جدة منال الجعيد
فيما تشهد بعض مناطق المملكة بشكل عام، والمنطقة الغربية خصوصا أجواء ماطرة، ارتبطت بعض العادات والتقاليد الغذائية بأوقات معينة، كوقت هطول الأمطار وأوقات الشتاء والصيف، فاشتهر أهالي الحجاز بتناول المعدوس أثناء هطول الأمطار والاستمتاع به على شاطئ البحر.
ذاكرة قديمة
وفي هذا الصدد يقول الكاتب والمؤلف محمد توفيق بلو الذي بدأ حياته العملية في مجال الضيافة الجوية حتى أصبح طاهيا جويا ومدربا للطهاة، قبل أن يفقد بصره وينتقل للعمل في مجال خدمات الإعاقة البصرية: بعد طول غياب أمتعتنا الرحمة بأمطار جميلة لطيفة على عروس البحر جدة، فأسرعت إلى سطح منزلي للاستمتاع بها، فأعادت ذاكرتي إلى أكلة «المعدوس»، وهو الرز بالعدس يقدم مع الحوت الناشف أو السمك المقلي، وإن ضاق الوقت يتم طهي تونة مع الطماطم والبصل بدلا من السمك، ويحرص رب الأسرة الذي يمتلك سيارة بسباق الزمن إلى شط البحر للاستمتاع بها.
ويضيف بلو، أن هذه الأجواء الماطرة ذكرتني أيضًا بتخصصي القديم في مجال تجميل وعروض الطعام والطهي، فلطالما تمنيت تأليف كتاب عنها فمجتمعنا السعودي يزخر بقوائم غنية من الأطعمة والمأكولات المتنوعة التي غالبا ما ترتبط بالمواسم كرمضان والحج ويوم دخول السنة الهجرية الجديدة.
موروث منظم
وأبان بلو أن من يدرس العادات والتقاليد الغذائية في مجتمعنا سيلحظ أنها موروثة ومنظمة جدا، فهناك أكلات ومشروبات ساخنة وباردة، كل منها يعد ويؤكل أو يشرب في مواقيت معينة ومن الجميل الحفاظ عليها.
ففي مناسبات الأفراح غالبًا ما تكون ولائم الغداء والعشاء بأطباق الكوزي أو الزربيان أو البخاري أو السليق الذي يقدم مع لحم الضأن، وفي الولائم الأصغر يقدم مع الدجاج كحفلات النجاح، أما في المناسبات الحزينة، فاعتاد الناس أن يأكلوا الرز بالحمص.
لا تخلو الأكلات من تجميل وتذويق عرضها في الأطباق، ولكل أكلة أسلوب وطريقة تقديم توارثته الأجيال، فمثلا السليق يغرف في تباسي كبيرة معدنية تتوسطه قطع اللحم الضاني، ويحاط بشرائح مقطعة من الكبدة، توزع دائريا على أطراف الطبق ويرش عليه السمن الممزوج بنكهة المستكة.
ولكل أكلة ما يرافقها من أطباق جانبية خاصة بها سلطات، مقبلات، حلويات، أما المقبلات فغالبا ما تكون من معجنات متنوعة تحشى باللحم، وتقلى أو تطبخ في الفرن كالسمبوسك والبيف والبريك والسلطات الخضراء، طحينة لبن بالخيار، الدقس الطرشي.. والحلويات الطرمبة والفواكه.
جغرافية المكان
يضيف بلو أن جغرافية المكان لها أيضا ارتباط بنوعية المأكولات، فأهالي الساحل خصوصا في جدة وينبع لهم مائدة بحرية متكاملة تتضمن طبق الصيادية مع أطباق السمك المقلي والمشوي والمحمر في الفرن، وكفتة وشربة السمك والجمبري المقلي وسلطة الحُمر والطحينة والتمر.
ومن الحلويات المرتبطة بالمناسبات ما يقدم في الأفراح، خصوصا صباح الأعياد أو الصبحة التي تلي ليلة الدخلة، ككنافة الموز والزلابية والدبيازة واللقيمات.
اجري هذا اللقاء مع صحيفة الوطن في يوم السبت 20 نوفمبر 2021 – 15 ربيع الثاني 1443 هـ
الرابط المختصر لهذا المقال:
كاتب ومؤلف، ومهتم بتدوين سيرة الأديب طاهر زمخشري وأعماله، خبير في مجال خدمات الإعاقة البصرية، أمين عام جمعية إبصار سابقًا، ومدرب مضيفين سابق في الخطوط السعودية.