نشرت هذا المقال على صحيفة غرب الإخبارية في 2021/09/29م
احتفل العالم يوم أمس الثلاثاء 28 سبتمبر 2021 باليوم الدولي لتعميم الانتفاع بالمعلومات الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الرابعة والسبعين (أكتوبر 2019م)، بناء على قرار اليونيسكو رقم 38م/57 الصادر في مؤتمرها العام (باريس، ٣-١٨/2015).
وقد تم تخصيصه للتوعية بأهمية الحق في الانتفاع بالمعلومات في شتى أنحاء العالم. ومنذ استحداثه اتسم بأهمية تاريخية وأثر تأثيرًا عميقًا بوصفه أحد أهم أيام المناسبات السنوية الخاصة بالحريات التي يُعنى بها المدافعون عن تداول المعلومات في شتى بقاع العالم.
وغالبًا ما يتضمن الاحتفال به مجموعة من الأنشطة منها مؤتمرات وورش عمل ومسيرات وحفلات موسيقية ومطبوعات وفيديوهات توعوية تتعلق بالانتفاع بالمعلومات والتماسات جماعية تدعو الحكومات إلى اعتماد وتطبيق قوانين بشأن الانتفاع بها. وثمة مجموعة كبيرة من المنظمات التي تعمل حاليًا في المجال تضطلع بتنسيق أنشطة عديدة عن الانتفاع بالمعلومات بصورة منتظمة، وسيسترعي إعلان اليوم الدولي مزيدا من الانتباه إلى مسألة الانتفاع بالمعلومات وأهميتها الأساسية للبشرية وسيمنح وزنا أكبر لها وسيبرزها للعيان وسيزودها بالاعتراف وسيكفل التعامل معها بقدر أكبر من الجدية من جانب الأطراف المعنية خصوصا الحكومات الوطنية. فاليوم الدولي لتعميم الانتفاع بالمعلومات مرتبط ارتباطًا وثيقًا بخطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، ورسالته تنبع من الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة المعني بالاستثمار في البنى الأساسية للمناطق الريفية والتنمية التكنولوجية، والهدف 11 المعني بتعزيز الروابط الإيجابية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بين المناطق الحضرية والمحيطة بها والمناطق الريفية، والهدف 16 المعني بإعداد مبادرات بوضع ضمانات دستورية و/أو نظامية و/أو سياسية وتطبيقها لضمان وصول الجمهور إلى المعلومات.
وتحديد يوم للاحتفال بتعميم الانتفاع بالمعلومات والتعاون من خلاله بين الدول والمجتمعات هو أمر يتسم بالأهمية بالنسبة إلى الدفاع عن هذه المسألة، إذ أنه يتيح بث رسالة موحدة عن ضرورة الانتفاع بالمعلومات بقدر أكبر لتوعية الجمهور.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أولت اليونسكو مسؤولية رصد تنفيذ الغاية 16.10.2 من خطة التنمية المستدامة لعام 2030م على الصعيد العالمي والتي تدعو كل البلدان إلى ضمانة حصول الجمهور على المعلومات وحماية الحريات الأساسية بما يتماشى مع التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية.
وقد ناقش احتفال هذا العام دور قوانين الوصول إلى المعلومات وتنفيذها لإعادة بناء مؤسسات فعالة للصالح العام والتنمية المستدامة، وتعزيز الحق في المعلومات والتعاون الدولي في مجال تطبيق هذا الحق من حقوق الإنسان. وأتاحت اليونسكو برنامجيها الدوليان الحكوميان، «البرنامج الدولي لتنمية الاتصال» و«برنامج المعلومات للجميع» كمنبر وإطار لجميع الأطراف المعنية للمشاركة في المناقشات الدولية بشأن السياسات والمبادئ التوجيهية المتعلقة بالانتفاع بالمعلومات من خلال إعداد مشاريع ترمي إلى تعزيز العلم المفتوح والتعدّدية اللغوية وتكنولوجيات المعلومات والاتصالات لصالح ذوي الإعاقة والمهمّشين، ومن أجل تحقيق الدراية الإعلامية والمعلوماتية.
وتعود فكرة الاحتفال بهذا اليوم إلى العام 2002م. حينما اجتمعت 16 دولة هي (أرمينيا، وألبانيا، وبلغاريا، والبوسنة، والهرسك، وجنوب أفريقيا، وجورجيا، ورومانيا، وسلوفاكيا، وليتوانيا، وهنغاريا، ومقدونيا، والمكسيك، ومولدوفا، والهند، والولايات المتحدة الأمريكية) في مدينة صوفيا ببلغاريا. في مؤتمر عقد في الفترة من 26 إلى 28 سبتمبر. ليروجوا للشفافية وللشعور بالمسؤولية على صعيد الحكومات. وأفضت تلك الفعالية إلى إنشاء تحالف دولي للمدافعين عن حرية التعبير. أصبح يُعرف على المستوى الدولي باسم شبكة «المدافعين عن حرية تداول المعلومات». وهو تحالف وافق على اتخاذ مبادرات دولية ترمي إلى تحسين الانتفاع بالمعلومات على الصعيد العالمي. واتفق المشاركون على أن يكون تاريخ اختتام ذلك المؤتمر 28 سبتمبر هو يوم “للحق في المعرفة”. على أن يُحتفل به سنويًا على ذلك الأساس. واعترفت اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب، في قراها 222 لدورتها العادية الخمسون، رسميا بذلك اليوم. وحاليًا لا يقترن تاريخ 28 سبتمبر بأي مناسبة خاصة في التقويم السنوي للمناسبات الخاصة بالأمم المتحدة أو باليونسكو.
والواقع إن تعميم الانتفاع بالمعلومات هو حق كفله ديننا الحنيف للمجتمعات. فالمعلومات هي أساس العلم الذي أوجبه الله على العباد لإعمار الأرض. ولذلك غلظ سبحانه وتعالى في تحريم كتم العلم عن الناس. فقد قال تعالى في كتابه الكريم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ (البقرة -159). وقد أورد الإمام الطبري- رحمه الله – في تفسيره لهذه الآية. قوله “وإن كانت نـزلت في خاصٍّ من الناس، فإنها معنيٌّ بها كل كاتمٍ علمًا فرضَ الله تعالى بيانه للناس وذلك نظير الخبر الذي رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من سُئل عَن علم يَعلمهُ فكتمه، ألجِمَ يوم القيامة بلجام من نار”.
وبرأيي إن اليوم الدولي لتعميم الانتفاع بالمعلومات من المناسبات الدولية التي تُعتبر فرصة لإبراز أهمية تعميم الانتفاع بالمعلومات في الإسلام. ولعله كان من المفيد تنظيم فعاليات اجتماعية للتوعية بأهميته في بلادنا واشراك طلاب الجامعات والمدارس فيها. بهدف غرس المسؤولية الاجتماعية في نفوسهم بأعمال تطوعية. تهدف الى نشر المعلومات وإيصالها لغير القادرين من ذوي الإعاقة أو المرضى في المستشفيات أو الأميين أو المهمشين في الأماكن الفقيرة والمعدمة. كذلك قيام الخطباء والنخب المثقفة والفنانين بدورهم في التوعية بالمناسبة وأهدافها وأهميتها للتنمية المستدامة ورؤية المملكة 2030م. سميا وأن لها فؤاد اجتماعية من أهمها حماية المجتمع من الشائعات والمعلومات المغلوطة والمضللة وزيادة الشفافية ومكافحة الفساد ونشر العلم بصورة موسعة وميسرة.
وأختم دردشتي بأبيات من قصيدة “العلم” للشاعر العُماني الراحل أبو مسلم البهلاني
أمانـــــــة الله تسطيــــــــــع الأداء لهـــــــــا *** إذا علمــت بعــون الله مــا شرعا
ولــــم يجــــد صانـــــع اتقـــــــان صنعتـــــــه *** حتى يكون على علم بما صنعا
ومــن مضــى فــي طريـق لا دليــل لهـــــا *** ولا معالـم تهدي ضل وانقطعا
فاستنهض النفس في إدراك ما جهلت *** حتى ترى العلم في حافاتها سطعا
الرابط المختصر لهذا المقال:
كاتب ومؤلف، ومهتم بتدوين سيرة الأديب طاهر زمخشري وأعماله، خبير في مجال خدمات الإعاقة البصرية، أمين عام جمعية إبصار سابقًا، ومدرب مضيفين سابق في الخطوط السعودية.