يومنا هذا وقال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم بعدما تبرع بتجهيز جيش العسرة «ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم»، كذلك الصحابي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه الذي لقبه الرسول صلى الله عليه وسلم بـ «أبي المساكين» من شدة حبه لهم والإحسان إليهم وإطعامهم وخدمتهم، وفي عصرنا الحديث الحاج محمد علي رضا زينل رحمه الله الذي لقب بـ «أبي الفقراء» لحرصه على مساعدة الفقراء وسد احتياجاتهم، ودعمه للأعمال الخيرية والتوعوية، وإرسال الطلاب النابهين إلى الدراسة في الهند وتكفله بمساعدة أسرهم على المعيشة سواء في جدة أو مكة قبل قيام المدارس والجامعات في بلادنا، كما تحمل خسارة مائة تاجر من كبار تجار اللؤلؤ بعد ظهور اللؤلؤ الصناعي، ولم يقتصر عمله الخيري على مساعدة المحتاجين فقط بل امتد ليشمل مكافحة الأمية ونشر التعليم بتأسيسه أول مدارس عصرية ونظامية «مدارس الفلاح» في جدة عام 1905م ثم في مكة وعدد من الدول العربية، ودعم الطلاب الفقراء المنتسبين إليها بتخصيص مصروف شهري لتمكينهم من مواصلة دراستهم. ولعب دوراً بارزاً في إطعام أهالي جدة وسد حاجاتهم إبان المجاعة التي عمت بلاد الحجاز بسبب الحرب العالمية الأولى.
واختم دردشتي هذه بما قاله الشاعر محمد بن علي (ابن هندي):
الخير زَرْعٌ والفتى حاصدٌ *** وغاية المزروع أَن يُحْصَدا
وأَسعدُ العالَمِ مَــن قَــدَّم الْــ *** إِحسان في الدنيا لينجو غدا
وقال خليل مطران:
باشروا الخير يدفع الشر عنكم *** إنمــا الخيـــر عصمة وســلام
كل ضرب من الجميل جميــل *** غيــر أن العزيـــز فيــه التمام
الرابط المختصر لهذا المقال:
كاتب ومؤلف، ومهتم بتدوين سيرة الأديب طاهر زمخشري وأعماله، خبير في مجال خدمات الإعاقة البصرية، أمين عام جمعية إبصار سابقًا، ومدرب مضيفين سابق في الخطوط السعودية.