نشر هذا المقال على صحيفة غرب الإخبارية في 2020/05/22م
في هذه الليلة المباركة من شهر رمضان المبارك أسدل الستار على هذه النافذة الأدبية “كلام رمضان” التي طللت عليكم منها خلال هذا الشهر الفضيل باستكمال حديثي عن أهم الأحداث التاريخية الرمضانية التي تراجعت عن البرامج والمسلسلات الرمضانية ومنها «فتح بلاد الأندلس» الذي صنع فارقاً تاريخياً للحضارة الإنسانية في العالم، وكان ذلك في 28 رمضان 92هـ بقيادة القائد الإسلامي الفذ «طارق بن زياد» في «معركة وادي لكة».
وبما أننا في أخر ليالي الشهر الفضيل التي نستعد فيها للاحتفال بعيد الفطر المبارك الذي يأتي هذا العام في ظروف استثنائية ستضطرنا لممارسة شعائره الدينية والعادات والتقاليد الاجتماعية المرتبطة به بطريقة مختلفة عن المعتاد، أجد أنه من اللطيف قبل الاستفاضة في حديثي عن «فتح بلاد الأندلس» أن استحضر ذكريات من ماضي مثل هذه الليالي التي تكون فيها ذروة الاستعدادات للاحتفال بعيد الفطر المبارك في أوجها، حيث تبدأ أنشطة رمضان الاجتماعية الليلة في التقلص تدريجياً مثل ألعاب الحواري المتمثلة في مباريات كرة الطائرة، القدم، الطيري، سبعة حجار وغيرها من الألعاب الشعبية المختلفة بما في ذلك بسطات الكبدة والبليلة والشربيت، وتنشغل الأسر ليلاً ونهاراً بالتسوق للعيد والتنظيفات المنزلية وتجديد الأثاث، وتجهيز حلويات ومأكولات العيد بشتى أصنافها، والبدء في نصب بسطات لوازم العيد والحلويات وألعاب الأطفال والمراجيح في الأسواق والحواري، وتخزين الأولاد للمفرقعات والطراطيع بجميع أنواعها استعداداً لإشعالها خلال احتفالات العيد.
تلك هي أهم ملامح ذكريات عادات وتقاليد المجتمع في أواخر أيام رمضان واسأل الله أن يعيده علينا وعلى الأمة الإسلامية كما كان عليه بالأمن والأمان من الشرور والأسقام لنحييه ونحتفل به كما اعتدنا عليه.
وبالعودة إلى «معركة وادي لكة» فقد كانت هي الانطلاقة لفتح بلاد الأندلس حيث وصل «طارق بن زياد» إلى موقع المعركة على راس جيش مكون من 12 ألف مقاتل بعد أن أمده «موسى بن نصير» والي أفريقية بـ 5 آلاف مقاتل بنا على طلبه بعد علمه أن ملك القوط «لذريق» خرج لمواجهته على رأس جيش من 100 ألف مقاتل فالتحم الجيشان على مدى 8 أيام قتل فيها الملك «لذريق» على يد «طارق بن زياد» معلناً انتصار جيش المسلمين وتوالت فتوحاته بلدة تلو الأخرى حتى اصبحت عامة «بلاد الأندلس» تحت الحكم الإسلامي لـ 8 قرون ازدهرت فيها العلوم وتطورت بشتى أنواعها ولمع فيها العديد من العلماء الذين أثروا الحضارة الإنسانية في شتى المجالات من أشهرهم الفقيه العلامة والأديب «الإمام ابن حزم الأندلسي»، والفقيه الفيلسوف وقاضي القضاة في زمانه «ابن رشد»، والفقيه والمحدث والمفسر «الإمام القرطبي»، وعالم الصيدلة «ابن البيطار»، وجامع علوم الشعر والرياضيات والفلك، والفيزياء والكيمياء والفلسفة «عباس بن فرناس» الذي قاد العالم لفكرة الطيران، وغيرهم الكثير.
وكل هذا الإنجاز يعود لفضل الله ثم لذلك القائد المسلم الفذ «طارق بن زياد» الذي يستحق التكثيف من ذكره في البرامج والمسلسلات التاريخية الرمضانية بما يليق بسيرته التي بدأت من مولده في بلاد المغرب سنة 50هـ/670م في العهد الأموي مروراً بفتوحاته في بلاد الأندلس التي تكللت بإطلاق اسمه على مضيق وجبل طارق حتى وفاته في دمشق عام 101هـ بعد أن استدعاه الخليفة للإقامة فيها.
وقبل الختام أود أن أعرج على ذكرى إعلامية رمضانية هامة تستحق أن تذكر وتعرف للأجيال وهي إنشاء أول إذاعة في تاريخ المملكة العربية السعودية بصفة عامة ومكة المكرمة بصفة خاصة في قلعة جبل هندي في ٢٣ رمضان ١٣٦٨هـ – بمجلس تأسيسي مكون من «الشيخ إبراهيم الشورى» رئيساً وعضوية السيد «هاشم زواوي»، «أحمد السباعي»، «طاهر زمخشري»، وبدأت بثها بتغطية موسم حج ذلك العام لأول مرة في التاريخ وبرنامج يومي نحو 3 ساعات تضمن القران الكريم، أدعية وأحاديث دينية، أخبار، ثم تطورت لتقدم بعض البرامج الإعلامية والاجتماعية التربوية والتوجيهية الهادفة، ومن حينها تطور الإعلام السعودي تدريجياً بكافة وسائله المقروءة والمسموعة والمرئية ليصل إلى ما وصل إليه اليوم.
رابط المقال على صحيفة غرب الإخبارية
الرابط المختصر لهذا المقال:
كاتب ومؤلف، ومهتم بتدوين سيرة الأديب طاهر زمخشري وأعماله، خبير في مجال خدمات الإعاقة البصرية، أمين عام جمعية إبصار سابقًا، ومدرب مضيفين سابق في الخطوط السعودية.