هلَّ رمضان هذا العام مع بشرى سارة لأكثر من 180 ألف من مسلمي مدينتي سانت بول ومينيابوليس بولاية منيسوتا الأمريكية. جعلتهم يعيشون فرحة عارمة. وذلك حينما قررت سلطات مدينة مينيابوليس. السماح برفع الأذان للصلاة عبر مكبرات الصوت من الساعة 7 صباحًا حتى 10 مساء على مدار السنة. بدءًا من شهر رمضان الجاري. واعترفت المدينة رسميًا. بشهر رمضان شهرًا مقدسًا خاصًا بالمسلمين. مما يعني أنه يمنع بمقتضى القانون استهدف هذا الشهر والمسلمين الذين يصومونه بالنقد والتجريح.

وجاء القرار. عقب تصويت أعضاء المجلس البلدي للمدينة البالغ عددهم 13 بالإجماع. على مشروع القانون الذي قدمه عضو المجلس المستشار «جمال عثمان» ذو الأصول الصومالية. “برفع الأذان علناً بواسطة مكبر الصوت بين الساعة 7 صباحاً و 10 مساءً، ضمن احترام قوانين الضوضاء المحلية”

مما سيتيح رفع أذان (الظهر والعصر والمغرب والعشاء) بشرط ألا يتجاوز الصوت حدًّا معينًا. وقد استثني رفع أذان صلاة الفجر تفاديًا لإزعاج غير المسلمين من سكان المدينة.

ووفق موقع (ميدل إيست آي) البريطاني. فقد جاء في القرار “المسلمون جزء من النسيج الاجتماعي الأمريكي لأكثر من 400 عام. ومينيابوليس هي موطن لأكبر عدد من الصوماليين والأفارقة”. وأضاف القرار “عقيدتهم الإسلامية مُرحَّب بها”. وذكر أنه “يمكن للمساجد في جميع أنحاء المدينة الاحتفال بشهر رمضان المبارك. مع رفع الأذان للصلاة الذي يلتزم به المسلمون في جميع أنحاء العالم”.

وقال جمال عثمان – المستشار في مجلس المدينة- للموقع “نعتبر أجراس الكنائس أمرًا مفروغًا منه، والأذان للصلاة هو مساوٍ لها”. وأضاف “الإسلام مساوٍ لأي دين آخر في مينيابوليس”. موضحًا أن “العدد المتزايد من السكان المسلمين. ومعظمهم من شرق أفريقيا. محظوظون اليوم لأن دينهم معترَف به مثل جميع الديانات الأخرى”. ويأمل أن تحذو كل مدن الولايات المتحدة حذو مينيابوليس، وتتبنى سياسات تعكس كل أديان المجتمع.
وكان رئيس بلدية مينيابوليس جاكوب فراي قد وافق في عام 2020م. على رفع الأذان 5 مرات في اليوم بمكبرات الصوت خلال شهر رمضان لجامع دار الهجرة في حي “سيدار ريفر سايد”.

لقد أكد هذا القرار. أهمية اندماج المسلمين في المجتمع الأمريكي. حتى وإن كانوا من أصول وأعراق مختلفة، وأن عقيدتهم الإسلامية وما تتضمنه من شعائر وعبادات مقبولة في المجتمع الأمريكي.
والمتابع لشؤون الداخل الأمريكي. سيلحظ أن هناك أجيال جديدة من المسلمين من مختلف الأعراق خصوصًا الأفريقية في ولاية منيسوتا. قد استطاعت أن تحقق الكثير من الإنجازات اللافتة. من أبرزها إيصال النائبة إلهان عمر ذات الأربعين عامًا إلى عضوية مجلس النواب بمجلس الشيوخ الأمريكي. لتكون أول عضوة مسلمة محجبة من أصول صومالية تُنتخب في كونغرس الولايات المتحدة الأمريكية. ليسَ هذا فقط. بل أول لاجئة تُنتخب في مجلس النواب. فضلًا عن كونها أول سيدة من غير البيض تُمثل ولاية مينيسوتا في المجلس.

وجاء اهتمامي بهذا الموضوع من حيث ما مثلته مدينة مينيابوليس من ذكرى لمرحلة مهمة من حياتي. وذلك بعدما خرجت منها بفكرة مشروع مركز لخدمة ذوي الإعاقة البصرية وإعادة التأهيل تبلورت لاحقا إلى جمعية إبصار الخيرية. حيث التحقت فيها ببرنامج تدريبي (سبتمبر 1996م) بمعهد الجمعية الوطنية للمكفوفين (blind inc). كان له أثر كبير في تغيير مسار حياتي وانعكس إيجابيا على حالتي البصرية. فقد هدف إلى الوصول بذوي الإعاقة البصرية بجميع فئاتهم العمرية إلى الاستقلال الذاتي المتكامل من خلال اكتساب مجموعة من المهارات. (الحركة والتنقل، الاقتصاد المنزلي، المهارات الحرفية والتكنولوجية، تعلم طريقة برايل)

وأذكر أنه كان من ضمن أنشطة البرنامج. تنظيم لقاء أسبوعي مفتوح يتحدث فيه كل متدرب عن موضوع أو تجربة نجاح مرتبطة بالاستقلال الذاتي للمكفوفين.
وعندما جاء دوري رويت لهم قصة الصحابي الجليل الكفيف عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه. وكيف أن القرآن الكريم أنزل فيه وحيًا 3 مرات. وتكريم الرسول ﷺ له بفرش ردائه له وإجلاسه عليه. واختياره مؤذنًا له وأمر الناس بالإمساك للصيام في رمضان مع أذانه للفجر. وتكليفه بولاية المدينة 3 مرات وكيف أنه ضرب مثلا أعلى في الاستقلال الذاتي باختياره لنفسه ما يستطيع أن يفعله. وهو حمل الراية في معركة القادسية التي استشهد فيها.
فأثارت تلك القصة اهتمام وإعجاب الحضور. وكانت سببا في إثارة الكثير من التساؤلات عن ثقافتنا العربية والإسلامية بصفة مستمرة خصوصًا وأنني كنت أول عربي يلتحق بالمعهد. ولاحظت أن الجميع يفتقد إلى معلومات عن العرب والمسلمين وثقافتهم لندرة تواجدهم آنذاك. فلا أذكر أنني صادفت أي عربي أو مسلم خلال فترة إقامتي.
وقد أدى بي ذلك إلى تكوين علاقات جيدة مع المجتمع المحيط. وإدارة المعهد التي كان لها وقفة إنسانية معي. بإتاحتها الفرصة لي بدفع رسوم البرنامج (3000دولار في الشهر) بعد العودة إلى السعودية. لعدم توفر المبلغ لديَّ دون يأخذوا مني أي ضمانات.

يذكر أن مدينة مينيابولس قد ذاع صيتها عالميًا في (25 مايو 2020). حينما نقلت وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية حادثة مقتل الأمريكي ذو الأصل الأفريقي (جورج فلويد – 46عام). على يد شرطي أمريكي أبيض خنقًا على مرأى من المارة الذين شهدوا الحدث وصوروه. وما ترتب عليه من ردود فعل محلية وعالمية. سُجلت ضمن أحد أهم الأحداث التي شهدتها مدينة مينيابولس.