Share

نشر يوم أمس الجمعة (1445/01/17) موقع قبلة الدنيا المهتم بتدوين وتوثيق تاريـخ وتراث مكة المكرمة في حسابه على تويتر تغريدة جاء فيها «قبل 45 عاماً في مثل هذا اليوم 17 محرم من عام 1400هـ أعلن الأمير نايف – رحمه الله – وزير الداخلية آنذاك إعادة فتح الحرم المكي للعامة وأدى الملك خالد – رحمه الله – صلاة المغرب وهي أول صلاة تم تأديتها في المسجد الحرام بعد أن تم تطهيره من المعتدين». وأرفق التغريدة بصور أرشيفية ورابط مقال عن ذلك الحدث منشور في 2019/05/21م بعنوان «بالصور.. أول صلاة بعد حادثة الحرم الشهيرة وهذه أهداف الملك خالد».

وقد ذكرتني التغريدة بقصيدة «في رحاب الإيمان» للأديب السعودي ابن مكة المكرمة الشاعر طاهر زمخشري – رحمه الله – والتي تكاد أن تكون القصيدة الفصحى اليتيمة المنشورة إلكترونيًا عن ذلك الحدث الجلل الذي لم يسبق له مثيل في عصرنا الحديث، وقد أدهشني هذا الغياب لأي قصائد شعرية منشورة على الانترنت عنه رغم بشاعته وشناعته.

حيث أجريت بحثًا مضنيًا دون الوصول إلى أي نتائج باستثناء قصيدة لمعالي الدكتور توفيق بن عبد العزيز السديري «نائب الوزير الأسبق لشؤون الأوقاف والمساجد في وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد» وهي من الشعر الحر بعنوان «هل المهدي يذبح الأبرياء؟» نشرها في صحيفة الجزيرة في 19 محرم 1400هـ حينما كان طالبُا جامعيًا وأعاد موقع العربية نت نشر مقتطفات منها في لقاء أجراه معه في 16 أكتوبر 2017م، ما يعني أن هناك قصور في المحتوى الإلكتروني للأعمال الشعرية المتعلقة بالتوثيق التاريخي.

ولمن لا يعرف ذلك الحدث الذي تناول جانبًا من أحداثه المسلسل السعودي «العاصوف» الذي بثته قناة MBC في العام 2019م. فقد قام أكثر من 200 مسلح من 12 دولة مختلفة بقيادة جهيمان العتيبي وصهره محمد عبدالله القحطاني بالاستيلاء على الحرم المكي الشريف فجر يوم 1 محرم 1400هـ (20 نوفمبر 1979م)، إبان عهد الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – مدعين ظهور المهدي المنتظر وأنه «القحطاني» وطالبوا المصلين بمبايعته خليفة للمسلمين، وإماماً لهم.

وقاموا بإغلاق منافذ الحرم والتحصن بداخله، واحتجاز عشرات الآلاف من المصلين داخله وتمكن بعضهم من الفرار بما فيهم إمام الحرم المكي الشيخ محمد بن عبد الله السبيل – رحمه الله- الذي كان يؤم المصلين آنذاك. فحاصرت القوات السعودية المسجد الحرام على مدى أسبوعين حتى أعطيت لهم الأوامر باقتحامه صبيحة يوم الثلاثاء 14 محرم 1400هـ – 4 ديسمبر 1979م، بعد صدور فتوى من هيئة كبار العلماء بأن هذه فئة ضالة، لاعتدائها على حرم الله، وعلى مسجده الحرام، وسفكها الدم الحرام، وقيامها بما يسبب فرقة المسلمين وشق عصاهم، وأباحت للجيش استخدام القوة لدحر المسلحين الذين استولوا على المسجد الحرم.

وانتهت العملية بتحرير الرهائن وإلقاء القبض على جهيمان وزمرته ممن بقوا على قيد الحياة بعد معركة استمرت طيلة ذلك اليوم أسفرت عن مقتل نحو 28 قتيلاً من جماعة جهيمان وأسر 175منهم، وقرابة 17 جريح من قوات الأمن والرهائن.

وتم تنظيف وتطهير المسجد الحرام في 3 أيام ثم إعادة تشغيله وأديت أول صلاة فيه مغرب يوم الخميس 17 محرم 1400هـ بحضور جلالة الملك خالد وأصحاب السمو الملكي الأمراء وأصحاب المعالي الوزراء وكبار مسؤولي الدولة وسدنة الكعبة المشرفة وأعيان ووجهاء مكة المكرمة وجموع غفيرة من المسلمين.

وتمت محاكمة الجناة وتنفيذ الحكم الشرعي فيهم بالإعدام حدا بالسيف في يوم الأربعاء 21 صفر 1400هـ – 9 يناير1980م. وبحسب ما نشره موقع قبلة الدنيا بلغ إجمالي ضحايا الحادثة 60 شهيدًا من رجال القوات المسلحة و75 قتيل من الفئة الضالة.

وقد وثق لذلك الحدث الأديب طاهر زمخشري في قصيدته «في رحاب الإيمان» التي نظمها من 67 بيتاً وافتتح بها ديوانه «عبير الذكريات» الذي أصدره في 27/07/1400هـ بعد 6 أشهر من تلك الحادثة ومهرها بـ: «بمناسبة الاعتداء على المصلين في المسجد الحرام في غرة محرم الحرام سنة 1400هـ من الفئة الضالة “جهيمان وجماعته”». تناول فيها وصفًا للحرم المكي ومكانته في وجدانه وقلوب المسلمين بصفة عامة والمكيين بصفة خاصة، وتوثيق ووصف ما دار من أحداث وكيف انتهت وأثرها على المجتمع، مع تضمين رأيه حيالها وحيال كل من ارتبط بها.

وفي هذا السياق أضيف إلى ما اقترحته سابقًا في مقالي «فضل الله إضاءة أدبية من الزمخشري على أول باب للكعبة في العهد السعودي» بإضافة هذه القصيدة «في رحاب الإيمان» ضمن الأعمال الأدبية الخاصة بالحرمين، كذلك حث المهتمين بالتدوين التاريخي والتراث الأدبي المرتبط بالحرمين بإثراء المحتوى الإلكتروني بكل ما هو متوفر من أشعار مرتبطة بالحرمين لم تنشر من قبل واختم دردشتي بأبيات من القصيدة

لا بكاءً فالعين تأنف أن تغسل

جرحًا أصابها من جبان

أشعل النَّار في الدماء فكانت

لحد من قد أصيب بالهذيان

وتخطى الفسوق والكفر والإلحاد

حتى عبادة الأوثان

أين ينجو من الحصار الذي

قامت عليه كتائب الشجعان

القداسات لم تدنس ولكن

عبث من سفاهة الصبيان

فقدوا الرشد والصواب فماذا

بعد فقد الرشاد من خذلان

أشهروا الغدر في وجوه المصلين

ومدوا الشراك بالعدوان

أرادوا كذبًا فاخزاهم الله

ونالوا جزاءهم في ثوان

لقراءة القصيدة كاملة من موقع الأديب طاهر زمخشري أضغط هنا

الرابط المختصر لهذا المقال:

عدد المشاهدات 216
Share