Share

أحيت قناة MBC جانب من سيرة حياة الأديب طاهر عبد الرحمن زمخشري (رحمه الله) بتقرير مصور من إعداد وتعليق الإعلامي بدر الشريف ضمن برنامجها MBC في أسبوع في فقرته “مروا من هنا” شاركت فيه بمعية الإعلامي القدير د. حسين نجار. الذي عرج على جانب من ذكرياته مع الأديب بقوله: “أول لقاء لي معه في مبنى الإذاعة في جدة وجدته في الواقع احتضنني ورحب بي واخذ بيدي ودخل بي الى الأستاذ عباس غزاوي ليقول له: ” ارجو أن يجد له مكان بين زملائه المذيعين”. من هذه اللحظة أدركت ان مثل هذا الانسان لا يمكن ان يكون بسيطًا، ولكن تأثيره الإيجابي الذي يسموا على كل تصرفاته..”

وكان الشريف قد استهل تقريره بعبق من الماضي بنبض وروح الأديب من مسكنه الذي غادر منه إلى مثواه الأخير في العام 1987م، بصور ارشيفية لمكة المكرمة مسقط رأس الأديب معلقا “ولد قبل أكثر من 100 عام في حارة الشامية بمكة المكرمة. رجل اسمر، اضاء بشعره صفحات الأدب والشعر والفن، كأحد الاعمدة الأساسية للحركة الإعلامية والنهضة الأدبية والشعرية في السعودية، الأديب الراحل طاهر زمخشري، الذي اشتهر ببابا طاهر..، كان سفيرًا أدبيا للدول العربية وخاصة لمصر وتونس التي قضى بها عمرًا من حياته قبل ان يدب المرض في جسمه النحيل ليغادر إلى مصر أواخر خمسينيات القرن الماضي.. وبعد عودته من رحلته العلاجية انتقل إلى جدة”.

وقد وفق الشريف بتجسيد أحاسيس تلك اللحظات الحزينة للمشاهدين بالوقوف أمام باب المبنى الذي خرجت منه جنازة الأديب قبل أكثر من 30 عام بقوله “هذا المنزل خلفي كان آخر محطة من رحلة حياته الطويلة المليئة بالفن والأدب والشعر..، ساهم بابا طاهر في صناعة الفن السعودي وامتدت قصائده للفن العربي..  توج بابا طاهر بمحافل تكريميه دولية عدة كان على راسها تكريم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز له.. وفي العام 87 م من القرن الماضي توقف عطاء الأديب طاهر زمخشري بوفاته، وعاش اسمه مقرونًا بالأدب والشعر والفن حتى يومنا هذا”.

وتمثلت مشاركتي في التقرير بتقديم ملخص عن حياته من واقع ما سمعته منه خلال حياتي معه قلت فيها بأنه “ولد في مكة المكرمة بوقف الكاظلي عام 1332هـ الموافق 1914م وبعد حوالي 4 سنوات انتقل مع أسرته إلى بيتهم فوق سطح المحكمة الشرعية وبحسب رواياته وحكاياته أن هذه المرحلة مثلت مرحلة هامة من حياته لمجموعة من الأسباب من أهمها أنه كان طالب في مدرسة الفلاح بمكة المكرمة، وحياته في المحكمة جعلته يحتك وهو طفل بكبار شيوخ وفقهاء وقضاة مكة المكرمة.. توظف بابا طاهر بالمطبعة الاميرية وبعد ذلك التحق بوظيفة سكرتير أمين العاصمة وحظي بشرف الانتداب من قبل أمانة العاصمة ليكون أحد مؤسسي أول بلدية للرياض ومنها تأسيس بلدية الخرج ثم الليث.. رشح من قبل الشيخ عبد الله السليمان ومحمد سرور صبان ليكون من ضمن الهيئة التأسيسية لأول إذاعة سعودية في المملكة. وكانت هذه بدايته مع الإذاعة في نهاية عام 1368هـ – 1949م مع بداية تأسيس الإذاعة. وقضى فيها حوالي 10 أو 11 سنه كانت بمثابة ذروته الإعلامية والأدبية… تعاونه مع الموسيقار طارق عبد الحكيم مع فرقة الجيش عندما غنا له «المروتين»، لكن قبل هذه الفترة أثناء وجود بابا طاهر في مصر تعاون مع المنشد الشيخ محمد الفيومي وعدد من الفنانين مثل الفنان عباس البليدي والفنانة مها الجابري الملقبة بـ “أم كلثوم سوريا” ومجموعة من الموسيقيين. ولكن على النطاق المحلي تعاون مع طارق عبد الحكيم في 1958م تقريبًا في اغنيه «المروتين» وبعدها في أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات مع تطور الموسيقى والعمل الإذاعي وظهور مواهب جديدة كالموسيقار غازي علي إضافة إلى الفنان طلال مداح الذي أصبح نجمًا وذاع صيته آنذاك، والفنان لطفي زيني. وظهور الفنان محمد عبده كموهبة جديدة في الستينيات تقريبًا في برنامج الأطفال”.

واضفى فاصل أغنية «المروتين» الذي تخلل التقرير جوًا من الشوق والحنين للماضي، واضافت خاتمة بأغنية «يا أعذب الحب» للفنان محمد عبده إحياء لذكرى ابداعات الثلاثي الزمخشري وعبده وعمر كدرس الذي لحن الأغنية التي كانت أخر عمل فني جمعهم.

وبرأيي أنها كانت لفته جميلة من MBC بتخصيص فقرتها الأسبوعية «مروا من هنا» لتسليط الضوء على الأديب، وهذا من شانه الاسهام في إحياء سيرته وتعريف النشء الجديد به، رغم قصر مدة التقرير الذي لم يتجاوز الخمس دقائق.

وأرجو أن تحذوا قنواتنا الفضائية الأخرى حذوها بإحياء سيرته الأدبية فالأديب طاهر زمخشري قضى سنوات طويلة من حياته مليئة بالعطاء والإنجازات التي تستحق وقت وحيز أطول على عموم الفضائيات. فقد أبحر في عالم الشعر منذ ريعان شبابه وأصدر نحو 24 ديوانًا شعريًا تضمنت مئات القصائد متعددة الأغراض (دينية، وطنية، حماسية، عاطفية، وغير ذلك)، أشاد بها أساطين أدباء العرب كالشاعر د. إبراهيم ناجي، د. محمد حسين هيكل باشا، والعقاد، وطه حسين، وأحمد رامي وغيرهم، بالإضافة إلى إسهاماته الإعلامية المحلية والخارجية مع الإذاعة والصحافة، وإنجازاته في مجال أدب الطفل ببرنامجه «ركن الأطفال» الذي عرف منه باسم «بابا طاهر»، وأعقبه بإصدار أول مجلة للأطفال «الروضة». فجعلت تلك الإنجازات والعطاءات منه شخصية خالدة لا تنسى من ذاكرة الأجيال، وهذا ما أكده معالي الأستاذ بدر بن محمد العساكر ‎مدير المكتب الخاص لسمو ولي العهد. في تغريدته المنشورة على حسابه في تويتر بتاريخ 12 يونيو 2021م:

“الأديب الشاعر #طاهر_زمخشري رحمه الله

سيرته تفيض بالعطاء والتأثير

بين قوافي الشعر ودروب الصحافة.. ليكون اسمًا لا يغيب عن الذاكرة..”

واختم دردشتي هذه بأبيات من قصيدة «أكرم بمن قاد المعاني» للشاعر إبراهيم خفاجي رحمه الله التي القاها في حفل الأسرة الفنية بمناسبة حصول الأديب رحمه الله على جائزة الدولة التقديرية عام 1405-1985م

أكرم بمن ملك النشيد    وعلَّم الحرفَ الرنين

أكرم بمن قاد المعاني    ملهما عبر السنين

أكرم بطاهرنا الحبيب    ومبدع النظم الثمين

فإلى المزيد من العطاء   يرعـــــــاك رب العالمين

https://garbnews.net/articles/s/5053

الرابط المختصر لهذا المقال:

عدد المشاهدات 74
Share