Share

في حياة كل فردٍ منّا أمرًا لم يكتب له الكمال، ويدعو الله من أجل تحققه على الدوام، إلى أن يشاء الله فيأذن له بالتمام، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن في أغلب الأحيان، ولكن بلا ريب ستدفع الرياح السفن نحو وجهتها في بعض المرات لربما ضيق الله رزقك لتتوجه وتلح عليه الدعاء، وأنت! ما اعوجّ ابنك إلا لجحدك فضل الله في استقامته ونسبت صلاحه إليك بعجب وكبرياء، فأراد ربك أن تدرك ضعفك وعجزك وأن إليه المآب تتوالى عليك المصائب ليعاقبك الله في الدنيا فتلاقيه في الآخرة نقيًا من المعاصي والأوزار.

مهما تساقطت أوراق الهموم والغموم على قلبك، وأغرقت أمطار المصائب والبلاءات روحك، وأتت الأمور بخلاف ظنك فلا تشك للحظةٍ أن الله لم يرد بذلك ضرّك، بل أراد به خيرك ممهداً لك طريق سيرك.

ولتزداد يقينًا مما أقول وتؤمن أن كل أمر المسلم خير سأذكر لك قصة المهندس الذي أفنى شبابه كعامل نجارة صغير في مصنعٍ كبير لصناعة أثاث المنزل والمكاتب.

بدايةً تعلم هذا العامل حرفة النجارة من والده منذ صغره ورغم تفوقه الدراسي وحبه للرياضيات والهندسة اكتفى بمرحلة تعليم المتوسطة ودخل في عالم الأعمال بعد وفاة والديه؛ ليكف نفسه عن سؤال الناس.

ورث هذا العامل من أبيه منزلًا صغيرًا لطالما حلم أن يعيد تشكيله كما شاء خاصةً أنه لم يكن منظمًا كما يجب، ولكن شح المال جعل حلمه يتأخر إلى أجل غير مسمى ولم يترك ممارسة هوايته طوال هذه السنوات.

تزوج من امرأة صالحة ورزق منها بطفلين في الصباح وفي طريقه إلى العمل أعطى كل ما يحمل في جيبه من نقود لكهلٍ فقير وأكمل طريقه وما إن وصل إلى المصنع ودون سابق إنذار تفاجأ بقرار فصل المدير له دون إبداء أي أسباب! كاد الحزن أن يغرقه حتى الهلاك ولكن ما إن خطر على باله الآية الكريمة “وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَالبقرة (216)  حتى رأى طوق النجاة يسحبه إلى بر الأمان.

عاد إلى بيته مثقلاً بالأسى والأحزان ولكن زوجته التقية خففت عنه كتسكين المسكن للآلام وفي المساء اتصل به ابن عمه الذي لطالما آمن بموهبته وإبداعه ليطلب منه أن يعمل معه كعادته، وافق النجار هذه المرة وعندما انخرط معه في العمل بدأ وضعه المادي يتحسن شيئاً فشيئًا أصبحت طلبات تصميم المنازل تمطر عليه من روائع تصميماته.

وبعد خمس سنوات من الجهد والعمل شُرّع له باب الثراء وأصبح من الأغنياء ذوي الأرصدة الكبيرة في البنوك عندها أيقن أن الله لم يغلق بوجهه بابًا إلا ليفتح له بابًا أفضل فنحن لا نرى إلا ما هو في حدود أبصارنا ولا نرى ما يمتد لنظرتنا القاصرة لذلك فلنريح أنفسنا من التفكير ولنترك لخالقنا التدبير فهو الوكيل وهو بكل شيء عليم.

الرابط المختصر لهذا المقال:

عدد المشاهدات 228
Share