Share

صديقي الذي يُلبس حدة طباعه قناع الصراحة، وأن مافي القلب على طرف اللسان، وأن الإساءة لم تخطر له على بال، احذر من سيف صارم ذي حدين حبيسٍ بين الفكين، سهم صائب الهدف، صقر شاهين لن يعود مطلقًا إذا أطلقته في موج الريح حرًا، إنها “الكلمة”.

كلمتك تهوي بك في جحيم الردى سبع دركات أو ترفعك على أغصان شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء.

الكلمة.. قدرٌ من لسانك يُكتب، ودين برقبتك يُسدد، وعهد عليك مُلزِم، وعقد مُبرم، ووعد بالثقة يُختم.

فميثاق الزواج الغليظ بكلمة، والطلاق فرقة بـ “كلمة”، وإيمان القلب شهادة على اللسان بـ “كلمة” والخروج منه بـ “كلمة” أخرى، واسم يلازمك إلى ما بعد موتك هو “كلمة”، وقلب تعلق بك لـ “كلمة” أصابت شغافه بحبك، وأفٍ للوالدين ليست إلا “كلمة”، ووعد من إبليس بالاحتناك والاغواء كانت من عمق الكبر “كلمة”، ونبي الله عيسى في الرحم الحصين روح و”كلمة”.

وشكرًا للمعطي “كلمة”، ونهر للسائل “كلمة”، وقلب اليتم بقسوة الـ “كلمة” يقهر، ووساوس الصدر في صمت الفكر “كلمة”، والظن الآثم “كلمة” وإن لم تُنطق، والكون من الله جل في علاه كان بـ “كلمة”.

لذا حصّن حَرَمَ كلماتك، وقدسها، واحمل على ظهرك مسؤوليتها حتى قبل أن تنطقها.

لا تقل “كلمة” وأنت لا تعنيها، ولا تكبل نفسك بها ولست لها ندًا، لا تقلها وتقصد في قلبك عكسها، فمازال يا صديقي في الناس قوم يصدقون الكلمات.

لا تقل لي (أحبك) وأنت تقصد (أنت ملكي) ولا تؤكد لي (أنك في ظهري سند) والحقيقة أن “خنجرك مشحوذ في ظهري وتحت الطلب” ليسدد الطعنة حين الغفلة، والـ “كلمة” الكاذبة رمح في كبد الثقة وللفؤاد ذبحة.

لا تهدد بالفراق وأنت الغريق المتعلق بقشة الوصال، ولا تغلف التجريح بغلاف النصح والإرشاد، كن على قدر شرف “الكلمة” التي بها تنطق، وكن منها على حذر، فكلماتك المنطوقة مقيدة عليك ومكتوبة، وتحسب الأمر هين وهو عند الله عظيم، وكل دعوة منك على نفسك مسموعة، ولعنة غضب منك على ابنك محسوبة، وأقدار من كلماتك الكاذبة وتشاؤمك منسوجة، ويكون فيك ما قاله فوك.

لتكن منك الكلمة حمدًا وشكرًا، وللحق نصرًا، وللكسر جبرًا، وللحب رسمًا ووصفًا وهمسًا، إن قيلت أثمرت وأينعت، وإن منعت فالشر صدت وسدت.

الرابط المختصر لهذا المقال:

عدد المشاهدات 179
Share