نشرت هذا المقال على صحيفة غرب الإخبارية في 22-09-2019

مثلت ذكرى اليوم الوطني مناسبة هامة للمفكرين والأدباء والشعراء، واعتبروه حدثاً هاماً خصوه بقصائد وأشعار جسدت معاني الحب والوفاء للوطن والولاء والانتماء له. ومنهم الأديب الراحل طاهر زمخشري الشخصية الأدبية المحورية لمهرجان سوق عكاظ 13 هذا العام. الذي أثرى الساحة الأدبية بأعماله الوطنية التي توالت وفق الأحداث والمناسبات. فبرومنسيته الشاعرية هتف للوطن وتغنى بحبه له بنغمة هادئة وألفاظ هامسة كسائر الشعراء الرومانسيين الذين تغنوا بأوطانهم عبر العصور.

حيث اهتم بالأحداث والمناسبات الوطنية منذ مرحلة مبكرة من بدايته الشعرية. فكتب العديد من القصائد الوطنية التي صنعت جسراً من المحبة والتواصل الثقافي بين المملكة وسائر دول العالم العربي التي زارها أو أقام فيها كمصر ولبنان وتونس.

المروتين

كما نظم القصائد التي جسدت حبه الكبير وانتماؤه لوطنه المملكة العربية السعودية بصفة عامة ومسقط رأسه مكة المكرمة بصفة خاصة ويتجلى لنا ذلك في قصيدته الشهيرة إلى «المروتين» التي نشرها في ديوانه «أغاريد الصحراء 1377هـ/1958م» ومما جاء فيها:
أهيم وفي خاطري التائه * * * رؤى بلد مشرق الجانبين
يطـــــــوف خيالي بأنحائه * * * ليقطع فيه ولو خطوتين
أمرغ خدي ببطحائه * * * وألمس منه الثرى باليدين
وألقي الرحال بأفيائه * * * وأطبع في أرضه قبلتين

يا فرحتي يا بهجتي

كانت بداية أعماله الأدبية والفنية الوطنية بمناسبة انتدابه إلى الرياض ضمن الفريق الذي كلف بتأسيس بلدية الرياض برئاسة الشيخ محمود صالح قطان «1361هـ/1942م». ولقائه بالملك عبد العزيز «رحمه الله» لأول مرة في حياته وإلقائه قصيدة بين يدي جلالته بهذه المناسبة. وبانتهاء مهمته في الرياض بعد تأسيس أول بلدية لها. كتب كلمات أغنية «يا فرحتي يا بهجتي/البارحة عند الغروب» التي سجلت في القاهرة بصوت المطرب المصري عباس البليدي كأول أغنية سعودية تسجل في تاريخ المملكة ومن أبياتها:
يا فرحتي يا بهجتي
البارحة عند الغروب *** هلت علي حبتي
وفرحت انا بها الهبوب *** من نجد داري وجنتي
يا فرحتي يا بهجتي
غنيت بحامي الكعبة *** والكل ردد غنوتي
وفضلت أقول يا فرحتي *** ما بين أهلي وجيرتي

عودة الصقر

وفي الوقت الذي لم يكن معهوداً فيه تخصيص يوم للاحتفال بذكرى توحيد المملكة العربية السعودية. حرص على توثق وتغطية الأحداث والمناسبات الوطنية. فعلى سبيل المثال ألف قصيدة «عودة الصقر» التي ألقاها بين يدي الملك عبد العزيز رحمه الله بمناسبة عقد الاجتماع التاريخي بين الأقطاب الثلاثة «الملك عبد العزيز، تشرشل، روزفلت»، وقصيدة «صوت الصحراء» بمناسبة اجتماع الملك عبد العزيز بالملك فاروق بسفح رضوى.

وبعد تكوينه لأول فرقة موسيقية خلال عمله في الإذاعة قام بتأليف وتلحين قصيدة ترحيب بجلالة الملك فيصل الثاني ملك العراق في أول زيارة له للملكة العربية السعودية بثت حيًا على الهواء من إذاعة جدة والعراق ولندن.

بين الحرم والهرم

كما ألف قصيدة «بين الحرم والهرم» تحية للملك سعود «رحمه الله» في أول زيارة له لجمهورية مصر عام 1373هـ/1953م وغنتها المطربة نازك بألحان الموسيقار محمود الشريف وأذيعت من محطة صوت العرب بالقاهرة:
الروابي الخضر في سفح الهرم *** ومجالي الورق عند المتلزم
والشذا المعطار من وادي الحرم *** والصدى الساحر من عذب النغم
تناجي طرباً في فجر عيد *** فيرد الكون من عذب النشيد
ومغاني النيل حول الحرم *** وأسود البيد عند الهرم
والصبا من نجد في خضر الربى *** وعذارى النيل تلهو بالضبا
وتنادي بالأماني مرحبا *** فيرد الكون عنها طربا
مرحباً باليُمن في ركب سعود *** مرحباً بالنصر في العهد الجديد

بلادي

وفي العام 1377هـ/1958م كتب رائعته الخالدة قصيده «بلادي» التي غنتها سلطانة الطرب الفنانة السورية الراحلة «مها الجابري» بألحان الملحن العراقي الراحل «علي عبد الرزاق حسن» الشهير بـ «علاء كامل» أول رئيس لقسم الموسيقى في التلفزيون العراقي وكانت من أكثر الأغاني الوطنية رواجاً في عموم الإذاعات العربية آنذاك ومنها:
بلادي فداءك روحي وعيني
بنور يشع من المسجدين
بلادي بلادي بلاد الهدى تجاوزت بالعدل أقصى المدى
فكنت نشيداً طروب الصدى وما زال يهتف في الخافقين
بلادي
هنا كان طه ينادي الأُباة لدين ينير سبيل الحياة
فشاد البناء؛ ودك الطغاة ورد الأباة من الجانبين

الفهد في الخضراء

وخلال فترة إقامته بين المملكة العربية السعودية وتونس حرص على الاستمرارية في توثيق وتغطية الأحداث والمناسبات الوطنية رغم تركه للعمل الإذاعي فألف العديد من القصائد التي تجسد الصورة الحضارية للمملكة وترحب بأصحاب السمو الملكي الأمراء والوزراء ممن زوار تونس فعلى سبيل المثال قصيدته «الفهد في الخضراء» ألقاها بين يدي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله بمناسبة أول زيارة له لتونس حينما كان وزيراً للداخلية:
شمسنا مطلعها في المغرب *** وسناها في أسارير الأبيِ
الأمير الفهد في زأرته *** بالحجَى يفتك لا بالمخلبِ
وأخو الفيصل بل ساعده *** وسليل المجد وأبن النُجُبِ
وسفير الخير من أرض الهدى *** للربى ذات العطاء الطيبِ

هاتف السعد

وعندما أصبحت ذكرى اليوم الوطني مناسبة تحتفل بها سفارات المملكة في الخارج ساهم بفعالية في إحياء تلك الذكرى بقصائده الوطنية من أشهرها قصيدة «هاتف السعد» التي ألقاها في احتفال السفارة السعودية باليوم الوطني بفندق الهلتون بتونس في 21/10/1398هـ – 23/09/1978م وغنتها الفنانة عايدة بوخريص بصحبة الفرقة الأولى للإذاعة الوطنية التونسية بقيادة المايسترو حسن الغربي:
هتف السعدُ بنا في فجر عيدِ *** راقصَ الاشعاع بسَّام الورودِ
وَتَخَطَّى كلَّ ابعادِ المدى *** بصدى الفرحةِ باليوم المجيد
لبلادٍ بسط الخيرُ بها *** ظلَّه الوارفَ بالعيش الرغيد
لبلادٍ نَشر الأمنُ لَها *** فَيْئَهُ الزاهر بالعَهْد السعيد

حراس الوطن

كذلك قصيدته «حراس الوطن» التي لحنها وغناها الموسيقار الراحل سراج عمر
يا حماة الدين آساد بلادي
هتف الثأر ينادي للجهاد
فأشعلوها لهباً يكوي الأعادي
واتركوا رجع الصدى في كل وادي
شاهداً إنا على مر الزمن
أمة التوحيد حراس الوطن
البطولات ورثناها قروناً
وهي تأبى لحمانا أين يهونا
وعلى الأفلاك شيدنا حصوناً
وعليها الدهر قد كان أمينا
شاهداً إنا على مر الزمن
أمة التوحيد حراس الوطن

عدا ذلك عشرات القصائد التي واكبت تولي الملوك العرش وعامة المناسبات الوطنية الأخرى وكانت قصيدة «يا أعذب الحب» التي غنى جزء من أبياتها فنان العرب محمد عبده من أخر قصائده الوطنية.

رابط المقال على صحيفة غرب الإخبارية