Share

أكثر من ثلاثة ملايين مصاب بداء كورونا في 210 دولة وإقليم في العالم توفي منهم 211,177 حتى تاريخ كتابة مقالي هذا أعلاهم أمريكا 1,007,514 توفي منهم 56,624، اسبانيا 229,422 توفي 23,521، إيطاليا 199,414 توفي 26,977، فرنسا 165,842 توفي 23,293، ألمانيا 158,434 توفي 6,061، بريطانيا 157,149 توفي 21,092.

ومع فداحة هذه الأرقام لاحت في الأفق بشائر الانتصار على الجائحة إذ أُعلن في الصين خلو إقليم ووهان بؤرة انتشار المرض من أي إصابات بخروج أخر مريض من المستشفى اليوم (الاثنين 27/04/2020)، ونجاح عمليتي زراعة رئة لحالتين كانتا مصابتين بتليف رئوي بسبب فايروس كورورنا، والانتقال للمرحلة الثانية في المواجهة وهي التفرغ للدراسات والأبحاث لإنتاج لقاح مضاد للفيروس، كما أعلنت بعض الدول الأوروبية الموبوءة عن سيطرتها على الوباء واستئناف الحياة الدراسية والاقتصادية تدريجياً مع الحفاظ على الإجراءات الاحترازية مثل التباعد الجسدي والعناية بالنظافة الشخصية والفحوصات المختبرية…الخ.

وكان للعناية الإلهية ثم دور الممارسين الصحيين الذين أطلق عليهم “حائط الصد المنيع” الفضل في الوصول إلى هذه المرحلة بما قدموه من جهود مضنية وتضحيات كلفت البعض منهم أرواحهم، والبعض صحتهم النفسية والمعنوية بانتقال العدوى إليهم وتعرضهم للإجهاد الذهني والإرهاق والقلق والصدمة والابتعاد عن أسرهم لفترات طويلة في ظروف صعبة، فعلى سبيل المثال اشارت بعض التقارير الصحفية إلى وفاة نحو 100 طبيب و30 ممرض وممرضة ومساعد طبيب في إيطاليا ونحو 119 طبيب في بريطانيا منهم 11 من أصول عربية.

وقد لفت مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم إن بعض الدول سجلت في تقاريرها أن 10% من عناصر القطاع الصحي أصيبوا بفيروس كورونا، بينما يتزايد القلق من انتشار الوباء أكثر فأكثر بين أعضاء الكادر الطبي في العالم، وتأتي هذه المخاوف باعتبار أن الكوادر الطبية تعتبر جدار الصدّ الأول، وهم يتعاملون مع المصابين منذ لحظة الاشتباه في حالاتهم الصحية، وصولاً إلى تعافيهم أو وفاتهم.

وفي هذا السياق أورد بعض القصص لتضحيات ستخلد في ذاكرة التاريخ مع هذه الجائحة منها قصة طبيب العيون الصيني لي وينليانغ الذي كان أول طبيب حاول تحذير زملائه من تفشي فيروس خطير في المستشفى، ليأخذوا الاحتياطات اللازمة، وذلك عبر وسيلة للتواصل الاجتماعي في الصين، وبعدها مباشرة، زاره مسؤولون في الشرطة وأخبروه بأن عليه أن يصمت، وبعد نحو شهر نشر قصته على الإنترنت من سريره في المستشفى بعد إصابته بالعدوى من إحدى مرضاه وتوفي في 06فبراير متأثراً بداء كورونا.

كذلك قصة أول ثلاثة أطباء بريطانيين توفوا بسبب إصابتهم بفيروس كورونا أثناء تأدية عملهم وهم الدكتور أمجد الحوراني والدكتور عادل الطيار من أصول سودانية، والدكتور حبيب الزيدي من أصل عراقي، والطبيبة المصرية سونيا عبد العظيم عارف التي توفيت بعد إصابتها بالعدوى ورفض سكان قريتها دفنها في القرية ظناً منهم أن العدوى ستنتقل إليهم مما استدعى تدخل الجهات الأمنية لدفنها، عدى عشرات القصص الإنسانية المؤثرة الأخرى حول العالم عُرف بعضها وبعضها لم يسمع عنها أحد.

ولا تزال طواقم الصد المنيع حول العالم تتعرض لمزيد من المخاطر بسبب زيادة عدد المرضى ونقص أجهزة ومعدات الاختبار والحماية، والضغط والإرهاق لطول فترات العمل، والقلق والخوف على أسرهم.

ولذلك يتحتم على المجتمعات أن تقدم لهم الدعم والمساندة اللازمة مع الشكر والتقدير والتضرع لهم بالدعاء على التضحيات والشجاعة التي يظهرونها في مواجهة هذه الجائحة، كذلك حمايتهم من العدوى بإعطائهم والكوادر المساندة لهم الأولوية في الفحوصات المختبرية للكشف عن فيروس كورونا ولكي لا يكونوا مصدر لنقل العدوى للأخرين، وتأمين الموار المالية الكافية لتوفير الأجهزة والمعدات والمستلزمات الطبية اللازمة لهم، وزيادة الوعي المجتمعي عن كل ما هو مرتبط بالوباء وطرق التعامل معه والوقاية منه للحد من انتشار الشائعات والمعلومات المغلوطة.

ولا يفوتني أن أنوه بما توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين من دعم للممارسين الصحيين في بلادنا لتمكينهم من أداء عملهم على أكمل وجه وحمايتهم من العدوى، واختم دردشتي هذه بما قاله الشاعر العباسي ابو العتاهية:

إِنَّ الطَبيبَ بِطِبِّهِ وَدَوائِهِ *** لا يَستَطيعُ دِفاعَ مَكروهٍ أَتى

ما لِلطَبيبِ يَموتُ بِالداءِ الَّذي *** قَد كانَ يُبرِئُ جُرحَهُ فيما مَضى

ذَهَبَ المُداوي وَالمُداوى وَالَّذي *** جَلَبَ الدَواءَ وَباعَهُ وَمَنِ اِشتَرى

وما قاله الشاعر محمود الوراق

كَم مِن مَريضٍ نَعاهُ الطَبيبُ *** إِلى نَفسِهِ وَتَوَلّى كَئيبا

فَماتَ الطَبيبُ وَعاشَ المَريضُ *** فَأَضحى إِلى الناسِ يَنعى الطَبيبا

الرابط المختصر لهذا المقال:

عدد المشاهدات 13
Share