نشرت هذا المقال في صحيفة غرب الإخبارية بتاريخ 2019/11/07م
يصادف يوم السبت 12 ربيع الأول 1441هـ، ذكرى تاريخ مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد اهتم الشعراء المسلمين منذ فجر الإسلام بهذه المناسبة الشريفة وبسيرته النبوية فنظموا فيها روائع الأشعار الخالدة سميت بالمديح النبوي.
كقصائد الصحابة الكرام رضوان الله عليهم حسان بن ثابت، عبد الله بن رواحه، وكعب بن مالك، ومن سار على نهجهم من الشعراء المسلمين إلى عصرنا الحاضر.
ومنهم الشعراء السعوديين خصوصاً شعراء الحجاز الذين غلب على أكثرهم الوازع الديني لإقامتهم في الحرمين الشريفين أو عملهم بهما، وتأثرهم بمشهد الحجيج وهم يؤدون مناسك الحج فجادت قرائحهم بقصائد دينية شملت المديح النبوي وذكرى المولد الشريف.
كالشاعر المكي فؤاد اسماعيل شاكر، والسيد حسن كتبي، ورائد الشعر السعودي المعاصر صاحب أول ديوان شعر في المملكة الأديب طاهر عبد الرحمن زمخشري الذي برزت له العديد من القصائد الدينية من ضمنها قصائد في المديح النبوي تناولت تعداد مكارمه وصفاته وعظمة أخلاقه وحبه والشوق إليه وإلى المواطن المقدسة التي عاش بها أو زارها صلى الله عليه وسلم مثل قصيدة «ذكرى الهجرة» بالإضافة إلى رائعته «موكب النور» التي نظمها من 26 بيتاً بمناسبة ذكر المولد النبوي الشريف ونشرها في ديوانيه الثاني «همسات 1952م/1372هـ».
وأجد أنه من المناسب في ذكرى المولد النبوي الشريف هذا العام 1441هـ أن أعيد سرد أبياتها إحياءً لها بعد أن انقضى عليها نحو 69 عاماً وكادت أن تندثر.
لَيْلَةُ دُونَ حُسْنِهَا اللألاءُ *** هَتَفَ الْبِشْرُ تَحْتَ جُنْحِهَا وَالرَّجَاءُ
لَيْلَةٌ وَالصَّبَاحُ دُونَ سَنَّاهَا *** فَهِي فِي الدَّهْرِ لَيْلَةٌ غَرَّاءُ
فِيهَا الطَّيْرُ فِي الروابي تَغَنَّى *** وَبِأَلْحَانِهِ تَهَادَى الصَّفَاءُ
وَبِهَا الْبِشْرُ وَالطَّلَاَقَةُ *** وَالْإشْرَاق تهمي كَأَنَّهَا أنْوَاءُ
وَبِهَا صيدح الزَّمَان يُنَاغِي *** هَاتِفَ السَّعْد والمنى أَصْدَاءُ
وَبِهَا الْكَوْن سَابِحٌ فِي نمبر *** مِنْ ضِيَاءٍ وَمَا لهُ أَمْدَاءُ
وَبِهَا الشَّرُّ أخرَسٌ غَالَهُ *** الذُّعْر، وَإبْلِيسُ نَائِح بكَاءُ
وَبِهَا أَنْجُمُ السَّمَاءِ تَبَاهَتْ *** فِي عُلَاِهَا، يُفِيضُ مِنْهَا الضِّيَاءُ
هَبَطَتْ لِلصَّعِيدِ، تَسْتَقْبِل *** النـُّور، وَالنُّور سَافِرٌ وضاءُ
عَبْقَرِيَّ الْإِشْعَاعِ ضاحي التَّبَاشِير *** بَهِيجَاً، وَفِي سَناهَا الْبَهَاءُ
بِالَّذِي جَاءَ لِلْحَيَاةِ بَشيرَاً *** وَلَنَا مِنْ ضُلَّالِهِ أفْياءُ
بِالَّذِي طَهَّر النُّفُوس مِنَ الرِّجْسِ *** بِهَدْيٍ بِهِ الْوَرَى يُسْتضَاءُ
بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، بِالْمُصَلِّحِ الْفَذَّ، *** بِمَنْ فِي أَكُفِّهِ النَّعْمَاءُ
بِإمَامِ الْأَبْرَارِ مِنْ رُسُلِ اللهِ، *** بِطٰه لَهُ النُّفُوس فِدَاءُ
بِالَّذِي كَانَ هَدْيُهُ تَنْزِيلًا *** مُحْكَم الْقَوْلِ فِي بَيَانِهِ لأَلاءُ
كُلُّ آياته مَنَاهِلٌ لِلْخَيْرِ *** وَفِيضٌ يَعُبُّ مِنْهُ الضِّماءُ
فَهِي وِرْدٌ، سَبِيلُهَا طَاعَة الله *** وَفِي نَهْجِهَا السَّوِيِّ الشِّفَاءُ
لِلْعَلِيلِ السَّقِيمِ، لِلسَّائِلِ الْمَحْرُومِ *** لِلْكَلِّ مَنْ جِدَاهَا رَوَاءُ
لِلْمُطِيع الْمُنِيبُ، لِلْجَارِمِ الْعَاصِي *** وَلِلْكَلِّ مِنْ سَمَاحِهَا أَنِدَاءُ
فَهِي لِلَحَق وَالْعَدَالَةِ دِينٌ *** وَهِــــي لِلظُّلْمِ وَالشَّقَاءِ فَنَاءُ
وَهِي لِلطُّهْرِ وَالْفَضِيلَةِ وَالْأخْلَاقِ *** نَبِعٌ نَمِيرَهُ مَشَّاءُ
شِرْعَةٌ عَذَّبَةُ الْمَنَاهِلِ يَجْرِي *** مَنْ يَنَابِيعِ فَيْضِهَا التُقَىٰ وَالْإِخَاءُ
تَتَحَدَّى الْأَجْيَال فَهِي صُرُوحٌ *** رَاسِخَاتٌ وَكُلُّهَا أَضْوَاءُ
وَهِي فِي صَفْحَةِ الزَّمَانِ كِتَابٌ *** وَهِي فِي الْكَوْنِ مِلَّةٌ سُمَحَاءُ
فُصِّلَتْ آياتُها فَكَانَتْ مَنَارَاً *** كَمْ تَدَاوَتْ من هَدْيِهِ الْأنْوَاءُ
صلواتُ الإلهِ تَتْرَىٰ عَلَيْهِ *** وَبِتَرْدِيدِهَا يَطِيبُ الدُّعَاءُ
رابط المقال على صحيفة غرب الإخبارية
الرابط المختصر لهذا المقال:
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله
وصحبه وسلم
رحم الله الأستاذ والأديب طاهر زمخشري