Share

مضى على ظهور وتفشي جائحة فايروس كورونا (كوفيد-19) نحو 13 أسبوع أصيب فيها أكثر من 351 ألف شخص توفي منهم (15,337) وشفي (100,569) وفي ظل هذه الظروف الاستثنائية انشغلت المجتمعات عن الأيام الدولية التي تعلنها الأمم المتحدة وتدعو الدول الأعضاء للاحتفال بها تحت شعارات محددة بهدف إحياء ذكرى أو مناسبة أو التوعية بقضية ما، وبدورهم يقومون بإحيائها كلاً حسب امكانياته وقدراته ومستوى الوعي المجتمعي لديه، وقد مرت بعض تلك الأيام خلال هذه الفترة دون إحيائها أو ذكرها بسبب تأجيل أو إلغاء فعالياتها بحكم الحجر الصحي المنزلي في معظم المجتمعات.

فعلى سبيل المثال مر اليوم العالمي للسعادة يوم 20 مارس الذي تعلنه الأمم المتحدة اعترافا بأهمية السعي للسعادة أثناء تحديد أطر السياسة العامة لتحقق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر وتوفير الرفاهية لجميع الشعوب وشعاره لهذا العام «السعادة للجميع إلى الأبد»، واليوم العالمي للشعر الذي يصادف 21 مارس بهدف دعم التنوع اللغوي من خلال التعبير الشعري، وإتاحة الفرصة للغات المهددة بالاندثار بأن يُستمع لها في مجتمعاتها المحلية، واليوم العالمي لمتلازمة داون بهدف توعية المجتمع بها وشعار هذا العام “نحن من يقرر”، واليوم العالمي للمياه الذي يصادف 22 مارس للتوعية بأهمية المياه العذبة والتشديد على أن المياه ومعايير الصرف الصحي هي مداخل أساسية في عمليات خفض الفقر والنمو الاقتصادي والاستدامة البيئية وشعار هذا العام ” المياه وتغير المُناخ”.

وبرأيي كان على المجتمعات أن تبتكر وسائل إبداعية لإحياء تلك المناسبات لتحقيق أهدافها أسوة بما فعلوه مع التعليم والعمل عن بعد، عوضاً عن انشغالهم بالكورونا فقط على حساب القضايا الأخرى كمن يوصد باب كوخه لحماية نفسه من العاصفة ويترك النوافذ مشرعة.

ومن هذا المنطلق أذكر باليوم العالمي للسل الذي يصادف يوم 24 مارس وهو ذكرى اليوم الذي اكتشف فيه الدكتور روبرت كوخ البكتيريا المسببة لمرض السل في العام 1882م، ويأتي احتفال هذا العام تحت شعار “حان الوقت” وذلك من أجل إذكاء وعي الجمهور بالعواقب الصحية والاجتماعية والاقتصادية المدمرة للسل وتكثيف الجهود الرامية إلى إنهاء وبائه في العالم، إذ لا يزال من أكثر الأمراض المعدية فتكاً في العالم، حيث يسبب يومياً هلاك أكثر من 4000 شخص واعتلال ما يقرب من 30000 حول العالم. رغم أنه بالإمكان الوقاية منه وعلاجه.

وللمصادفة يتزامن احتفال هذا العام والعالم يعيش حرباً مع أجد وأخطر أمراض الجهاز التنفسي جائحة كورونا (كوفيد-19)، وعليهم ألا يغفلوا عن التزاماتهم تجاه مرض السل من حيث تعزيز الاستفادة من فرص الوقاية منه وعلاجه، تعزيز المساءلة، ضمان توفير التمويل الكافي والمستدام، بما في ذلك لأغراض البحوث، الترويج لإنهاء الوصم والتمييز الناجمين عنه، تعزيز الاستجابة له على نحو منصف يراعي الحقوق ويركّز على الناس.

وفي هذ السياق اختم دردشتي هذه بمقتطفات من أبيات شعرية للأديب الراحل طاهر زمخشري رحمه الله نظمها في زوجته حينما اعتلت بمرض السل وماتت به في مطلع خمسينيات القرن الماضي ونشرها في ديوانه «أنفاس الربيع» عام 1955م من قصيدة «صبراً»

“وسألت الطبيب عن علتها.. فأرسل آهة طويلة.. وأردف بقوله: إنها علة السلال”

يقولون صبراً فقلت: وهل لها *** سوى ذاك؟ إن الصبر بالحر أخلقُ

فيا أيها الربان جدف ولا تخف *** رسوّ سفيني عن قريب محقق

لا تخافي

“وقالت وهي تلفظ أنفاساً مضطربة، إني أشعر بالموت يدب في مفاصلي..”

لا تخافي صولة الداء فما *** خفت يوماً من تصاريف القضاء

فاهزئي بالداء لا تخشِ الضنى *** كل داء سوف يتلوه شفاء

غُلبت على أمري

“وكانت في ليلتها الأخيرة هادئة مستغرقة في شبه غيبوبة الحالم فتهيأ لينام ولكن.”

يقولون لي: ماتت فقلت: أنا الذي *** أموت، وحسبي أن قلبي أسوان

تموت وأحيا بالشجون مفرداً *** في أي أذن نسكب الشجو أوزان؟

وزيدي يقيناً أنه بات ملهمي *** قلائد منها في مراثيك ديوان

يا ليالي

“وأودعتها مقرها الأخير وتفرق المشيعون ووقفت مكاني أذرف هذه الدمعة”

يا ليالي وأدت فيك سعودي *** وهو يختال في مطارف سود

هكذا الموت لا يبالي إذا *** ألقى شباكا بأرملٍ أو وليد

لو يعيد البكاء ميتاً لأغرقت *** جفوني بدمعتي كي تعودي

بيد أني وسدتك للتراب قسراً *** نحن من قبضة الردى في قيود

الرابط المختصر لهذا المقال:

عدد المشاهدات 39
Share