على هامش ملتقى الاتحاد الدولي للمنجزين العرب والأفارقة الذي نظم في مصر بالقاهرة من 5-09 ديسمبر 2019 التقيت مصادفة بالطالب «أسامة مسرحي» ووالده خلال تكريمه بجائزة أوسكار الإبداع العربي لعام 2019م من الاتحاد الدولي للمنجزين العرب والأفارقة، فهنأته على ذلك وفوجئت بأنه عداء سعودي وبطل عالمي في الألعاب البارالمبية لمسافة 100 و200 و400 متر، والرابع على مستوى آسيا، تصنيف T13 «إعاقة بصرية».
فاستوقفني ذلك، وتساءلت كيف لم أعرفه من قبل رغم نشاطي في مجال خدمات الإعاقة البصرية وإعادة التأهيل لأكثر من 15 عام، ووجودي في الساحة الإعلامية لأكثر من عام!؟، وهل هذا قصور مني أم من الإعلام الرياضي والمؤسسات المعنية بذوي الإعاقة البصرية!؟
وعلى أي حال رأيت أنه من واجبي الآن أن أعرفه به عامة المجتمع حيث أنه بطل رياضي حقق إنجازات وطنية تستحق منا الإشادة والتقدير.
إنه المبدع أسامة خالد محمد مسرحي من مواليد مدينة الرياض في 14/03/1424هـ، الرابع بين اخوته الستة، من سكان مدينة جدة حالياً، يدرس في الصف الثاني ثانوي بمدارس الشبل الأهلية، مصاب بضعف بصر شديد نتيجة القرنية المخروطية، يتابع لدى مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون، ومن المحتمل أن تجرى له عملية جراحية لتصحيح النظر بعد بلوغه سن العشرين.
بدء مسيرته الرياضية كلاعب تايكواندو وحصل على عدد من الأحزمة والميداليات ووصل إلى تمثيل المنتخب، ولكن بنصيحه من الأطباء للخوف عليه من تضخم الإصابة في العين تم تحويل ميوله إلى لعبه السباحة، وكانت باكورة إنجازاته حصوله على الميدالية الذهبية في السباحة والجري والوثب الطويل في بطوله الخليج للمراكز الخاصة بـ عُمان في العام 2017م، وعلى مدى الأربع سنوات حقق بطولة المملكة في ألعاب القوى لذوي الإعاقة في مسافة ١٠٠و٢٠٠ و٤٠٠ متر عدو، والرابع أسيوياً من بين ٨٥٠ لاعب في بطوله آسيا بدبي عام 2017م،
والثاني على مستوى العالم في سباق ١٠٠ و٢٠٠ متر عدو في بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الإعاقة بسويسرا في عام ٢٠١٩م، والميدالية الذهبية في السباحة لمسافة 25 و50متر، بالإضافة إلى تحقيق الميدالية الذهبية مع نادي جده لذوي الاحتياجات الخاصة في بطولة المملكة لكرة الهدف عام 2018م.
ويطمح إلى إكمال دراسته وصولاً إلى شهادات جامعية عليا في التربية الرياضية وإنشاء نادي رياضي خاص بذوي الإعاقة.
وبرأي والده أن التحديات والصعوبات التي تواجه طموحاته وأحلامه هي ضعف الوعي الاجتماعي المحيط به على سبيل المثال مضايقة بعض زملائه له أثناء اللعب بأخذ نظارته، وانعدام خدمات الإعاقة البصرية التي تمكنه من تجاوز الصعوبات التي يواجها خلال المذاكرة والتركيز لأكثر من عشر دقائق، وعدم توفر المواصلات للنقل للتدريبات، والدعم المادي والمعنوي.
وقد وقفت شخصياً أمام بعض تلك التحديات والصعوبات ومنها اضطرار والده قطع مسافة من منزله في الحمدانية إلى ملعب جامعة الملك عبد العزيز ليمارس التمارين بمجهوده الذاتي، وتحمل أعباء وتكاليف مستلزماته واحتياجاته الرياضية من مدرب وملابس ورعاية طبية …إلخ. في ظل غياب أي مسئوليات اجتماعية توفر ذلك، مما قد يهدر هذه الموهبة الرياضية التي استطاعت رفع راية الوطن في العديد من المحافل الدولية بقليل من المجهود الذاتي وتوجيه وإرشاد من قبل كوادر مخلصة وهبت نفسها لذوي الإعاقة كـأمثال الكابتن سعيد الشمراني (مدرب ألعاب قوى لذوي الإعاقة)، د. نعيم المهدي (أمين عام نادي جدة لذوي الاحتياجات الخاصة، رئيس لجنة السباحة باللجنة البارالمبية السعودية)، الكابتن على الحارثي (مدرب نادي جدة لذوي الاحتياجات الخاصة)، الكابتن ناصر القحطاني (نائب رئيس اتحاد ألعاب القوى باللجنة البارالمبية السعودية)، فمكنوه من تحقيق تلك الإنجازات التي جلعت الاتحاد الدولي للمنجزين العرب والأفارقة يختاره من ضمن المنجزين العرب للعام 2019م.
فأهيب بالمعنيين بدعم الأشخاص ذوي الإعاقة أن يدعموا مسيرة هذا البطل في تحقيق أحلامه وطموحاته وان يكون لأنديتنا الرياضية والجمعيات المعنية بذوي الإعاقة البصرية دور فاعل في ذلك خصوصاً جمعية إبصار بحكم تواجدها في مدينة جدة التي يسكن فيها أسامة،
فدعم وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة واجب ديني ومسؤولية وطنية على الجميع واختم دردشتي هذه بـقول الشاعر السوري الكفيف نصر علي سعيد
كمْ من ضَريرٍ مُبصرٍ مُتوهِّجٍ يُعطِي ويُعطي، والمَدَى وهَّابُ
وترى ألوف المبصرين بلا هدىً لكأنـما فوق العيون حجابُ
الرابط المختصر لهذا المقال:
كاتب ومؤلف، ومهتم بتدوين سيرة الأديب طاهر زمخشري وأعماله، خبير في مجال خدمات الإعاقة البصرية، أمين عام جمعية إبصار سابقًا، ومدرب مضيفين سابق في الخطوط السعودية.