أسدل الستار مؤخرًا (السبت 28-05-2022م) على «دوري يلو» السعودي للدرجة الأولى بحصول نادي الوحدة بمكة المكرمة على المركز الثالث بفارق نقطة واحدة عن المتصدر والوصيف (الخليج، العدالة). عائدًا إلى دوري الأضواء «دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين» فوجدت أنه من المناسب أن أسلط الضوء عبر هذه السطور المضيئة على أغنية «جيب القول على الرايق» التي كتبها الأديب طاهر عبد الرحمن زمخشري لناديه المفضل «الوحدة السعودي» في ستينيات القرن الميلادي الماضي، وغنتها الفنانة اللبنانية هيام يونس بألحانه.
لعلها تستعيد بريقها وشهرتها مرة أخرى في ظل فرح جماهير النادي. وتجد طريقها إلى مدرجات جماهير الكرة في مونديال قطر 2022م الذي ينظم لأول مرة في عالمنا العربي ويشارك فيه منتخبانا الوطني إلى جانب عدد من المنتخبات العربية. وهم بحاجة إلى مؤازرة جماهيرهم بأهازيج وأنغام جاذبة تناسب أذواق جماهير الكرة المختلفة.
فأغنية «جيب القول عل الرايق» أول اغنية رياضية لكرة القدم في العالم العربي، وقد تقدمت على أغنية الفنانة المصرية مها صبري «فيها قول». وانتشرت في العديد من الدول العربية واعتُمدت كأغنية جماهيرية لكرة القدم، واستُخدمت كمقدمة للمباريات وبعض البرامج الرياضية فعلى سبيل المثال استخدمها الإعلامي الرياضي اليمني «جعفر مرشد» رائد البرامج الرياضية في تلفزيون عدن كمقدمة لبرنامجه «مجلة الرياضة» في ستينيات القرن الماضي، وأكد المؤرخان الرياضيان سعود البركاتي وخالد المصيبيح أنها أغنية كروية عامة سجلت في عام 1964م وتعتبر سابقة لعصرها فهي تحفة فنية رياضية.
وقال عنها الناقد الفني علي فقندش في كتابه (الأغاني قصص وحكاوي – 2016-1437هـ): «هذه الأغنية «جيب القول على الرايق» للنجمة اللبنانية الكبيرة هيام يونس، هي واحدة من أشهر أغنيات الكرة والتشجيع ورفع درجة الحماس في مدرجات كرة القدم في العالم العربي، وهي أغنية سعودية انطلقت بصوت لبناني، وكما أنها الى جانب أغنية النجمة المصرية الراحلة مها صبري «فيها قول.. سجل خللي الجمهور يفرح» تعتبران بلا شك الأشهر عربياً. وهي أغنية صادفت المجد الإعلامي كثيراً عندما قدمت لأول مرة في العام 1965م الموافق 1385هـ، أي في القرن الماضي بصوت مطربتها الكبيرة اللبنانية هيام يونس وكانت من أشهر الأغنيات ذيوعاً وانتشاراً كون بثها تزامن مع المباريات الكبيرة المذاعة في فترات نقل الإذاعة لمباريات كرة القدم محلياً قبل هيمنة الإذاعة المرئية يومها، والأغنية سجلت في ستوديو شلهوب الواقع في فرن الشباك في بيروت بقيادة المايسترو الراحل عبود عبد العال، واشترك في توزيع الأغنية جوزيف أيوب «عازف الناي المعروف» وعن هذا تقول مطربتها الكبيرة هيام يونس: «أذكر الحدث كما هو وكأنه يتم الآن، كيف لحن الثلاثي الأغنية بابا طاهر والكدرس وجميل محمود، وكيف تم التنفيذ وأنا أغني في الاستوديو بينما بابا طاهر زمخشري والبقية في الكونترول يرقصون وتحديداً بابا طاهر. وكان معنا الفنان حسن دردير، ثم انضم إلينا لطفي زيني ولكن دون أن تكون لهما مشاركة في العمل، ومن ذكرياتي عن ليلة تسجيل هذه الأغنية أنني لم آخذ النص إلى البيت لأحفظه، في نفس الليلة أنهينا كل شيء حفظت العمل من أفواه ملحنيه الثلاثة وسجلناه «لايف» ونحن نضحك ونغني وكان بابا طاهر يعطي رأيه ويستأنس برأي الأخرين ولا زلت أحتفظ بالأسطوانة الأولى وعليها صورتي وأنا في الملعب، أخذ بابا طاهر العمل إلى إذاعة جدة ولم يمض أسبوع إلا والأغنية تحقق الكثير من النجاحات».
ولسنوات طويلة استمرت الاغنية كأشهر اغنية رياضية وارشفت في مكتبة الإذاعة في 1389/05/10هـ الموافق 1969/07/24هـ.
وحتى يومنا هذا لا تزال ذكراها خالدة في قلوب وعقول كل من سمعها في وقتها وتجذب كل من يسمعها في وقتنا الحاضر. لأن كلماتها عامة ومفرداتها إيقاعية وموسيقية ومستوحاة من مصطلحات جماهير كرة القدم في ذلك الوقت.
وقد قال عنها الباحث والمفكر أجود عبد الله الفاسي رحمه الله في حديث تلفزيوني لبرنامج الراحل على قناة روتانا خليجية «قصيدة كانت مكة كلها تتغنى بها يستحيل في واحد في مكة في تلك الفترة ما كان حافظها…. جيب القول خليك هداف إن كنت وينج أو سنتر هاف … شيء عجيب الآن ما تلاقي واحد يقدر يحط لك المفاهيم حقت الكورة في قصيدة شعرية وملحنة… يعني تشوف عندك قصائد الكورة حالياً ما تنحفظ لأن ما فيها لفت نظر مجرد كلام وحاجات ما تعطي ذلك التمسك بها».
وعلى ما أذكر أن بابا طاهر رحمه الله قال عن مناسبتها: «أنا وحداوي منذ أكثر من ثلاثين سنة لأني من الجماعة الذين عاشوا الكرة مع الوحدة والاتحاد ولا زلت أذكر أبناء البوقس الذين أسسوا نادي الوحدة والتضحيات التي قدمت من أجل ذلك، ومنذ ذلك اليوم وحتى يومي هذا وأنا وحداوي، وكنت أتابع النتائج والهزائم التي يتلقاها فريق الوحدة وأقابلها بكل نكات وعندما أسئل عن الفريق الذي أشجعه فأقول أبو خمسة وأبو ستة بعدد الأهداف التي يأكلها فريق الوحدة من الاتحاد، وفي إحدى السنوات كنت أتابع الأخبار من تونس وكيف برز فريق الوحدة من جديد في الميدان، ويحقق نتائج ممتازة فدفعني حماسي إلى كتابة برقية إلى نادي الوحدة بارك الله فيكم إنني أتابع خطواتكم من تونس وخطوات إلى الأمام وفقكم الله.. وكتبت تلك الأغنية تحية لهم».
وأضاف في أخر ظهور تلفزيوني له مع التلفزة التونسية ببرنامج (كتاب مفتوح): «أنا قلت في نطاق جائزة الدولة خطوط عن مراحل حياتي. قلت وبكل صراحة أني أنا أول معلق على الكرة في المملكة العربية السعودية يوم لم تكن كره في المملكة… وكان لي نشاط لأني من مؤسسي نادي الوحدة اللي هو النادي الأساسي للكرة في المملكة… أكثر من هذا عندما كنت أكتب أغاني لهيام يونس بدأ الحماس في الكرة في المملكة…، وبدأ في تلك الأيام تنشيط الحركة الرياضية للمملكة العربية السعودية فكتبت أغنية للمملكة… للكرة…»
وكان نادي الوحدة الذي سُجل رسميًا في العام 1945م بمكة المكرمة، قد حقق في مطلع الستينيات نتائج وضعته في القمة بتحقيقه بطولة كأس ولي العهد ووصافة كأس الملك في العام 1960م والعام الذي تلاه ما أثار حماسة وقريحة بابا طاهر بحكم حبه وميله لنادي الوحدة فصاغ كلمات تلك الرائعة الكروية التي كانت قنبلة الملاعب لأعوام عديدة، فهي من أروع الأغاني الرياضية في تاريخ الرياضة العربية. والأكثر شعبية. وأبدع الأديب في نظم كلماتها إبداعا جميلًا. ودلت على عمق فهمه لفنيات اللعبة بتوجيهات إرشادات كروية داخل الملعب والتركيز على الخانتين التي ترجح كفة أي فريق بقوله إن كنت وينج أو سنتر هاف «الجناح والوسط» ولا عجب في ذلك فهو أول من علق على مباراة كرة قدم في المملكة بين نادي الوحدة والاتحاد بمكة المكرمة إبان عمله في الإذاعة. وعمل أيضًا محررًا رياضيًا في صحيفة البلاد.
وأكد على ذلك الإعلامي المخضرم د.علي داود (برنامج الراحل – طاهر زمخشري) الذي سبق له أن كان واحدًا من أفضل حراس المرمى في تاريخ الكره السعودية إبان لعبه بنادي الوحدة وتمثيله للمنتخب الوطني بقوله «أغنية جيب القول على الرايق اللي غنتها هيام يونس.. الغريبة أنها من ألحانه يعني هو ليس ملحن، ولكنه طبعًا يملك الحس الموسيقي وعملها بلغة المدرج يعني الناس في المدرج لمن يتفاعلوا زمان كان في وحدة واتحاد وفي جماهير جميلة وتتابع الكورة، فجاب كلمات… جيب القول على الرايق جيب القول خليك هداف إن كنت وينج أو سنتر هاف.. حقيقة كأنما هو مدرب بيشرح خطة لفريق بيلعب في الملعب».
وقد كانت خطوة ذكية منه بتوجيه كلماتها للاعب بصفة عامة بدلًا من نادي الوحدة بصفة خاصة لتكون جاذبة لعامة عشاق الكرة في الملكة العربية السعودية والعالم العربي.
ورغم مرور 58 عامًا على الأغنية إلا أنها لا تزال تجربة فنية كروية متميزة لم تتكرر بعد، ولقدم تسجيلها وتراجع جودته بادر الإعلامي بإذاعة جدة الأستاذ فريد مخلص بالعمل على إعادة تجديدها على نفقته الخاصة وذلك عندما كانت الفنانة اللبنانية هيام يونس في زيارة لجده في العام 2011م فطلب منها أن يتم تجديد تسجيل الأغنية فرحبت بذلك، وطلب من الموسيقار طلال باغر رحمة ألله بعمل التوزيع الموسيقي لها حيث تم تسجيلها بتوزيعها الجديد في استديو عادل الصالح. وحينها قالت الفنانة هيام يونس في حديث صحفي: «ما زلت أتذكر ذلك المساء البيروتي الجميل الذي سجلت فيه الأغنية.. أول مرة. وها أنا أعيشه مجدداً في ستوديو عادل الصالح في جدة أنا أغني، وسعدت بأن كرمت بعد هذا التسجيل من مهرجان الرياضة السعودي الأول الذي أقيم في جدة بسبب نجاحات هذه الأغنية».
والآن ونحن على مشارف كأس العالم FIFA قطر ٢٠٢٢. كم سيكون جميلًا!!؟ لو تم إعادة إخراج هذه التحفة الفنية الكروية في ظل غياب الأعمال العربية المميزة في هذا المجال. وذلك بإعادة إنتاجها لجماهير الكرة في كأس العالم بالتعاون مع نخبة من الفنانين السعوديين والعرب، كما فعل بابا طاهر حينما قدم الأغنية بصوت لبناني وموسيقيين وكورال سعوديين ولبنانيين.
فهي تتميز عن غيرها من الأغاني الرياضية بكلماتها المحفزة للاعبين والمحمسة للجماهير ومفرداتها المتناغمة بين العربية والإنجليزية. وموسيقاها التي مزجت بين إيقاع المزمار الشعبي والموسيقى العصرية والمؤثرات الصوتية البشرية التحفيزية وصافرة الحكم والصفقة. وتناعم الأداء بين هيام يونس والكورال. والعزف المنفرد (الصولو) للآلات الموسيقية القانون والناي والأكورديون والعود مع الخلفية الموسيقية. بالإضافة إلى أن الفرقة ضمت جميع أنواع الآلات الموسيقية من الوتريات والبوقيات والإيقاعات الأمر الذي يؤهلها للمنافسة مع نمط الموسيقى العصرية بجميع اتجاهاتها شرقية كانت أم غربية.
وفيما يلي كلمات الأغنية كما غُنت:
“يالله
جيب القول على الرايق
جيب القول على الرايق
جيب القول خليك هداف
إن كنت ونج أو سنتر هاف
جيب القول خليك هداف
إن كنت ونج أو سنتر هاف
يا لله تقدم أصحى تخاف
يا لله تقدم أصحى تخاف
“جيب القول على الرايق
“جيب القول على الرايق
“جيب القول خليك هداف
“إن كنت ونج أو سنتر هاف
“جيب القول خليك هداف
“إن كنت ونج أو سنتر هاف
يا لله تقدم أصحى تخاف
يا لله تقدم أصحى تخاف
“جيب القول على الرايق
جوة الملعب لما تصول
على الرايق جيب القول
جوة الملعب لما تصول
على الرايق جيب القول
شوت والعب بس بأصول
شوت والعب بس بأصول
“جيب القول على الرايق
“جيب القول على الرايق
“جيب القول لخليك هداف
“إن كنت ونج أو سنتر هاف
“جيب القون خليك هداف
“إن كنت ونج أو سنتر هاف
يا لله تقدم أصحى تخاف
يا لله تقدم أصحى تخاف
“جيب القول على الرايق
بلاش دغالة شوت عالباب
بالتكتيك خليك غلاب
بلاش دغالة شوت عالباب
بالتكتيك خليك غلاب
أصح تفول وبلا حساب
أصح تفول وبلا حساب
“جيب القول على الرايق
“جيب القول على الرايق
“جيب القول خليك هداف
“إن كنت ونج أو سنتر هاف
“جيب القول خليك هداف
إن كنت ونج أو سنتر هاف
يا لله تقدم أصحى تخاف
يا لله تقدم أصحى تخاف
“جيب القول على الرايق
باقي دقيقة ولا اثنين
شوف أنصارك ع الصفين
باقي دقيقة ولا اثنين
شوف أنصارك ع الصفين
شوت خليهم مبسوطين
شوت خليهم مبسوطين
“جيب القول على الرايق
“جيب القول على الرايق
“جيب القول خليك هداف
“إن كنت ونج أو سنتر هاف
“جيب القول خليك هداف
“إن كنت ونج أو سنتر هاف
يا لله تقدم أصحى تخاف
يا لله تقدم أصحى تخاف
“جيب القون على الرايق
الرابط المختصر لهذا المقال:
توثيق رائع.. شكرا لك سيدي على هذا الجهد
تحياتي لكم
“بابا طاهر” كنا لانعرف سوى هذا لقبه لما كنا صغار .. ودارت الأيام وغدونا كبارا ونترحم على طيبتك وحنيتك وسميت بالإسم الذي كنت عليه من طيبة القلب وصفاء النفس كمثل أهل مكة الطيبين وستبقى في ذاكرة القلوب والوجدان بأعمالك ودواوينك التي بقيت شاهدة وذكرياتك الجميلة التي نتذكرها مهما طال بنا المقام.. رحمك الله بابا طاهر وأسكنك الفسيح من جناته