Share

بحكم ارتباطاتي السابقة واهتماماتي بأنشطة الإعاقة البصرية وخدماتها تابعت على مدى شهر اكتوبر العديد من الأنشطة والفعاليات التوعوية الافتراضية التي نظمتها اللجنة الوطنية لمكافحة العمى بالتعاون مع وزارة الصحة السعودية والعديد من المستشفيات وعيادات العيون والجمعيات والمنظمات الأهلية المتخصصة في مجال الإعاقة البصرية بمناسبة يوم البصر العالمي 2020 الذي تعلنه الوكالة الدولية لمكافحة العمى في الخميس الثاني من أكتوبر كل عام، كما تابعت الفعاليات والأنشطة التي نظمتها العديد من جمعيات المكفوفين في عالمنا العربي عن بعد بمناسبة اليوم العالمي للعصا البيضاء الذي يعلنه الاتحاد الدولي للمكفوفين في 15 أكتوبر من كل عام.

وقد ركزت فعاليات يوم البصر العالمي على تقديم محاضرات وتوزيع منشورات وعرض أفلام قصيرة توعويه عن أمراض العيون، فحوصات مبدئية للعيون في بعض المستشفيات التي شاركت في الفعاليات وبعض دور المسنين، تقديم محاضرات للطلاب عبر منصة مدرستي، أما فعاليات اليوم العالمي للعصا البيضاء فكانت في معظمها عبارة عن أنشطة تضمنت معلومات توعوية عن العصا البيضاء واستخداماتها وإبراز مواهب وتجارب بعض الأشخاص من ذوي الإعاقة البصرية وأمسيات فنية.

ومما لا شك فيه كان لتلك الأنشطة والفعاليات أثر إيجابي على توعية شرائح من المجتمع عن أمراض العيون المؤدية للإعاقة البصرية الممكن تفاديها، وإبراز مواهب وقدرات المعاقين بصرياً الفنية والتقنية والتعرف على الجمعيات والمؤسسات الأهلية العاملة في المجال. وما يؤخذ عليها هو غياب اتيانها لأي ذكر للصعوبات والتحديات التي تواجه تقديم الخدمات لذوي الإعاقة البصرية وأسرهم في ظل جائحة كورونا التي أصبحت المشكلة الرئيسية في العالم إذ سجلت حتى الآن إصابة 44,110,728 شخص في 215 بلد وإقليم أعلاها الولايات المتحدة الامريكية بـ 8,997,174 إصابة، توفي منهم 231,573 ، الهند 7,978,972 توفي119,871، البرازيل 5,415,671 توفي 157,528، روسيا 1,547,774 توفي 26,589 ، فرنسا 1,198,695 توفي 35,541 ، اسبانيا 1,174,916 توفي 35,298 واحتلت المملكة العربية السعودي المركز 23 بـ 345,631 إصابة، توفي منهم 5,329.

ففي الوقت الذي كانت تقام فيه تلك الأنشطة والفعاليات كان هناك مئات من الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية وأسرهم شاغلهم الأكبر هو الحصول على فرص وظيفية أو برامج تدريب وإعادة تأهيل لتحسين ظروف حياتهم المعيشية أو برامج تدخل مبكر للمواليد والأطفال من فاقدي الإبصار أو بإعاقة إضافية فلقد وقفت على حالة طفل في الثانية من عمره فقد بصره بعد إصابته بالحمى الشوكية عند ولادته وضمور في العضلات وتأخر في النطق وهو وأسرته بحاجة إلى برنامج للتدخل المبكر لتحسين ظروف نموه وحياته اليومية وتدريب الأسرة على التعامل مع الحالة. بالإضافة إلى مرضى عيون فقدوا أبصارها بسبب عدم تمكنهم من إجراء العمليات الجراحية اللازمة في الوقت المناسب ومثال على ذلك حالة المواطن الذي تحدثت عنه في مقالي المنشور بتاريخ 02/07/2020م «السكري ومضاعفاته في ظل جائحة كورونا» https://garbnews.net/articles/s/4647 حيث فقد بصره مؤخراً بسبب عدم تمكنه من إجراء العملية الجراحية المطلوبة. ناهيك عن العديد من الحالات الأخرى المشابهة التي لا تزال تحتاج إلى الخدمات.

ومن جانب أخر ذكرت الوكالة الدولية لمكافحة العمى في الصفحة المخصصة لليوم العالمي للبصر على موقعها الإلكتروني أن أكثر من مليار شخص لا يستطيعون الرؤية بشكل جيد بسبب تعذر وصولهم إلى النظارات الطبية، و3 من بين كل 4 حالات إعاقة بصرية بالإمكان تفاديها، ولموجهة هذا الواقع من الضروري التسلح بالإحصائيات الرسمية ونظم رعاية صحة العين وأعداد الكوادر المؤهلة. كما لفتت منظمة الصحة العالمية في “التقرير العالمي عن البصر” الصادر في أكتوبر 2019م إلى إحصائيات أمراض العيون المؤدية للعمى حول العالم بأن 2.6 مليار يعانون من قصر النظر منهم 312 مليون تحت سن 19عام، 76 مليون مصابون بمرض الجلوكوما، 1.8 مليار يعانون من طول النظر الشيخوخي، 2.5 مليون مصابون بداء الشعرة التراخومية، 146 مليون مصابون باعتلال الشبكية السكري، 196 مليون (30-97عام) يعانون من التنكس البقعي المرتبط بالعمر. وخلص التقرير إلى إن الدراسات أثبتت استمرارية تأثير ضعف البصر على نوعية وجودة الحياة بين السكان البالغين، وركز على أهمية توفير إعادة التأهيل حيث أن المصابين بالعمى وضعف البصر ممّن يتعذّر علاجهم بإمكانهم ممارسة حياتهم باستقلالية إذا ما توفرت لهم خدمات إعادة التأهيل.

وبالعودة إلى فعاليات يوم البصر العالمي واليوم العالمي للعصا البيضاء وما اسفرت عنه من نتائج في ظل ظروف جائحة كورونا فإنني أدعو هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة بالعمل مع الجمعيات والمؤسسات الأهلية المعنية بخدمات الإعاقة البصرية وإعادة التأهيل لإطلاق مبادرات وحلول عاجلة للوصول إلى تقديم خدمات إعادة التأهيل والتدخل المبكر ومكافحة العمى بمراعاة الإجراءات الاحترازية وتأهيل المزيد من الكوادر المتخصصة في هذه المجالات بالاستفادة من برامج الدعم والخدمات التي تقدمها وزارات الصحة، والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والتعليم ضمن رؤية المملكة 2030.

وأذكر الميسورين من فاعلي الخير ودوائر المسئوليات الاجتماعية في القطاع الخاص في بلادنا بأهمية دعم برامج مكافحة العمى الممكن تفاديه فهي تنقذ آلاف المصابين بأمراض عيون من العمى، وبرامج إعادة التأهيل والتدخل المبكر لما لها من مردود نفعي على المعوق والمجتمع واختم دردشتي بما قاله الشاعر السوري الراحل خليل بن أحمد بك:

صنعُ الجميلِ وَفعلُ الخيرِ إِنْ أُثِرا *** أبقى وَأَحمد أَعمال الفتى أَثَرا

بَلْ لستُ أَفهم معنى للحياة سوى *** عن الضعيفِ وإنقاذ الذي عثرا

والناسُ ما لم يواسوا بعضَهمْ فهمُ *** كالسائماتِ وَإِن سمَّيتهمْ بشرا

الرابط المختصر لهذا المقال:

عدد المشاهدات 16
Share