نشر هذا المقال على صحيفة غرب الإخبارية 2021/05/12
مع نهاية الشهر الكريم أسدل الستار على سلسلة “كلام رمضان” لهذا العام. بالدعاء بأن يتقبل الله من الجميع الصيام والقيام. وأن يعيده علينا وعلى الأمة الإسلامية بالخير واليمن والبركات. وأبارك للجميع قدوم عيد الفطر المبارك. الذي يأتي هذا العام بحمد الله في ظروف أفضل من العام الماضي. الذي ساده الإغلاق العام بسبب جائحة كورونا التي لا تزال تفتك ببعض مجتمعات دول العالم. إذ أصابت حتى الآن 160,240,807 شخص في 220 بلد وإقليم حول العالم. أعلاهم أمريكا بـ 33,543,979 توفي منهم 596,874. الهند 23,340,456 توفي 254,225. البرازيل 15,282,705 توفي 425,540. فرنسا 5,800,170 توفي 106,935. تركيا 5,059,433 توفي 43,589. روسيا 4,896,842 توفي 113,976. واحتلت المملكة العربية السعودية المرتبة 43 بتسجيل 428,369 حالة توفي منهم 7,098 شخص. وابتهل إلى الله بالدعاء في هذه الليلة المباركة بأن يشفي جميع المصابين من هذا الداء ويجيرهم من شر الأسقام.
وما يدعو للتفاؤل والأمل بالتخلص من هذه الجائحة هو توسع إعطاء اللقاحات على مستوى العالم. والتوصل إلى عقاقير علاجية ضد الفيروس وفق ما نشرته بعض وسائل الإعلام العالمية عن إنتاج شركة فايزر عقار علاجي جديد. وتوصل علماء بريطانيين لعقار قادر على قتل الفيروس في الجسم والقضاء عليه كليا. وهما يخضعان حالياً للتجارب السريرية ويتوقع أن يبدأ استخدامها نهاية العام بعد الحصول على موافقة هيئات الغذاء والدواء.
ومما لا شك فيه. أن الجائحة تسببت في الكثير من الآثار الصحية والاجتماعية والاقتصادية. والتي منها ارتفاع نسبة الفقر والبطالة في المجتمعات. فقد توقع البنك الدولي في تقريره (الآفاق الاقتصادية العالمية يونيو/حزيران 2020م). أن ملايين من الناس سيقعون في براثن الفقر المدقع. بسبب انخفاض متوسط نصيب الفرد من الدخل بنسبة 3.6%، جراء الجائحة. على أساس خط الفقر الدولي (1.90 دولار) للفرد في اليوم.
وفي مقال لاحق. نشر في (01/05/2021م) على موقع البنك بعنوان “تعاف ضعيف وأضرار يتعين إزالتها”. توقع الخبراء “أنه على صعيد البلدان ذات الدخل المنخفض أن يسجل النمو الاقتصادي نمواً بنسبة 3.3% في عام 2021. في أعقاب انكماش للنشاط بنسبة 0.9% في العام الماضي. وعلى الرغم من تجدد النمو، فسيكون أدنى كثيراً من وتيرة ما قبل الجائحة. وفضلاً عن ذلك، من المتوقع أن يكون نصيب الفرد من الدخل أقل في أكثر تلك البلدان. وهو ما يعد مؤشراً على مدى الانتكاسة التي ضربت جهود الحد من الفقر من جراء الجائحة. كما أن العوائق اللوجستية أمام توزيع اللقاحات التي قد تؤخر عملية التحصين لمدة تصل إلى عام. مقارنة بالاقتصادات المتقدمة، من المرجح أن تشكل عائقاً كبيراً أمام النشاط”.
والعالم العربي والإسلامي ليس بعيداً عن تلك التوقعات. والأوضاع التي تتزامن مع الشهر الكريم الذي من أهم مظاهره وشعائره البر والإحسان، والصدقات، وزكاة الفطر. فضلاً عن أن أعداد من المسلمين يفضلون إخراج زكاة أموالهم فيه. ولعلها فرصة مواتية لمكافحة الجوع والفقر ومساعد وإغاثة المتضررين من جائحة كورونا. بالاستفادة من تلك الشعائر خصوصاً زكاة الفطر. التي شرعت من أجل إغناء الفقير عن السؤال يوم العيد وطعمة له، وطهرةٌ للصائم من اللغو والرفث. وهي واجبة على كل مسلم ومن يعوله.
وأرى أن يخرجها الناس مال بدلاً من القوت (قمح، شعير، رز، تمر). في ظل ظروف الجائحة أخذاً بالآراء الفقهية التي تجيز إخراجها نقداً من باب فقه المقاصد. وهكذا نكون قد استفدنا منها للحد من الجوع والفقر وتسريع التعافي الاقتصادي من الجائحة.
وكذلك لكيلا يكون تجار التجزئة هم الرابح الأكبر من زكاة الفطر. خصوصاً لو علمنا أن قيمتها على مستوى العالم الإسلامي قد تصل إلى نحو 10 مليار و800 مليون دولار. على افتراض أن القيمة التقديرية لها 6 دولار للفرد، وعدد المسلمين في العالم مليار و800 مليون نسمة.
فمن الملاحظ في العديد من المجتمعات قيام الناس بشراء القوت (قمح، شعير، رز، تمر) وإعطائه للمساكين المنتشرين في الطرقات. ولحاجتهم للنقد يقومون ببيعه على أصحاب المحلات بسعر أقل. فيعاود التجار بيع الزكاة مرة أخرى على الآخرين بسعرها الأساسي وبالتالي يكونون هم الرابح الأكبر.
ولابد من التذكير، بأن الإنفاق في سبيل الله لا يقتصر على رمضان فقط، بل طيلة العام. وأولاه القرآن الكريم أهمية عالية. فقد ورد في 54 آية وهو عدد يفوق كل الآيات التي جاء فيها ذكر الصلاة والزكاة والصوم والحج. فالمعوزين ومستحقي الزكاة موجودين طوال العام. وقد يتضاعفون في أوقات الكوارث والأزمات كجائحة كورونا.
وفي هذا السياق أعيد ما أوردته في مقالي «الأضاحي فرصة للتعافي الاقتصادي من جائحة كورنا». نقلاً عن العالم الأزهري الشيخ حسين شعبان وهدان. الذي توفي بسبب إصابته بفيروس كورونا العام الماضي “ومن الناس من دَقَّ الفقر عُنَقَهُ وافترسه بأنيابه وفوَّتَ عليه جمال الحياة. فهو يحتاج إلى من يُغيثُهُ بمطعمٍ أو ملبسٍ أو نفقةٍ تُعِينُهُ على مَسْغَبَتِهِ. ومن الفقراء أقوام جَلَّلَهم الدَّيْنُ بقَتَارِ الهَمِّ والانكسار والذل. فهم أحوج الناس إلى صنع المعروف من أصحاب الديون أو ممن يَرِقُّونَ لبلواهم ويغيثونهم من الأغنياء وأهل النشب”.
رابط المقال على صحيفة غرب الإخبارية
الرابط المختصر لهذا المقال:
كاتب ومؤلف، ومهتم بتدوين سيرة الأديب طاهر زمخشري وأعماله، خبير في مجال خدمات الإعاقة البصرية، أمين عام جمعية إبصار سابقًا، ومدرب مضيفين سابق في الخطوط السعودية.