Share

ختمت مقالي في الأسبوعي الماضي «السكري ومضاعفاته في ظل جائحة كورونا» بمناشدة الميسورين من أصحاب القلوب الرحيمة لمساعدة المواطنة أم فيصل بتحمل قيمة عملية علاج زوجها لإنقاذه من العمى في ظل عجز الجمعيات والجهات الخيرية عن ذلك وتعذر مستشفى العيون عن إجراء العملية.

وبعد أن أكدت لي جمعية إبصار الخيرية للتأهيل وخدمة الإعاقة البصرية بأنه لم يعد باستطاعتها اجراء العمليات الجراحية للعيون مكتفية بأداء أهدافها المناطة بها، راسلتهم مرة أخرى على حسابهم الرسمي في توتير بالتالي:

«أشكر تجاوبكم وحيث أنه لا يوجد جمعية أخرى في المنطقة تعمل على الحد من حالات الإعاقة البصرية ومساعدة المحتاجين منهم، فإننا نناشدكم بمساعدة هذا المواطن الذي يعتبر من ذوي الإعاقة البصرية وذلك ضمن أحد أهداف الجمعية المعلنة: تأهيل المعوقين بصرياً والمختصين والعاملين في المجال، تقديم اختبارات تقويم البصر لضعاف البصر، توفير التكنولوجيا لضعاف البصر مع الدعم والمساندة التدريبية، توعية المجتمع عن أسباب الإعاقة البصرية وطرق الوقاية منها، تجميع وتصنيع الأدوات البصرية، إنشاء مراكز البحث العلمي والمعاهد المتخصصة في خدمة العوق البصري، دعم الأبحاث والدراسات المتعلقة بالإعاقة البصرية، تطوير الأبحاث والخدمات المتعلقة بالعوق البصري.

حيث أن المواطن معرض للإصابة بالعمى في حالة عدم إجراء العملية الجراحية ومضاعفات صحية أخرى. وأنا على يقين أن المحسنين من أبناء المنطقة لن يترددوا في دعم الجمعية لتمويل علاجه والحصول على تخفيض 50% من إحدى المستشفيات. وجزاكم الله خير على مساعيكم الحميدة».

وردوا بالتالي «وحتى في المملكة لا يوجد جمعية .. كانت ابصار تقوم بذلك كهدف غير معلن من تلقاء نفسها ضمن برامج مكافحة العمى لأن ليس من اهدافها اجراء العمليات .. ونظراً للظروف التي تكالبت على الجمعية قبل اعلان مجلسها الجديد .. افضل شيء للمواطن ان يراجع مستشفى العيون لعل وعسى ..».

وعلى ضوء تلك الإجابة أدركت أن هناك حاجة ماسة وعاجلة لتوعية الجمعيات الأهلية العاملة في المجال الصحي خصوصاً خدمات الإعاقة البصرية وإعادة التأهيل بقضية العمى الممكن تفاديه للحد من تزايد أعداد حالات الإعاقة البصرية خصوصاً في ظل جائحة كورونا التي سجلت حتى الآن 12,057,584 حالة في 213 بلد وإقليم حول العالم أعلاهم أمريكا بـ 3,122,040 توفي منهم 134,347، البرازيل 1,683,738 توفي 67,113، الهند 769,041 توفي 21,144، روسيا 700,792 توفي 10,667، بيرو 309,278 توفي 10,952، تشيلي 303,083 توفي 6,573، واحتلت المملكة المرتبة 13 بتسجيل 220,144 حالة توفي 2,059.

وفي المقابل بلغت حالات الإعاقة البصرية حول العالم وفق إحصائية منظمة الصحة العالمية 2.2 مليار شخص منهم 1 مليار على الأقل كان بالإمكان إنقاذهم من العمى أو لم يتم معالجتهم بعد، وفي هذا السياق ذكر مدير عام المنظمة د. تيدروس أدهانوم: «إن أمراض العين وحالات ضعف البصر مستشرية على نطاق واسع، وهي غالباً لا تحظى بالعلاج إلى حد جدّ بعيد. ويجب أن يتمكن الذين تلزمهم العناية بالعين من الحصول على تدخلات عالية الجودة من دون التعرض لأزمات مالية، وأن تُدرج هذه العناية في الخطط الصحية الوطنية ومجموعات خدمات الرعاية الأساسية بوصفها جزءاً هاماً من جهود كل بلد من أجل تحقيق التغطية الصحية الشاملة».. و «من غير المقبول أن يكون هناك 65 مليون شخص من المصابين بالعمى أو حالات ضعف البصر بالوقت الذي يمكن فيه تصحيح رؤيتهم بين عشية وضحاها بفضل إجراء عملية علاج إعتام عدسة العين، أو أن يعاني يومياً أكثر من 800 مليون شخص أثناء مزاولتهم لأنشطتهم من جراء تعذّر حصولهم على النظارات الطبية».

وعلى النطاق المحلي فإن المملكة العربية السعودية من ضمن دول العالم التي يشهد فيها العمى وضعف البصر تزايداً إذا تشير إحصائيات الهيئة العامة للإحصاء لعام 2017م أن الصعوبات البصرية تمثل نسبة 46% من إجمالي السكان ذوي الإعاقة وهي الأكثر انتشاراً في المملكة. وهناك ما يقارب 830,745 حالة ضعف بصر بدرجاتها الثلاث (خفيفة، شديدة، بالغة) يمثل الذكور أكثر من النصف (55%) بينما نسبة الإناث تقارب 45% من الحالات، ووفق رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة العمى “لمع ” صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن أحمد بن عبد العزيز فإنّ معدّل الإعاقة البصرية يصل إلى 3.9% لدى من تزيد أعمارهم عن الخمسين عامًا، في حين تصل نسبة ضعف البصر الشديد بينهم إلى 2.6% والمتوسط إلى 14.9%..

وكانت المملكة من أوائل الدول التي انضمت إلى المبادرة العالمية (الرؤية 2020: الحق في الإبصار) التي هدفت إلى وقاية 100 مليون شخص من العمى بحلول العام 2020م، ممثلة في وزارة الصحة واللجنة الوطنية لمكافحة العمى برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن أحمد بن عبد العزيز، والتي من أهم مبادئها توحيد وتنسيق الجهود بين القطاعات الحكومية والخاصة والأهلية لمكافحة العمى الممكن تفاديه وعلى هذا الأساس انضمت جمعية إبصار إلى عضوية اللجنة الوطنية لمكافحة العمى بموجب قرار جمعيتها العمومية (الثلاثاء الموافق 27/03/1427هـ -25/04/2006م)، ومن حينها بادرت الجمعية بتنفيذ برنامج لعلاج حالات أمراض العيون المؤدية للعمى مع تقديم برامج وخدمات إنسانية أخرى.

والحقيقة إن تكلفة إنقاذ مريض من الإصابة بالعمى أقل بكثير من الكلفة المالية والاجتماعية لإعادة تأهيل وتدريب شخص أصيب بالعمى أو ضعف البصر وكان بالإمكان إنقاذه ولذلك أكرر دعوتي إلى جمعيات الإعاقة البصرية في بلادنا بأن يضعوا مكافحة العمى الممكن تفاديه ضمن أولوياتهم خصوصاً وأن الدراسات والأبحاث العالمية أكدت تزايد حالات العمى الناجمة عن اعتلالات الشبكية بسبب السكري، وأن التدخل المبكر عنصر فعال للحد من ذلك، كذلك تكثيف أنشطتهم الاجتماعية والإنسانية خصوصاً في ظل هذه الجائحة التي نمر بها.

ومناشدة عامة أهل الخير بمساعدة المواطنة أم فيصل في علاج زوجها المهدد بالإصابة بالعمى وفق التقارير الطبية بالحالة وذلك من باب فعل الخير والإغاثة واختم بقول الشاعر السوري الراحل خليل بن أحمد بك:

إِنْ كان قلبك لم تعطفه عاطفةٌ *** عَلى المساكين فاستبدلْ به حجرا

الرابط المختصر لهذا المقال:

عدد المشاهدات 31
Share