Share

في الوقت الذي كان العالم منشغل بإجازة أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية 2020م، كان اليافع آفي شيفمان Avi Schiffmann – 17 عام- طالب ثانوية مدرسة ميرسير آيلاند منشغلاً من منزله بمدينة ميرسير آيلاند بولاية واشنطن بمتابعة أخبار ظهور مرض غريب بمدينة ووهان الصينية، ولاحظ صعوبة الوصول إلى معلومات عنه وأعداد المصابين به وانتشار الكثير من الشائعات المغلوطة.

فأدرك أهمية وجود معلومات وإحصائيات موثقة عن المرض وقرر على الفور توظيف هوايته في البرمجة التي صقلها ذاتيا عبر الانترنت على مدى الـ 10 سنوات الماضية بتصميم وإطلاق موقع إلكتروني يكون بمثابة مرجع مركزي للمعلومات عن المرض وإحصائيات المصابين به في مدينة وواهن الصينية، من خلال ربطه بمواقع إدارات الصحة بالمقاطعات الصينية وتحديث البيانات الإحصائية بمعدل كل دقيقة تلقائياً عبر “تجريف الويب”. وأن يكون الموقع سهل التصفح ومتوافق مع الأجهزة الذكية وخالي من الإعلانات، وفي 29 ديسمبر أطلق الموقع باسم ncov2019.live نسبة للاسم الذي أطلقه العلماء على المرض (covid-19) وكان عدد المصابين حينها لم يتجاوز الألف شخص.

ومع تحول المرض إلى جائحة عالمية أصبحت الحاجة إلى المعلومات والإحصائيات لتتبع خارطة انتشار الجائحة أمر ضروري وحتمي بطريقة ميسرة، فطور موقعه بربطه بمواقع منظمة الصحة العالمية والسلطات الصحية الوطنية في دول العالم وجلب الإحصائيات وعرضها بالطريقة التي صمم بها الموقع بحيث يتمكن الزائر من تتبع احصائيات المصابين، المتعافين، المتوفين، الحالات النشطة، على مستوى العالم أو القارات، الدول، الأقاليم، المدن، وأضاف صفحات تتضمن معلومات توعوية عن المرض وطرق الوقاية منه، وأحدث أخبار تطوير لقاحات للفيروس، وخاصية اختبار لقياس مدى الخطورة التي قد يشكلها المرض على المصاب في حالة إن كان لديه أمراض أخرى مثل أمراض القلب، السكري، ضغط الدم. وبذلك أصبح الموقع أول مرجع عالمي لمتابعة إحصائيات الكورونا دقيقة بدقية معدل زواره 6.5 مليون زائر يومياً وبحلول شهر أبريل تجاوزا 250 مليون زائر 50% منهم من خارج الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي دفعه للتخطيط إلى ترجمة الموقع للغات أخرى، وشراء نطاق جديد باسم تعقب الجرثومة (GermTracker.com)، وأوجد آلية لدعم الموقع عبر التبرع من خلال الضغط على أيقونة كتب عليها “اشتري لي كوباً من القهوة” وبالتالي يمكن للراغب في المتبرع شراء أي عدد أكواب قهوة افتراضية بـ 3 دولار لكل كوب تعود للموقع.

وقد لفت هذا الإنجاز انتباه المنظمات الصحية والباحثين وكبرى وسائل الإعلام العالمية فتناقلت أخباره وأجرت لقاءات صحفية وتلفزيونية مع مؤسسه آفي منها قناة الديمقراطية الآن الإخبارية (Democracy Now) التي قال لها إن من أهم ما تعلمه من إطلاقه للموقع هو التعرف على مدى تفاوت قوة الرعاية الصحية بين البلدان استناداً إلى معدلات الوفاه فيها، وضرب مثال على ذلك أنه عندما كان يتابع إحصائيات الدول لاحظ تقارب أعداد المصابين بين إيران وكوريا الجنوبية وتفاوت كبير في أعداد الوفيات بينهم، وروعة استخدام التكنولوجيا والإنترنت في تتبع إحصائيات الحالات فعلى سبيل المثال عندما انتشر وباء أيبولا وسارس لم يكن بالإمكان متابعة أو رصد معلومات عنها لعدم وجود موقع إلكتروني يمكن الرجوع إليه في ذلك، وتمكنه من الجمع بين التكنولوجيا والصحة العالمية وتقديم معلومات موثوقة، وتمنى أن يكون ما قام به مصدر إلهام للكثير من الأشخاص ربما لتعلم البرمجة وإنشاء أداة رصد خاصة بهم في المستقبل، لأنه كلما توفرت مصادر معلومات يمكن الوصول إليها بسهولة كان ذلك أفضل.

نموذج لأحدث المعلومات المستخرجة من موقع آفي ncov2019.live حتى تاريخ كتابة المقال:

عدد المصابين حول العالم 3,671,812 عدد الحالات الحرجة 49,619 عدد الوفيات 253,241، الحالات النشطة 2,209,396 إجمالي المتعافين 1,211,209 وأعلى الدول تأثراً

أمريكا 1,214,023 ، المتوفين 69,974 ، المتعافين 188,069 ، الحالات النشطة 955,980

اسبانيا 250,561، المتوفين 25,613 ، المتعافين 154,718 ، الحالات النشطة 70,230

إيطاليا 211,938 ، المتوفين 29,079 ، المتعافين 82,879 ، الحالات النشطة 99,980

بريطانيا 190,584 ، المتوفين 28,734 ، المتعافين غير معروف ، الحالات النشطة 161,851

فرنسا 169,462 المتوفين 25,201 ، المتعافين 51,371 ، الحالات النشطة 92,890

ألمانيا 166,199 المتوفين 6,993 ، المتعافين 135,100 ، الحالات النشطة 24,106

ومؤخراً نقلت صحيفة التايمز اللندنية خبر عن تواصل آفي مع الأمم المتحدة باتصال عبر الفيديو بشأن اهتمامها بأن يكون سفيرها للشباب في مجال التكنولوجيا.

وحقيقة إن قصة اليافع آفي تعد نموذج ملهم لأقرانه حول العالم في كيفية استغلال وقته ومهاراته المعلوماتية بما عاد عليه وعلى المجتمع بالنفع وجسدت مدى أهمية التكنولوجيا في الحد من انتشار الأمراض والتوعية الصحية للوقاية منها.

لذلك أدعو المعنيين بنظم المعلومات والقطاع الصحي في بلادنا الاستفادة من تجربة آفي بتطوير مواقع إلكترونية لتتبع ورصد الأمراض المزمنة المتفاقمة مثل السكري، أمراض القلب…الخ للحد من انتشارها والتوعية بطرق الوقاية منها وإجراء الأبحاث والدراسات بصورة سهلة وميسرة، كذلك التركيز على المواهب الشابة في مجتمعاتنا وصقلها وتنميتها وإتاحة الفرص لهم للمشاركة في معالجة المشكلات والأزمات الصحية.

كما أدعوا أولياء الأمور خلال فترة الحجر الصحي المنزلي توجيه أبنائهم باستغلال جزء من أوقات فراغهم التي يقضونها في ألعابهم الإلكترونية بالاستفادة مما تعلموه في المدارس بما يعود بالفائدة عليهم وعلى المجتمع وأختم دردشتي هذه بما قاله أمير الشعراء شوقي

وَاطلُبوا العِلمَ لِذاتِ العِلمِ لا *** لِشَهاداتٍ وَآرابٍ أُخَرْ

كَم غُلامٍ خامِلٍ في دَرسِهِ *** صارَ بَحرَ العِلمِ أُستاذَ العُصُرْ

وَمُجِدٍّ فيهِ أَمسى خامِلًا *** لَيسَ فيمَن غابَ أَو فيمَن حَضَرْ

الرابط المختصر لهذا المقال:

عدد المشاهدات 40
Share