قد يتبادر إلى ذهن كثير من الناس الذين استمعوا أو شاهدوا أحاديث ومواعظ الشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله- عبر وسائل الإعلام المختلفة من إذاعةٍ وتلفازٍ وصحافةٍ، وغيرها بأنه داعية إسلامي فقط، اعتلى منابر الوعظ والإرشاد ولم تكن لدى معظم الناس الخلفية والدراية الكافية عن أعماله السابقة أو الوظائف الرسمية وغيرها التي تقلد بها، والتي تمثلت في التعليم، والصحافة، والمحاماة، والقضاء.
عليه ستركز هذه المقالة على مهنة التعليم التي مارسها منذ بداية حياته الوظيفية وقضى بها شطرًا طويلًا من حياته لأكثر من 60 عامًا حيث قام بالتدريس للطلاب في جميع المراحل الدراسية من الابتدائي وحتى التعليم العالي وتم ذلك في عدد من الدول العربية منها (سوريا، العراق، لبنان، والمملكة العربية السعودية). حيث قام بالتدريس في المرحلة الابتدائية بالمدارس الأهلية والحكومية بدمشق في سوريا، ثم ذهب إلى العراق معلم للأدب العربي للمرحلة الثانوية في بغداد والبصرة. وعمل معلم في الكلية الشرعية في بيروت في لبنان ثم عاد إلى دمشق معلم لمادة فقه السيرة في كلية الشريعة.
وتواصلت مسيرته التعليمية بالعمل في المملكة العربية السعودية عام 1383هـ معلمًا للأدب في كلية اللغة العربية والشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، ثم انتقل في العام 1384هـ إلى جامعة الملك عبد العزيز فرع مكة المكرمة التي أصبحت لاحقًا جامعة أم القرى.
ومن خلال تدريسه لبعض المواد مثل الثقافة الإسلامية واللغة العربية والنصوص الأدبية، والنحو، والإنشاء انتقد بعض مقرراتها وأساليب تدريسها بحكم خبرته الطويلة في المجال.
فـ-على سبيل المثال- لاحظ الضعف السائد في تدريس مادة الإنشاء في معظم البلاد العربية فعندما كان أستاذًا في كلية اللغة العربية بالرياض عام 1383هـ، لاحظ أن معظم المعلمين يعتبرون مادة الإنشاء مادة هامشية للتسلية فقط، وعدم قيامهم بوضع خطة منهجية لتدريسها، إضافة إلى قيامهم باختيار أي موضوعات وفرضها على الطلاب وإلزامهم بها. وقد لا يميل الطلاب إلى تلك الموضوعات ولا يتصورونها فيترتب على ذلك ضعف تحصيلهم ويوجه المعلمين إليهم الانتقاد دون تبيان الصواب لهم.
ولحل تلك المعضلة قدم “الطنطاوي” -رحمه الله- مقترحات تمثلت في
- أن يبين المعلم في كل مناسبة عن قواعد الكتابة ونظرياتها وأنواع القصة والوصف والإنشاء الخطابي وغيرها، كما يلخص للطلاب بعض القصص المشهورة.
- أن تكون موضوعات الإنشاء لها صلة بحياة الطلاب وقريبة من نفوسهم
- أن يترك للطلاب الحرية في كتابة ما يخطر في بالهم وتصور أفكارهم ولو كان ذلك لا يعجب المدرس بحيث يراعى عدم الخروج عن الأخلاق الإسلامية
وقد طبق ذلك -رحمه الله- خلال تدريسه في الرياض ومكة المكرمة حيث كان ينبه الطلاب إلى نصوص في الأدب لا يلتفت إليها المدرسون وواضعو المناهج، ويرشدهم إلى نصوص في السيرة النبوية والتي بها قصص أدبية كاملة تجمع بين صحة الحديث وشروط القصة الكاملة.
وقد تعددت الآراء التربوية للشيخ العلامة الطنطاوي -رحمه الله- التي أضاءت جوانب مهمة في عملية التدريس وتربية وتعليم النشء على الفضائل.
الرابط المختصر لهذا المقال:
ماجستير التربية الإسلامية والمقارنة