Share

حظيت بمقابلة إذاعية شائقة مع إذاعة جدة اف ام عصر الخميس 15 رمضان 1444هـ – 6 مارس 2023م في برنامجها الرمضاني «مركاز الفريد» الذي يعده ويقدمه الإعلامي القدير «فريد مخلص» ويتناوب على إخراجه محمود إدريس، وأسامة باريان.

كانت المقابلة من أجمل لقاءاتي الإذاعية بفضل الأسلوب الفريد لمقدم البرنامج وخبرته الإعلامية، فقد تنقل بي مع المستمعين عبر الاثير على مدى 30 دقيقة بين ضحك ولعب وجد كما غنى العندليب الأسمر (عبد الحليم حافظ)، وحرص أن أقدم للمستمعين الكثير من الذكريات الجميلة والمعلومات الجديدة التي لم يسبق لي أن كشفت عنها في أي من لقاءاتي من قبل.

إذ تحدثت عن جانب من ذكريات طفولتي في ليالي رمضان بحي الكندرة، ومقارنة ذلك بحي الشرفية الذي كنت أسكنه وكيف أنه كان يطغى عليه جانب الحداثة من حيث البنيان والمجتمع بينما كان حي الكندرة لا يزال يحتفظ بمظاهر ليالي رمضان الشعبية من حيث انتشار بسطات المأكولات، واللعب في أزقة الشوارع إلى أوقات متأخرة من الليل كلعب الطيري، كرة الطائرة إشعال الطراطيع (المفرقعات النارية) وغير ذلك من الألعاب الشعبية، حتى جاءت مرحلة بلغوي للصف السادس الابتدائي التي تحول فيها لعبي في رمضان وغيره في بيت العم داوود كنو الكائن في الشمال الشرقي للبغدادية المحاذي للشرفية وهو أحد مؤسسي النادي الأهلي ووالد نجم منتخب كرة الطائرة سابقًا الكابتن محمد كنو وعم نجم المنتخب السعودي لكرة القدم حاليًا محمد كنو، حيث قضيت فيه أجمل الأوقات لسنوات طوال كان لها دور هام في نشأتي وتكويني ولا زلت احتفظت بالكثير من ذكريات تلك المرحلة التي دونت بعض منها في مؤلفي «رحلتي عبر السنين».

كما تطرقت أيضًا إلى ذكريات من رحلتي وأخي الأكبر “نجاتي” إلى تونس مع جدي الأديب طاهر زمخشري -رحمه الله- في العام 1976م وأنا في الثانية عشرة من عمري، والتي قابلت فيها شخصيات عامة وفنية وإعلامية صادف تواجدهم في تونس تلك الفترة منهم الموسيقار طارق عبد الحكيم والإعلامي محمد الشعلان -رحمهما الله- والمعلق الرياضي محمد رمضان شافاه الله، بالإضافة إلى فرقة الفنون الشعبية التي أتت للمشاركة لأول مرة في مهرجان قرطاج، وكانت أكثر اللقاءات إثارة لي في تلك الرحلة هو التقائي مع بابا طاهر بصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله- الرئيس العام لرعاية الشباب آنذاك، وحديثهم عن فكرة إنشاء الأندية الأدبية في المملكة. ومداعبة سموه لي بسؤالي “تبي تصير شاطر زي جدك؟”.

مع أخي نجاتي في حديقة البلفدير بتونس - 1976م
مع أخي نجاتي في حديقة البلفدير بتونس – 1976م

ولأن رمضان هذا يصادف الذكرى الـ 30 لنيل الخطوط الجوية العربية السعودية أول مرة في تاريخها “جائزة الشرف العالمية الكبرى «ميركوري» في مؤتمر الاتحاد الدولي لتموين الطائرات «إفكا IFCA» في أمستردام بهولندا فبراير 1993م” عن فكرة «وجبة الراكب الكفيف»،

فكان لابد من الحديث عنها لارتباطي المباشر بها فهي بداية نشاطي في مجال خدمات المكفوفين حيث تطرقت إلى الجوانب التي لم تفعل من الفكرة طوال هذه السنين كترميز حقائب الركاب المكفوفين وتدريب الملاحين على مهارة التعامل الأمثل مع ذوي الإعاقة البصرية، فضلا عن تطوير الفكرة والجوانب المرتبطة بها من حيث السلامة الجوية خصوصًا فيما يتعلق بمنع جلوس ذوي الإعاقة في الصفوف المجاورة لأبواب الطوارئ وكيف أن ذلك يعتبر تمييز ضدهم ويؤدي إلى صعوبة إخلائهم أثناء حالات الطوارئ وغير ذلك.

وحيث أن الأستاذ مخلص قدمني في البرنامج كأمين عام جمعية إبصار الأسبق وممثل المجلس الدولي لتعليم المعاقين بصريا في المملكة (ICVEI) وهي الفترة التي كنت فيها عضوًا في المجلس (2006-2010م).

كان لابد من الحديث عن نشاطي في مجال خدمات الإعاقة البصرية وإعادة التأهيل وقصتي مع فقداني للبصر بسبب التهاب الشبكية الصباغي الوراثي وانعكاساته عليَّ. مرورا بإحالتي للتقاعد المبكر من الخطوط السعودية في العام 1992م ورحلتي إلى أمريكا والالتحاق ببرنامج إعادة تأهيل الذي قادني لطرح فكرة جمعية إبصار التي تصادف الإعلان عن تأسيسها في رمضان 1424هـ.

ولضيق الوقت لم اتطرق للحديث عن الكثير من ذكريات تلك المرحلة واكتفيت بالتعريج على مؤلفي “حصاد الظلام” باكورة إنتاجي الأدبي في العام 2002م.

ولإضفاء طابع الفكاهة على اللقاء كشفت لأول مرة عن تجربتي مع الطب الشعبي في علاج عيني بعد أن يئست من وجود أي علاج طبي لها فقد جربت تقطير عيني بالعسل والبصل، وغير ذلك الكثير من الوصفات الشعبية والروحية …الخ، لكن أكثرهم غرابة وطرافة هي تلك الوصفة التي اقترحها عليَّ سائق تكسي كنت أركب معه في أحد الأيام ولاحظ حالتي البصرية وتحدثنا عنها فقال لي “إنه عمى الدجاج وعلاجه هو إدخال رأسك في خن دجاج مع غروب شمس كل يوم لعدة أيام وسوف تتحسن حالتك البصرية”، وهي الوصفة الوحيدة التي لم أفكر حتى في تجربتها.

ولعله من الطريف أيضًا أن أذكر في هذا السياق ما دار أثناء تسجيل اللقاء في صومعتي بسطح منزلنا الذي امتد نحو 60 دقيقة أنه من شدة تفاعلي مع الحديث واستمتاعي بأسلوب الأستاذ مخلص الفريد جعلني أنسى نفسي ولم أدرك أنني كنت اتفاعل مع الكلام بالخبط على الطاولة الأمر الذي اضطرهم أثناء المونتاج إلى حذف الكثير من المقاطع التي ظهر فيها صوت الخبط وضغط اللقاء إلى حلقة واحدة غاب عنها حديثي عن فترة عملي كمضيف جوي وما ارتبط بها من ذكريات رمضانية ومؤلفاتي الأخرى لعلي أتناولها عبر إحدى مقالاتي في قادم الأيام.

مع الأستاذ فريد مخلص أثناء تسجيل اللقاء

وعلي أي حال لقد استمتعت كثيرًا باللقاء والتعرف عن قرب على الأستاذ فريد مخلص وأسلوبه وأداءه المتألق في اللقاء الذي وصلتني عنه الكثير من التعقيبات والإشادات بعد بثه.

والحقيقة إن برنامج «مركاز الفريد» اسم على مسمى فهو فريد في طرحه منذ انطلاقته قبل ثلاثة أعوام بأسلوب حواره وتلقائيته البسيطة وتنويعه للشخصيات والمواضيع التي يتناولونها، فقد استضاف حتى موسم هذا العام نحو 100 شخصية (وزراء، إداريون، أدباء، كتاب، إعلاميون، أئمة، مؤذنون، رجال أعمال، فنانون، رياضيون، شخصيات عامة) تحدثوا عن جانب من ذكرياتهم الرمضانية، وطبيعة أعمالهم، وأهم المحطات التي مروا بها خلال مسيرتهم العملية.

وأجدها فرصة مناسبة لأضم صوتي إلى صوت العديد من مستمعي الإذاعة ورواد مواقع التواصل الاجتماعي والمدونين الذين طالبوا بتحويل البرنامج إلى تلفزيوني، لما يحمله من قيم اجتماعية مرتفعة، كما أن معده ومقدمه «فريد محمد مخلص» له باع طويل في مجال الصحافة والإعلام تجاوز الـ 40عامًا، كلله بدخوله موسوعة جينيس ببرنامجه «المجلة الرياضية» الذي استمر لمدة ٢٠ عاما كأطول برنامج رياضي إذاعي في العالم.

وأضيف إلى ذلك أهمية نشر حلقات البرنامج في سلسلة كتب موسمية، فلقد تابعت البرنامج لأول مرة هذا الموسم ولاحظت أن الضيوف الذين استهلوا بالموسيقار الكبير جميل محمود قدموا بالإضافة إلى ذكرياتهم الكثير من المعلومات التوثيقية للأحداث التي شهدوها خلال مسيرتهم العملية، وآراء فكرية تستحق التدوين.

الرابط المختصر لهذا المقال:

عدد المشاهدات 120
Share