نشر هذا المقال على صحيفة غرب الإخبارية في 2019/10/01م
يحتفل العالم اليوم الثلاثاء بـ اليوم الدولي للمسنين تحت شعار «الرحلة إلى المساواة العمرية»، بهدف التنبيه إلى وجود تفاوت مع فئة المسنين، إذكاء الوعي بالحاجة الملحة إلى التعامل مع التفاوت القائم مع فئة المسنين ومنع ذلك التفاوت مستقبلا، النظر في التغيرات الاجتماعية والهيكلية في إطار السياسيات المتعلقة بمعَايش الأفراد، مثل التعلم مدى الحياة، صياغة سياسات عمالية مرنة ونشطة، إيجاد نظم الحماية الاجتماعية ونظم الرعاية الصحية الشاملة، النظر في أفضل الممارسات، والاستفادة من الدروس والتقدم المحرز في سبيل القضاء على التفاوتات القائمة مع فئة المسنين، وتغيير النظرة السلبية والتنميط السلبي لمفهوم “الشيخوخة”، حيث يواجه كبار السن في عصرنا الحديث من التمييز في الفرص المتاحة بسبب العمر، وتسعى الأمم المتحدة عبر الأجهزة الرسمية بالدول الأعضاء إلى ضمان تكافؤ الفرص وتقليل غياب المساواة في المخرجات باتخاذ تدابير للقضاء على التمييز، وتعزيز الإدماج السياسي والاقتصادي والاجتماعي للجميع بمعزل عن العمر أو الجنس أو الإعاقة أو العرق أو الأصل أو الدين أو الحالة الاجتماعية أو غيرها من التوصيفات، سيما وأن عدد المسنين قد بلغ أكثر من 700 مليون شخص فوق سن الستين ويتوقع أن يبلغ ملياري نسمة بحلول عام 2050، أي أكثر من 20% من سكان العالم، وستكون الزيادة في عدد كبار السن أكبر وأسرع في العالم النامي.
والمملكة العربية السعودية من الدول التي أولت اهتمام بالغ بالمسنين ووضعت رعايتهم ضمن برامجها وخططها المستقبلية من أجل الحد من التحديات الصحية والاجتماعية والاقتصادية التي تواجههم، حيث تشير بيانات وزارة الصحة أن نسبة المسنين بلغت 4,19% من إجمالي سكان المملكة، ونحو 25,5% منهم مصابون بداء السكري، أو ارتفاع ضغط الدم، أضف إلى ذلك الصعوبات البصرية التي قد يواجهونها بسبب مضاعفات السكري وكبر السن أو أمراض العيون الأخرى التي تؤدي إلى الإعاقة البصرية، وانتشار أمراض القلب، هشاشة العظام، ضعف السمع، الخرف، الزهايمر، الاكتئاب، وغيرها من الأمراض الأخرى المزمنة التي قد تصيبهم، كذلك ما يواجهونه من عزلة اجتماعية أحياناً وصعوبة التنقل الذاتي خارج المنزل.
وبرأيي إن ذلك قد يعود إلى تغير نمط الحياة اليومية مقارنة بما كانت عليه في الماضي، فعلى ما أذكر أنني وعيت في ستينيات وسبعينيات القرن الميلادي الماضي وكبار السن كانوا يمارسون أعمال يشغلون بها أوقات فراغهم من أبرزها امتلاك وتشغيل الدكاكين الصغيرة بالحواري وبوفيهات الأندية الرياضية، شغل وظائف المستخدمين في الدوائر الحكومية والمدارس، سائقي الحافلات والتكاسي، إمامة وأذان المساجد، إدارة الجمعيات الخيرية، وبعض النساء منهم يمارسن البيع في المباسط والعمل في الخصف والحرف اليديوية الأخرى والقيام بالخدمات النسائية العامة في المطارات والأفراح، والاجتماع في مراكيز الحواري يومياً للمحافظة على علاقاتهم الاجتماعية والوقوف على احتياجات بعضهم البعض، والنساء يتبادلن الزيارات الضحوية أو العصرية لنفس الغرض أو التسوق في الأسواق الشعبية، والأهم من ذلك كله التنقل مشياً على الأقدام لقضاء الحواج اليومية بيسر وسهولة.
ومن المؤكد أن تلك الأعمال والأنشطة كان لها دوراً هاماً في الحفاظ على صحتهم العامة وحياتهم الاجتماعية والاقتصادية، وعليه أرى أنه من الضروري استرجاع نمط تلك الحياة لكبار السن وتنميتها وتطويرها بما يلائم عصرنا الحديث عبر خطط وبرامج تبدأ بتوعية المجتمع بأهمية العناية ورعاية كبار السن كما يأمرنا ديننا الحنيف وتمليه علينا مسئولياتنا وواجباتنا الوطنية، وضع نظام رعاية صحية شامل يؤمن لهم الخدمات الطبية مجاناً في عموم المستشفيات الحكومية والخاصة، إنشاء مراكز نموذجية في الأحياء بالمدن الرئيسية لرعاية وتأهيل كبار السن وايواء المحتاجين منهم، إتاحة فرص العمل والتعليم المدرسي والجامعي لهم بعد سن التقاعد، تهيئة الأحياء وعامة مرافق المدينة بالوصول الشامل بتوسيع الأرصفة والطرقات وإزالة العوائق منها لتكون أمنة وميسرة في المشي للجميع، إعادة تأهيل الحدائق العامة داخل الأحياء لتلبي احتياجات النقاهة والترفيه لكبار السن وعامة المجتمع بأمن وسلام، تنظيم برامج وأنشطة اجتماعية عبر مراكز الأحياء تستهدف كبار السن من الجنسين.
رابط المقال على صحيفة غرب الإخبارية
الرابط المختصر لهذا المقال:
كاتب ومؤلف، ومهتم بتدوين سيرة الأديب طاهر زمخشري وأعماله، خبير في مجال خدمات الإعاقة البصرية، أمين عام جمعية إبصار سابقًا، ومدرب مضيفين سابق في الخطوط السعودية.