كما أتى عيد الفطر المبارك هذا العام في ظروف استثنائية بسبب جائحة كرورنا يأتي عيد الأضحى المبارك في نفس الظروف فلا تزال الجائحة تعصف بالمجتمعات إذ أصابت حتى الآن 16,840,280 شخص في 213 بلد وإقليم حول العالم أعلاهم أمريكا بـ 4,484,843 توفي منهم 152,037، البرازيل 2,480,888 توفي 88,470، الهند 1,532,125 توفي 34,224، روسيا 823,515 توفي 13,504، جنوب أفريقيا 459,761 توفي 7,257، المكسيك 395,489 توفي 44,022، واحتلت المملكة العربية السعودية المرتبة 13 بتسجيل 270,831 حالة توفي 2,789.
وأغتنم فرصة هذه الأيام المباركة لأتوجه إلى الله بالدعاء أن يشفي جميع المصابين والطبيب نزار باهبري الذي يرقد في المستشفى نتيجة إصابته بعدوى كورونا بعد أن وفقه الله في علاج أكثر من 500 مصاب من هذا الفيروس، وأذكر بما أوردت في مقالي «حوائط الصد المنيع في مواجهة كورونا» بأهمية حماية الكوادر الطبية من العدوى وإعطائهم الأولوية في الفحوصات المختبرية للكشف عن فيروس كورونا https://garbnews.net/articles/s/4543.
وبالعودة إلى موضوعنا فمما لا شك فيه أن الجائحة تسببت في الكثير من الآثار الصحية والاجتماعية والاقتصادية والتي منها ارتفاع نسبة الفقر والبطالة في المجتمعات إذ أشارت تنبؤات البنك الدولي في تقريره (الآفاق الاقتصادية العالمية يونيو/حزيران 2020 م) أن اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية ستشهد انكماشا نسبته 2.5% هذا العام، وهو أول انكماش لها كمجموعة منذ 60 عاما على الأقل. ومن المتوقع أن ينخفض متوسط نصيب الفرد من الدخل بنسبة 3.6%، متسببا في سقوط ملايين من الناس في براثن الفقر المدقع هذا العام.
وتوقع خبراء البنك أن يؤدي فيروس كورونا إلى سقوط 71 مليون شخص في براثن الفقر المدقع على أساس خط الفقر الدولي (1.90 دولار) للفرد في اليوم في ظل السيناريو الأساسي، وأما في ظل سيناريو تدهور الأوضاع فسيرتفع هذا العدد إلى 100 مليون شخص.
والعالم العربي والإسلامي ليس بمعزل عن تلك التنبؤات التي ستتزامن مع مناسبة هامة للأمة العربية والإسلامية وهي عيد الاضحى المبارك الذي من أهم شعائره ذبح الأضاحي التي توجد حركة بيع وشراء تصل إلى مليارات الريالات، فقياساً على الأعوام السابقة قدر أحد الخبراء أن عددها الأضاحي في العالم الإسلامي قد يتجاوز 50 مليون رأس أو ما يعادلها من المواشي الأخرى، وعلى افتراض أن متوسط قيمة الأضحية تصل إلى (1000ريال) مما يعني أن حجم الإنفاق على الأضاحي يصل إلى (50,000,000,000) ريال خلال موسم الحج.
وبالنظر إلى ما يتوقع انفاقه على هذه الشعيرة من مبالغ والوضع الاقتصادي الذي تسببت فيه الجائحة من انتشار الفقر والجوع في المجتمعات العربية والإسلامية فإن المصلحة تقتضي بأن يوجه الناس استثناء هذا العام كل ما سينفقونه على شراء لأضاحي أو جزء منه لمساعد وإغاثة المتضررين من جائحة كورونا في مجتمعاتهم، سيما وأن شعيرة الأضحية هي سنة وقد أيدت هيئة كبار العلماء قرار حكومة المملكة العربية السعودية بأن يكون الحج هذا العام 1441هـ بعدد محدود جداً من داخل المملكة حفاظاً على صحة الحجاج وسلامتهم وهو الركن الخامس من أركان الإسلام.
فبالتالي أرى أنه لا حرج من الاستفادة من أموال الأضاحي لمكافحة الجوع والفقر في مجتمعاتهم بالتنظيم مع المؤسسات الحكومية والغير حكومية وأن يعطوا الأولوية لذوي القربى والجيران والغارمين ممن يعرفون وهكذا نكون قد استفدنا من حجم الإنفاق على هذه الشعيرة للتعافي الاقتصادي ولو جزئياً من هذه الجائحة، كما قال العالم الأزهري الشيخ حسين شعبان وهدان الذي توفي بفيروس كورونا الشهر الماضي في أحد خطبه “ومن الناس من دَقَّ الفقر عُنَقَهُ وافترسه بأنيابه وفوَّتَ عليه جمال الحياة فهو يحتاج إلى من يُغيثُهُ بمطعمٍ أو ملبسٍ أو نفقةٍ تُعِينُهُ على مَسْغَبَتِهِ، ومن الفقراء أقوام جَلَّلَهم الدَّيْنُ بقَتَارِ الهَمِّ والانكسار والذل فهم أحوج الناس إلى صنع المعروف من أصحاب الديون أو ممن يَرِقُّونَ لبلواهم ويغيثونهم من الأغنياء وأهل النشب”. واختم دردشتي هذه بقول الشاعر القاضي أبو بكر الزبيدي الأشبيلي.
الفقر في أوطاننا غربةٌ والمال في الغُربة أوطانُ
والأرضُ شيءٌ كلها واحدٌ والناسُ إخوانٌ وجيرانُ
الرابط المختصر لهذا المقال:
كاتب ومؤلف، ومهتم بتدوين سيرة الأديب طاهر زمخشري وأعماله، خبير في مجال خدمات الإعاقة البصرية، أمين عام جمعية إبصار سابقًا، ومدرب مضيفين سابق في الخطوط السعودية.