Share

كنت قد ذكرت في مقالي المنشور في 09/07/2020م بعنوان «الأشخاص ذوي الإعاقة في ظل جائحة كورونا» https://garbnews.net/articles/s/4635 عن عزم جامعة الدول العربية (قطاع الشؤون الاجتماعية – إدارة التنمية والسياسات الاجتماعية) ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا) تنظيم اجتماع في 24/07/2020م عبر تقنيات الفيديو كونفرنس مع كبار المسؤولين في الدول العربية المعنيين بملف مواجهة آثار جائحة كوفيد – 19 على الأشخاص ذوي الإعاقة في الدول العربية. بالتعاون مع المنظمة العربية للأشخاص ذوي الإعاقة. بهدف التنسيق بين الشركاء والحكومات بغرض التصدي لتداعيات جائحة كوفيد-19، وتأثيرها على الأشخاص ذوي الإعاقة، والتعريف بالمبادرات الوطنية والسعي نحو توفير منصة للاطلاع على التجارب المختلفة.

وبحكم اهتماماتي الشخصية بكل ما يتعلق بشؤون الإعاقة تابعت ما تمخض عنه الاجتماع، فاطلعت على ما صرحت به السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة (الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية بالجامعة العربية)، في البيان الذي وزع على وسائل الإعلام في  28/07/2020م إذ قالت “أن الاجتماع خرج بعدد من التوصيات المهمة التي تعد خطة تحرك لدعم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في مرحلة جائحة كورونا وما بعدها، مؤكدة أن التوصيات تتطلب اتخاذ عدد من الإجراءات السريعة والتنسيقية على المستوى الوطني وفي إطار التعاون العربي المشترك. وأكدت دعم الجامعة العربية لتنفيذ هذه التوصيات من خلال القطاع الاجتماعي والشركات الواسعة التي لديها وبما يؤكد على ضمان الحياة الصحية الكريمة للأشخاص ذوي الإعاقة”.

كما استمعت على مدى ساعتين إلى كلمات ومداخلات المشاركين في الاجتماع عبر قناة (ESCWA) على اليوتيوب الذين كان من بينهم المبعوثة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالإعاقة وإمكانية الوصول، وممثلين عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، منظمة العمل العربية، وعدد من ممثلي الدول العربية المعنيين بالإعاقة، وكانت مجمل المشاركات عبارة عن كلمات أشبه بالمحاضرات العلمية أو استعراض لتجارب بعض البلدان في التعامل مع الإعاقة في ظل جائحة كورونا، والتوصيات جمة يستلزم تنفيذها سنوات، وما لفت انتباهي هو غياب أي مشاركة أو دور لأشخاص فاعلين من ذوي الإعاقة أو المراكز والجمعيات الأهلية المعنية بخدماتهم، وأن الاجتماع لم يحظى بالتغطية الإعلامية الملائمة لحجم وأهمية الموضوع سيما وأن نسب الإعاقة في العالم العربي بلغت حداً متعاظماً فوق بيانات الاسكوا (ESCWA) إن نسب الإعاقة في الدول العربية تتراوح ما بين (0.4% – 4.9%). كما أن مشاهدات الاجتماع على اليوتيوب لم تتجاوز 115 مشاهدة مما يعطي مؤشر أن هناك فجوة ما بين المنظمات والهيئات الإقليمية المعنية بالإعاقة ومجتمع الإعاقة والمهتمين بها في العالم العربي.

وعلى ما اعتقد إن الاجتماع جاء متأخراً جداً مقارنة مع تاريخ بد الجائحة وانتشارها في دول العالم بما فيها العربية وانعكاسات ذلك على الأشخاص ذوي الإعاقة إذ أكد البنك الدولي في تدوينته المنشورة بتاريخ 04 يونيو 2020 أن “غالبًا ما يكون للأشخاص ذوي الإعاقة احتياجات صحية أساسية ستزداد شدة الحاجة لها إذا أصيبوا بـ COVID-19،  وأنهم أكثر عرضة للإصابة بالفايروس بسبب نقص المعلومات حول انتشار المرض وأعراضه، بالصيغ التي يعتمدون عليها في الحصول على المعلومات مثل برايل، الطباعة بالأحرف الكبيرة، لغة الإشارة، التسميات التوضيحية، الصوتيات، الرسومات، كما أن التباعد الاجتماعي قد يعرض تقديم الرعاية المنزلية الأساسية لهم للخطر. وفي نفس الوقت هم أكثر عرضة لخطر الإصابة بالعدوى في أماكن الرعاية المنزلية من مقدمي الخدمة أو المقيمين معهم. و COVID-19 ما هو إلا مثال آخر على التفاوتات الصحية الطويلة الأمد التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة. على الرغم من أننا لا نعرف التأثير الكامل حتى الآن، لكن لدينا فهم جيد لأين كنا قبل الوباء”.

والآن وقد أصابت الجائحة 13,587,992 شخص في 213 بلد وإقليم حول العالم أعلاهم أمريكا بـ 3,588,268 حالة توفي منهم 139,685، البرازيل 1,939,167 توفي 74,445، الهند 970,169 توفي 24,929، روسيا 746,369 توفي 11,770، بيرو 333,867 توفي 12,229، تشيلي 321,205 توفي 7,186، ودول العالم العربي لا تزال تسجل حالات قد يكون من بينها أشخاص ذوي إعاقة.

فأرجو أن تسارع الجهات المعنية في الدولة العربية بتنفيذ توصيات الاجتماع في أسرع وقت، وعلى النطاق المحلي أرجو أن يكون للجهات المعنية بالإعاقة في بلادنا مشاركات في مثل هذه الاجتماعات فقد لاحظت عدم وجود أي مشاركة أو مداخلة في الاجتماع من ممثلين عن المملكة رغم أنها سلجت حتى الآن 240,474 حالة توفي منها 2,325 وقد يكون من بين المصابين أشخاص ذوي إعاقة أو من أسرهم.

وأرى أن أسرع خطوة لتنفيذ التوصيات الواردة في الاجتماع هو أن تقوم المراكز والجهات العاملة في مجال خدمات الإعاقة بإجراء دراسات عاجلة لتحديد الآثار المترتبة من الجائحة على مستفيديها وتحديد احتياجاتهم، والعمل مع المسئوليات الاجتماعية في القطاعين الحكومي والخاص لإطلاق برامج دعم عاجلة معنوية ومادية لمعالجة تلك الآثار وتلبية احتياجاتهم اللازمة، إطلاق حملة توعوية وإرشادية مكثفة عن المرض وأعراضه وطرق الوقاية منه بالصيغ التي يعتمد عليها ذوي الإعاقة في الوصول إلى المعلومات مثل (برايل، الطباعة بالأحرف الكبيرة، لغة الإشارة، التسميات التوضيحية، الصوتيات، الرسومات)، تنمية وتطوير آليات فاعلة لضمان استمرارية تقديم خدمة التدريب وإعادة التأهيل عن بعد مراعاةً للتباعد الجسدي، وعمل تقرير شامل عن النتائج ورفعه إلى الجامعة العربية للاستفادة منه في التعامل مع ذوي الإعاقة في ظل جائحة كورونا في الدول العربية.

وأذكر إدارات المراكز والجمعيات العاملة في مجال الإعاقة بإن الاهتمام بالأشخاص ذوي الإعاقة ورعايتهم وأجب إنساني وديني ووطني يستلزم الجد والمثابرة والإخلاص في العمل واختم دردشتي بما قاله أمير الشعراء شوقي:
إِنَّ الأُمورَ هِمَّةٌ          لَيسَ الأُمورُ ثَرثَرَةْ

الرابط المختصر لهذا المقال:

عدد المشاهدات 31
Share