Share

مضى على جائحة كورونا نحو 6 أشهر ولا تزال تعصف بالعديد من دول العالم إذ أصابت حتى الآن 20,386,497 شخص في 213 بلد وإقليم حول العالم أعلاها أمريكا بـ 5,268,938 توفي منهم 166,814، البرازيل 3,068,138 توفي 102,034، الهند 2,325,026 توفي 46,185، روسيا 897,599 توفي 15,131، جنوب أفريقيا 563,598 توفي 10,621، المكسيك 485,836 توفي 53,003 واحتلت السعودية المرتبة (13) بـ 291,468 حالة توفي منهم 3,233.

وقد ترتب على الجائحة تعذر عودة العديد من الأشخاص إلى بلدانهم بسبب توقف الرحلات الدولية في العديد من مطارات العالم مما استدعى تسيير رحلات استثنائية لإعادتهم إلى أوطانهم، ومن هؤلاء 184 هندياً منهم 10 أطفال كانوا عالقين في الإمارات بسبب وباء «كوفيد – 19» أقلتهم يوم الجمعة الماضي (07 أغسطس 2020) شركة «إير إنديا إكسبريس» على متن طائرتها «بوينغ 737-800» ذات الـ 13 عام في رحلتها (IX-1344) من مطار دبي إلى مطار كاليكوت بالهند المعروف أيضاً باسم كوجيكود.

وبوصولهم إلى مشارف المطار كان الجو عاصفاً برياح شديدة وأمطار غزيرة موسمية مما جعل الطيار يحلق عدة مرات حول المطار محاولاً الهبوط مرتين، وعندما تمكن من الهبوط انزلقت الطائرة إلى أخر المدرج وسقطت في منحدر وادي بارتفاع 10 أمتار وانشطرت إلى نصفين، وبلطف إلهي لم تنفجر الطائرة رغم تسرب الوقود من خزاناتها، وعلى إثر الضجيج الناجم عن الحادثة هرع السكان إلى المكان بسياراتهم وتبادلوا الرسائل على (واتساب) عن ضرورة القدوم لتقديم المساعدة وقاموا بنقل الجرحى إلى المستشفيات ريثما وصلت فرق الإنقاذ، وحاول رجل نقل رضيعة مصابة بجروح خطيرة إلى المستشفى لكن الطفلة لم تنج، وقال آسفاً: «ربما لو كانت هناك سيارة إسعاف لكان يمكن إنقاذها».

وقد نتج عن هذا الحادث المأساوي مصرع (18) راكباً بما فيهم الطيارين، وإصابة (130) راكب أغلبهم بجروح خطيرة، وقال أحد الناجين من على سريره الأبيض في المستشفى «رينجيث بانانغاد – 34 عاماً» أنه يتذكر «أن الطائرة لامست الأرض ثم حل الظلام… وبعد تحطم الطائرة فتح باب الطوارئ وتمكنت من الخروج منها… والجزء الأمامي للطائرة دمر تماماً ولا أعرف كيف نجوت لكنني أشعر بالامتنان» وفي اليوم التالي تم العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة ومباشرة التحقيق في الحادث. ووفقاً لما أوردته صحيفة اليوم الإلكترونية طبقا لما ذكرته وكالة “بلومبورج” للأنباء يوم السبت الماضي أن السلطات الهندية تجاهلت توصيتين على الأقل في العقد الماضي لتركيب نظام سلامة على ما تسمى بـ”مدارج قمم التلال”، التي انزلقت على واحد منها الطائرة المنكوبة.

وبحكم عملي كملاح جوي سابقاً وتذكري لبعض الرحلات إلى القارة الهندية خلال موسم الأمطار وما يترتب عليها من مطبات هوائية شديدة أحياناً، أستطيع أن أتصور الوضع الصعب والمرعب الذي عاشه المسافرون والملاحون وما أصابهم من هلع وذعر لحظات وقوع الحادثة، وأثمن الدور البطولي الذي قام به الملاحون الناجون بفتح أبواب الطائرة ومساعدة الركاب على الخروج.

كما ذكرتي الحادثة بفكرة (عين السماء – Sky Eye) التي طرحتها في العام 2013م بهدف تطوير آليات التحقيق في حوادث الطيران، ورفع مستوى السلامة أثناء الحوادث ونشرتها في الصحف عدة مرات عقب كل حادثة طيران، وتقوم الفكرة على ابتكار منظومة إلكترونية جديدة تعتمد على شبكة من الكاميرات الرقمية الذكية داخل وخارج الطائرة ومرتبطة بنظام اتصالات عبر الأقمار الصناعية، لها نقاط استقبال في كافة المطارات حول العالم تعمل ذاتيا بمجرد أن يعلن قائد الطائرة عن وجود حالة طوارئ فتبدأ الكاميرات بالتصوير تلقائياً وتبث صورة وصوتاً إلى منظومة الاتصالات الفضائية المخصصة لها، وبدوره يقوم القمر الصناعي ببث مباشر إلى أقرب مطار يشرف ويتابع الحادثة.

كما تقوم المنظومة بتقييم وتحليل الوضع الداخلي للطائرة، وتقديم التعليمات والإرشادات اللازمة في حالة تعذر على الملاحين القيام بدورهم بسرعة وكفاءة عالية، فعلى سبيل المثال في حالة حدوث تسرب الضغط من الطائرة أثناء الطيران وتطلب ذلك وضع أقنعه الأكسجين فوراً وليس للملاحين القدرة أو الوقت الكافي لتوجيه التعليمات والإرشادات للركاب لخطورة الموقف، فإن كاميرات «سكاي آي» ستتابع الموقف وستصدر إرشادات صوتيه للركاب الذين لم يتكمنوا من وضع أقنعتهم لأي سبب، وفي حالة تعرض الطائرة لهبوط اضطراري على اليابسة أو الماء أو سقوطها واستدعى الأمر الاخلاء الفوري للركاب فان الكاميرات الخارجية تقوم بتقييم الوضع الخارجي للطائرة وتحديد الأبواب الآمنة للاستخدام وترسل إشارات للكاميرات الداخلية التي بدورها تصدر أوامر إلكترونية لفتحها تلقائياً لإخلاء الركاب.

كما تعمل المنظومة على حفظ المعلومات المسجلة (صورة وصوت) مباشرة في المستقبلات الأرضية بالمطار الذي يباشر الحادث فيستطيع المعنيين بالتحقيق الحصول على معلومات وبيانات موثقة لكل ما دار أثناء الحادث بالصوت والصورة في وقت وجيز حتى قبل العثور على الصندوقين الأسودين وأختم دردشتي بقول الشاعر حمدا بن حادي الإدريسي السوقي

لا بأس بالطائر الجوي لا ولئن *** عناك في صعد هناك في صبب

إن مال نحو السحاب اهتز من طرب *** وكلما مال عنها ارتج للغضب

ينازع الريح قالت أنت من خدمي *** فقـال هيهات ظنيني أخا وهب

فيها حراك ولم تحسس براكبها *** على تنفسها رأسا إلى ذنـب

الرابط المختصر لهذا المقال:

عدد المشاهدات 15
Share