نشر هذا المقال على صحيفة غرب الإخبارية في 2019/12/17هـ
يحتفل العالم في 18 ديسمبر من كل عام بــ «اليوم العالمي للغة العربية» وهو اليوم الذي اتخذت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها التاريخي في العام 1973م، بأن تكون «اللغة العربية» لغة رسمية سادسة في المنظمة.
ويأتي موضوع احتفال هذا العام «اللغة العربية والذكاء الاصطناعي»، وبهذه المناسبة ستقيم اليونسكو بمقرها في باريس احتفالية بالتعاون مع الوفد الدائم للمملكة العربية السعودية لدى اليونسكو، ومؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية، يتخللها تنظيم عدة موائد مستديرة تناقش دور الذكاء الاصطناعي في صون اللغة العربية وتعزيزها، كما تتطرق لمسائل متعلقة بحوسبة اللغة العربية.. وإطلاق التقرير الإقليمي بعنوان «بناء مجتمعات المعرفة في المنطقة العربية: اللغة العربية بوابة للمعرفة».
وتكمن أهمية موضوع هذا العام من حيث أن الذكاء الاصطناعي تقنية حاسوبية تحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها وسيعتمد عليها العالم في شتى مناحي الحياة التعليمية، الصحية، الاقتصادية، العسكرية…الخ، واللغة العربية من أهم اللغات في العالم وأكثرها انتشاراً إذ يتحدثها وفق منظمة الأمم المتحدة أكثر من 422 مليون نسمة في الوطن العربي وما جاوره، وهي لغة القرآن الكريم المرجعية الأساسية للدين الإسلامي الذي يستلزم ممارسة شعائره الحد الأدنى من اللغة العربية.
وعلى ما اعتقد إن موضوع هذا العام قد يواجه بعض التحديات في مجتمعنا في المنظور القريب على الأقل لأسباب مختلفة منها اجتهاد مطوري المناهج التعليمية المدرسية بدمج مواد اللغة العربية في مادة واحدة باسم «لغتي»، وهذا اجتهاد يحتاج إلى إعادة نظر فلكل لغة أسمها ولا يمكن إلغائه و«العربية» هو اسمها وإتقانها يستلزم تعلم مهاراتها المرتبطة بالنطق، القواعد، القراءة، الكتابة، الإنشاء، البلاغة والنقد، كل على حدة، وهذا معمول به في تعلم كل اللغات الأخرى فعلى سبيل المثال اللغة الإنجليزية في مدارس البلدان الناطقة بها مسماة باسمها ومقسمة إلى مواد (محادثة، قواعد، إملاء، تعبير …الخ).
الاعتماد الكلي على اللغة الإنجليزية في استخدام العلوم الحديثة مثل علوم الحاسب، الهندسة، الطب، الطيران …الخ، وتوجه فئات من المجتمع إلى تعليم أبنائهم في المدارس الدولية والأجنبية بالإنجليزية بدلاً من اللغة العربية على أساس أنها لغة العصر والعلوم الحديثة، والواقع إن اللغة العربية لغة إبداعية متجددة وقادرة على استيعاب كافة العلوم بمختلف أشكالها وأساليبها الشفهية والمكتوبة مثل علوم الحاسب، الهندسة، الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، الشعر، الفلسفة، الموسيقى، وهي محفوظة وأبدية الوجود بحكم أنها لغة القرآن الكريم.
كذلك عدم وجود معاهد ومراكز لتعليم اللغة العربية في بلادنا بطريقة حديثة ميسرة وسهلة في ظل توافد العديد من الجاليات غير الناطقين بها للعمل والإقامة في المملكة، أضف إلى ذلك اعتمادنا على استخدام اللغة العامية في حياتنا اليومية بدلاً من اللغة العربية الفصحى مما سيصعب تعلمها ونقل العلوم الأخرى إليها.
ولمواجهة تلك التحديات أرى أنه لابد من توعية المجتمع بأهمية اللغة العربية والمحافظة عليها، وإعادة تسمية مادة «لغتي» إلى «علوم اللغة العربية» وتقسيمها إلى مواد علمية مسماه حسب اتجاهاتها المهاراتية (النطق، القواعد، الإملاء، التعبير …الخ)، وتطوير أساليب تعليمها، وإلزام الطلاب بالتحدث بالفصحى خلال حصصها الدراسية، تكثيف ترجمة الكتب الأجنبية العلمية والأدبية إلى اللغة العربية ونشرها وتشجيع كافة فئات المجتمع على قراءتها، الاستفادة من برامج التحول الوطني بالاستثمار في فتح معاهد لتعليم اللغة العربية لغير المتحدثين بها في عموم مدن المملكة، وتطوير مناهج مشوقة وعملية لتعلمها بيسر وسهولة أسوة بمعاهد اللغة الإنجليزية المنتشرة في بلادنا.
رابط المقال على صحيفة غرب الإخبارية
الرابط المختصر لهذا المقال:
كاتب ومؤلف، ومهتم بتدوين سيرة الأديب طاهر زمخشري وأعماله، خبير في مجال خدمات الإعاقة البصرية، أمين عام جمعية إبصار سابقًا، ومدرب مضيفين سابق في الخطوط السعودية.