Share

احتفل العالم في 13 من فبراير الجاري باليوم العالمي للإذاعة الذي تعلنه الأمم المتحدة سنوياً بمناسبة ذكرى إِطلاق إِذاعتها عام 1946م

وبهذه المناسبة اتحفني الزميل الإعلامي الأستاذ عدنان صعيدي بمقطع صوتي تضمن كلمته التي اذيعت عبر منصة الأمم المتحدة واتحاد الاذاعات العربية وإذاعة صوت العرب من القاهرة صباح يوم الخميس الماضي بتلك المناسبة ومما جاء فيها:

«ليس بمستغرب أن يحتفل العالم بالإذاعة فيحدد يوماً لها كما هو الحال لكل ما هو عظيم من الاختراعات والأحداث والشخصيات، فالإذاعة هي سيدة وسائل الإعلام التقليدي وعروس التواصل الإنساني.

لقد شكلت الإذاعة وجدان جيلين كاملين أما الثالث فاستغل قدرتها في التأثير وجمال فنها فاجبر عبقريته التقنية على أن يجعلها حاضرة الزمان والمكان وفق تطبيقات كان يحلم بها كل عاشق للبث الإذاعي.

إن قيمة الإذاعة الحقيقة ليس كونها وسيلة إعلامية بل ما كانت تنقله من أحداث وما تقدمه من مواد وذلك الفن الجميل الذي أبدع فيه جيل الرواد ومن تبعهم وسار على خطاهم.. نعم جيل الرواد الذين كانوا على وعي وإدراك كامل أن من بين المستمعين من هو أعلم منهم وأذكى فعملوا بعشق وجَلَد كي يقدموا ما يحفظ لهم احترامهم للمستمع ولأنفسهم ولقداسة الكلمة التي هي أمضى من السيف إن كانت شائنة، وأطعم من العسل إن تم اختيارها من قاموس الكلم الطيب.

لقد حرصت الإذاعة على مدى نصف قرن أن تختار من الكوادر من يكون واجهة إعلامية لمستمع يحرص منذ الساعات الأولى ليومه أن يستمع للإذاعة فيتعلم منها ويستشهد بأقوالها ويقتدي برموزها في انتقاء الجمل والعبارات التي يتعامل بها مع مجتمعه بل أن كثيراً من المستمعين قادت الإذاعة أحلامهم وامنياتهم ووجهتها إلى النجاح والتفوق.

واليوم أحسب أننا بحاجة إلى ذلك الحرص في عملية اختيار كوادر العمل الإذاعي وخاصة في الإذاعات التجارية حتى نستطيع بالفعل أن نجد مستمعا نرقى بلغته وذوقه الى تلك المرتبة التي تحققت بجهود الرواد والبارزين والمبدعين في العمل الإذاعي…..».

ومن جانبي اتفق معه في ذلك، فغياب الكوادر المتخصصة المبدعة التي تستطيع أن توفق ما بين متطلبات جيل اليوم الإعلامية والعمل الإذاعي سيترتب عليه فقدان الإذاعة لدورها في التواصل الإنساني وربط المجتمع بحياته اليومية، وبالتالي عزوفهم عن متابعتها.

وعوداً إلى ما أورده استاذنا عدنان صعيدي عن إبداع جيل الرواد بتقديم المواد القيمة فاعتقد أن ذلك يعود لحسن اختيار الكادر وهذا ما نجده تاريخياً حينما شرع معالي الشيخ محمد سرور صبان وزير المالية بتأسيس أول إذاعة سعودية بالقلعة على جبل هندي بمكة المكرمة في أواخر أربعينيات القرن الماضي اختار لها مجلس تأسيسي من خيرة أدباء وإعلاميي تلك الفترة وهم الشيخ إبراهيم الشورى، السيد هاشم زواوي، الأديب أحمد السباعي، والأديب طاهر زمخشري فبرعوا وأبدعوا في مهمتهم وجعلوا من اثير الإذاعة جزء من ثقافة ويوميات المجتمع آنذاك.

وبرأيي أن أنجع وسيلة لاجتذاب المواهب والكوادر المبدعة للإذاعة هي الاهتمام بتطوير الإذاعات المدرسية كسابق عهدها، وإنتاج محتوى إعلامي عصري يلائم تقنية البودكاست التي ستجتذب في المنور القريب الملايين من المستمعين بالإضافة إلى إبراز رواد الإذاعة السابقين وتكريمهم سنوياً في يوم الإذاعة العالمي لتعريف الجيل الجديد من الإعلاميين بإبداعاتهم وإنجازاتهم للاقتداء بهم، واختم دردشتي هذه برباعية الأديب طاهر زمخشري «مذيع» التي نظمها في أحد رواد الإذاعة الأديب عباس غزاوي:

صوتُ «عباس» قد أفاض السرورا *** مُذْ تَخَطَّى المدَى وجَابَ الأثيــــــرا

يقرع السمـــــعَ بالترانيــــمِ يَجــــري *** في تراجيعها الصـــــفاء نَميـــــــرا

فـهـو لـلأنــــفس الـظِّــمَاءُ خميــــــــل *** ينثـــــر الــــدرَّ نشــــوةً وعبيـــــرا

وهــو قيثــــارةٌ برجــــع صـــداهـــــا *** كم أذَاعتْ؟ وكم أشاعتْ سرورا؟

الرابط المختصر لهذا المقال:

عدد المشاهدات 33
Share