يحتفل العالم اليوم الثلاثاء 23 إبريل بـ «اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف» الذي أطلقته منظمة اليونيسكو منذ عام 1995م. ويركز احتفال هذا العام بشكل خاص على أهمية تعزيز لغات الشعوب الأصلية وحماية تلك اللغات باعتبارها متجها للمعرفة. وقدرة الكتاب على جمع الناس حول قصة واحدة أو تراث مشترك مع الكشف عن خصائصهم عن طريق الثقافة والهوية واللغة.

وفي هذه المناسبة تقوم اليونسكو ومنظمات دولية تمثل القطاعات الثلاثة المعنية بصناعة الكتب، والناشرون، وباعة الكتب، والمكتبات. باختيار مدينة كعاصمة عالمية للكتاب. كي تحافظ من خلال ما تتخذه من مبادرات على الزخم الذي تنطوي عليه الاحتفالات بهذا اليوم. حتى 23 أبريل من العام المقبل.

وقد اختير لهذا العام مدينة «الشارقة» كعاصمة عالميّة للكتاب لعام 2019م. وذلك بسبب الطبيعة الابتكارية والشمولية لترشيحها، وبرنامج الأنشطة الذي تقدمه تحت شعار “اقرأ، أنت في الشارقة”. ويتضمن ستة مواضيع رئيسة هي: التضامن، والقراءة، والتراث، والتوعية، والنشر، والشباب. وتنظيم ندوة حول حرية التعبير. ومسابقة للشعراء الشباب. وورش عمل تدريبية لإنتاج الكتب بطريقة “بريل” لتمكين المكفوفين من القراءة عن طريق اللمس. بالإضافة إلى العديد من الفعاليات المخصصة للشعب متعدد الأعراق.

وعن ذلك قالت المديرة العامة لمنظمة اليونسكو “إنني أحيي اختيار الشارقة عاصمة عالمية للكتاب. وما تبذله من جهود من أجل إتاحة القراءة لأكبر عدد ممكن من الناس. لا سيما الفئات المهمشة منهم. حيث تعتبر القراءة عاملاً مسرّعاً للاندماج الاجتماعي والابتكار والحوار”.

وقد قادتني هذه المناسبة لأدعو إلى أمرين. الأول هو العمل على جعل مدينة «جدة» ثالث مدينة عربية تلقب بالعاصمة العالمية للكتاب بعد الإسكندرية (2002) والشارقة (2019). لما لها من عمق تاريخي وثقافي متجذر ومتنوع منذ قديم الأزل لم يأخذ حقه عالمياً كما يستحق.

إذ أهتم به العديد من نخب الأدباء والمثقفين العرب والغربيين. الذين زاروها وكتبوا عن مجتمعها وثقافتها مثل ابن جبير، ابن بطوطة. ونحو 50 كاتباً فرنسياً في الفترة ما بين 1910م و 1937م استحوذت فيها «جدة» اهتماماتهم. منهم الأديب والشاعر والروائي الفرنسي « فكتور هوغو» الذي خصها بقصيدة ضمن ديوانه «أسطورة القرون»، ووصفها بالـ «المدينة المقدسة».

ولا يفوتني هنا أن أورد ما قاله عنها أديبنا الراحل طاهر زمخشري في مطلع قصيدته «جِدَّتي»

جِدَّتي موكبُ المُنى في وشاحٍ من الجمال

طاف في شطك السنا بالذي أَضْحَك الرِّمال

كم سرى فيك موكب في ابتهاج وفي احتفال

الصبا فيه راقـص يتهادى به الدلال

وللتمكن من جعل «جدة» عاصمة عالمية للكتاب في عصرنا لابد من:

  • بناء نشء قارئ ومثقف من خلال توعية الأبوين على تشجيع أبنائهم على القراءة والثقافة منذ نعومة أظافرهم.
  • زيادة وتكثيف اهتمام المدارس بالقراءة بتفعيل مكتباتها والإستفادة من حصص النشاط لتشجيع الطلاب على القراءة
  • إنشاء أماكن عامة اجتماعية وترفيهية للقراءة. جاذبة للمجتمع من مكتبات عامة ومقاهي ثقافية وصوالين أدبية وتفعيل دور الأندية الأدبية والرياضية الثقافي.
  • زيادة معارض الكتب السنوية بمستويات مختلفة وأماكن متعددة.
  • تشجيع الاستثمار في مجال النشر والمطبوعات وبيع الكتب.
  • دعم أنشطة التأليف والمؤلفين والتشديد على الحفاظ على ملكية حقوقهم الفكرية والأدبية.

أما الأمر الثاني ضرورة تخلد ذكرى الكتب والكتاب العرب الذين انتفعت بعلومهم وكتبهم البشرية على مر العصور. مثل الجاحظ الملقب بلسان العرب وغطت مؤلفاته علم الكلام والأدب والسياسة والتاريخ والأخلاق، والنبات، والحيوان، والصناعة.. وغيرها؛ من أشهرها «البيان والتبيين»، و«الحيوان»، و«البخلاء»، وابن خلدون مؤسس علم الاجتماع الحديث ومن علماء التاريخ والاقتصاد. وكانت مصنفاته من أهم المصادر للفكر العالمي من أشهرها «مقدمة ابن خلدون» وغيرهم الكثيرون. أسوة بما قامت به اليونسكو عندما خصصت يوم 23 إبريل للاحتفال بالكتاب وحقوق المؤلفين. تزامناً مع ذكرى ولادة ووفاة أشهر المؤلفين والكتاب الغربيين كـ وليم شكسبير وميغيل دي سرفانتس، موريس درويون، وهالدور ك. لاكسنس وغيرهم.

نشر هذا المقال على صحيفة غرب في 2019/04/23م

عدد المشاهدات 2